مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

النساء الزينبيات:  مجتمع المرأة الزينبية.. قيمة وعظمة وحرية المرأة

النساء الزينبيات: مجتمع المرأة الزينبية.. قيمة وعظمة وحرية المرأة

بسم الله الرحمن الرحيم


إنّني بدوري أقدّم التهاني بهذه المناسبة العزيزة والسعيدة –ميلاد السيدة زينب الكبرى (سلام الله عليها)- لجميع النساء المسلمات في العالم وخصوصاً الأخوات المحترمات والنساء والأمهات العظيمات والمتفانيات في الجمهورية الإسلاميّة.
مهنة التمريض من أكثر المهن قيمة
أرى من المناسب هنا أن أطرح أمراً بمناسبة يوم الممرضة، وهو أنّنا إذا أردنا تقييم الخدمات المختلفة التي تقوم بها مختلف طبقات الشعب تجاه بعضهم البعض بهذه الصورة: وهي أنّ كل خدمة يباشرها الإنسان بنفسه، وكل خدمة فيها نوع من رفع الحزن والغم عن الآخرين، وكل خدمة يتحمّل من يقوم بها عناءً كثيراً، وكل خدمة تكون عن علم ومعرفة ووعي ودراسة، فهي ذات قيمة كبيرة، وإذا كان التقييم هكذا، فإنّني أتصوّر أنّ مهنة التمريض تكون من أكثر المهن والخدمات قيمة؛ لأن لها إرتباط مباشر بالإنسان، وأن الممرض يرفع الغم والحزن عمّن هو بحاجة إلى رفع غمّه ومعايشة آلامه ومساعدته، وكذا فإنّ مهنة التمريض اليوم –ولله الحمد- عمل يقوم على العلم والدراسة، كذلك فإن الممرض يرتبط عمله بالمريض فيبقى مستيقظاً يتحمّل الآلام والعناء أكثر من الآخرين.
إذاً فالتمريض مهنة عزيزة وقيّمة، وهذه حقيقة لا يراد منها مجاملة الممرضين والممرضات، فإنّه عندما يكون عمل ما عظيماً وعزيزاً يبقى جانبان مسؤولَيْن تجاهه: أحدهما الناس، فعليهم أن يحسبوا هذا العمل وصاحب هذا العمل عزيزاً، والآخر من يقوم بهذا العمل، يجب عليه أن يُكرم عمله ويعزّه. إنّني أقول للممرضين والممرضات الأعزاء إنكم نلتم التوفيق وتقبّلتم هذا العمل العظيم وتؤدون هذه الخدمة القيّمة, فأكرموها، فلا يُخدش –لا سمح الله- هذا العمل العظيم بقصور أو تقصير أو عمل غير مناسب، فإنّه كلّما أدّيتم هذه الخدمة بصورة أفضل أصبحت حياة الناس –بمقدار ما يرتبط بهذا العمل- أفضل وكان الأجر والثواب أعظم، والحمدلله فإنّ ما سمعناه ورأيناه من المرضى والممرضين إلى اليوم هم الخدمة والعمل الدؤوب.
أسأل الله أن يمنّ عليكم بالأجر والثواب، وتكون هذه الخدمة مباركة عليكم ومؤثّرة في حياة الناس إن شاء الله.
لا إفراط ولا تفريط في الإسلام في قضية المرأة
 لقد كانت قضيّة المرأة وتعامل المجتمعات مع المرأة –أيتها الأخوات- مطروحة ومنذ العقود القديمة بين المجتمعات والحضارات المختلفة وبين المفكرين وفي أخلاق وتقاليد الأمم والشعوب المختلفة، فنصف سكان العالم هم من النساء، وقوام الحياة مرتبط بالنساء بالقدر الذي يرتبط بالرجال، والنساء يتحمّلن –بصورة طبيعية- أعظم أعمال الخِلقة كالإنجاب وتربية الأطفال وأعمال رئيسية أخرى. إذاً فقضيّة المرأة قضيّة مهمّة جداً.
وقد اتّخذ الإسلام موقفاً بارزاً من هذه القضيّة، وتصدّى للإفراط والتفريط، ووجّه تحذيراً إلى جميع الشعوب في العالم، وتصدّى للرجال والأفكار والعادات التي كانت تستغلّ النساء وتعرّضها للأذى أو التحقير أحياناً، فجعل المرأة في موضعها الحقيقي.
