مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

في الأمعري... الحاجة مريم مطير تروي حكايات اللجوء والنكبة والمخيم

في الأمعري... الحاجة مريم مطير تروي حكايات اللجوء والنكبة والمخيم

لحديث النكبة واللجوء في حياة اللاجئة الحاجة أم جمال "مريم مطير"، والتي تسكن الآن في مخيم الأمعري، الواقع جنوب غرب رام الله، نكهة أخرى... إنه الحديث عن يتم، وتشريد، وقتل، وفقر، وأمنيات ضلت معلقة هناك في بلدتها "دير طريف" وقت الخروج.
تقول الحاجة مريم 70 عاما: لم تعي والدها الذي استشهد وهي رضيعه بعد أن دهسه يهودي ومات على الفور، ولكنها تتذكر قريتها بكافة تفاصيلها رغم صغر سنها في حينه، حيث لم تكن قد تجاوزت الست سنوات من عمرها.
تروي لنا بدايات الخروج قائلة: "كنا نستضيف عائلة من بلدة "الصيفرية" حيث خرج سكانها من الخوف حينها، واقتسمنا بيتنا معهم، ولكن بعد أسبوع خرجنا نحن أيضا بعدما قاموا بقصف البلدة وقتل أبنائها.
وتتابع: "عندما خرجنا من البلدة تفرقنا كلا في اتجاه، خرجت أنا مع العائلة التي كانت بضيافتنا، وجدتي وشقيقي الأصغر مع جدتي، في حين كانت أمي وأشقائي في منطقة مرج بير نبالا، وبعد أيام اجتمعنا سوية".
في مرج بير نبالا اجتمعت العائلة في وضع مأساوي... بلا طعام ولا شراب، كما تقول الحاجة مريم: "أتذكر أننا كنا نبكي من الجوع حتى قامت جدتي "بشحدة" رغيف خبز وحبات من البندورة لنأكلها".
تتذكر الحاجة مريم مشهدا لا تنساه خلال هروبهم من منطقة بير نبالا، وهو مشهد الفتاه التي كانت تحمل شقيقتها الرضيعة وقتلت برصاص جنود الاحتلال وبقيت الصغيرة "غارقة" بدمائها لا أحد يعلم مصيرها، حيث منعهم من الجنود من الاقتراب منها.
ومن مرج بيت نبالا إلى قبيا وهناك بتنا الليلة كاملة، ومن هناك إلى منطقة دير عمار حيث بقينا تحت الشجر أربع أشهر كاملة لا يظلنا سوى أكياس من "الخيش" نسجت مع بعضها البعض ووضعت على أغصان الشجر.
وبعد أربعة أشهر أو خمسة، لا تتذكر الحاجة مريم جيدا، تسلمت العائلات خيما لكل منها ولكنها لم تسكن فيها طويلا، فشتاء ذلك العام لم يكن عاديا: "هطل الثلج بشكل كبير، فهدمت الخيام وقلعت أوتادها، فانتقلوا في البرد والمطر إلى "المغاير" عاشوا هناك أشهر حتى أصلحوا لهم الخيام وأعادوا بنائها".
في دير عمار، بقيت الحاجة مريم وعائلتها عشر سنوات، كبرت وتزوجت ورزقت بطفلتها البكر "فاطمة" وفي بداية بناء مخيم الأمعري، مع نهاية الخمسينات انتقلت الحاجة مريم وعائلتها إلى المخيم، حيث كان عبارة عن أرض مقطوعة وموحشة، وفي الخيام من جديد حتى بدء البناء فكان لها بيتها الصغير مع أبنائها.
تقول مريم مطير: "بعد عشر سنوات انتقلنا إلى المخيم، لم يكن الحال أفضل مما مررنا به من قبل، حياة المخيم كانت صعبة للغاية، لا بيوت ولا بناء، ولا ماء، كانت الأفاعي والحشرات تنتشر بشكل كبير وكنا نخاف من "الضباع و الكلاب" التي كانت تتواجد هنا دائما.
والآن بعد 64 عاما على خروجها من "البلاد" لا تزال الحاجة مريم تحلم بالعودة، وأن لم يكن لها لأبنائها أو لأحفادها، ولو كانت ستسكن في خيمة.
وأكثر ما يعلق بذاكره الحاجة مريم من قريتها دير طريف بيارات الحمضيات التي كانت تنتشر في كل مكان، ومشاهد "صفوف" حصاد السمسم على سطح منزلها لـ"تشميسه" استعدادا لبيعه، واللعب في ينابيع المياه.

المصدر: وكالة فلسطين اليوم.

التعليقات (0)

اترك تعليق