مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أمي.. يعجز القلم والفكر عن وصف أحاسيسي نحوك

وصية الشهيد فادي تيسير بطش: أمي.. يعجز القلم والفكر عن وصف أحاسيسي نحوك

وصية الشهيد فادي تيسير بطش 

بسم الله الرحمن الرحيم
............
أبتدئ كلامي بالمسامحة منكِ يا والدتي العزيزة، وأطلب منكِ المسامحة حتى يرحمني ربي، وأدخل الجنة، لأن الجنة تحت أقدامكن، سامحيني على كل كلمة قلتها أو أي عمل قمت به وكان فيه غضب لك، وأنا أشكر لك ذلك التشجيع الذي كنتِ تمنحيني إياه لكي أصلي وأتابع هذا الخط، خط المقاومة الإسلامية.
عظّم الله لكِ الأجر بي يا أمي، وأطلب منكِ ومن كل الأمهات والأخوات أن يحافظن على الالتزام الزينبي، حتى نحظى بشفاعتها يوم الدين.

[...] وأنتِ يا أمي أغلى شيء في الدنيا، بل أغلى من الدنيا، أقول لكِ أماه: إذا سمعتِ خبر استشهادي فكوني صبورة مثل السيدة زينب[ع]، التي رأت فعل الأعداء بجسد أخيها الحسين[ع]، فما جزعت، بل قالت: "اللهم تقبّل منا هذا القربان"(1).
اجعلي أماه كل همّك حب أهل البيت[ع]، وحافظي على الحضور في مجالس سيد الشهداء، واقرأي القرآن عن روحي، وادعي الله عزّ وجلّ أن يعجّل فرج صاحب العصر والزمان(أرواحنا لمقدمه الفداء)، ولا تلبسي السواد عليّ بل ليكن السواد حزناً على سيد الشهداء[ع].
أماه: إني مؤمن بأن: "ألف ضربة بالسيف أفضل من ميتة على فراش"(2)، ولذلك اخترت هذا الخط، خط الاستشهاد، خط المقاومة الإسلامية، خط كربلاء الحسين[ع]، أريد أن أقاتل قتلة  الأنبياء[ع]، لأنهم أعداء الله وغاصبو الأرض ومدنسو المقدسات، أريد أن يمزّق صدري رصاص اليهود، لكي أحظى بالمرتبة الرفيعة عند الله، مرتبة مجاورة لأهل البيت[ع] في الجنة، مرتبة الشهداء.
..............

إلى أمهات الشهداء:
إلى أمي وأمهات الشهداء:
سلام من الله إليكن ورحمة منه وبركات.
هنيئاً لكنّ بما قدمتن في سبيل الله عزّ وجلّ، هؤلاء الشباب هم فلذات أكبادكن، الذين منحتهم قرابين لله، كزينب[ع] في يوم عاشوراء، تذكرن أيتها الأمهات يوم القيامة، يوم الحشر، تذكرن الوسام الذي سينير لكنَّ ذلك الدربَّ الطويل، تذكرن أنكن ستنادين يوم القيامة: يا أمهات الشهداء، وأي وسام أشرف من هذا الوسام الذي ستنلنه بصبركن والرضا بقضاء الله تعالى، لا تحزنّ علينا، بل افرحنّ لأننا إن شاء الله نجحنا في الاختبار والامتحان، كنّ كزينب الحوراء  عندما قدّمت لأخيها جواد المنية، كيف قدّمته له مع علمها أنه سيستشهد ولم تردعه عن ركب جواد المنية، إنما حزنت لفراقه وفرحت للقائه بربه ومقامه عنده، كن كذلك يا أمهات الشهداء...
أمي الحنون: أرجو منك المسامحة، وأنا أعلم أنك ستسامحيني لأنك نِعم الأم المؤمنة الصابرة، ماذا أقول لك: اصبري وأنت علّمتِني معنى الصبر، وفعل الصبر؟ أو أقول لا تجزعي؟ ماذا عساي أقول سوى أن تترضي عليّ، ولا تحزني وإنما افرحي إن استشهدت، لأني بذلك أكون سعيداً وفائزاً عند الله.
يعجز القلم والفكر عن وصف أحاسيسي نحوك يا أماه، وكلماتي يرتجف بها القلم عن وصف شوقي إليكِ.
سامحيني أماه، سامحيني أماه.
..........
(1)
القرشي، محمد: حياة الإمام الحسين ع. ط1، مطبعة الآداب، النجف (1975م). ج2. ص301.
(2) مستوحاة من كلام لأمير المؤمنين ع، راجع: الإمام علي ع، شرح محمد عبده: نهج البلاغة. ط1، دار الذخائر، قم (1412هـ). ج2. ص2.

الشهيد فادي تيسير بطش ولد في 1\ 1\ 1969م
واستشهد بناريخ 11\ 12\ 1994م


اعداد وتحرير موقع ممهدات بالاستفادة من جمعية إحياء التراث المقاوم

التعليقات (0)

اترك تعليق