ففي بعض الموارد جعلها في صفّ الرجال؛ »إنَّ المسلمينَ والمسلمات والمؤمنينَ والمؤمنات...»  (الأحزاب 35)، وإنّ جميع هذه المقامات المعنوية والدرجات الإنسانية مقسمة بين المرأة والرجل بالسويّة، المرأة في هذه الأمور مساوية للرجل »من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى فلنحيينّه حياة طيّبة...» (النحل 97)، وفي موارد أخرى فقد قُدِّمت المرأة على الرجل وذلك إذا كان أبوين لابن، فقُدّمت خدمة الابن لأمّه على خدمته لأبيه، فحقّ الأمّ عليه أكبر ووظيفته تجاه أمّه أعظم، هناك الكثير من الروايات في هذا الباب، فقد ورد أنّه جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال يا رسول الله من أَبُرّ؟ قال: أمّك, قال: ثمّ من؟ قال: أمّك! قال: ثمّ من؟ قال: أمّك. قال: ثمّ من؟ قال: أباك!
أي أنّ للمرأة –في معيار الأسرة وبين الأبناء- حق أعظم من الرجل، طبعاً هذا ليس من باب ترجيح قسم على آخر، كلا بل لأنّ النساء يتحمّلن العناء والمشاق أكثر من الرجال، فهذا هو العدل الإلهي, فكلّما كان العناء والمشقّة أكثر كان الحق أعظم.
أمّا في الأمور المالية كحق رئاسة الأسرة، ووظيفة إدارة الأسرة، فهذه الأمور متعادلة في الإسلام ولم يضع الإسلام قانوناً يظلم فيه المرأة أو الرجل بمقدار ذرّة واحدة، جعل حقاً للمرأة وآخر للرجل، جعل ثقلاً في كف المرأة وآخر في كف الرجل، وعندما يدقق أصحاب الرأي والتحقيق في هذه الأمور، يلاحظون ذلك. والنساء والمفكرات والفاضلات –ولله الحمد- يدركن ويبلّغنّ ويوضّحنّ هذه الأمور أفضل من الرجال.
مواجهة الاسلام لاستغلال المرأة وقضية الاختلاط
هنا ركّز الإسلام على نقطة رئيسية، فبما أن الرجال أكثر خشونة وإرادتهم في مواجهة المشاكل وأجسامهم أقوى فكانت الأعمال المهمة والمسؤوليات والقدرات المختلفة بأيديهم طوال أدوار التاريخ المختلفة، مما أعطاهم إمكانية استغلال الجنس الآخر، فانظروا إلى بلاط السلاطين ودور الأثرياء والأغنياء وأصحاب القدرة والمال، فمن منهم لم يفكر –لماله أو منصبه أو قوّته- في التعرّض أو الإعتداء على المرأة بنحو ما.
هنا وقف الإسلام بكل قوّته وأعطى الكثير من اهتمامه لبناء الأسرة، فجعل حدّاً بين الرجل والمرأة في المجتمع، فلا يحق لأحد تجاوز هذا الحدّ أو إزالته. فعلاقة الرجل بالمرأة في الأسرة تكون بصورة معيّنة وعلاقته بها في المجتمع بصورة أخرى، فإذا تحطّمت الضوابط والحدود التي وضعها الإسلام حائلاً بين المرأة والرجل في المجتمع، تهدّمت معها الروابط الأسرية أيضاً.
إنّ الثقافة الإسلاميّة هي ثقافة عدم الاختلاط بين الرجل والمرأة، ومثل هذه الحياة تستطيع –برعاية الموازين العقلية- أن تحقّق السعادة وأن تتقدّم بصورة صحيحة، وقد شدّد الإسلام عليها. وهذه تماماً بخلاف القضية التي أرادها وعمل لها طلاب الشهوة وأنّ أصحاب السلطة والمال والقدرة من رجالهم ونسائهم ومن تحت سلطتهم رغبوا في إزالة هذا الحاجز الموجود بين الرجل والمرأة، وطبعاً هذا شيء يعود بالضرر على حياة المجتمع وعلى أخلاق المجتمع، وهدر لعفّة المجتمع، والأسوء من ذلك أنّه يهزّ أركان الأسرة.
إن الإسلام يبدي إهتماماً بالأسرة وهذه هي الثقافة الإسلاميّة.
