مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

حقوق المرأة ودورها في المجتمع(2)

حقوق المرأة ودورها في المجتمع(2)

"إذا كان للمرأة موهبة -مثلاً موهبة علمية أو موهبة في الاختراعات والاكتشافات أو موهبة في السياسة أو موهبة في النشاط الاجتماعي- لكنهم لا يسمحون لها باستثمار هذه الموهبة وتفجيرها فهذا ظلم".
الفصل الثاني: دور المرأة في المؤسسة العائلية:
1- التربية الإسلامية للمرأة:
إذا استطاع المجتمع الإسلامي تربية المرأة وفقاً للنموذج الإسلامي عندئذ ستنال المرأة مقامها الحقيقي الشامخ، وإذا تمكنت المرأة من بلوغ مراتب العلم والمعرفة والكمالات المعنوية والأخلاقية، التي قررها الله تعالی والدين الإلهي لكل البشر -نساء ورجالاً- بالتساوي، فسوف تتحسن تربية الأبناء، وسيزداد مناخ العائلة دفئاً وصفاء، وسيشهد المجتمع تقدماً، وستنفتح عقد الحياة بسهولة أكبر، أي إن المرأة والرجل سيزدادان سعادة. ليس الهدف اصطفاف المرأة في وجه الرجل، ولا هو تنافس عدائي بين المرأة والرجل. الغاية هي أن تستطيع النساء والبنات السير والتحرك علی نفس المنوال الذي يسير فيه الرجال فيكونوا شخصيات عظيمة. هذا شيء ممكن وقد تم تجريبه في الإسلام.

من الأمور المهمة جداً تعلم أساليب العمل الصحيحة في داخل المنزل -بمعنی التعامل الصحيح مع الزوج والأبناء- من قبل المرأة. ثمة نساء صالحات جداً ولديهن الحلم والصبر والتضحية والأخلاق الحسنة، لكنهن لا يعرفن الأساليب الصحيحة للتعامل مع أزواجهن أو أبنائهن. إنها أساليب علمية. أمور تطورت يوماً بعد يوم مع التجارب البشرية وبلغت مراحل جيدة. ثمة أشخاص لديهم تجارب جيدة ويجب ابتكار أساليب ليقوم بعض الأشخاص بتوجيه السيدات لهذه الأمور.
2- حق انتخاب الزوج:
اهتم الإسلام بالمرأة اهتماماً خاصاً كزوجة في مختلف المراحل. هناك بالدرجة الأولی قضية انتخاب الزوج، ويری الإسلام أن المرأة حرة في انتخاب الزوج ولا يستطيع أحد فرض شيء علی أي امرأة فيما يتعلق باختيار الزوج، حتی إخوة المرأة وأبوها -ناهيك عن الأقارب الأبعد- لا يمكنهم وليس من حقهم أن يفرضوا عليها الزواج من فلان أو فلان.
طبعاً كانت هناك في المجتمع الإسلامي علی امتداد الزمن عادات جاهلية وخاطئة. ما نفعله نحن المسلمون الجاهلون يجب أن لا يحسب علی الإسلام. هذه عادات جاهلية. المسلمون الجهلة يفعلون انطلاقاً من تقاليد وعادات جاهلية أشياء لا علاقة لها بالإسلام وأحكامه الوضاءة. 
3- نموذجان جاهليان للزواج:
إذا أجبر شخص بنتاً علی الزواج من ابن عمها يكون قد ارتكب خلافاً، وإذا أعطی الرجل الحق لنفسه باعتباره ابن عم الفتاة في نهيها عن الزواج وإجبارها علی الزواج منه وإلا لن يسمح لها بالزواج من غيره فإن ابن العم هذا وكل من يساعده إنما يرتكبون مخالفة شرعية، فهذا خلاف بيّن للشرع وفقهاء الإسلام غير مختلفين في هذا الشأن.

إذا أراد شخص من قبيلة لأجل حل خلافاته مع قبيلة أخری -كأن يكون هناك معركة وخلاف ودماء بين القبيلتين- أن يجعل حل هذا الخلاف وفصله في منح فتاة من هذه القبيلة لتلك القبيلة من دون أخذ إذن الفتاة نفسها فهذا خلاف للشرع. طبعاً إذا استحصل إذن الفتاة فلا إشكال في ذلك. فتاة ترغب هي ولا مانع لديها من الزواج من شاب من القبيلة الثانية ويستدعي هذا الزواج ضمنياً حل نزاع وخلاف، لا مانع في هذا الشيء ولا إشكال عليه، ولكن إذا أريد إجبار فتاة علی هذا الشيء كان خلافاً للشرع والأحكام الإسلامية.

