كيف تستطيع العالمات النجاح في العالم العربي
لن أنسى أبدا رجل الأعمال العربي الثري الذي التقيت به في نيويورك في اجتماع مبادرة كلينتون العالمية، حيث كانت لديه موظفة أمريكية مسؤولة عن منظمته غير الحكومية لقد كانت امرأة رائعة حقا، مكرسة وقتها لعملها، وكانت على استعداد أن تعمل حتى منتصف الليل. قال لي هذا الرجل إن المرأة في العالم العربي لن تنجح، حتى تكون على استعداد للبقاء في العمل حتى منتصف الليل، مثل تلك المرأة الأمريكية.
وقال بنبرة الشكوى: "إن المرأة العربية تريد العودة إلى المنزل في تمام الساعة الخامسة؛ لرعاية أسرتها". حينها شعرت بالأسى، وقلت له إنه ينبغي أن يكون لدى النساء حرية اختيار المدة الزمنية التي يرغبن في أن يعملن فيها. وإذا كانت لديهن أولويات أخرى، مثل الأسرة، ويردن مغادرة العمل في تمام الخامسة؛ فينبغي أن تُحترَم رغباتهن، لكن ـللأسف الشديدـ هناك الكثير من الرجال يفكرون بنفس طريقته، وهناك أحيانا نساء أيضا يعملن على تقويض ما وصلنا إليه.
لقد بدأت القضايا التي تواجهها المرأة في مجال العلم تحظى بالمزيد من الاهتمام، ففي الأسبوع الأخير من أكتوبر 2012، وفي هذه الصفحة، ألقى أثين دونالد الضوء على مبادرة لمعالجة التحيز القائم على الجنس (أثين دونالد، نيتشر Nature 490، 447؛ 2012)، ولذلك أود أن أقدم وجهة نظر العالم الإسلامي.
على الرغم من الانطباع الذي يعطيه بعض المتطرفين، إلا أن الإسلام يكفل للمرأة الحق في التعليم، فأكثر من أربع نسوة من بين عشر من النساء اللاتي يذهبن إلى الجامعة في الأردن، يدرسن الهندسة والعلوم، أو الطب. كما أن أعداد النساء تفوق أعداد الرجال في مساقات courses العلمية في العلوم الطبيعية، والصيدلة، والزراعة، وتتساوى الأعداد في الرياضيات، وعلوم الحاسوب. وإذا ما نظرنا إلى طلاب الهندسة في الأردن، فإننا نجد طالبة من بين كل ثلاثة طلاب.
وعلى كل حال، لا تختلف بعض المشاكل التي تواجهها العالمات في الشرق الأوسط عن تلك التي تواجهها النساء في بقية أنحاء العالم.. فإنتاجنا ـعلى سبيل المثالـ يقاس بمقياس ذكوري بحت، ولا تتم مراعاة السنوات التي نقضيها في رعاية الأطفال، كجزء من الناتج الإجمالي المحلي للبلد. وهنا أتساءل؛ ما هو الأكثر أهمية.. هل هو بِنَاء الأشياء المادية، أم بناء وتنشئة الإنسان؟
وكمثال على ذلك المقياس الذكوري، تقيم "لوريال" ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" مسابقة لمنح الزمالات للعالمات العربيات، لكن يُشترط في المتقدمات أن يكُنَّ تحت سن الأربعين لخوض المنافسة. وبالطبع يُعدّ هذا الشرط تحيزا، كما أن تلك المقاييس نابعة من عالَم يسيطر عليه الذكور، يرى أن الرجل إذا لم ينجح في تنفيذ مهمةٍ ما قبل سن الأربعين؛ فإن ذلك يُعدّ فشلا.
لقد ركزت الحركة النسوية [...] جهودها على المساواة بالرجل، وفشلت في تمكيننا من احترام أنفسنا كنساء، ومن أن نفتخر بكوننا كذلك.
