مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أطفالك والعطلة الصیفیة

أطفالك والعطلة الصیفیة: عشر خطوات تنمّي فيها ذهن طفلك أثناء العطلة الصيفية دون فقدان السمة الترفيهية

فی العطلة الصیفیة حاول أن تعوّد طفلك على تنمیة ذهنه ومتابعة نشاطاته الفکریة بدون أن یفقد السمة الترفیهیة المترافقة مع فصل الصیف وإلیك عشر خطوات.

وإذا نجحت فی هذا الأمر فمن المحتمل تماماً أن تکون ثمرة ذلك تحسناً ملحوظاً فی درجاتهم المدرسیة خلال السنة المقبلة.
ولرب سائل أن یسأل: ما هی العلاقة بین الحماسة والفضول من جهة والعلامات الدراسیة من جهة أخرى؟ أن الواقع یثبت أن حب الفضول هو أفضل دافع على الإطلاق لاکتساب المعرفة.
أغلقت المدرسة أبوابها وأغلق التلامیذ کتبهم ودفاترهم وعقولهم! وقد قرروا أن ینتقموا من إجهاد الدراسة بممارسة القدر الممکن من المرح، وهذا من حقهم بطبیعة الحال، ولکن من قال أن المتعة والتسلیة تتنافى مع الدراسة والثقافة؟ إن العطلة الصیفیة هي فرصتك النفسیة لاستشارة الحماسة والفضول فی نفوس ولیس ثمة من یستطیع أن یفجر الإمکانات الداخلیة للطفل أکثر من أبویه؛ فدور الأبوین فی النجاح المدرسي لأطفالهما أقوى بمقدار الضعف على الأقل من أثر البیئة الاجتماعیة أو الحالة الاقتصادیة للأسرة.

إذن کافح استراحة الدماغ الذي یترافق عادة مع العطلة الصیفیة، إلا أنّ ذلك لا یعني أن تعلمهم الجمع والطرح أثناء تناولهم طعام الفطور. وإنما اجعل هدفك أن تفتح عیون أطفالك على الإثارة الموجودة في العالم من حولهم باستعمال الحوار والحرکة والأنشطة العملیة المختلفة مثل النزهات والزیارات وبدلاً من أن تحاول تعلیمهم مجموعة جدیدة من المعارف لیکن هدفك الرئیسي خلال إجازة الصیف أن توقظ في أنفسهم إرادة التعلم، وهي غریزة طبیعیة مغروسة في کیان کل فرد في انتظار أن یوقظها وینفخ فیها الحیاة. وفي سبیل تحقیق ذلك إلیك هذه الإرشادات التي تستطیع أن تنقى منها ما یناسبك ویناسب وقتك.
1. شجع طفلك على أن یعمل شیئاً جدیداً:
قد یکون الصیف فرصة مثالیة کي یمارس طفلك بعض الأنشطة التي تتطلب من الوقت والجهد أکثر مما تتطلبه الواجبات المدرسیة نفسها، وتحضرني فی هذه المناسبة قصة ذلك الأب الذي کان عنده طفل بلید فاقد الحیویة ضعیف درجات المدرسیة، فشجعه على تعلم السباحة خلال عطلة الصیف، واکتشف أنّ إحساس الطفل بأنه أنجز شیئاً ما، وأن تذوقه طعم النجاح جعله یشعر أن بإمکانه أن ینجح فی أمور أخرى أیضاً. شجع طفلك على أن یتعلم شیئاً ما، ثم دعه یشعر بالفخر الناتج عن نجاحه في الإنجاز، وستجد أن الطفل یکتسب الثقة بالنفس وهي أهم عامل أساسي في اکتساب المهارت التعلیمیة.
2. نستطیع أن نتعلم من أخطائنا:
کان المدیر لإحدى الشرکات الناجحة المتخصصة في صناعة الکمبیوتر في اجتماع لمجلس إدارة الشرکة عندما قال للأعضاء المجتمعین: إن الفرق الرئیسي بیني وبینکم هو أنني أرتکب الأخطاء أکثر منکم. وفي الواقع فإن الشخص الذي یجرؤ على القیام بالمجازفة یکون قادراً على الإنجاز أکثر من غیره. ومن المعلوم أن من لا یخطئ لا یعمل شیئاً.
علم أطفالك المرونة والإصرار على تحویل الخط السيء إلى خط جید، وعلمهم أن الخطأ هو طریق النجاح وأن الجمود والخوف من الخطأ هو طریق الفشل.
3. اقرأ بهدف المتعة:
تشیر الدراسة إلى أن قراءة الأبوین لطفلهما بصوت عال هي أفضل طریقة لتعلیمه القراءة، فإن سماع القصص المقروءة جهراً تنشط خیال الطفل، وتحسن قدرته على التعبیر، وتزید من مفرداته اللغویة، لذلك اقرأ لأطفالك، وشجع أطفالك الکبار على أن یقرأوا بصوت عال لأشقائهم الأصغر سناً أو لرفاقهم. ومن الممکن أیضاً أن تخصص فترة معینة من النوم، بعد العشاء مثلاً، للقراءة المشترکة الصامتة لجمیع أفراد العائلة. وعندما یرى الطفل أن القراءة تجلب السرور والمتعة إلى جانب أنها وسیلة لجمع المعلومات فإنه یکتشف قیمة المطالعة، وربما صار من عادته أن یلجأ إلى القراءة کوسیلة للتسلیة وتمضیة الوقت، بدلاً من مشاهدة التلفزیون.
4. حتى الریاضیات قد تکون ممتعة:
عندما یفکّر الآباء والأمهات بالریاضیات، فإن أول الأمور التي تخطر ببالهم التمارین والمسائل الریاضیة، علماً أنه بإمکان الریاضیات أن تکون مفعمة بالحیویة تماماً مثل القراءة، وذلك إذا استعملت بالطریقة الصحیحة. ویستطیع الأبوان أن یستغلا الفرص المختلفة لتعلیم أطفالهما الریاضیات. فإن الطبخ على سبیل المثال یتیح فرصاً لعملیات ریاضیة کثیرة، والملابس أیضاً فی المجالات التي یمکن استعمالها في تعلیم المهارات الریاضیة، حیث یمکن أن یطلب من الطفل أن یصنفها وفق الحجم واللون وترکیبة القماش، وکذلك تمکن الاستفادة من أعضاء الجسم، کأن نطلب من الطفل قیاس الطول أو محیط الخصر أو الوزن وغیر ذلك.

