مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

ابني يتلعثم في الكلام ماذا أفعل؟

ابني يتلعثم في الكلام ماذا أفعل؟

تختلف نسبة الإصابة بالتلعثم من بلد لآخر، وبين الذكور والإناث وذلك لأسباب تكوينية والظروف التربوية، والاجتماعية، إذ يتطلب الذكور معاملة خاصة تختلف عن الإناث.

فالذكر مطالب بالشجاعة، والبراعة، والاختلاط مما يجعله في صراع دائم، وبالتالي يتعرض لضغوط نفسية مستمرة تؤدي إلى توتر نفسي شديد يظهر في صورة تلعثم وتردد في الكلام. وغالباً ما يكون قبل ذهابهم إلى المدرسة وخاصة بداية تكوين المقاطع.
وقد يكون مؤقتاً ويسمى "التلعثم الارتقائي" بين سن الثانية والرابعة من العمر.
ويعتبر التلعثم المبكر أسهل علاجاً من التلعثم بعد سن الخامسة؛ فالمصاب بالتلعثم يعاني صعوبات في الانتقال من الفكرة إلى الصياغة اللغوية ويتفاقم هذا العسر الذي يشعر به أمام شهود أنه يثير الجوانب المثيرة للتلعثم: تكرار التصويتات أو انغلاق أعضاء الصوت[...].
ومن أجل طمأنة آباء وأمهات وأطفال "يمتنعون" عن الكلام أو يتكلمون بطريقة خاطئة، رغم تنبه هؤلاء الأطفال وفهمهم لما يقال لهم، في الوقت الذي بدأ قريبهم الصغير، من العمر نفسه يتكلم كثيراً منذ وقت مضى، [...] وهذا التأخر بالنسبة للبعض مؤشر للأسف على وجود اضطرابات عميقة قليلاً أو كثيراً، ولكن يجب أيضاً أن لا نقلق كثيراً حينما لا يتكلم الأطفال قبل عمر سنتين ونصف ولكن يجب أن نتأكد من أن الطفل يسمع بشكل سليم ويفهم جيداً ما ينبغي أن يفهمه طفل في هذه السن ومن إنه لا يعاني من اضطرابات سلوكية أخرى، يبقى بعد ذلك انتظار أن يكون الطفل قد قرر أنه يستطيع الكلام بطريقة صحيحة، إذا لا يعتزم بعض الأطفال الكلام إلا بعد أن يكونوا قد طوروا منظومة متطورة البنية جيداً وفي هذه الحال غالباً جداً ما نراهم يدخلون دخولاً رائعاً إلى عالم الكلام الذي يدفع الطفل لاكتساب معجم يزيد عدد مفرداته عن مئتي كلمة مع جمل من كلمتين وأكثر في غضون بضعة أسابيع.
سوف ندخل في موضوعنا وهو اضطراب الكلام ولفظ الكلام عند الأطفال وكيفية معالجتها وما هي الأسباب التي تؤدي إلى أن نلفظ بعض الكلمات بطريقة خاطئة أو غير دقيقة أو فيها ترنيمات موسيقية بطيئة أو سريعة أو مكررة عند لفظ الكلمة.
اللجلجة أو التلعثم: وهو اضطراب يصيب دقة وسرعة وطلاقة اللافظ للكلمة وهي اضطراب قديم من أيام الفراعنة، وقد ورد في التراث والأخبار والأسفار[...]، والتلعثم يحدد مستوى اللسان والتعبير والطلاقة اللفظية [...]وهو اضطراب في عملية التواصل يحدث بسبب عدم انسياب تدفق الكلام ويظهر في صورة تكرار، أو إطالة أو توقف للصوت أو للكلمة.
[...]
الأعراض المصاحبة للتلعثم:
1- أعراض ظاهرية: تحريك الرأس، شد عضلات الوجه، رمش العين، تحريك اليدين، رفع الأكتاف، السرعة أو البطء في الكلام، تغيّر في نوعية الصوت.
إدخال أجزاء من الكلام داخل الكلام الطبيعي مثل "شايف، أن، بس، يعني أيوه.. إلخ".
2- أعراض فسيولوجية: اضطرابات التنفس، اضطرابات حركة العين، تسارع دقات القلب ومعدل النبض، ارتفاع ضغط الدم، الجهد الكهربائي للدماغ، انخفاض نسبة سكر الدم، ازدياد كبير في الإفراز البولي للأدرينالين عند المتلعثمين، كبر حجم بؤبؤ العين.
3- أعراض ذاتية: فهي شعور بالتوتر العضلي، قلق، توتر، إحباط، سخط، حرج، شعور بالنقض، عدم الطمأنينة، حساسية زائدة، ولذا يتردى المتلعثم في دائرة مفرغة: فمخاوفه وقلقه يخلقان التوتر الذي يخلق بدوره توقعات الكلام وهذا يؤدي إلى مزيد من الخوف والقلق وهكذا يتعقد اضطراب التلعثم في الكلام.
تشخيص التلعثم:
يعتبر تشخيص التلعثم من الأمور السهلة لكن الأهم هو جمع المعلومات والبيانات التي تمكننا من تقييم شدة التلعثم، والاختصاصي المخاطب للطفل والمدرب بشكل جيد هو الذي يعرف في أي مرحلة من المراحل هو فيها المتلعثم، ومن الضروري جداً التعاون بين الأهل والمدرسين ومعرفة من هم الأطفال الذين يظهرون عدم الطلاقة من وقت لآخر.