4- مكان للاستقرار:
أهم شيء يحتاج إليه البشر هو الاستقرار. سعادة الإنسان تكمن في أن يأمن من التلاطم والاضطراب الروحي وتتوفر لديه سكينة النفس. وهذا ما تمنحه العائلة للإنسان، للمرأة والرجل علی حد سواء. تقول الآية الشريفة عن المرأة والرجل داخل العائلة: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا» أي جعل للرجال نساء وللنساء رجالاً، وهم من أنفسكم وليسوا من جنس آخر، أي ليسوا من مرتبة أخری بل هم جميعاً حقيقة واحدة وجوهر واحد وذات واحدة. هم متفاوتون في بعض الخصوصيات طبعاً لأن واجباتهم متفاوتة. ثم قال: «لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا» بمعنی أن الزوجية ووجود جنسين في النوع البشري شيء مقرر لهدف كبير، والهدف هو السكون والهدوء ولكي يتوفر للنساء إلی جوار الجنس الآخر داخل العائلة -الرجل إلی جوار المرأة والمرأة إلی جوار الرجل- السكون والاستقرار.
وبالنسبة للرجل أيضاً فإن العودة إلی البيت والعيش في بيئة المنزل الآمنة إلی جوار امرأة عطوفة ومحبة وأمينة تعدّ من أسباب السكون والاستقرار. وبالنسبة للمرأة أيضاً يعدّ الزوج والسند الذي يحبها ويكون لها بمثابة الحصن المنيع -لأن الرجل أقوی من المرأة جسمانياً- يعدّ سعادة منشودة وسبباً في السكون والاستقرار. العائلة تؤمِّن هذا الشيء لكل من المرأة والرجل. الرجل يحتاج المرأة في بيئة العائلة من أجل الاستقرار والمرأة أيضاً تحتاج الرجل داخل مناخ العائلة وصولاً إلی الاستقرار «لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا» كلاهما يحتاج الآخر لتحقيق السكون والاستقرار.
5-
أهمية المرأة في العائلة:
الواقع أن المرأة هي التي توجد العائلة وتديرها. العنصر الرئيس في تشكيل العائلة هو المرأة وليس الرجل. يمكن وجود العائلة من دون الرجل كأن لا يكون الرجل موجوداً في العائلة أو ميتاً فتقوم المرأة بصيانة العائلة إذا كانت عاقلة ومدبرة وربة بيت، ولكن إذا سلبت المرأة من العائلة لن يستطيع الرجل حفظ العائلة. إذن المرأة هي التي تحفظ العائلة.

السبب في كل هذا الاهتمام الذي يوليه الإسلام لدور المرأة في العائلة هو أن المرأة إذا التزمت بالعائلة وأحبتها واهتمت بتربية الأبناء ورعتهم وأرضعتهم وأنشأتهم في حجرها ووفرت لهم الزاد الثقافي -القصص  الأحكام والحكايات القرآنية والأحداث ذات العبرة- وغذتهم به في كل فرصة تسنح كما تغذيهم بالطعام الجسماني، فإن الأجيال في ذلك المجتمع سترشد وتترعرع. هذه هي ميزة المرأة وهي لا تتنافی مع دراستها وتدريسها وعملها وخوضها غمار العمل السياسي وما إلی ذلك.

يجب أن تكون العائلة هي الأساس والمحور في كل المشاريع الاجتماعية. مسألة الأمومة والزوجية والبيت والعائلة مسائل جد أساسية وحيوية. أي إذا كانت المرأة أكبر متخصصة في الطب أو أي فرع آخر فما لم تكن ربة بيت سيكون هذا منقصة لها. المرأة يجب أن تكون سيد البيت. هذا هو المحور. إذا أردنا ضرب مثل ناقص قلنا أن المرأة تشبه الملكة في خلية النحل.
6- النفوذ الطبيعي للمرأة:
تتمتع المرأة بنفوذ خاص لا يقبل الوصف علی زوجها إلا في حالات استثنائية. طبعاً هذا لا يعني أنه إذا كانت المرأة مسيطرة علی زوجها فهذا هو النفوذ المقصود، لا، الكلام هنا عن النفوذ القهري الطبيعي الذي قرره الله. إنني في الحسابات النهائية أعتبر المرأة أقوی من الرجل. هذا هو رأيي. المنتصر في المواجهة -إذا طالت هذه المواجهة- هو المرأة. بمعنی أن المرأة ستتغلب أخيراً علی الرجل بالأساليب والوسائل التي أودعها الله تعالی في كيانها وطبيعتها. وهذه من جماليات الطبيعة ومن أسرار الخلقة. المرأة مضافاً إلی كميتها أي تلك الخمسين بالمائة فإنها مؤثرة في جرّ الخمسين بالمائة الأخری أي الرجال إلی الساحة.