واليوم فإنّ صراع الأبواق الإعلاميّة الغربية مع المسلمين هو حول هذه النقطة، انظروا إلى مدى حساسيتهم إزاء الحجاب الإسلامي، فإن كان هذا الحجاب يراعى في الجمهورية الإسلامية يعتبرونه قبيحاً, وإن كان في جامعات الدول العربية والتي اختارته الشابات والجامعيات الواعيات وذات المعرفة عن ميل ورغبة أبدوا حساسيتهم تجاهه، وإن كان بين الأهداف السياسية أبدوا حساسية أيضاً، وإن كان في مدارسهم التي هي تحت سيطرتهم حتّى الإبتدائية منها أبدوا حساسيتهم.
الاسلام وحفظ حقوق المرأة
إذاً هنا تكمن نقطة الصراع، فتراهم يطبّلون في إعلامهم دائماً –وإن كانوا لا يؤمنون به- أن حق المرأة في الإسلام أو الجمهورية الإسلامية ينتهك كلاّ، فحقّ المرأة في الجمهورية الإسلامية لم يُنتهك بل يحترم أكثر من ذي قبل، فهل أنّ عدد الجامعيات والطالبات في المعاهد العليا اليوم أكثر أم في عهد الطواغيت؟ وهل أن عدد طالبات الجامعات البارزات والممتازات في العلم اليوم أكثر أم ذاك الزمان؟ وهل عدد العاملات في مجال العمل والتحقيق في المراكز الطبّية والعلمية المختلفة في أنحاء البلاد اليوم أكثر أم ذاك الزمان؟ تشاهدون أنّ العدد اليوم أكثر-، وهل عدد النساء في ميادين سياسة الدولة، وفي ميادين المؤتمرات الدولية، حيث يتواجدون بكل قوة ويدافعن عن حقوق ومعتقدات هذا الوطن وهذا الشعب اليوم أكثر من سابقاً؟ نعم كانت النساء يسافرن في السابق مع الوفود المختلفة لكن كان حضورهنّ صورياً ولأجل اللهو واللعب، ولإظهار أجسامهنّ للرجال. أمّا المرأة المسلمة اليوم فلها حضور علمي وسياسي وخدماتي في المجامع الإسلامية، وفي المؤتمرات الدولية المختلفة وفي المراكز العلمية والجامعات. نعم كانوا في السابق ينتزعون الفتيات من حمى وعفاف أسرهم ليدخلوهنّ في مستنقع الفساد ويرسموهنّ في لوحات فنّية تحت عنوان المرأة المثالية، طبعاً هذا لا وجود له اليوم.
فأين ينتهك حق المرأة؟ أليس في مكان تمنع فيه المرأة عن الدراسة، أو أمام اشتغالها بعمل مناسب مع سائر النساء، أو أمام خدمة النساء أو خدمتهنّ للنساء، أليس في مكان تحقّر فيه المرأة؟ فأين تحقّر المرأة؟ انظروا إلى المجتمع الأمريكي ترون أنّ المرأة تحقّر هناك، فالزوجة تحقّر من قبل الزوج, والأم يحقّرها أولادها، فلا معنى لحق الأم هناك كما هو موجود في المجتمعات الإسلامية. لقد قيلت عبارة في خطاب معروف بأحد المراكز الدولية –ولا أودّ ذكر الخصوصيّات- حول الأسرة، لقد أبدى شعب ذلك البلد علاقة ورغبة شديدة لتلك العبارة –حسب التقارير التي وصلتنا-، لماذا؟ لأن الروابط الأسرية في ذلك البلد مفقودة، فهناك تُظلم المرأة.
نعم, هنا يراعى الحد الفاصل بين الرجل والمرأة، ولا يعني هذا عدم دراسة النساء والرجال في محيط واحد, أو المنع عن عبادة النساء والرجال في محيط واحد كلاّ، فالجميع يشاهدون ذلك, بل معناه أن هناك حدوداً وضوابط للمعاشرة بينهما, وهذا شيء مطلوب جداً أن تراعي المرأة حجابها, ونساؤنا انتخبن العباءة. طبعاً إننا لم نفرض عليهنّ العباءة أبداً. نعم قلنا إن العباءة أفضل من سائر أنواع الحجاب, لكن نساءنا يعتززن بحجابهنّ ويفضّلن العباءة على غيرها، فالعباءة زي وطني وإيراني قبل أن يكون إسلامياً, وهذا فخر للنظام الإسلامي أن تشاهد فيه الكثير من النساء المسلمات الحزب اللهيات – بما للكلمة من معنى- مشغولات بالدراسة أو التدريس في الجامعات بأرقى أنواع العلوم وأعلى مدارج العلم, نساء في أعلى التخصّصات في الطب والعلوم المختلفة الإنسانية والتجريبية، نساء قد بلغن في العلوم الدينية أعلى المراتب، فإن كانت في يوم ما امرأة عظيمة الشأن مجتهدة عارفة فقيهة في أصفهان اسمها (بانو أصفهاني)، فاليوم يوجد الكثير من الفتيات اللائي سيبلغن في المستقبل القريب المدارج العلمية والفقهية والفلسفية العليا، وهذا معنى تقدّم المرأة.
