دور الأم والتكريم الإلهي: التربية الربانية وصناعة التاريخ
مقال للحاجة عفاف الحكيم في مجلة العرفان عدد5-6، مجلد74
دور الأم والتكريم الإلهي: التربية الربانية وصناعة التاريخ
لنستوعب الدور الجليل للأم، فإننا لا نحتاج إلى كبير جهد إن نحن جعلنا وجهتنا كتاب الله العزيز، والسنة النبوية المطهرة، ذلك أن الباحث عن منطلقات الدور وركائزه سيجد في عمومه:
أولاً: إن إعداد الإنسان وتوجيهه ومن ثم قيادته في مختلف مراحل حياته، وأبعاد كيانه، هو هدف التربية الإسلامية..
ثانياً: إنه من أجل هذه الغاية، جاءت الرسالات السماوية والشرائع الإلهية، وتتابع الرسل والأنبياء(ع)، وكان السعي الجاد لصياغة الشخصية الإنسانية بآفاقها الجسدية والروحية والعقلية والاجتماعية..
ثالثاً: إنه من أجل الوصول لهذه الغاية أو المشروع الإلهي في الأرض.. سنّ الخبير العليم دورا للأم جعله في قمة هذه الخطة، بحيث أوكل إليها مهمة النهوض بالمرحلة الأهم والأخطر من حياة الإنسان..
فهي منتدبة للمرحلة الأساس، مرحلة وضع اللبنات للشخصية الإنسانية والتي تعتبر من أدق أدوار الوظائف في الحياة... إذ كان من مهامها الدور الذي هيأها تعالى له جسديا وعاطفيا.
ومن مهماتها أيضاً: الإشراف على تنمية الوليد جسدياً والإطناب برعاية أوضاعه الصحية، إلى جانب: تنميته روحيا وفكريا وسلوكيا وفق البرنامج الإلهي..
فدور الأم إذن يبدأ من تلك الفترات المتقدمة.. التي تسبق الإعداد المباشر، لتمتد من ثم إلى مختلف مراحل حياة الإنسان..
ومن هنا جاءت التوصية الإلهية في القرآن الكريم وكان التخصيص: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ» (لقمان/ 14)
أما في السنة النبوية المطهرة فقد ورد أن أحدهم سأل النبي(ص) قائلاً: "من أحق الناس بحسن صحبتي يا رسول الله؟ فأجاب(ص): أمك، قال ثم من يا رسول الله؟، قال: أمك، قال ثم من يا رسول الله؟ قال: أمك، قال ثم من يا رسول الله؟ فقال(ص): أباك.
فالله تعالى، عبر هذه الآية الكريمة، والحديث الشريف، يبين للأمة أهمية عموم الدور الذي يمكن لكل أم أن تنهض به، بينما في مقام آخر يلفتنا سبحانه إلى المهام الجليلة التي يمكن للأم أن تنهض بها، إن هي أدركت أبعاد المسؤولية الملقاة على عاتقها، ووعت تمام دورها ولبت نداء الواجبات, وحيث يبدو حرص النهج الإلهي على إبراز فعالية دور الأم عبر روائع القصص القرآني، إذ يشير تبارك وتعالى لمجتمعات خير أمة... بأنه عهد لنخبة من الأمهات بإعداد خيرة أنبيائه، وأنه تبارك وتعالى أوكل أمر إسماعيل وموسى وعيسى ومحمد(ص) لأمهاتهن دون مشاركة الآباء.. مسلطا الضوء على القدرات الفائقة التي تميزت بها كل منها وعلى ضخامة المسؤولية التي يمكن أن تنهض بها الأم.
