البرتقال: فوائد جديدة تمتد إلى قشوره وبذوره
يعتبر البرتقال إحدى الفواكه الشهية المفيدة التي عرفها الإنسان منذ أقدم العصور حتى الآن، ومع أن العلم الحديث وما حققه من اكتشافات حاسمة قلب كثيراً من مفاهيم التغذية ونظرياتها، إلا أن البرتقال ظل يحتفظ بكل ما أحاطه به الناس من اهتمام، وما منحوه من ثقة، بل إن العلم الحديث جاء ليؤكد كثيراً من الاعتقادات والنظريات القديمة، وليكتشف من البرتقال فوائد جديدة امتدت حتى إلى الفضلات المتبقية من البرتقالة، بل وإلى قشرها وبذورها.
ويجدر الذكر أن خير أنواع البرتقال التي يحسن بنا اختيارها هي ثقيلة الوزن، قاسية الملمس.
تركيب البرتقال:
هناك قرابة مائتي نوع من البرتقال والثمار الحمضية المشابهة له، وهو يحتوي على ثلاث وعشرين عنصراً جوهرياً من العناصر الغذائية، بما في ذلك سكر الفواكه والحديد والفوسفور والفيتامين ( ب1) والفيتامين (ب2) والنياسين، أما من حيث احتواؤه على الفيتامين ( ج C) فالبرتقال لا يجارى في هذا السبيل، تضاف إلى ذلك البروتينات وحامض الليمون والكالسيوم والحديد.
إن تناول برتقالة واحدة عقب كل طعام يساعد كثيراً على الهضم، لأن الحامض الموجود فيه يثير الغدد المعدية فتنشط خميرة الهضم (الببسين_ Pepsine) التي تقوم بهضم الطعام. وكذلك يعتبر البرتقال مشهياً ممتازاً إذا تناوله الإنسان قبل الطعام.
إن غنى البرتقال بالفيتامين (ج c) يجعله في مقدمة الأغذية الواقية والشافية على السواء، فهو يساعد على تثبيت الكلس في العظام، فيعيد اللثة المنكمشة إلى موقعها ويحول دون تنخر الأسنان، كما يوصف في الأمراض الانتانية المترافقة مع ارتفاع الحرارة، وخاصة الحمى التيفية وذات الرئة والسعال الديكي وفي حالات اضطراب الجلد وتبدل لونه.
كما أنه يفيد: المصابين بأمراض عصبية والسكري، المحمومين والمصابين بأمراض معدية أو كبدية أو دموية، إن الفيتامين (ج) مادة ضرورية لجسم كل إنسان، فهي:
- تساعد على نمو العظام والأسنان.
- تنشط الدورة الدموية وخلايا الجسم.
الحرمان من هذا الفيتامين يسبب:
- تمزق جدار الأوعية الدموية الشعرية.
- ضعفاً في الصحة العامة ووهناً في القلب. أما أوراق البرتقال فتستعمل جرعات شافية (10 أو 20 غراماً في ليتر من الماء ) ضد آلام الرأس والفواق والسعال الصدري، ولإزالة طعم زيت السمك الكريه إثر تجرّعه مباشرة.
وأما الزهر فلنفس الاستعمال، مضاد للتشنجات والخفقان والزحارات العصبية وضد الأرق والقلق.
ماذا عن عصير البرتقال؟
ولعصير البرتقال أثر فعال في حالات النزف مهما كان منشؤه وفي وقف إقياء الحمل. ومن المستحسن كذلك إضافة عصير البرتقال إلى غذاء الرضع والأطفال، فتضاف من عصيره ملعقة قهوة لكل زجاجة رضاعة، فإن من شأن هذا العصير تسهيل الهضم وزيادة قوة الحليب الغذائية.
لقد اعتاد معظم الناس على العبّ من عصير البرتقال ظناً منهم أن الإكثار منه يزيد في الفائدة المتوخاة منه. لكن بات من الضروري الاقتناع بأن كأساً واحدة تفيد أكثر مما تفيدهم عشرة كؤوس.
مضار تناول عصير البرتقال بكثرة:
- إن تناول الفواكه الحمضية بكثرة يزيد من أعراض القرحة المعدية والاثني عشرية.
- لقد بينت الدراسات التي أجراها طبيبان في مستشفى "مايو" الشهير، "ستافي" و"لافدت" أن العصير الحمضي قد يحطم مادة الكالسيوم في الأسنان.
- العصير الذي يتناوله البعض عادة بين وجبات الطعام يجعل الفم وسطاً مساعداً على نمو الجراثيم، وذلك لوجود السكر في العصير، فإن سرعة تفريخ الجراثيم في هذا الوسط تبلغ الملايين بعد ربع ساعة فقط من دخول العصير إلى الفم.
- تناول العصير بكميات كبيرة، يتطلب أن يمتص الجسم مقادير كبيرة من حامض الليمون الذي يوجد عادة في العصير، وهذه المقادير تشيع الخلل في نظام توزيع الكالسيوم في أنحاء الجسم، ارتباك نظام توزيع الكالسيوم يعرقل العمليات الدفاعية في الجسم، تلك العمليات التي تنظم مقاومة الأمراض وخاصة الالتهابات.