إن الغرب بصدد تصدير ثقافته إلى كل البلاد، وإن الثقافة الغربية تعني ثقافة العُري، طبعاً إن حالة الفساد والعري هذه الصورة الوضيعة لحياة بعض النساء في المجتمعات الغربية ليست شاملة –ولله الحمد- لجميع النساء هناك، بل أن هذه الحالة هي نتيجة الإعلام الخاطئ والمتزايد يوماً بعد يوم. فقبل 40-50 سنة لم يكن الفساد في المجتمعات الغربية بالصورة التي هو عليها اليوم، والغرب ينوي تصدير هذا الفساد الواقع فيه إلى الدول الإسلامية. إننا لا نريد ذلك، فهذا يعود بالضرر على حياتنا الإجتماعية وعلى حياتهم الإجتماعية أيضاً، إن الحياة الإسلامية هي أفضل أسلوب حياة لنا.
مجتمع المرأة الزينبية ومواجهة الأعداء
إن نساءنا قد أظهرن طوال فترة أحداث ما بعد الثورة وما تلتها إلى يومنا هذا أنهن بمستويات عالية في الأمور التي تعتبر معايير حقيقية للحياة والقيم والعظمة، فأمّ ضحّت بأبنائها لله وفي سبيل هدف مقدّس, ولا تبالي لذلك، إنّها إمرأة عظيمة حقّاً، وهذا شيء عظيم وإن وزن بأي ميزان وفي أي مكان من العالم، وزوجة شابّة تحافظ مع كامل العفّة والطهارة على حرمة زوجها الأسير لمدة عشر أو أحد عشر سنة في سجون العدو، فهذه هي القيم. تواجدن في سوح الحرب، وفي ميادين البناء والإعمار، وتواجدن في ميادين الحرب النفسية أكثر من غيرهن. فعندما حاولت الأبواق المعادية تضعيف روحية الشعب، واجهت النساء المؤمنات هذه الأبواق، وهنَّ الآن كذلك، فأنتم تشاهدون الإعلام المعادي بأشكاله المختلفة يطرح الإنتقاد تلو الإنتقاد، ويضخّم الأشياء الصغيرة عشرات الأضعاف، وينقلها في الإذاعات المختلفة وبواسطة الأجيرين بالداخل في المجلات والنشريات الفلانية. البعض يروّج للإشاعات بالبيانات السريّة والبعض الآخر علناً في النشريات المسموح بها قانوناً، يدفعون الأموال للأشخاص للذهاب في الصف الفلاني أو في وسائل النقل العام لتشويه سمعة الدولة، نعم يدفعون الأموال للبعض لإثارة الإشاعات ولخلق البلبلة. إنّ أفضل أناس صمدوا في مثل هذه الأوضاع هم نساؤنا المؤمنات والتي أعدادهنّ –ولله الحمد- كثيرة جداً، بل أن أكثر نسائنا هكذا رغم أنف الأعداء، فهذا هو مجتمع المرأة الزينبية، ومجتمع المرأة الفاطمية، وهذه هي التربية الإسلامية وتربية النظام الإسلامي، وهذه هي قيمة وعظمة وحرية المرأة.
طبعاً يجب أن تعلم نساؤنا أن هناك مجالاً كبيراً أمامهنّ للتقدّم والرقيّ، فأرجو من نسائنا سواء طالبات المدارس والجامعات أو الخريجات أو المتواجدات في المراكز السياسية والإجتماعية والخدماتية، أو المسؤولات في الأقسام المختلفة أو ربّات البيوت واللاتي لا يتحمّلن مسؤوليات لكن قلوبهنّ حيّة بنور وروح الثورة ويحافظن على الإسلام في محيط الأسر، أن يفكّرن في دور المرأة المسلمة في تقدّم المجتمع، وفي التشكيلات السياسية، والأعمال العلمية، والخدمات القيمة، وفي زيادة المعرفة والمعلومات وفي الصمود بوجه الأعداء في المراكز والساحات التي للصمود أثر فيها.