5. التعلم عن طریق النظر:
لست بحاجة إلى أن ترسل طفلك إلى أوروبا لیرى أشیاء جدیدة، فإن بإمکانك أن تتیح لطفلك مشاهدة الأمور الجدیدة وملاحظتها عن طریق استغلال کافة مجالات الحیاة الیومیة، فحتى زیارة ((السوبر مارکت)) قد تکون فرصة جیدة لاکتساب المهارات الریاضیة، کأن تلجأ إلى مقارنة الأسعار والجودة وتدقیق المجموع الإجمالي للفاتورة، کما أن بإمکان نزهة بسیطة فی الجوار أن تزودنا بدرس حیوي في التأریخ، کأن نرشد الطفل إلى أن هذا البیت کان الأول في هذا الحي، وأنه بقي سنوات لوحده دون أن یسکن إلى جواره أحد بسبب فقدان الماء. ومع أن السید ولید اضطر إلى حفر خمسة آبار، إلا أنه في النهایة نجح في الوصول إلى الماء، وشجع هذا الأمر بقیة الجیران أن یبنوا بیوتهم بجواره.
6. استفد من التلفزیون:
إن التلفزیون سلاح خطیر ذو حدین، فإن بإمکانه أن یکون جهازاً للإغراء والفساد وهدر الوقت بلا طائل، إذا کان دورنا یقتصر على مجرد الجلوس أمامه وانتظار ما یعرضه علینا من البرامج في بَلادة کاملة واستغراق الوقت کله في مشاهدة ما هب ودب من البرامج منذ الافتتاح وحتى الختام. إلا أننا نستطیع أن نستغل التلفزیون کأداة تربویة مفیدة جداً إذا کنا إیجابیین في انتقاء البرامج المفیدة، سواء أکانت تعلیمیة بحتة أو ثقافیة أو اجتماعیة ترسخ المبادئ الخلقیة مثل الصدق والتعاون مع الآخرین. ومما یساعدنا في هذا المجال هو أن نقرأ برامج التلفزیون مع وضع خط تحت البرامج المفیدة التی تستحق رؤیتها، فإذا عودت أطفالك الانتقاء الإیجابي للبرامج التي تجمع بین المتعة والفائدة بدلاً من أن یجلسوا أمام التلفزیون لمجرد المشاهدة، فإنهم یکتسبون عادة الحرص على الوقت وتنظیمه بما یساعد على استغلاله بأفضل طریقة.
7. شجع أطفالك أن یشارکوا في اهتماماتك وعواطفك:
إذا کانت لدیك هوایة ما. سواء أکانت البستنة أو تسلق الجبال أو غیر ذلك، وإذا کانت هذه الهوایة تشدك إلیها بشکل تثیر اهتمامك فمن المحتمل تماماً أن تنتقل عدوى هذه الهوایة منك إلى أطفالك.
8. أیقظ الکیان الذاتي لأطفالك:
ساعد طفلك أن یشعر بأنه إنسان فرید ویتمیز عن غیره، وذلك عن طریق تشجیه اهتماماته ومواهبه الخاصة، وکثیراً ما یخشى الأبوان أن ینهمك طفلهما في نشاط معین بشکل مفرط وذلك على حساب النشاطات الأخرى الضروریة. وخیر طریقة لتجنب هذا الأمر هو أن یلجأ الأبوان إلى استغلال مهارات الطفل وهوایاته في سبیل إنجاز غیرهما من الأمور. على سبیل المثال، فلقد نجح أحد الآباء في استغلال حب طفله للریاضة لإثارة حب الفضول لدیه فیما یتعلق بمعرفة أسس إنشاء وهندسة الملاعب الریاضیة وغیرها من المنشآت المختلفة.
9. علّم طفلك المهارات المتعلقة باکتساب الصداقات:
وشجعه على إنشاء صداقات جدیدة کلما أمکن، ومن الأمور التي نستطیع أن ترکز علیها في هذا المجال أن تعلمه حسن الإصغاء وحب مساعدة الغیر وأدب الحدیث مع الآخرین، وعلى الأخص کبار السن الذین یشکلون معیناً لا ینضب من خبرات الحیاة التي تمرسوا بها خلال الفترات المختلفة من عمرهم الطویل، والذین یتصفون على الأغلب بحکمة الشیوخ التي لا بد من دعمها لحماسة الشباب في سبیل الوصول إلى اکتشاف أفضل طریقة للسلوك في مواقف الحیاة المتنوعة.
