مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أقدس الأمهات... أمهات الشهداء

أقدس الأمهات... أمهات الشهداء؛ فأمهات الشهداء صاحبات مدرسة خاصة في تخريج الأبطال الذين أعزّوا أمتهم ووطنهم وكل من ينتمي

"إنني أشكر الله وأحمده على عظيم نعمه أن تطلّع ونظر نظرة كريمة إلى عائلتي فاختار منها شهيداً وقبلني وعائلتي أعضاء في الجمع المبارك المقدس لعوائل الشهداء، الذين عندما كنت أزورهم أخجل أمام أب الشهيد وأم الشهيد وزوجة الشهيد وأطفال الشهيد وسوف أبقى أخجل من هؤلاء..."، بهذه الكلمات تكلم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة له يوم تلقيه نبأ استشهاد نجله هادي.
ولعل هذا الكلام الوجداني للسيد نصر الله الذي يحمل معاني الشراكة مع عوائل الشهداء يحمل أيضا إبرازاً لدور هذه العوائل التي تضحي بمقدار يتكامل مع تضحية الشهيد نفسه، فأم الشهيد أو زوجته أو باقي أفراد عائلته لا يضحون كما قد يفعل البعض في لحظة محددة فقط، بل إن تضحيتهم تستمر مع مرور الزمن وهي تكبر وتبرز كلما مرَّ الزمن، ويمكن ملاحظة أبعاد وجوانب هذه التضحية خصوصا في بعض المناسبات الاجتماعية أو العائلية، فمثلا يصادف في 21 آذار/مارس "عيد الأم" حيث كل العالم يحتفل بهذا العيد باختلاف المراسم من بيت لبيت تكريما للأم كما أن الأمهات تسعدن بأولادهن وعائلاتهن خلال هذه المناسبة.
ولكن هل فكّر أحدنا كيف يمرّ عيد الأم على أمهات الشهداء؟ وهل حاولنا تصوّر أم الشهيد وأولادها يحتفلون بها وهناك واحد أو أكثر من أولادها يغيبون عنها لا لأنهم في أعمالهم أو في رحلة أو في موعد بل لأنهم تركوا هذه الدنيا الفانية في سفرة إلى الحبيب، غابوا عن الموعد لأنهم آثروا حياة الوطن عزيزا على حياتهم، وقدمتهم أمهاتهم قرابين في سبيل الله.
هن أجمل الأمهات لأنهن علّمن أولادهن أن النصر لا يأتي بالكلام والشعارات بل بالدم القاني، وهن أسمى الأمهات لأنهن لقنّ أولادهن أن الأرض لا تحرر إلا إذا ارتوت بدماء أبنائها بل بخيرة هؤلاء، لذلك ضحين بأولادهن.. فإذا كانت الأم مدرسة لإعداد الأجيال فأمهات الشهداء صاحبات مدرسة خاصة في تخريج الأبطال الذين أعزّوا أمتهم ووطنهم وكل من ينتمي إليهم ويسير على دربهم، في وقت بات القابض على سلاحه كالقابض على الجمر لكثرة ما يحاط به من أعداء من الداخل والخارج لا ينفكون يريدون نزع سلاح المقاومة الذي هزم العدو وصان كرامة الأمة.
ولنعيش بعض أجواء أمهات الشهداء خلال مناسبة عيد الأم وكيف يتم استذكار أولادهن خلال هذا العيد توجهنا بالسؤال إلى والدة الشهيد محمد رميتي (لديها ثلاثة شهداء أحدهم خلال معارك حرب تموز 2006 وشهيدتان خلال العدوان نفسه في مجزرة الشياح عند قصف مبنى سكني في محلة الحجاج) التي قالت إن "المناسبات الاجتماعية والأعياد كان لها طعم خاص من قبل أي في حياة الشهداء الذين كانوا يملؤون البيت بالفرح والأجواء الجميلة حيث كانوا يحضّرون بشكل مميز للمناسبات"، وأضافت إن "الشهداء مع أخيهم الوحيد الذي لا يزال حي يرزق كانوا قبل فترة من العيد منذ صغرهم يهتمون بأدق التفاصيل وقبل الموعد يشترون الهدية الخاصة بالمناسبة"، وأكدت أن "هذه الهدية كانت تفرحها كثيرا أيا كانت وأيا كانت قيمتها".
