مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أصوات القصف و

أصوات القصف و"الزَّنانات".. هَدْهداتٌ "مُرعِبة" تُطيلُ لياليَ أطفال غزة

مهما وصلت الأحوال بأوضاعِ غزَّة وجعلتنا نقول: "أطفالنا كبارٌ وقد اعتادوا الحرب وأصوات الطائرات والقصف"، فلا أحد يُنكِرُ ما لتلك الأصوات من تأثيرٍ نفسيٍّ عليهم، فلقوة الضربات، وعنفها وكبر حجم الجريمةِ لا بدّ من تأثيرٍ ما، خاصة أن الطائراتِ الإسرائيلية لا تفرق بين صغير و كبير وعجوز، لذا لا بد أن يكون هناك طرقٌ معينة يمكن من خلالها التخفيف عن أطفالِنا حال حدوث القصف؛ لتفادي ما يمكن تفاديه من آثار نفسية، فكيف يمكن للأهل التعامل مع أطفالهم في تلك المواقف؟
إحدى النساء -واسمها "أم جميل نصار"، والتي عاش أولادُها طيلة حياتِهم في السويد، وجاءوا لزيارة أقاربهم لفترةٍ مؤقتةٍ في وقت تزامن مع العدوان الجديد على غزة- تعاملت مع أطفالها بطريقةٍ غير معتادة، فعندما حدث القصف وهبَّ ابنها البالغ ثلاث سنواتٍ مرعوباً فزَّت تحتضنه، وتصفق وكأنَّ ألعاباً ناريةً تُفرقع في المكان!، الأمر الذي أثار عجب الحاضرين من أهلِها.
وحول هذا التصرف تقول: "بعد شهر زمان سأعود للسويد فلا داعي لأن أخبر طفلي بحقيقة الحرب والعدوان؛ فأثير خوفه وأحزانه".
في حين تغلقُ الطفلةُ الصغيرة منار (4 سنوات) أذنيها فورَ سماعِ صوتِ قصفٍ، سواء قريبا كان أم بعيدا، امتثالاً لوصيةِ أمها.
ولكن ما هو التصرُّف الأمثل والذي يمكن من خلاله تفادي مشاكلَ كثيرةٍ قد يقع فيها الطفل؛ نتيجة اضطراره إلى سماع تلك الأصوات خاصة إن كان القصفُ قريباً؟ هنا تجيبنا الاختصاصية النفسية الأستاذة عايدة كساب، موضحةً بدايةً أن الطفل يستمدّ الأمان من الأسرة ومن أمِّه بشكلٍ خاص؛ لذا وجب عليها التصرف بحكمةٍ تامَّة، فماذا تراها تفعل؟
تمالك النفس:
تقول: "عليها أن تتمالك نفسها ومشاعرها التي بلا شكّ تكون مليئة بالخوف، فلا تصرخ أو تُبدِ خوفاً، ثم تذهب بأطفالِها لآمنِ مكانٍ في البيتِ دون إحداث ربكةٍ.. فتبتعد عن الأطراف والنوافذ، ثم من بعدِها تعيدُ "الروتين" اليومي، وكأن شيئاً لم يحدث، فلا تأمر مثلاً بعدم إضاءة الكهرباء، ولا تنهرهم بعدم الضحك _مثلاً_ أو اللعب على اعتبار أن الوضع مرتبك، ولا تأمرهم بقراءة القرآن فوراً..".
وتضيف: "أيضا يجب على الأم والكبار من حولِها ألا يهولوا الأمر ولا أن يبسطوا منه، بل تقول الحقيقة لأطفالها إن كانوا في سن الخامسة وما فوق، أما إن كان الطفل أصغر فإن قول الحقيقة لا يُجدي نفعاً بل قد يزيد الأمر سوءًا".
لذا توصي أ. كساب الوالدين بأن يقتربا من أطفالهما فوراً ويحتضناهم ويقبلاهم، فلا ينشغل الأب بأحداث القصف كفضولٍ للتعرف إلى مكانه وشدَّته، ولا تنشغل الأم بأعمالِها تاركةً أطفالها مرعوبين غير قادرين على تفسير الموقف، فهي إن كانت تثق ببعد القصف رغم شدة صوته فإن أطفالها لا يعون ذلك، فيكون الأمر أكثر خطورةً على نفوسهم -حسب أ. كساب.
ويبقى الأمل:
ومن بين الطرق التي من شأنها أن تهون على الأطفال وتهدِّئ من روعهم -وفقاً لكساب- أن يتمّ سرد قصص مشابهة لما يحدث، شرط أن تكون القصص واقعية، مكملةً: "كأن تقوم الجدَّة أو الأب بوصف ما حدث أيام حرب 48، فتلك القصص تطمئن الأطفال نفسياً حين يرون أن هناك أناساً مرَّوا بنفس الظروف لكنهم لا يزالون أحياء ويعيشون بسلام، وتلك إشارةٌ نفسيةٌ جيدة لهم بأن الأمل موجودٌ مهما ساءت الظروف".
أما عن استغلال بعض الأمهات أصوات الطائرات وسيلة لتهدئة أطفالهم، والتخفيف من مشاغباتهم، فذلك قمة الجهل وعدم الوعي -وفق ما أخبرتنا أ. كساب- وتحذر من استخدام تلك الوسائل في تهدئة الأطفال لما لها من تأثيرٍ نفسيّ مدمر لشخصية الطفل ونفسيته.

المصدر: صحيفة فلسطين.

التعليقات (0)

اترك تعليق