ثمة تحد آخر يواجه جميع العالمات؛ ألا وهو غياب التوجيه وشبكات التواصل. إن معظم العالمات في كل مكان لديهن وظيفتان: العمل، والمنزل، ومعظمهن لن يتخلى عن المنزل من أجل العمل، فالنساء دائما قلقات بشأن الأطفال، ويردن أن يكُنَّ مع أطفالهن، ويشعرن أن وجود الأب لن يعوض غيابهن، ولذلك.. فإنهن لا يمضين أوقاتاً إضافية بعد العمل لتناول القهوة مع زملائهن.
وفي هذه البيئة غير الرسمية ـأثناء تناول القهوةـ يطّلع العلماء على ما يجري هنا وهناك، ويتواصلون، ويرشدون، ويوجهون بعضهم البعض. وبالطبع ليس لدى النساء الوقت لمثل هذه الأشياء، فالتواصل هنا يُعدّ جهدا إضافيا على المرأة. وعلى النقيض من ذلك.. نجد الرجال يقضون بعض الوقت معا بعد العمل، ويساعدون بعضهم البعض، أما النساء، فيهرولن إلى المنزل بعد انتهاء العمل مباشرة؛ لرعاية الأطفال، ليس لأنهن مضطرّات، ولكن لأنهن يردن ذلك.
وبكل تأكيد يُعدّ هذا عقبة رئيسة أمام العالمات من النساء، من حيث الفرص والتعلم والدعم، وهذا يوضح أهمية مشاريع الإرشاد، وهي الشيء الذي ينقصنا في العالم العربي. ومع ذلك.. تتيح وسائل الإعلام الاجتماعية التوجيه عبر الإنترنت، كما أن بعض العالمات يخططن الآن لبدء خطط توجيه وإرشاد عبر الإنترنت للعالمات في الأردن، بالتعاون مع أول امرأة في الأردن تولت منصب رئيس جامعة، وهي رويدا المعايطة.
تواجه النساء أيضا تحديات خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، لكن ربما لا تظهر هذه التحديات بشكل واضح، لأنها بالغة الدقة، وينبغي على المرأة العربية تحديدها ودراستها؛ ومناقشة سبل التغلب عليها. وعلى سبيل المثال.. فإن دراسة سبتمبر ـالمتعلقة بوجود تحيّز ضد عالمات أمريكيات، التي ذكرها دونالد في الأسبوع الأخير من أكتوبر 2012 (موس راكوسِن وآخرون. Proc. Natl Acad. Sci. USA http://doi.org/jkm; 2012)ـ لا تنطبق بالضرورة على العالم العربي المسلم، حيث إن الاتجاه السائد بين كل من الرجال والنساء ـعلى حد سواءـ هو أن النساء يعملن بجد، ويمكن الاعتماد عليهن أكثر من الرجال، ولذلك يجب على المرء ألا يقع في فخ نقل الحلول من ثقافة إلى أخرى؛ فأنا أعرف باحثة أمريكية ذهبت إلى بلغاريا لمساعدة النساء على الكفاح من أجل نيل حقوقهن، وكانت تعتقد أنهن يردن المطالبة بالعمل، لكن النساء البلغاريات اللاتي عشن في ظل الشيوعية أردن عكس ذلك تماما؛ فالشيء الذي طالبن به هو حرية البقاء في المنزل.
وثمة مسألة أخرى يُساء فهمها كثيرا، ألا وهي تغطية بعض النساء المسلمات للشَّعر، وأحيانا الوجه. ففي الغرب، غالبا ما يُعتبر هذا علامة على القهر. ومع أن أكثر من نصف الطالبات والأكاديميات في العالم العربي يخترن تغطية شعرهن لأسباب دينية، بالمقارنة بالنسبة الموجودة منذ 20 عاما، التي كانت تقل عن 10٪، فإن هؤلاء الشابّات المحجبات متعلمات، ومستقلات، فلديَّ طالبة دراسات عليا تغطي وجهها، وقالت لي إنها تعتقد أنها سوف تحصل يومًا ما على جائزة نوبل، فتغطية الوجه ليست قمعا.