- إن الفواكه _كما هو معلوم_ تحتوي على السكر بنسبة 15% تقريباً، وبديهي أن نسبة السكر في العصير أكثر منها في الفاكهة قبل عصرها، وهذا السكر رغم فائدته، يؤثر في الجسم إذا ما استهلك بكثرة، إذ يتسبب في اختلال نظام توزيع السكر في الدم، إذا ازدادت كمياته، كما يرهق الجسم والكبد. كما أن تناوله بكثرة يزيد في قلوية الدم، وبنتيجة ذلك يترسب الكالسيوم في البول، وتتشكل الرمال البولية المسماة: "حماضات الكلس".
- إن معظم الثمار الحمضية غنية بالمواد الليفية التي تعرقل عمليات الامتصاص وإفراز العصارات الهاضمة، وعندما يتناول المرء هذه الثمار بكميات كبيرة تتراكم الألياف في الأغشية المعوية فيضطرب الهضم ويختل الامتصاص، ويشعر المرء بانتفاخ البطن والغازات والقرقرة.
- كثيرون يلجئون إلى شرب عصير البرتقال كمحاولة لإطفاء العطش، فالإنسان محتاج إلى كمية معينة من الماء للاحتفاظ بحياته، فإذا نقصت الكمية الجوالة في دمائه تأثر مركز معين من القشرة الدماغية بسبب تنبع الأعصاب فيشعر بالعطش، فإذا تناول الإنسان العصائر لإطغاء عطشه استهلك كمية كبيرة من العصير نظراً لوجود السكاكر والحوامض، في حين أن جدران المعدة الخاوية تمتص الماء في مدة لا تزيد عن العشرين دقيقة، وهذا الماء يجول في الدم فيغسل الأعضاء ليطرح من الكلى بولاً يحمل الفضلات السمية، خلافاً لمفعول العصير الذي يعوقه عن هذه الدورة ما يحمله من أخلاط ومواد.
- في الوقت الذي يكفي الإنسان برتقالتان بدون عصر، يستطيع أن يشرب دفعة واحدة عصير عشر برتقالات دفعة واحدة، ولهذا نرى الأطباء ينصحون مرضاهم المصابين بنقص الفيتامين (ج) بأكل وليس شرب الفاكهة الحمضية، أما إذا تناولوها معصورة فيجب أن تكون الكمية معتدلة.
إن أصدق تشبيه للفيتامين (ج) الذي يتمتع بثقة غالبية الناس، هو "الملح" فكما أن الجسم الإنساني بحاجة إلى مقادير ضئيلة من الملح لإدامة حياته، بحيث تتحول الفائدة إلى ضرر إذا زادت عن الحد اللازم، كذلك الفيتامين (ج)، الذي يتحول إلى مادة ضارة إذا زاد عن ذلك الحد، إن حاجتنا اليومية ممكن تداركها كاملة بتناول برتقالة واحدة فقط بعد الطعام، بل ليس ضرورياً أن يكون البرتقال هو المصدر الوحيد لهذا الفيتامين. فهناك خضار أخرى أغنى بالفيتامين (ج)، مثلاً عصير البندورة، البقدونس، القرنبيط، الخس، الملفوف، والخيار والفليفلة الخضراء.
وصفات تستفاد من البرتقال:
وصفة من عصير البرتقال والليمون ضد السمنة:
تغلى برتقالة كبيرة وثلاث ليمونات في نصف ليتر ماء لمدة عشر دقائق، ثم تضاف إلى المغلي ملعقتان من العسل وتغلى مرة أخرى لمدة خمس دقائق ثم تصفّى وتبرّد ويؤخذ منها يومياً ثلاثة أكواب.
وصفة من لب البرتقال لتجميل الجلد:
توضع دوائر مستعرضة من لب البرتقال على الوجه والعنق، بينما المرأة متمددة لمدة عشر دقائق أو ربع ساعة، ثم ينزع اللب، ويدلك الجلد ببقايا البرتقال العالقة به. إن المثابرة على هذه الطريقة لمدة شهر واحد تمنح الجلد لوناً زاهياً، وتجعله طرياً بصورة تفوق مستحضرات التجميل المصنوعة.
وصفة من قشر البرتقال لامتصاص الروائح:
وضع قطع من قشر البرتقال فوق الفحم المشتعل في المواقد "المناقل" لكي تغطي رائحة البرتقال الذكية رائحة الفحم السامة، فبهذه الطريقة ينتشر الزيت الطيار الذي يحتوي عليه قشر البرتقال في الغرفة.
ويمكن استخدام قشر البرتقال المحروق في امتصاص روائح السجاير في الغرفة المقفلة.
المصدر: القبّاني، صبري: الغذاء لا الدواء، دار العلم للملايين، لبنان، بيروت، ط33، 2008م.
إعداد: موقع ممهدات.
اترك تعليق