مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

النيوزلندية جولي: تحررت حين ارتديت

النيوزلندية جولي: تحررت حين ارتديت "الحجاب": أعلنت إسلامها قبل يومين من شهر رمضان فصامت نهاره وقامت ليله

سيدة في الخمسينيات من عمرها تتمرد على كل شيء، إلا عندما يمس الأمر تعاليم ديننا الإسلامي، فله تبدي احترامها وتقديرها، سألتني ذات مرة قبل أشهر من إسلامها عن مكان بيع الحجاب الإسلامي؛ لأنها تود ارتداءه؛ فأخبرتها أن للحجاب أخلاقًا ومبادئ يجب على من تضعه أن تتحلى بها كي تحافظ عليه وعلى هيبته, ولكنها ما لبثت بعد شهر من حديثنا أن اشترت واحدًا، وأرتني إياه كي أعلمها لبسه, فلبسته لأول مرة ولمحت بريق نور في وجهها أضاف جمالًا عليها، فالتقطت لها صورة به، ثم خلعته وهي تتمتم في نفسها ما لا أعرفه، وكأنها تعد نفسها أن تدوم روحها بنقائه.
بعد شهرين من هذا الموقف أعلنت إسلامها، ولم يكن غريبًا حينها ارتداؤها زيًّا إسلاميًّا كاملًا, "فلسطين" التقت السيدة جولي قبيل سفرها إلى بلادها بساعات، بصحبة مساعدتها ومترجمتها الفلسطينية مكرم أبو العوف، لتتعرف منها إلى تفاصيل حكايتها:

تعرف بحالها وبغزة وتقول: "جولي ويبلمان صحفية من نيوزلندا, أول مرة قدمت فيها إلى غزة مع قافلة (فيفا بلستينا) "تحيا فلسطين"، بعدما تمت مهاجمة سفينة مرمرة في أسطول الحرية، وكانت أول قافلة تضامنية بعد أسطول الحرية, حاولت المجيء إلى غزة بعد مرورنا في قافلة (فيفا بلستينا), لكن المحاولات باءت بالفشل, فذهبت للأردن, وبعد سقوط نظام مبارك تمكنت محاولاتي من النجاح, والآن أصبح لي 13 شهرًا في غزة".

إقامتها في غزة كانت لها ملامح عبر من التقطتهم عينها الإعلامية, فتقول: "الناس في غزة لطيفون وأقوياء وودودون، ولديهم إرادة قوية وصامدون صابرون. وأحببت أهل قطاع غزة".
نور الإسلام:
أبصر قلبها نور الإسلام قبل مجيئها إلى غزة, فقد مكثت بالأردن خمسة أشهر تعرفت فيها لأول مرة إلى الدين الإسلامي، وتوجز الحكاية: "هناك تعاملت مع فلسطينيين، وكما نعرف إن الأردنيين 65% منهم فلسطينيون، وعندما جئت إلى غزة تعرفت أكثر إلى المجتمع الإسلامي, والفلسطينيون بشكل عام هم عنصر أساسي في إسلامي"، وتتابع: "فبت أفكر في موضوع إسلامي".
"من أين أتتك الجرأة لإعلان إسلامك قبيل رمضان؟", عن سؤالي هذا تجيب: "لم أكن شخصًا متدينًا جدًّا في المسيحية، ولا متعصبة، أو متعمقة بها, ولم أكن أذهب كل أحد إلى الكنيسة، فوالداي عمداني وبذلك أصبحت مسيحية، ولم أكن أذهب إلى الكنيسة إلا في المواسم في حال جنازة أحدهم، أو زواج آخر، أو في الأعياد والمناسبات وحسب, فلم تكن الكنيسة جزءًا من حياتي, وأحيانًا كنت أذهب إلى الكنيسة في غير المواسم؛ كي آخذ قسطًا فريدًا وحدي, وأخلو بنفسي بعيدًا عن البشر التي تكون هناك".
وعن سؤال: "هل تقبل أصدقاؤك إسلامك؟", تجيب: "أملك بعض الأصدقاء والصديقات المسلمين, وكلهم تقبلوا الفكرة، ولكنها وجدت ردة فعل سلبية من بعض الأصدقاء الأجانب الذين تعرفت إليهم في غزة، وأعدهم سلبيين".

وتستطرد في حديثها: "تعاملت مع الناس في كل جوانب الحياة، مع فلسطينيي الأردن وغزة، وكلاهما مجتمع إسلامي, شعرت فيهما بالأمان والسكينة والراحة بخلاف أي وقت آخر أو أي مكان, وأخذت دروسًا مع وزير الأسرى الفلسطيني د.عطا الله أبو السبح عن الإسلام، وسألته الكثير من الأسئلة؛ فكان يقدم لي الإجابات جلية، حتى تشبعت إقناعًا به؛ لآخذ خطوة جريئة وأبدل ديني إلى حيث تستقر روحي"، وتتابع: "الدروس كانت دفعة قوية ونقطة تحول طردت هواجسي وأبعدت مخاوفي، وبها تجلت الأمور أمامي".
حين نطقت بالشهادتين:

صمتت قليلًا وسرحت بخيالها حتى شعرت بطول الفترة فنبهتها؛ فقالت: "كنت في المحكمة الشرعية ونطقت بالشهادتين هناك, فشعرت بصلة قوية برب العالمين, وأن هناك رابطًا بيننا وبين الله (عزوجل)، وشعرت بوجوده حينها, واستشعرت أنني بحاجة لأن أبقى هكذا في صلة مع رب العالمين، ولكنني قطعت -يا للأسف- للذهاب لتوقيع الحجة التي تثبت أني أصبحت مسلمة تمامًا وهي مستند من المحكمة, وكنت أود أن أسرح بخيالي وإحساسي قليلًا في تلك اللحظة وأعيش هذا الشعور, ولكن تمت مقاطعتي بالذهاب إلى توقيع الحجة".
ولادة إسلامية:
وعودة إلى الوراء قليلًا لتخبرنا عن ليلة إسلامها: "الليلة التي سبقت إسلامي هي ليلة مهمة كثيرًا لي, فقد قضيتها وأنا أفكر وأنا أضع بين يدي جلبابي الذي سأرتديه في صباح يوم إسلامي وأقصره بيدي, وذكرني تقصير جلبابي بميلاد ابنتي عندما أصرت أمي أن تخيط فستان الحمل بيدها وتحضر لولادة مولودي, ومثل هذا الشعور تملكني وشعرت أن هذه المرة لن ألد ابنتي بل سألد نفسي؛ فقد ولدت بإسلامي إلى الدنيا من جديد".

حرارة سرت في جسدي ترق لها وتتابع معها: "عندما دخلنا المحكمة الشرعية كان يوجد بها حالات طلاق وحالات زواج، وكانت هناك سيدة تتصارع لكي تحصل على حضانة أبنائها وتخرج من المحكمة وهي تصرخ على القاضي, وأحببت هذه البيئة, شعرت بأن المكان هو لي بعيدًا عن أضواء الإعلام, وهذا أفضل بكثير من إعلان إسلامي في مكان به حشد من الجمهور، أو إعلانه في المجلس التشريعي، ولكني شعرت أنه هيأ لي بيئة خاصة لإعلان إسلامي, وليس شيئًا ضخمًا، وهذا ما يناسبني, في يوم طبيعي بوضع طبيعي دون إعلام، كشيء طبيعي جدًّا, وهذا ما يميز الإسلام من الأديان الأخرى أنه يعمل بطبيعتنا، وأنه ليس شيئًا مختلفًا أو خاصًّا بشيء محدد نفعله, إذ نعبد الله في أوضاع طبيعية وفي أي وقت؛ فليست العبادة مخصصة ليوم واحد كالأحد -مثلًا- وإنما هو في أي وقت".
مستقبل إسلامي:

ومما لا شك فيه أن تكاليف ديننا أكبر من التهاون فيها كما في أي دين آخر, وفي هذا توضح ويبلمان أن الوضع القادم سيكون فحصًا لها وامتحانًا لقدراتها, فهنا في غزة جميعهم مسلمون ويشدون من أزرها، ولكن في بلادها ستدعم نفسها بنفسها وتكون هي حصن نفسها ومرشدها.

وتلفت إلى أن هناك مسجدًا قريبًا من منطقتها ستعمل جاهدة على الالتزام به، لاسيما أنّ من رواده سيدة من غزة ستحاول أن تجعلها تساعدها على التمسك بالدين لا التراخي.

وتستكمل: "ما كان يقلقني هو لبس الحجاب؛ فقد كان ضمن اللباس في المدرسة الثانوية لبس الطاقية، وأكره الطاقية كثيرًا، وكنت دائمًا أخالف وأعاقب في المدرسة؛ لأني أكره أن أضع شيئًا على رأسي وأكره أي شيء يلف حول رقبتي".

وتستدرك قائلة: "ولكني عندما لبست الحجاب شعرت بتحرري، بالرغم من أني لبست الحجاب قبل أسبوعين من اعتناقي للإسلام؛ لأني عددت لبس الحجاب شيئًا صعبًا جدًّا علي، وعندما شعرت بالراحة بارتدائه أيقنت أن كل أموري في الإسلام ستكون هينة بعد أن قدرت على أصعب شيء فيه في نظري، وهو الحجاب, وأشعر بأن الجلباب حافظ عليّ أكثر، وسترته خففت لحاق الأولاد بي في الشارع، وإن كانت لم تعد السيارات الأجرة تقف لي كما السابق".

وتتابع: "الحجاب يستطيع حماية المرأة؛ لأنها تعرض إلى تحرش أو إساءة طوال الوقت, فهو يحميها ويحفظها من أي تحرشات أو إساءة نفسية أو جسدية"، وتقول: "أنا الشخص ذاته لن أتغير, إن كنت بحجاب وجلباب، أو بغيرهما".
(فوبيا) الإسلام:

تتداخل مفاهيم غربية عن إرهاب الإسلام، ورغم ذلك تجد عددًا من الأجانب يدخلون الإسلام رغبة لا رهبة, تقول ويبلمان في هذا: "لم أؤمن بأن المسلمين إرهابيون إطلاقًا، وليس كل العالم من غير المسلمين يقول إن المسلمين إرهابيون، فهذا تعميم غير صحيح، وهو خطأ من الإعلام، ونقطة الضعف في الإعلام الإسلامي أنه لا يجيد الترويج للإسلام، أو دحض تلك الافتراءات، والنيوزيلانديون لديهم الوعي الكافي عن المسلمين بأنهم ليسوا إرهابيين".

وتقول: "من المؤكد أنه في يوم من الأيام سأذهب لأداء فريضة الحج، ومازلت أتعلم, وأنوي ممارسة جميع الشعائر, وأدرك تمامًا من خلال بحثي على (الإنترنت) أن بعضًا بعد إسلامهم يعدن عنه؛ لأنهم لا يجدون الدعم ممن حولهم، وأنا مدركة لهذا تمامًا وأعيه جيدًا، وسأعمل على تجنبه، وأن أكون ملتزمة".

وفي ختام الحديث قالت: "في الإسلام المرأة يجب أن تتزوج، وأود أن أكمل ديني كما يقول الإسلام، وأتزوج بمسلم من غزة كي أستقر بها".


المصدر: فلسطين أون لاين.
حوار-ريم محمد جعرور

التعليقات (0)

اترك تعليق