[...]على مدار تاريخ الحضارة الإسلامية ـالتي ازدهرت في العصور الوسطىـ كانت هناك أكثر من 8000 امرأة عالمة، واليوم هناك الكثيرات في طريقهن إلى أنْ يصبحن عالِمات.
المصدر: وكالة أخبار المرأة، الدكتورة رنا الدجاني.
وقال بنبرة الشكوى: "إن المرأة العربية تريد العودة إلى المنزل في تمام الساعة الخامسة؛ لرعاية أسرتها". حينها شعرت بالأسى، وقلت له إنه ينبغي أن يكون لدى النساء حرية اختيار المدة الزمنية التي يرغبن في أن يعملن فيها. وإذا كانت لديهن أولويات أخرى، مثل الأسرة، ويردن مغادرة العمل في تمام الخامسة؛ فينبغي أن تُحترَم رغباتهن، لكن ـللأسف الشديدـ هناك الكثير من الرجال يفكرون بنفس طريقته، وهناك أحيانا نساء أيضا يعملن على تقويض ما وصلنا إليه.
لقد بدأت القضايا التي تواجهها المرأة في مجال العلم تحظى بالمزيد من الاهتمام، ففي الأسبوع الأخير من أكتوبر 2012، وفي هذه الصفحة، ألقى أثين دونالد الضوء على مبادرة لمعالجة التحيز القائم على الجنس (أثين دونالد، نيتشر Nature 490، 447؛ 2012)، ولذلك أود أن أقدم وجهة نظر العالم الإسلامي.
على الرغم من الانطباع الذي يعطيه بعض المتطرفين، إلا أن الإسلام يكفل للمرأة الحق في التعليم، فأكثر من أربع نسوة من بين عشر من النساء اللاتي يذهبن إلى الجامعة في الأردن، يدرسن الهندسة والعلوم، أو الطب. كما أن أعداد النساء تفوق أعداد الرجال في مساقات courses العلمية في العلوم الطبيعية، والصيدلة، والزراعة، وتتساوى الأعداد في الرياضيات، وعلوم الحاسوب. وإذا ما نظرنا إلى طلاب الهندسة في الأردن، فإننا نجد طالبة من بين كل ثلاثة طلاب.
وعلى كل حال، لا تختلف بعض المشاكل التي تواجهها العالمات في الشرق الأوسط عن تلك التي تواجهها النساء في بقية أنحاء العالم.. فإنتاجنا ـعلى سبيل المثالـ يقاس بمقياس ذكوري بحت، ولا تتم مراعاة السنوات التي نقضيها في رعاية الأطفال، كجزء من الناتج الإجمالي المحلي للبلد. وهنا أتساءل؛ ما هو الأكثر أهمية.. هل هو بِنَاء الأشياء المادية، أم بناء وتنشئة الإنسان؟
وكمثال على ذلك المقياس الذكوري، تقيم "لوريال" ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" مسابقة لمنح الزمالات للعالمات العربيات، لكن يُشترط في المتقدمات أن يكُنَّ تحت سن الأربعين لخوض المنافسة. وبالطبع يُعدّ هذا الشرط تحيزا، كما أن تلك المقاييس نابعة من عالَم يسيطر عليه الذكور، يرى أن الرجل إذا لم ينجح في تنفيذ مهمةٍ ما قبل سن الأربعين؛ فإن ذلك يُعدّ فشلا.
لقد ركزت الحركة النسوية [...] جهودها على المساواة بالرجل، وفشلت في تمكيننا من احترام أنفسنا كنساء، ومن أن نفتخر بكوننا كذلك.
ثمة تحد آخر يواجه جميع العالمات؛ ألا وهو غياب التوجيه وشبكات التواصل. إن معظم العالمات في كل مكان لديهن وظيفتان: العمل، والمنزل، ومعظمهن لن يتخلى عن المنزل من أجل العمل، فالنساء دائما قلقات بشأن الأطفال، ويردن أن يكُنَّ مع أطفالهن، ويشعرن أن وجود الأب لن يعوض غيابهن، ولذلك.. فإنهن لا يمضين أوقاتاً إضافية بعد العمل لتناول القهوة مع زملائهن.