أمثلة ونماذج:
أولاً: يطالعنا الدور الذي نهضت به هاجر:
الأم التي آثرها القرآن برعاية "إسماعيل" يوم أمر نبيه إبراهيم بأن يدعها ووليدها في واد قفر غير ذي زرع، في صحراء مكة ويقفل راجعا من حيث أتى إلى منطقة الخليل في فلسطين، يومها وقف التاريخ ليسجل من خلالها أروع صفحة في تاريخ الأمهات، صفحة ملؤها الشجاعة، والوعي، والقدرة الفائقة على التحمل والاعتماد على النفس.. يومها، ردد الكون أصداء صوت هاجر الأم وهي تسرع باتجاه النبي لتسأله وتكرر السؤال بتضرع: أتاركنا أنت يا إبراهيم؟
لكنه يمضي صامت القلب.. يرمق السماء بعينيه.. وتستدرك المؤمنة قائلة: "أأمرك الله بهذا يا إبراهيم؟" وحين تسمعه يقول أجل، تهتف بخشوع مطمئن: إذا الله لن يضيّعنا.. هذا التسليم الواعي من قبل الأم وسعيها لمواصلة مسيرة الحياة مع طفلها، مع كل ما ينتظرها من مشاق ومتاعب، وما يحيط بها من رهبة ووحشة.. كان له صداه في القرآن الكريم «إن الصفا والمروة من شعائر الله».
الأم والتكريم الإلهي:
ترى هل هناك ما هو أعظم على مستوى التكريم... قرار من الله تبارك وتعالى يلزم نساء الأمة ورجالها بأن عليهم أن يتمثلوا خطوات تلك الأم التي أسلمت نفسها حقا لله.. ومضت تهرول باحثة عن الماء والغذاء لولدها دون سخط أو تذمر بعد أن خرجت من ضغط المشكلة إلى أفق المهمة وراحت تعيش بكل وجودها فرح التلبية، فرح النهوض والثقة واليقين.
وهناك في بيت الله.. يشهد المسلمون التكريم الذي أحاط به تعالى نهوض تلك الأم، التي انتدبت لجليل الدور فنهضت به كاملاً، وحيث كان سعيها بداية التمهيد لظهور خاتم الأنبياء محمد(ص) في تلك البقعة المباركة، خطوات أم جعلت في صميم فريضة هي من أهم فرائض الإسلام.. وهذا هو التكريم الإلهي للأم وأين منه تكريم البشر، ذلك أن هذا التكريم من الخالق جل وعلا، إنما هو تكريم لكل أم تعيش الوعي، والامتثال والنهوض الذي كانت عليه أم إسماعيل.
وإنّه ترسيخا لدور الأم العظيم في المجتمع الإنساني تكرر التكليف الإلهي.. وكان أن عهد تعالى لأم موسى بمهمة إنقاذ الوليد المدخر لإحدى الرسالات الكبرى، وكلفها برعايته والإشراف عليه «وحرمنا عليه المراضعَ من قبل فقالت هل أدلُّكم على أهلِ بيت يكفلونَه لكم وهم له ناصحون * فرددناه إلى أمه كي تقرَّ عينُها ولا تحزن ولتعلمَ أنّ وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون» (القصص 12/13)
مريم عليها السلام:
ومن ثم عهد تعالى إلى أم عيسى(ع) بوليدها الذي كانت وإياه "آية للعالمين".. إذ يبرز لنا القرآن الكريم جهاد تلك الأم الطاهرة عبر صور من الكفاح الصابر الذي تخللته مواقف مثقلة بالشجاعة والثبات والرضى: «وهزِّي إليك بجذع النَّخلة تُساقطْ عليك رطباً جنيّا * فكلي واشربي وقرِّي عينا فإما ترينَّ من البشر أحداً فقولي إنِّي نذرتُ للرحمن صوما فلن أكلِّم اليوم إنسيا * فأتت به قومها تحملُه قالوا يا مريمُ لقد جئت شيئا فريّا * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأَ سَوْء وما كانت أمك بغيّا * فأشارت إليه قالوا كيف نكلِّم من كان في المهد صبيّا * قال إنّي عبد الله آتانيَ الكتاب وجعلني نبيّا * وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا * وبرًّا بوالدتي ولم يجعلني جبّارا شقيّا * والسّلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حيا» (مريم25/33)
آمنة أم سيد البشرية(ص):
وبعد هذا يأتي دور آمنة.. في ختام هذا الموكب الرائع لأمهات الأنبياء(ع) لتكون أم الرسول المصطفى واليتيم محمد(ص)، وحيث بقي طيفها الحاني يصحبه طوال مراحل جهاده العظيم.. يمدُّه بأعمق عواطف الرحمة والحنان.. إذ يُروى أنَّه(ص) لما مر بالإيواء في عمرة الحديبية قال: "إن الله أذن لمحمد بزيارة قبر أمه" فأتاه وأصلحه، وبكى عنده وبكى المسلمون لبكائه فقيل له في ذلك، فقال(ص): "أدركتني رحمتها فبكيت".