يفضل الرجل أن تبقی زوجته وأبناؤه في البيت ويذهب هو إلی الساحة. نحن مثلاً حينما كنا نناضل ونجاهد لم نكن علی استعداد لأخذ نسائنا إلی ساحة النضال. كنا نقول لهن: "ابقين أنتن ونذهب نحن للقيام بهذا العمل"، ولكن حينما تذهب المرأة إلی ساحة النضال والجهاد ستأخذ زوجها معها وتقدمه إلی الأمام. هكذا هي المرأة. هذه الشخصية وهذا التأثير الذاتي وهذا التألق في ساحة النضال مما يجب المحافظة عليه.
7- قطب المحبة:
الطبيعة الإلهية للمرأة والرجل في البيئة العائلية طبيعة توفر للمرأة والرجل علاقة ثنائية هي علاقة العشق والمحبة «مَوَدَّةً وَرَحْمَةً». العلاقة الصحيحة بين المرأة والرجل هي هذه: المودة والرحمة، علاقة المحبة والعطف، أن يحبا بعضهما ويعشقا بعضهما ويعطفا علی بعضهما.

العائلة قطب يجب أن تنمو فيه العواطف والمشاعر وتتفتح. يجب أن يری الأطفال الحب والرعاية والملاطفة. الزوج وهو رجل، وطبيعة الرجل أبسط بالنسبة للمرأة، وهو في بعض الميادين أضعف، وليس له من مرهم لجراحه سوی ملاطفة زوجته -حتی ملاطفة الأم لا تنفع- ولا بد أن يجد هذه الملاطفة. بالنسبة للرجل الكبير تفعل الزوجة ما تفعله الأم للطفل الصغير. والنساء الدقيقات المتمعنات يعرفن هذه النقطة. إذا لم تكن هذه المشاعر وهذه العواطف التي هي بحاجة إلی محور رئيس في البيت -والمحور هو سيدة البيت وربّته- كانت العائلة شكلاً بلا معنی.
8- توزيع الواجبات:
لطبيعتي المرأة والرجل خصائصهما. ينبغي عدم توقع عمل الرجل وروحه من المرأة داخل البيت. كما يجب عدم توقع روح المرأة من الرجل داخل البيت. لكل منهما خصوصياته الطبيعية والروحية، ومن مصلحة البشر ومن مصلحة المجتمع ومن مصلحة النظام الاجتماعي مراعاة خصوصيات كل من المرأة والرجل داخل العائلة بصورة دقيقة.
إذا روعيت هذه الخصوصيات سعد كل من المرأة والرجل. ليس من حق طرف أن يظلم الطرف الثاني ويستغله ويعسف معه. يتوهم بعض الرجال أن من واجب المرأة القيام بكل الأعمال التي تخصهم. طبعاً في البيئة العائلية فإن الرجل المرأة الذين يحبان بعضهما يقومان لبعضهما بأعمال وخدمات مختلفة بمنتهی الرغبة  الإرادة والشوق، لكن القيام بالأعمال عن رغبة يختلف عن أن يشعر الرجل أو يتصرف وكأن من واجب المرأة أن تخدم الرجل كما لو كانت خادمة. ليس في الإسلام مثل هذا الشيء.
9- أولوية العمل في المنزل:
بعض النساء لديهن أعمالهن خارج البيت فقد يقمن بعمليات جراحية  يفحصن مرضاهن ويقمن بالعمل العلمي الفلاني أو كتابة المشروع الفلاني أو تدريس الدرس الفلاني في الجامعة -هذه كلها أعمال محفوظة في محلها- ولكن عليهن ملاحظة نصيب البيت أيضاً. ونصيب العائلة والبيت، ككل شيء آخر، يمكن التضحية بكميته في سبيل كيفيته. أي الانتقاص من كميته.
تواجد المرأة في البيت علی مدار الساعة له معنی  لكن إذا انتقصتم من هذه الأربعة وعشرين ساعة ورفعتم المستوی النوعي سيكتسب تواجدها في البيت معنی آخر. إذا وجدتم أن عملكم يضر بهذا الجانب فينبغي التفكير بحل. هذا شيء مهم وأساسي. ألا في الحالات الاضطرارية. ثمة في جميع الأمور ضرورات خارج نطاق القواعد. الأهم من كل أعمال المرأة تربية الأولاد وتعزيز معنويات زوجها للخوض في السوح الكبری.
10- واجب تربية الأولاد:
من جملة الواجبات التي تقع علی عاتق المرأة في البيت والعائلة تربية الأولاد. النساء الذين يعزفن عن الإنجاب بسبب نشاطاتهن خارج العائلة إنما يتصرفهن خلافاً للطبيعة الإنسانية والنسوية عندهن. وهذا ما لا يرضی به الله. اللواتي يتركن الأبناء وتربيتهم وإرضاعهم وإنشاءهم في أحضان المحبة والعطف من أجل أعمال ليست متوقفة عليهن بدرجة عالية، يرتكبن خطأ. أفضل أسلوب لتربية الابن هو أن يتربی في أحضان الأم وفي ظل عطفها ومحبتها.
النساء اللواتي يحرمن أبناءهن من هذه الموهبة الإلهية يخطئن. وهذا في ضرر أبنائهن وفي ضررهن وفي ضرر المجتمع. هذا ما لا يسمح به الإسلام. من الواجبات المهمة للمرأة هي تربية الابن بعواطفها وبرعايتها الدقيقة الصحيحة بحيث حينما يكبر هذا الإنسان -سواء كان ابناً أو بنتاً- يكون إنساناً سليماً من الناحية الروحية وخال من العقد وبدون مشكلات وبدون شعور بالذل والبؤس والانحطاط والبلايا التي تعاني منها أجيال الشباب والناشئة الغربيين في أوروبا وأمريكا اليوم.
النساء الغربيات وبسبب إهمالهن للعائلة وتربية الأبناء أوصلن حال المجتمعات الغربية اليوم إلی أن يعيش ملايين الشباب، واليافعين المفسدين، والمجرمين في البلدان الأوروبية والأمريكية، تحت ظل تلك الحضارة المادية، وتحت تلك القصور الشامخة، وتلك القواعد النووية وناطحات السحاب التي تزيد عن مائة طابق والتقدم العلمي والتقني، يعيشون وهم في الثالثة عشرة أو الثانية عشرة حياة المجرمين والسارقين والقتلة والمهرّبين والمدمنين يدخنون ويحششون! ما سبب هذا؟ السبب هو أن المرأة الغربية لم تعرف قدر العائلة.
11- قصة الوردة والبستاني:
من واجب الرجل في داخل العائلة حسب وجهة نظر الإسلام أن يرعی زوجته كالوردة. يقول: "المرأة ريحانة" أي المرأة زهرة. هذا أمر لا يتعلق بالمجالات السياسية والاجتماعية وتحصيل العلم والكفاح في الميادين الاجتماعية والسياسية المختلفة، إنما هو شيء يتصل بالوضع الداخلي للعائلة. "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة" النظرة الخاطئة التي تظن أن من واجب المرأة داخل البيت القيام بكل الخدمات نظرة يعتبرها النبي بحديثه هذا خاطئة.
المرأة كالوردة التي يجب رعايتها. إذا تصارع الرجل مع الوردة تفتتت الوردة. إذا اعتبر الرجل الوردة وردة وتعامل معها كوردة كانت سبب زينة وتأثير إيجابي وكان وجودها بارزاً ومميزاً. ينبغي النظر لهذا الكائن ذي اللطف والرقة الروحية والجسمية من هذه الزاوية. في هذه الحالة سوف تحفظ الخصوصية النسوية للمرأة التي تقوم عليها جميع مشاعرها ومطالباتها، وسوف لن يفرض عليها شيء. مع أنها امرأة، وبأخذ هذا المسألة بنظر الاعتبار، إلا أنها تفكر كالرجل وتعمل كالرجل وتريد كالرجل -أي إن الإسلام احتفظ للمرأة بالخصوصية النسوية وهي خصوصية طبيعية وفطرية ومحور جميع مشاعر المرأة ومساعيها- وإلی جانب ذلك فإن ميادين العلم والمعنوية والتقوی والسياسة مفتوحة أمامها وقد شُجعت علی طلب العلم وعلی التواجد والمشاركة في الميادين الاجتماعية والسياسية المختلفة، وقيل للرجل أيضاً في داخل العائلة إنه ليس من حقه فرض شيء علی المرأة وإكراهها التمادي ضدها وفرض سلطة جاهلة غير قانونية عليها. هذه هي النظرة الإسلامية.

