مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

السيدة آمنة المجلسي

السيدة آمنة المجلسي: الفاضلة المقدسة المجتهدة البالغة في العلوم حدّ الكمال

 من هي آمنة المجلسي؟
آمنة خاتون، أو آمنة بيكم بنت المولى محمّد تقي المجلسي، وأخت العلاّمة الكبير محمّد باقر المجلسي، وزوجة المولى محمّد زوجها محمد صالح المازندراني صاحب كتاب حاشية المعالم، ووالدة الآقا هادي والآقا نور الدين محمد.
                                      
عالمة، فاضلة، فقيهة، مجتهدة، مُحدّثة، مؤلّفة، مدرّسة للعلوم الإسلامية، أديبة، شاعرة. وهي من ربّات الفصاحة والبلاغة، ذات ورع كبير وزهد شديد.
أخذت العلم وفنون الأدب، والعربية، وعلم النحو، والصرف والبديع، والمنطق، عن أفاضل رجال اُسرتها، وتخرّجت في الفقه والحديث والتفسير على والدها المجلسي الأوّل المتوفى سنة 1070هـ ، وربما أخذت عن أخيها المجلسي الثاني المتوفى سنة 1111هـ بعض العلوم الاسلامية.
تصدّرت للتدريس والافادة والإرشاد، فكانت من نوابغ نساء عصرها، وكان زوجها مع فضله يستفسر منها في حلّ بعض المسائل العلميّة، والفقهيّة المستعصية، خصوصاً العبارات الواردة في كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة الحلّي.
حلت مسائل مستعصية عجز زوجها العالم عن حلّها:
قال الشيخ محمّد علي المدرّس التبريزي في كتابه ريحانة الأدب ما ترجمته: صادف زوجها الشيخ محمّد صالح المازندراني مسألة فقهيّة مشكلة مستعصية عجز عن حلّها، وتركها إلى اليوم الثاني، فكتبتها آمنة بيگم مشروحة ومبسوطة وحلّت ابهاماتها ووضعتها في غرفة زوجها، وعند رجوع زوجها ليلاً شاهد شرح المسألة المستعصية ، ففرح فرحاً شديداً وسجد لله يشكره على نبوغ زوجته آمنة بيگم.
القصة مفصلة: وفي شرح للقصة ورد في فيض القدسي الملحق في أول مجلد البحار*: "آمنة خاتون فاضلة عالمة متقية، وكانت تحت المولى محمد صالح المازندراني –وسمعنا أن زوجها مع غاية فضله قد يستفسر عنها في حلّ بعض عبارات قواعد العلامة- وذكر في جملة أحوال زوجها في مرآة الأحوال أن أباه المولى أحمد المازندراني كان في غاية الفقر والفاقة- فقال يوماً لولده إنّي لاأقدر على تحمّل نفقتك ولا بدّ من السعي للمعاش، وأنت في سعة من جانبي، فاطلب لنفسك ما تريد. فهاجر المولى المزبور إلى أصبهان، وسكن في المدرسة وكان للمدارس وظائف معينة من طرف السلاطين؛ يعطي كلّ طالب على حسب رتبته، ولمّا كان المولى المعظّم في أول تحصيله، كان سهمه منها كل يوم غازين، وهي غير وافية لمصارف أكله فضلاً عن سائر لوازم معاشه. ومضى عليه مدة لم يتمكّن من تحصيل ضوء لمطالعته في الليل، وكان يقنع بضوء سراج بيت الخلوة وكان، وكان يطالع بمعونته رافعاً على قدميه إلى الصباح، حتى صار في مدة قليلة، قابلاً للتلقي من المولى محمد تقي المجلسي (رض) والد زوجته فحضر مجلس درسه في عداد العلماء الأعلام إلى أن فاق عليهم، وكان لأستاذه شفقة تامة عليه، وكان على جرحه وتعديله في المسائل.
وفي خلال ذلك حصل له رغبة في التزويج، وعرف ذلك منه أستاذه، فقال له يوماً بعد التدريس إذا أذنت لي أزوّجك امرأة، فاستحى منه، (ثمّ) أذن له فدخل المجلسي في بيته وطلب ابنته الفاضلة المقدسة المجتهدة البالغة في العلوم حدّ الكمال، وقال عيّنت لك زوجاً في غاية من الفقر ومنتهى من الفضل والصلاح والكمال، وهو موقوف على إذنك ورضاك.
فقالت آمنة ليس الفقر عيباً في الرجال، فهيّأ والدها مجلساً عالياً وزوّجها. فلمّا كانت ليلة الزفاف، ودخل عليها زوجها ورفع البرقع عن وجهها، ونظر إلى جمالها عمد إلى زاوية البيت، فحمد الله تعالى شكراً، واشتغل بالمطالعة، واتفق أنّه ورد على مسألة مشكلة لم يقدر على حلّها، وعرفت ذلك منه آمنة بحسن فراستها وتدبيرها. فلمّا أصبح خرج المولى من الدار للبحث والتدريس، عمدت لإلى تلك المسألة وكتبتها مشروحة مبسوطة، وودعتها في مقامه، فلمّا دخل الليل، وصار وقت المطالعة وعثر المولى على المكتوب، وحلّ له ما أشكل عليه، سجد لله شكراً، واشتغل بالعبادة والمطالعة إلى الفجر. وطالت مقدمة الزفاف إلى ثلاثة أيام،  واطلع على ذلك والدها، فقال للمولى صهره: لإن لم تكن هذه الزوجة مرضية لك أزوجك غيرها، فقال ليس الأمر كما توهمت بل المقصود أداء الشكر، وكلما أجهد نفسي في العبادة لا أبلغ أداء شكره من هذه العناية الربانية، فقال الإقرار بالعجز غاية شكر العباد.
مؤلفاتها:
لها مؤلّفات كثيرة منها: شرح على ألفية ابن مالك، شرح على شواهد السيوطي، مجموعة المسائل الفقهية، ديوان شعر كُتب بعضه على لوحة قبرها.
ترجمها وأثنى عليها جمع من الكتّاب، منهم: معاصرها الميرزا عبدالله أفندي الأصفهاني في رياض العلماء، والسيّد الروضاتي في روضات الجنّات، والسيّد محسن الأمين ذكرها في موضعين من كتابه: سمّاها في الأول، ولم يسمّها في الثاني، وولده السيّد حسن الأمين في مستدركات أعيان الشيعة، والشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب، والمحلاّتي في رياحين الشريعة، وعمر رضا كحالة في أعلام النساء.


المصادر:
 *نقلاً عن تراجم أعلام النساء، العلامة الشيخ محمد حسين الأعلمي الحائري، ج1.
 - ريحانة الأدب، الشيخ محمد علي المدرس، ج5.
 - رياض العلماء، الميرزا عبد الله أفندي الأصفهاني، ج5.
 - روضات الجنات، السيد الروضائي، ج2.
 - أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، ج2 وج3.
 - مستدركات أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، ج4.
 - الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي، ج2.
 - رياحين الشريعة، الشيخ ذبيح الله المحلاتي، ج3.
 - أعلام النساء، عمر رضا كحالة، ج1.


اعداد موقع ممهدات

التعليقات (0)

اترك تعليق