هذا هو دور الأم في مسيرة الأنبياء.. وهذه هي مساهمتها، فالتكليف الذي اختاره الله لها لإعداد فريق من الأنبياء دون مشاركة الآباء ليس صدفة.. وإنما شاء العليم الخبير أن يلفت إلى طاقات الأم وقدراتها.. وأن باستطاعتها لا أن تنهض بدورها الطبيعي وحسب، وإنما إلى هذا تستطيع أن تعوض الإنسان الوليد فقدان الأب أو غيابه، فرسالة الإسلام كما هو واضح ارتفعت بالأم من دائرتها الضيقة في الأمومة إلى أفق عال من المكانة السامية والمسؤولية، فجعلتها من جهة تعيش منزلة الأمومة الواهبة للحياة، ومن جهة ثانية تعيش منزلة العامل على إعمار الأرض بإيجاد الإنسان المؤمن الصالح، الذي هو عماد المجتمع الصالح والأمة الصالحة..
ارتفاع الأم المسلمة وآفاق المعتقد الرحب:
إذا كان مصير المجتمعات الإنسانية –كما يُقال- رهناً بالمعتقدات التي تتماسك.. فلا بدّ لنا في هذا المقام من وقفة يسيرة مع تضحيات الأم المسلمة، نعاين منطلقات التماسك في أضعف نقاطها وهو: "قلب هذه الأم"، علّ الذي لا يدرك قيمة تفاؤلنا الآن يعي كم هو أملنا كبير بعودة الأمهات من جديد للتفاعل العملي مع المعتقد...
ذلك أنّ التاريخ لم يعهد –كما هو معلوم- تضحيات وبذل عن رضى مطمئن، كالذي قدمته الأم المسلمة على امتداد التاريخ في سبيل المعتقد. وإنّ ما يشهده مجتمعنا اليوم من زخم رسالي حار وتفاعل عظيم على صعيد الأمهات على الخصوص، لم يكن ليحدث لولا عودة الاسلام إلى حياتنا حقاً –كأفكار ومشاعر وسلوك- وهذا ما يدركه كلّ متأمّل في التاريخ الجهادي.
ولو التفتنا من خلال المرحلة الحيوية التي نعيش، نرصد خطوات الأم المسلمة في صدر الإسلام يتراءى لنا عبر المدى طيف سمية أمّ عمّار، تلك المؤمنة التي حين اختارها الله للموقف الصعب، وقفت بمنتهى الجرأة والثبات لتواجه طغيان أبي جهل بقرارها الحاسم، وهتافها الوجداني العميق، وذلك حين جيء بابنها الوحيد عمار مكبلاً بالحديد، والدماء تنزف من جسده، وحيث إنهالت عليه السياط كمحاولة أخيرة لكسر ثباتها... فنرى الأم المسلمة لله، تتفوّق على كلّ ما اعتمل في صدرها من عاطفة، لترمق وحيدها بنظرة ملؤها الحنان والاعتذار، ثمّ تذهب ببصرها بعيداً نحو السماء وجوارحها تهتف.. لن أرتد عن الدين الذي أنار قلبي وأخرجني من الظلمات.
لنعاين قلب الخنساء، التي كان حزنها على أخيها في الجاهلية مضرب المثل. لكن عندما استشهد ابناؤها الأربعة في ساح الجهاد، وكانت قد حرّضتهم، قالت بفخر: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم وأسأل الله أن يجمعني بهم في مستقرّ رحمته.
أمومة وثبات، هكذا كان وعي الأم المسلمة يتجسّد بفضل ارتباطها المتين بالعقيدة السمحاء. أمّا الأم في ثورة الحسين(ع)، فإننا نحار مع أيٍّ منهنّ نقف.. أنقف مع زينب سلام الله عليها التي استشهد ابنها عون.. ولم تخرج إلاّ بعد مصرع الحسين عليه السلام لتهتف بين يدي الله "اللهم تقبّل منّا هذا القربان" إيذاناً بمواصلة المسيرة.