"وليست بقهرمانة".. القهرمانة هنا ليست بمعنی القهرمان في اللغة الفارسية. أنه تعبير عربي مستمد من الفارسية. القهرمان هنا بمعنی الشخص الذي يتولی الأمور ويرأس العمال. أي يجب علی الرجل أن لا يعتبر المرأة مسؤولة عن الأمور في البيت. لا يجب التصور أن الرجل رئيس وجميع أعمال البيت والأطفال وما إلی ذلك تقع علی عاتق رئيس العمال الذي هو المرأة، ويجب التعامل معها كما يتعامل الرئيس مع مرؤوسه!
12: مظلومية المرأة في البيئة العائلية:
تعاني المرأة راهناً علی المستوی العالمي من مشكلات لا حصر لها ولا علاج. يعاني المجتمع النسوي في العالم اليوم علی العموم من مشكلات في مجالين. أحد المجالين هو مجال العائلة. والمجال الآخر هو المجتمع. هذه ظاهرة مشهودة في أوروبا وأمريكا والبلدان التي تحذو حذوها. وتمتاز بدرجات متفاوتة من الشدة والضعف هنا وهناك. المرأة مظلومة في البيئة العائلية. بمعنی أن الأزواج يظلمون النساء حقاً في داخل العائلة.
أكبر ظلم يمارسه الرجل ضد زوجته في داخل البيئة العائلية هو أنه لا يعتبرها شريكة حياته ولا ينفق جميع مشاعره علیها. ينشغل الرجال خارج البيت بممارسات غير شرعية ولهو ولعب وأهواء ونزوات وشهوات منفلتة. وفي داخل البيت يسود مناخ بارد خال من المحبة أو ربما مشوب بسوء الأخلاق وأنواع الضغوط. النقطة الأهم هي تعامل الزوج وزوجته مع بعضهما. يربّي الإنسان البنت بجهود مضنية وبمحبة ولطف وبحب غامر من الأب والأم ويصل بها إلی سن الشباب وهي لا تزال تعد طفلة في بيت والديها، ثم تذهب إلی بيت الزوجية كسيدة يتوقع منها أن تفهم كل شيء والقيام بكل الأعمال وإتقان جميع المهام والفنون. لذلك تلام وتهاجم مع أبسط خطأ ترتكبه. هذا ما لا ينبغي أن يحصل.

إذا شعر الرجل في البيت بالملكية ونظر إلی المرأة بعين الاستغلال والاستخدام فهذا ظلم، وللأسف فإن كثيراً من الرجال يرتكبون هذا الظلم. وكذا الحال في البيئة خارج المنزل. إذا لم تتوفر للمرأة أجواء آمنة خارج البيت للدراسة والعمل وتحصيل الوارد والاستراحة فهذا ظلم وجور. إذا لم يسمح للمرأة بالدراسة بشكل صحيح وطلب العلم والمعرفة فهذا ظلم. إذا كانت الظروف بحيث لا تجد المرأة الفرصة بسبب العمل الكثير وضغوط الأعمال المختلفة‌ لأن تهتم بأخلاقها ودينها ومعرفتها فهذا ظلم. إذا لم تتمكن المرأة من الاستفادة مما تمتلك بشكل مستقل وبإرادتها فهذا ظلم.
إذا فرض علی المرأة زوج معين عند الزواج -أي لا يكون لها هي نفسها دور في اختيار الزوج ولم يُؤبه لإرادتها وميلها في هذا الخصوص  فهذا ظلم. إذا لم تستطع المرأة سواء حينما تكون داخل البيت مع عائلتها أو إذا انفصلت عن زوجها أن تنتهل من أبنائها المعين العاطفي اللازم فهذا ظلم. إذا كان للمرأة موهبة -مثلاً موهبة علمية أو موهبة في الاختراعات والاكتشافات أو موهبة في السياسة أو موهبة في النشاط الاجتماعي- لكنهم لا يسمحون لها باستثمار هذه الموهبة وتفجيرها فهذا ظلم.

المصدر: قناة المنار.
القائد السيد علي الخامنئي(دام ظله).

التعليقات (0)

اترك تعليق