مع كل نفس يدخل... نفس من الحياة يخرج
قد تقرأ المرأة الكثير عن مضار التدخين، لكنها لا تبذل أي جهد للتوقف عنه، لاعتقادها أن الأذى يصيبها وحدها. ولكن هل يُعقل أن لا تحرّك ساكناً، إذا أدركت أنها قد تؤذي أغلى الناس على قلبها، بدءاً بالجنين الذي يسكن أحشاءها، وصولاً إلى أولادها وزوجها. وكل من يقطن معها؟!
تتوجس المرأة الحامل خوفاً من أي عامل قد يؤثر سلباً على جنينها، فتؤثر تحمل الألم، وتمتنع عن تناول العقاقير، وتبدي الاستعداد لتغيير الكثير من عاداتها، لمجرد الاحتمال أنها قد تلحق الأذى به. ولكنها نادراً ما تسأل عن أثر التدخين على الحمل، وهو الذي يجب أن يتصدر قائمة العادات التي عليها أن تقلع عنها، لما له من أذى بالغ على الجنين والمولود على حد سواء.
أثر التدخين على الحمل:
أكدت الدراسات الطبية أن التدخين خلال الحمل يؤدي إلى زيادة حالات الإجهاض، وإلى خفض وزن المولود، إما بسبب عدم وصول الغذاء الكافي إليه، أو بسبب الولادة المبكرة. فالمشيمة في حالات التدخين، معرّضة لتكون في وضع منخفض، وقد تنفصل قبل أوانها، فتسبب نزيفاً حادّاً يستدعي ولادة قيضرية طارئة، قد لا ينجو منها المولود. أما الأسباب الأخرى للولادة المبكرة، فهي نزول السائل الأميوني قبل أوانه، وحدوث الطلق المبكر بنسبة أكبر لدى المدخنّات.
وتجدر الإشارة إلى أن التدخين يُعيق امتصاص الفيتامينات، وحمض الفوليك، ما قد يُؤدي إلى حدوث تشوهات لدى الجنين في جهازه العصبي، والهضمي، والوجه واليدين.
ويبقى التدخين من الأسباب المعروفة لموت الجنين، خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل.
أثر التدخين على المولود والطفل:
تقلّ ساعات النوم عند المولود، بسبب المواد المؤرّقة، التي تصل عليه من خلال حلي بالأم المدخنة. كما إن حالات الموت المفاجئ لديه، تزداد بقوة 2 إلى 3 مرات. وما يمكن قوله هو أن 5% من حالات الوفاة عند المولودين حديثاً، يمكن تفاديها إذا توقفت النساء الحوامل عن التدخين.
وتُظهر الإحصاءات أن الأطفال الذين يقطنون مع أمهات وآباء مدخنين، يعانون من حالات مرضيّة أكثر؛ فالتدخين يعرّضهم لالتهاب القصبة الهوائيّة، والتهابات الرئتين، والربو. كما إنّه يعيق نمو الرئتين، ويمنع وصولهما إلى الحجم الطبيعيّ. ولقد تبيّن بأنّ 40% من الأطفال الذين يحضرون إلى الطوارئ، بسبب نوبات الربو، والتي قد تكون قاتلة في بعض الأحيان، يعيشون مع أمّهات أو آباء مدخنّين.
ويعاني هؤلاء الأطفال من التهابات القصبة الهوائيّة بنسبة أكبر، ما يعرّضهم للعمليّات الجراحيّة المتكرّرة، والألم الجسديّ والنفسيّ، والتغيّب عن المدرسة، ناهيك عن الكلفة المادّيّة بسبب الاستشفاء والدواء، وزيارة الطبيب، وتغيّب الأهل عن عملهم.
ويرتبط التدخين خلال الحمل بظهور المشاكل عند الأطفال في سنين الدراسة: النشاط المفرط، عدم التركيز، البطء في التعلّم، المشكلات السلوكيّة، والعنف.
وقد أعلن في تقرير صدر عام 2006م ما يلي:
1- يموت الأطفال والبالغون في سنّ مبكرة، بسبب تواجدهم في بيئة مدخّنة.
2- يؤدّي تنشّق الدخان إلى أمراض القلب والشرايين وسرطان الرئة، عند غير المدخّنين.
3- عزيزتي الأمّ، عليك أن تعي بأنّ ولدك قد يغدو مدخّناً لاحقاً، ليس بسبب العادة والتقليد –أي نشوئه في بيئة مدخّنة- وإنّما جرّاء تعرّضه للتدخين، وهو جنين في أحشائك!.
مضارّ التدخين على المرأة:
للتدخين آثار وخيمة على المرأة؛ فهو يقلّل من خصوبتها، ويعرّضها للإجهاض، وللحمل خارج الرحم، وللنزيف المفاجئ. كما يؤدّي إلى انقطاع الطمث المبكر، وترقّق العظام. والأهمّ من ذلك أن تعلم أنّ التدخين يرتبط مباشرة بالقاتل الأوّل عند النساء؛ وهو سرطان الرئة، والقصبة الهوائيّة، إضافة إلى سرطان عنق الرحم، والمبيض، والثدي، والمثانة... إلخ.
عزيزتي، عليك أن تقدّري خطورة التدخين، وتفكّري في التخلّص منه. إن لم يكن للحفاظ على صحتّك، فللحفاظ على صحّة أسرتك، وأنت التي تبذلين الغالي والنفيس لأجلهم، فكيف إذا أيقنت أنّ التدخين يؤذيهم، وقد يتسبّب في فقدهم!
المصدر: مجلة النجاة، العدد: 21.
إعداد: د. إيمان شرارة.
اترك تعليق