أم نقف مع زوجة جنادة بن الحارث التي مضت تحرّض ولدها الوحيد بعد استشهاد أبيه، وحين رأت رأسه بعد مصرعه تقدمت لتحمله وهي تهتف أحسنت يا ولدي.
أم نقف مع أم البنين زوجة أمير المؤمنين(ع) وأم أبي الفضل العباس(ع) التي، حين سمعت في المدينة ناعي مسيرة كربلاء. تقدمت لتسأله بلهفة: أخبرني عن الحسين، ألا يزال حياً؟ فيقول لها: عظم الله لك الأجر بولدك جعفر، فتقول: وهل سألتك عن جعفر، إنّما كان سؤالي عن الحسين.
فتعجب الرجل، ومضى ينعى لها أبناءها الأربعة ويعدّهم واحداً بعد الآخر. لكنّ الأم المسلمة تقول: نعم الخلف، إن كان أبو عبدالله حيّاً..
وحين يلقي بآخر كلامه، "عظّم الله لك الأجر بأبي عبد الله" تهوي الأم البطلة إلى الأرض للرزء الفاجع...
صور بقيت ماثلة في أذهان الأمهات المسلمات، ومنها استمدّت الأم في يومنا، وقفات الشموخ والإعتزاز بالشهادة.
صور، صحبتنا وستصحبنا دائماً، حتى لا تضطرب معادلاتنا. ونعيش حالة الشح والإنكماش في مواقع البذل والتضحية، والدليل هو ما جسدته الأم الرسالية في ثورة العصر –ثورة الإمام الخميني حفظه الله- وذلك حين رأيناها ترتفع بيسر فوق عاطفتها مسطرةّ أروع المواقف البطولية.
فإحدى الأمهات هناك تنهض لتعين المجاهدين في سبيل الله، على اعتقال ابنها الذي رأته يعمل ضدّ الثورة، وتقدّمه لتنفيذ حكم الله.
هذه الأم التي امتثلت لأوامر الله، حاولت في البدء أن تعظ ابنها –كما تقول- بالتي هي أحسن. لكنّه لم يتجاوب معها. ذهبت إلى رجل دين من الأقرباء، تطلب منه إعانتها، فلبّى نداءها، ولكنّ الابن لم يرعوِ.
فما كان من الأم الرسالية إلاّ أن هددته وطلبت منه أن يخرج من البيت لأنها لا تستطيع أن تعيش معه تحت سقف واحد، إلاّ إذا تاب وأصلح وعمل عملاً صالحاً.
لكن الابن العاق خرج ولم يعد... ترى، هل قالت الأم المسلمة بأن دورها انتهى بعد أن فعلت ما فعلت... أبداً... حين يئست من عودة ابنها وتوبته، مضت تجمع كلّ ما لديها من أوراق ومستندات وصور. وقدمتها للسلطة، وبعد أن اُعتقل ونفّذ به حكم الله، قالت الأم التي لقّبت بـ "أم إيران": أشكر الله على إزالة الشوكة التي كانت تعرقل خط الثورة والإسلام -ثمّ تتابع- إنّي أوصي وأنصح الأمهات والآباء أن يغضوا الطرف عن المشاعر والعواطف الدنيوية والمادية تجاه أبنائهم ويأخذوا بنظر الاعتبار العقيدة الإسلامية".
نموذج الأم المجاهدة في لبنان:
وإنه من معين هذا السلف الصالح، استمدت الأم المسلمة في لبنان حينما نهضت لتلبي نداء الفداء للإسلام، وحيث راحت العاطفة تسمو في قلبها، وإذ بها تواجه استشهاد الأبناء برباطة جأش عزّ نظيرها.. حتى أصبح من المألوف مشهد الأم وهي تتقدم بمنتهى الخشوع لتضع يدها على نعش ولدها وترتفع بالأخرى إلى السماء قائلة: "اللهم تقبل منا هذا القربان".