وفي هذه البيئة غير الرسمية ـأثناء تناول القهوةـ يطّلع العلماء على ما يجري هنا وهناك، ويتواصلون، ويرشدون، ويوجهون بعضهم البعض. وبالطبع ليس لدى النساء الوقت لمثل هذه الأشياء، فالتواصل هنا يُعدّ جهدا إضافيا على المرأة. وعلى النقيض من ذلك.. نجد الرجال يقضون بعض الوقت معا بعد العمل، ويساعدون بعضهم البعض، أما النساء، فيهرولن إلى المنزل بعد انتهاء العمل مباشرة؛ لرعاية الأطفال، ليس لأنهن مضطرّات، ولكن لأنهن يردن ذلك.
وبكل تأكيد يُعدّ هذا عقبة رئيسة أمام العالمات من النساء، من حيث الفرص والتعلم والدعم، وهذا يوضح أهمية مشاريع الإرشاد، وهي الشيء الذي ينقصنا في العالم العربي. ومع ذلك.. تتيح وسائل الإعلام الاجتماعية التوجيه عبر الإنترنت، كما أن بعض العالمات يخططن الآن لبدء خطط توجيه وإرشاد عبر الإنترنت للعالمات في الأردن، بالتعاون مع أول امرأة في الأردن تولت منصب رئيس جامعة، وهي رويدا المعايطة.
تواجه النساء أيضا تحديات خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، لكن ربما لا تظهر هذه التحديات بشكل واضح، لأنها بالغة الدقة، وينبغي على المرأة العربية تحديدها ودراستها؛ ومناقشة سبل التغلب عليها. وعلى سبيل المثال.. فإن دراسة سبتمبر ـالمتعلقة بوجود تحيّز ضد عالمات أمريكيات، التي ذكرها دونالد في الأسبوع الأخير من أكتوبر 2012 (موس راكوسِن وآخرون. Proc. Natl Acad. Sci. USA http://doi.org/jkm; 2012)ـ لا تنطبق بالضرورة على العالم العربي المسلم، حيث إن الاتجاه السائد بين كل من الرجال والنساء ـعلى حد سواءـ هو أن النساء يعملن بجد، ويمكن الاعتماد عليهن أكثر من الرجال، ولذلك يجب على المرء ألا يقع في فخ نقل الحلول من ثقافة إلى أخرى؛ فأنا أعرف باحثة أمريكية ذهبت إلى بلغاريا لمساعدة النساء على الكفاح من أجل نيل حقوقهن، وكانت تعتقد أنهن يردن المطالبة بالعمل، لكن النساء البلغاريات اللاتي عشن في ظل الشيوعية أردن عكس ذلك تماما؛ فالشيء الذي طالبن به هو حرية البقاء في المنزل.
وثمة مسألة أخرى يُساء فهمها كثيرا، ألا وهي تغطية بعض النساء المسلمات للشَّعر، وأحيانا الوجه. ففي الغرب، غالبا ما يُعتبر هذا علامة على القهر. ومع أن أكثر من نصف الطالبات والأكاديميات في العالم العربي يخترن تغطية شعرهن لأسباب دينية، بالمقارنة بالنسبة الموجودة منذ 20 عاما، التي كانت تقل عن 10٪، فإن هؤلاء الشابّات المحجبات متعلمات، ومستقلات، فلديَّ طالبة دراسات عليا تغطي وجهها، وقالت لي إنها تعتقد أنها سوف تحصل يومًا ما على جائزة نوبل، فتغطية الوجه ليست قمعا.
[...]على مدار تاريخ الحضارة الإسلامية ـالتي ازدهرت في العصور الوسطىـ كانت هناك أكثر من 8000 امرأة عالمة، واليوم هناك الكثيرات في طريقهن إلى أنْ يصبحن عالِمات.
المصدر: وكالة أخبار المرأة، الدكتورة رنا الدجاني.
اترك تعليق