إذ إن هناك أعراضاً توحي بالخطورة مثل: تكرارات منتظمة لجزء من الكلمة مثل: أ.أ. أنا- تكرار جزء من الكلمة أكثر من ثلاث مرات (سا، سا، سا، عة).. تكرارات لها إيقاعات غير منتظمة مثل "س، س، س، ساعة".. احتباس الصوت لمدة أطول من الطبيعي.
لذلك على المدرب معرفة: نوع التلعثم، وشدته، والعوامل المسببة التي تساعد على معرفة تنبؤات المستقبل للفرد المتلعثم ووضع خطة جيدة لعلاجه ومتابعة مظاهر التحسن، أما مراحل تشخيص التلعثم فتبدأ بمعرفة التاريخ المرضي وإجراء الفحوصات الطبية اللازمة لجهاز الكلام وتخطيط كهربائية الدماغ والعضلات، وإجراء اختبارات مثل نسبة الذكاء والاختبارات الشخصية واختبار للقلق.
علاج التلعثم:
إن القبول غير المشروط للطفل يعني أن نحب الطفل لا لذكائه أو جماله أو تفوقه وغير ذلك وإنما ببساطة لأنه موجود، إذ تنصح الطبيبة المشهورة "فيرجينيا ساتر" بضم الطفل عدة مرات يومياً قائلة: إن أربع مرات على الأقل ضرورية للنمو الطبيعي، أما الإحساس بالسعادة والانشراح فهو بحاجة لثمان ضمات في اليوم، وبالمناسبة فإن البالغين بحاجة لها أيضاً. ولقد أثبت علماء النفس بأن الحاجة للحب والانتماء والشعور بحاجة الآخرين للإنسان هي من أهم متطلباته، وتلبية هذه الحاجات هي الشرط الضروري للنمو الطبيعي للطفل وتلبي هذه الحاجة عندما نعلن للطفل بأنه عزيز علينا وأننا بحاجة له وأنه مهم بالنسبة إلينا وأنه ولد جيد ويحصل الولد على هذا الإخطار بالنظرة الودودة واللمسة اللطيفة والكلام المباشر "يا لسعادتي لوجودك، كم تسرني رؤيتك" "أنت تعجبني كثيراً، أحب أن أراك في البيت، أنا سعيدة عندما تكون معي ونتكلم أنا وأنت..".
نحن نادراً ما ننتبه إلى طريقة كلامنا مع الطفل، فكلامنا الموجه للطفل بأننا لا نحبه، نكرهه، يسبب وجوده إزعاجاً لنا، وبأنه غير مرغوب فيه في الأسرة، نخاطبه بانزعاج، وعصبية ونفور تشكل عند الطفل عقدة عدم القبول، والتعاسة وتؤدي إلى القلق والإحباط والحزن وهذا ما يؤدي إلى عدم قدرته في التعبير عن أحاسيسه فيبدأ باضطراب اللغة والتلعثم في التكلم عن ذاته وما يشعر، ولذلك على الأهل مراقبة الأطفال والتواصل معهم وإشعارهم بالحب والأمان والانتماء والاكتشاف المبكر والتعاون مع اختصاصي التخاطب ورغبة المتلعثم في العلاج وثقته في المعالج وكفاءة المعالج في تشخيص الاضطراب واختيار الأسلوب العلاجي المناسب، ويجب التركيز على النواحي الطبية، والاجتماعية، والنفسية والبيئية.
وذلك على أساس أن اضطراب التلعثم يشمل شخصية الفرد ككل، وليس هناك خطة علاجية واحدة يمكن أن تلائم جميع الحالات غير أن الوسائل جميعها تشترك في أنها تؤدي إلى إشباع حاجات الفرد وإعادة التوازن النفسي والتوافق الشخصي والاجتماعي له، فلا تُظهر لطفلك أنك متضايق عندما يتلعثم، لا تجبره على الكلام وهو في حالة الغضب أو الانفعال. لا تشعره بأنه مختلف عن بقية الأطفال، شجّعه على الكلام وأظهر له سعادتك به وثقتك به، العمل على تنمية الشعور بالمسؤولية عنده، اهتم بصحته، وغذائه بشكل عام، شجعه على الاختلاط بأقرانه من الأطفال، أتركه يتكلم بحرية ولا تقاطعه، وفّر له مناخاً من الحب والود والاهتمام وابتعد عن أسلوب العقاب أو التدليل الزائد.
هذا بالنسبة للأسرة يرافقها علاج لمدة ستة أسابيع يتم فيها بالتعاون بين المخاطب والأسرة، التعاون بين الجميع والأهم العلاقة بين الطفل والأم"، وعلى أفراد الأسرة التكلم ببطء ووضوح، وبهدوء مع الطفل المتلعثم وبدون سخرية أو استهزاء بكلامه عندما يجيب على الأشياء أو يتكلم[...]*.



المصدر : مجلة الباحثون، العدد 57.

* بتصرف

التعليقات (0)

اترك تعليق