أنظرن إلى الأعداء اليوم كيف أنّهم يهاجمون المقدسات الإسلامية بوحشية سواء سراً أو علناً, إنّهم لم ينصرفوا –طوال خمسة عشر عاماً من عمر الثورة، سواء في العشر سنوات من حياة الإمام (رضوان الله عليه) المباركة وسواء بعدها إلى يومنا هذا- لحظة واحدة عن نيّة توجيه ضربة إلى الجمهورية الإسلامية، وإن رأيتنّ يوماً ما أنّهم سكتوا في الظاهر، فاعلمن أنّهم يحوكون مؤامرة، وإن شاهدتنّ أنّ النظام الإسلامي ثابت وصامد ذلك لأن ضرباتهم لم تقع مؤثرة، لا لأنهم لم يوجّهوا الضربات. فبعض الجهلة من قادة الإستكبار العالمي يصرّح بذلك، لكن البعض الآخر يكتم ولا يقول بذلك، وأن أغلب الأحداث التي تقع في المنطقة هدفها بنحوٍ ما توجيه ضربة للإسلام وللنظام الإسلامي والشعب المسلم في إيران.
فالأحداث الأخيرة من استنفار القوات الأمريكية في الخليج الفارسي [الكلمة أُلقيت بتاريخ 1415هـ. ق] ومجيء مشاة البحرية وحاملات الطائرات وصخب الدعاية الغربية حيال تحرك العراق العسكري أثار شكوكنا بشدة كما أثار التحرك العراقي الشكوك ذاتها، وجعلنا نعتقد بأن الإستكبار العالمي يحاول وبشتى الطرق وتحت مختلف الذرائع تعزيز موطئ قدمه في المنطقة.
ففي يومٍ ما كان للإنجليز السيادة المطلقة في الخليج الفارسي إلاّ أنّ الحركة الإسلامية ويقظة الشعب الإيراني والأحداث المختلفة قد اجتثتهم من الخليج الفارسي، ويبدو أن الأمريكان ينوون ملء فراغهم.
ماذا تريدون في الخليج الفارسي؟ وما علاقتكم بالأمن في الخليج الفارسي لتتدخلوا في شؤون المنطقة؟ يقولون إن لدينا مصالح هنا، فهل هذا كلام أن تتدخل دولة في شؤون دولة أخرى بحجة أنّ لها مصالح؟ إذن، ما الهدف من وضع القوانين الدولية؟ وما الهدف من تشكيل هيئة الأمم المتحدة الطويلة والعريضة؟ ولماذا كل هذه الإدّعاءات حول إصدار القرارات وإبرام المعاهدات الدولية؟ كل هذه لقطع الطريق على الدول المتجبّرة للتدخّل في بلد أو منطقة أو خليج أو بحيرة أو مضيق ما بحجة حماية مصالحها. وما الهدف من مجيئكم إلى منطقة ليست لكم أي علاقة بها تحت ذريعة أن العراق يحاول مهاجمة الكويت؟ وما الهدف من كل هذه الحشود الهائلة في المنطقة؟ هذه هي الأمور التي يتوجّب على الشعب الإيراني المحافظة على حسّه المرهف ويقظته تجاهها. ولا يتصوّر أحد أنّ العدو قد نام، فيمكن العيش براحة بال، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: "من نام لم يُنَمْ عنه"، فيجب أن لا يغفل أولئك الذين يطمحون إلى أهداف كبيرة وبالمقابل يواجهون أعداءاً كباراً.
فقد كانت جميع صرخات إمامنا العظيم طوال هذه الفترة ليحافظ الشعب الإيراني على حساسيته تجاه الأحداث في العالم. ويجب على الشعب الإيراني أن يحافظ على حساسيته اليوم, والحمد لله هو كذلك.
إننا نملك –ولله الحمد- الكثير من الطاقات الشابة والمؤمنة والحزب اللهية من النساء والرجال والعوائل المتمسكة بأصول الثورة، ومن القلوب القوية والمعنويات العالية في جميع المستويات، وهم على أهبّة الإستعداد للذود عن الإسلام والجمهورية الإسلامية والكرامة والإستقلال.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّق ويسدّد خطاكنّ أيتها النساء والسيدات المحترمات واللاتي تبذلن جهوداً لإنجاز أعمال البلاد سواء الأعمال الجامعية أو الخدماتية أو العلمية أو السياسية، وأن تكون زينب الكبرى (سلام الله عليها) دوماً قدوة لرجالنا ونسائنا إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المناسبة: ولادة السيدة زينب الكبرى (ع)
الزمان والمكان: 5 جمادى الأولى 1415 هـ - طهران
بحضور حشود من الأخوات المؤمنات

التعليقات (0)

اترك تعليق