وإنه عبر هذا الوهج الرسالي نرى إحدى الأمهات حين تتلقى نبأ استشهاد ابنها الثاني بعد أسبوعين من استشهاد الأول تقول: لقد قدمت شهيدين على أرض الجنوب، والاثنين الآخرين سأقدمهما لتحرير القدس، وأخرى رأيتها أثناء الاجتياح الأخير لبعض قرى الجنوب، وحيث لفتني إليها توجهها في الدعاء وصورة تتدلى في عنقها.. وحين تحدثت إليها قلبت لي الصورة لتريني صورة أخرى قائلة:" لقد قدمت شهيدا في العشرين من العمر، وآخر في الثانية والعشرين.. والثالث هو الوحيد الباقي، خرج نهار أمس ليتصدى للغزو الإسرائيلي في الجنوب..
صور لنماذج من الأمهات اللواتي سطرنا وسيسطرن تاريخ الإسلام بصمودهن وما يتجلين به من عزيمة وصدق وتصميم..
وإنه لمثلهن قال رسول الله(ص): "الجنة تحت أقدام الأمهات".
نعم الجنة التي هي غاية المسلم من حياته، يقدمها رسول الله(ص) هدية للأم، حين ترتفع إلى مستوى المسؤولية وتلبي نداء الإسلام، ومن هنا كان على الأم أن تشعر بخطر مسؤوليتها وهي تضطلع بدور الأمومة خاصة.. لأنه بقدر ما تكون التربية البيتية موجهة وواعية ومنضبطة بقدر ما تنمو براعم المستقبل نموا صالحا، ومن أجل هذا ذكرها تعالى، بأن الذين حملوا دين الله، هم أبناء صنعتهم أمهاتهم.
فالتربية الإسلامية الصافية هي التي أنتجت رسول الله(ص)، وهي التي أنتجت علي ابن أبي طالب(ع)، وهي التي أنتجت الزهراء (ع)، وهي التي ساعدت عليا والزهراء فأنتجا الحسن والحسين وبطلة كربلاء زينب.
هذه التربية هي التي أنتجت العلماء والمجاهدين وقائد هذا العصر الإمام الخميني(قده).
هذه التربية هي التي زلزلت أقدام إسرائيل.. وجعلت رابين يقول –بعد اجتياح 1982-: بدخولنا إلى الجنوب أخرجنا المارد من القمقم، وجعلت جنرالا آخر يقول: كنا نقاتل وكأننا على كوكب آخر، لا ندري كيف نواجه ما يدور حولنا.
وجعلت تاتشر تقول: عن السنوات العشر القادمة هي من أحلك السنوات بالنسبة إلى السيادة الغربية، لأنها باتت هذه المرة مهددة بخطر حقيقي غير خطر الإتحاد السوفيتي.. وهو خطر الإسلام، وهذا خطر مسلكي وحضاري أكثر مما هو خطر عسكري.
فعلى الأم في يوم المرأة المسلمة أن تتوجه إلى الله سبحانه بكل جهودها عاملة على امتلاك الوعي مع الصدق في مواطن الامتثال.. متذكرة بأن أعداء الإسلام تمكنوا من تخريب المعتقد ونهب الخيرات عبر الأفكار السامة التي حملت إلينا على أطباق العلم، وحيث احتلت دور الثقافة ومناهج التربية الحديثة بلاد المسلمين بدلا من الجيوش والأسلحة.. وعملوا بخبث على سحب الإسلام عمليا من حياة جيل كامل من أبناء المسلمين.
فقد ورد في رسائل أحد المبشرين لزميله في لبنان:"..علينا ان نهتم بإنشاء مدارس لبنات المسلمين، فنحن لا نطمح أن يكن مسيحيات مستقبلا وإنما نطمع أن لا يكن أمهات مسلمات"، هكذا خططوا وإلى هذا سعوا..
يريدون الأمهات لأنهن يشكلن الدرع الواقي للأسرة, ولذا كان همهم تذويب شخصية الأم وبالتالي سلخها عن أصالتها لتركن في ظلمات التوجهات المادية، وذلك وصولا إلى الأسرة بكاملها، ومن ثم المجتمع بأسره.. وعلى الأم المسلمة في عيدها أن تتذكر هدية رسول الله(ص) وان تلتفت إلى التكريم الإلهي من موقع المسؤولية.. بأن نذكر قول الإمام الخميني(قده) "من أحضان الأمهات يعرج الرجال إلى العلياء".
مصدر: العرفان عدد5-6، مجلد74
اترك تعليق