10. لا تنس احتیاجاتك الشخصیة:
في غمرة الانشغال بضرورات العمل والحیاة العائلیة واحتیاجات تربیة الأطفال، لا تنس أن تتیح لنفسك وقتاً خاصاً لمتابعة هوایاتك الشخصیة واهتماماتك الذاتیة، علماً بان هذا لا یفیدك وحدك، وإنما یفید أطفالك أیضاً، فإن الإفراط فی الاهتمام بنجاح الطفل والترکیز الزائد غیر المعقول في هذا الصدد قد یسبب ردة فعل سلبیة ربما أدت إلى نتائج معاکسة تماماً.
أولادنا فی العطلة:
ماذا أفعل الیوم أو غداً؟ أنا أشعر بالضجر. هذا ما نسمعه یومیاً من أولادنا خلال فصل الصیف.
في الشتاء یکون البرنامج الیومي موزعاً بین الدراسة والنشاطات الجانبیة بحیث لا یتسع الوقت لأي عمل آخر وفجأة تأتي العطلة ویحل الفراغ الکبیر ویبدأ الضجر وبخاصة أن الرفاق في المدرسة یتوزعون. فما الحل إذاً؟
الإمکانات المادیة لها الدور الأول في هذه العملیة. فالعائلات المیسورة تنظم رحلات سیاحیة إلى الخارج مع الأولاد أو تترك الأطفال یقررون أمر الاشتراك ببرامج ونشاطات تنظمها المدارس أو النوادی الریاضیة والثقافیة.
أما إذا کانت القدرة المادیة ضعیفة فعلى العائلة أن تخترع وسائل للتسلیة تبعد الضجر عن الأطفال وتخلق عندهم حس الاکتشاف. على أمل أن تضع برنامجاً یومیاً مکثفاً فتخصص وقتاً لکل شيء بدءاً من فروض العطلة إلى المساعدة في أعمال البیت والطهو والزیارات والنزهات إلى البحر أو إلى الجبل بالإضافة إلى تنظیم لقاءات مع رفاق المدرسة. المهم في هذه المسألة التجدد أي أن یستفیق الولد وهو یعلم أن هناك شیئاً جدیداً ستعرف إلیه کل یوم. والمهم أیضاً أن تکتشف الأم ما يستهوي الولد فتنمی الهوایة إن کان من ناحیة الریاضة المفضلة أو العلم في الحدیقة أو المطالعة أو الاستماع أو الموسیقی.
بعد العناء والتعب کل السنة من الخطأ أن یضیع المرء هذا الوقت الفارغ، إذ یجب أن یستفید من العطلة حتى یحضر نفسه من جدید للعمل. فالعطلة هي استراحة لنا في هذا السباق المجنون الذی نقوده في حیاتنا الیومیة.
علینا أن نعلم أطفالنا کیف یحبون الطبیعة ویعودون إلیها حتى تعطیهم التوازن العقلي.
الطفل بحاجة أیضاً إلى الراحة فهو إذا رفض أن یقوم بأي عمل فهذا یعني أنه متعب وحقه بالراحة مقدس ومن الخطأ إجباره على القیام بشيء لا یرغب به أما بالنسبة إلى فروض العطلة فالوقت الأمثل للبدء بها في أواسط شهر آب (أغسطس) حتى یرتاح الولد من الامتحانات ویکون فعلاً قد أحس بانتهاء المدرسة ونظامها، الحصة الیومیة یجب ألا تزید فی أقصى الحالات عن الساعة وإذا شعر الولد بعدم رغبة في الدرس دعه یلعب أو یشاهد التلفزیون ولا تجبره قط على الدراسة.[...]

 

المصدر: مجلة الطاهرة، العدد: 217.
الدکتورة سماح کوثراني.

التعليقات (0)

اترك تعليق