مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

هَرَبَتْ من القصف

هَرَبَتْ من القصف "الصهيونيّ" فتعثَّرت بالحجارة ونَزَفَتْ: الطفلة فاطمة.. عجز كل الأطباء عن تشخيص مشكلتها!

"كل ما أحتاج إليه أن تعود حياتي بشكل طبيعي لألعب مع صديقاتي في المدرسة.. أتحرك بسهولة.. أذهب للمدرسة وحدي دون مساعدة.. ألعب "نط الحبل", وأشارك بمسابقة الجري.. أريد أن أبتسم دوماً.."، تلك هي أحلام الطفلة فاطمة عياش ذات التاسعة ربيعاً, التي أصيبت في قدمها اليسرى في الحرب وحتى الآن تبحث عن سبب لحالتها لكن دون جدوى.
لم يكُن والد فاطمة يدري أن قصف منزل جاره سيتسبب بكل هذا الدمار الهائل لمنزله, في لحظات حاول فيها النجاة هو وأطفاله, وبعد نزوله من السلم الخاص بمنزله وبوجود الردم المتراكم أمامه منزله تعثرت قدم طفلته الصغيرة بأحد الأحجار.
لم يتصور أن هذا التعثر قد يتسبب في شيء لقدم صغيرته إنما سارع بحملها على كتفه وهرب من المنزل كي لا يصاب أطفاله بأي سوء.
بعد لحظات من استقرار العائلة في منزل أحد أقاربها ازدادت حالة فاطمة سوءاً، ولم تستطع الوقوف على قدمها بل انتفخت وأصبحت كروية الشكل, وبعد معاناة طويلة تمكن والدها من الذهاب إلى مستشفى الشفاء ثم عند الكشف أكد الطبيب أنها تعاني من نزف داخل قدمها ومن الممكن أن يتوقف في أي لحظة, وبعد الحصول على الأدوية اللازمة غادر والدها المشفى وكله أمل أن يتوقف النزف.
لا نستطيع علاجها!
يقول والد فاطمة: "بعد الحرب كانت حالة قدم فاطمة سيئة ولم يتوقف الانتفاخ فيها، حتى الألم لم يخف.. توجهت لمستشفى الشفاء وبعد إجراء صور الأشعة اللازمة, لم يتمكنوا من تشخيص المرض وقالوا: (لا نستطيع علاجها في المستشفى)".
ويضيف: "بعدها حصلنا على تحويلة للعلاج في مصر, وطلبوا منا إجراء التحاليل اللازمة لقدم ابنتي وبعد الذهاب للمختبر لإجراء التحاليل كان هناك بعض التحاليل المتقدمة لم نستطع إجراءها لعدم توفر الأجهزة الخاصة بها", متابعاً: "وبعد أن خرجت نتيجة التحاليل الأولى عجز الأطباء في مصر عن تشخيص حالتها.
محاولات عدة:
ويتابع والد الطفلة: "بعد محاولات عدة أخبرنا الأطباء أنه يوجد عظمة داخل القدم توقفت عن النمو لكن لا يعرفون سبب التوقف، وأجروا لها عملية جراحية وبعد العملية تم تركيب جهاز "الجزروف" في قدمها لتعديل العظام داخلها", مضيفاً: "خلال هذه الفترة كل الفحوصات التي أجرتها فاطمة والعمليات الجراحية كانت فقط اجتهاد من الأطباء دون معرفة تشخيص حالتها".
والآن تضطر فاطمة كل عام إلى إجراء عمليتين جراحيتين في قدمها، العملية الأخيرة كانت في مستشفى الوفا بغزة, وبعد إجراء العمليات يضطر الأطباء لوضع الجهاز داخل قدمها، ما يزيد من حالتها صعوبة.
ويؤكد والد فاطمة أن ابنته تعاني من نزف داخلي في قدمها، ولا أحد يستطيع حتى الآن معرفة سببه حتى إنه لا يعرف من ماذا تعاني ابنته, موضحاً أن تكاليف التحاليل التي يجريها لطفلته باهظة ولا يستطيع تغطيتها.
ويقول: "في إحدى المرات اضطررت لإجراء التحاليل 4 مرات في 4 مراكز ليتيقن الأطباء من النتيجة وبعدها لم يستطع الاستشاري تشخيصها, حتى إن والدتها سافرت إلى أراضي الـ 48 ولم يستطع الأطباء هناك أن يشخصوا حالتها".
ويزيد: "تواصلت مع جميع الهيئات في غزة والخارج، ووعدونا بمتابعة حالتها، لكنهم تخلوا عن وعودهم، فكانت محض كلام فقط, ويا للأسف الشديد حالة ابنتي تزداد سوءاً، وفي كل مرة تعود إلى نقطة البداية، وأخشى أن تزداد الحالة صعوبة كلما تقدمت في العمر".
ما أصاب والد فاطمة بالصاعقة أنه جاء إلى غزة وفد تركي منذ شهر تقريباً، ونظر لهذه الحالة وقال: "إنها معقدة ويجب التركيز في العلاج", وحتى لا تزيد التكاليف طلبوا إجراء عملية لبتر ساقها وتركيب طرف صناعي.
حالة من كل 2 مليون نسمة:
ويتابع والد الطفلة بعد أن عجز الأطباء عن تشخيص حالة طفلته: "بحسب البروفسور الهندي الذي وصل إلى غزة قال: (من كل 2 مليون نسمة تظهر حالة كهذه), فابنتي تحتاج إلى تخصصات عدة ليستطيع الأطباء تشخيص حالتها, حتى أنها لا تتناول أدوية لأننا لا نعرف حالتها".
بعد اتصالات عدة من والد فاطمة تمكن من إيجاد تشخيص لحالة طفلته، لكن في المستشفى السعودي الألماني أو في مركز متخصص في ألمانيا، لكن الأخيرة تكلفتها 100 ألف يورو تقريباً.
أما الطفلة فاطمة التي انضمت إلى والدها لتكمل الحديث عن معاناتها تقول وكلها أمل أن تعود كما كانت قبل الحرب: "لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة وحدي إنما برفقة والدي, وعندما أرى صديقاتي يلعبن "الحجلة ونط الحبل" أحزن كثيراً، لأنني لا أستطيع أن ألعب معهن", مضيفة: "عندما تخرج والدتي أتمنى أن أخرج معها لكنني لا أستطيع المشي لمسافات طويلة, بالأمس سألتني المرشدة الاجتماعية في المدرسة لماذا لا تلعبين مع الأطفال فقلت لها (لأن قدمي تؤلمني كثيراً)".
تلك معاناة الطفلة فاطمة التي حُرمت حقها في اللعب أشياء كثيرة كباقي الأطفال, تحلم بأن تذهب إلى مدرستها باكراً دون أي قيود لتكون طبيعية كما صديقاتها.
ينتظر والد فاطمة بصبر فارغ الصبر أي مؤسسة أو جمعية تستطيع علاج ابنته أو تُجري التحاليل الصحيحة لها وتشخص الحالة بشكل صحيح، خاصة في ألمانيا، وكله أمل بالله أن يكون القادم لطفلته أفضل وأن تُعافى من مرضها لتعود كما كانت.

المصدر: وكالة فلسطين.

التعليقات (0)

اترك تعليق