وشددت والدة الشهيد رميتي في حديثها لموقع قناة "المنار" على "اعتزازها الكبير لتقديمها ثلاثة شهداء فداء لله والوطن وافتخارها بتقديم أكثر من شهيد في درب المقاومة التي انتصرت وهزمت العدو في تموز 2006"، وأشارت إلى أن "عزاءها يبقى أنها قدمت الشهداء في سبيل الإسلام المحمدي الأصيل وتعتبر نفسها مواسية للسيدة الزهراء(ع) التي هي أيضا أم للشهداء".
وفيما أكدت والدة الشهيد رميتي أنها "ملتزمة بهذا النهج الحسيني الذي يوصل إلى الحق دائما"، أشارت إلى أنها "تعتب على الإعلام اللبناني بشكل عام لعدم اهتمامه الكافي بأمهات وعوائل الشهداء في مناسبات كعيد الأم رغم دور الأم في تخريج وتربية الشهداء الذين أعطوا الوطن العزة والكرامة".
من جهتها أوضحت والدة الشهيد موسى مرعي (أحد شهداء حرب تموز 2006) أن "المناسبات العائلية وخصوصا عيد الأم تذكرها كثيرا بالشهيد موسى لأنها من أكثر المناسبات التي كان يهتم بها الشهيد"، ولفتت إلى أن "الشهيد وأخوته كانوا يصرّون على إحضار هدية المناسبة"، وأضافت "كان الشهيد يُحسن التحضير للمناسبات العائلية وخصوصا عيد الأم"، وتابعت "كان يشعرني بكثير من الحنان والعطف خلال هذه المناسبة فكان يسعى دائما للبحث والسؤال عما أحتاجه كي يجلبه لي"، مؤكدة "إنها لا تزال تحتفظ بكل هدايا الشهيد التي قدمها خلال أعياد الأم".
تقول لنا آم الشهيد موسى أنها كانت تخبره عن رغبتها أن تراه عريسا، وهي لم تخف أنها كانت تحضر له "مشروع خطبة" في صيف العام 2006، ولفتت إلى أنه "كان يخبرها دائما أنه لا يريد الزواج بل يريد الشهادة في سبيل الله.. كأنه كان يعلم أنه قبل موعد الخطبة سيستشهد وهذا ما حصل فعلا".
وأوضحت والدة الشهيد موسى في حديث لموقع قناة "المنار" الالكتروني أن "الشهيد رغم هذا الاهتمام بالعائلة لم يكن يهتم بنفسه بالقدر الذي يهتم بالآخرين"، وأضافت أنه "تربى على حب الناس والعائلة"، وأشارت إلى أن "أخوة الشهيد حاولوا أن لا يغيّروا ما كانت عليه العائلة خلال حياة الشهيد فثابروا على الاحتفال بالمناسبات العائلية ومنها عيد الأم تماشيا مع ما كان عليه الوضع أيام الشهيد"، ولفتت إلى أنه "خلال السنة الماضية قدّم أخوة الشهيد لها مفاجأة عبارة عن فيلم صغير يضم صور الشهيد ومقاطع فيديو له مع أنشودة عن الأم بالإضافة إلى وضع صورة الشهيد على قالب الحلوى الذي قدم في المناسبة"، وتابعت "هذا الأمر أفرحني كثيرا".
وأكدت والدة الشهيد أنه "بعد استشهاد الشهيد ارتبطت عائلتها بخط المقاومة أكثر فأكثر سواء هي أو أولادها أو حتى والد الشهيد وازداد الجميع حبا لهذا النهج"، وأضافت أنه "بعد استشهاد الشهيد اشتدت العزيمة أكثر لأن المسؤولية زادت فأنا أصبحت أم شهيد والعائلة عائلة شهيد وهذا ما نفتخر به جميعا"، ولفتت إلى أن "الفخر بتقديم شهيد في سبيل الله والأرض والدين يجعلني وعائلتي أكثر ارتباطا بأرض الوطن"، وشددت على "استعداد لتقديم نفسها وعائلتها وكل ما تملك وبحماسة عالية فداء للوطن والمقاومة".
مهما قلنا ومهما كتبنا لن نستطيع إيفاء الأم حقها فكيف بأمهات الشهداء اللواتي ضحّين بفلذات أكبادهن لنحيا أعزاء في وطن لولا دماء هؤلاء الشهداء لا ندري أين أصبح وكيف سيكون؟ ولكن يبقى وفاؤنا للشهداء وعزاؤنا لأمهاتهم أن لا نفرط بما استشهدوا من اجله وان لا نضيع البوصلة وان نحفظ وصيتهم بحفظ الوطن والمقاومة.


المصدر: موقع قناة المنار. 


التعليقات (0)

اترك تعليق