مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

طاهرة مطهرة(ع)

طاهرة مطهرة(ع)

من الأسماء الجميلة والتي تدل على معنى يصبو إليه كل مؤمن هو الطهارة الباطنية والظاهرية، حيث سميت به فاطمة سلام الله عليها، وقد دلت عدة روايات مهمة في هذا الباب على مدى طهارتها عليها السلام هذا بالإضافة إلى الشواهد الأخرى التي أيدت هذه المسألة عنها  من أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة بل هي المحور الذي يدور عليه أهل البيت، وأفضل دليل على طهارتها هو آية التطهير، فهي سلام الله عليها مطهرة نقية مبرأة من كل الأرجاس الظاهرية والباطنية وإليك بعض الأحاديث والشواهد التي تدل على أنها طاهرة سواء الطهارة الظاهرية أو الباطنية. فلقد ورد عن أبي جعفر، عن آبائه: قال: إنما سميت فاطمة بنت محمد "الطاهرة" لطهارتها من كل دنس، وطهارتها من كل رفث، وما رأت قط يوما حمرة ولا نفاسا.
وعن الصادق(ع) قال: إن الله حرم النساء على علي ما دامت فاطمة حية، لأنها طاهرة لا تحيض.
ولقد بين العلامة المولى محمد علي الأنصاري وجه الطهارة عن أهل البيت: بما فيهم فاطمة سلام الله عليها حيث قال: ووجه الطهارة في جميع ما ذكر منهم من حيث الحكمة أن منشأ النجاسة ونحوها إنما هو جهة النفسانية، وليس في تلك الأنوار الإسفهبدية جهة النفسانية بالمرة ولو مثقال ذرة. وما ورد في طهارة أجسادهم الشريفة إنما هو محمول على أجزائها الظاهرية والباطنية من كل حيثية، وإلا فظواهر الأجساد طاهرة من كل مسلم أيضا فلا يكون لهم حينئذ فضل من هذه الجهة...  
أما قضية سد الأبواب بالنسبة للمسجد النبوي الشريف إلا لأهل البيت  في زمن النبي محمد  فهي أفضل شاهد على طهارتهم الظاهرية والباطنية.
وقال العلامة الأميني (رحمه الله) إشارة إلى هذا المسألة: إن سد الأبواب الشارعة في المسجد كان لتطهيره عن الأدناس الظاهرية والمعنوية، فلا يمر به أحد جنبا، ولا يجنب فيه أحد. وأما ترك بابه وباب أمير المؤمنين(ع) فلطهارتهما عن كل رجس ودنس بنص آية التطهير، حتى إن الجنابة لا تحدث فيهما من الخبث المعنوي ما تحدث في غيرهما...
وقوله: ألا إن مسجدي حرام على كل حائض من النساء وكل جنب من الرجال إلا على محمد وأهل بيته  علي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين). وقوله: ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلا لرسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بينت لكم الأسماء أن لا تضلوا.
فزبدة المخض من هذه كلها أن إبقاء ذلك الباب والإذن لأهله بما أذن الله لرسوله مما خص به مبتن على نزول آية التطهير النافية عنهم كل نوع من الرجاسة.
وقال العلامة الشيخ السعيد جمال الدين الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني (رحمه الله):
وروى الصدوق في كتاب "من لا يحضره الفقيه" عن النبي  مرسلا أنه قال: "إن فاطمة  ليست كأحد منكن، إنها لا ترى دما في حيض ولا نفاس كالحورية..." ولا يخفى ما في هذه الروايات من المنافاة لما سبق في حديث قضاء الحائض للصوم دون الصلاة من أن رسول الله  كان يأمر فاطمة(ع) بذلك. ووجه الجمع حمل أمره  لها  على إرادة تعليم المؤمنات، وهو نوع من التجوز في الخطاب شائع ، ولعل المقتضي له في هذا الموضع رعاية خفاء هذه الكرامة كغيرها مما ينافي ظهوره بلاء التكليف.
وفي ختام هذا البحث ينبغي أن تلاحظ ما جاء في غسلها ووصيتها  قبل الوفاة، وهو أدل دليل وأقوى حجة على أنها كانت طاهرة ميمونة في حياتها وبعد مماتها، ولم يحدث الموت فيها رجاسة ولا دناسة، مع أنك تعلم أنه مما لا خلاف فيه تنجس البدن بعد الموت وبعد خروج النفس عنه، ولأجل ذلك لا بد أن يغسل الميت حتى يطهر بدنه وينظف جسمه، إلا أن سيدة النساء  أوصت أن لا يكشفها أحد، وأن تدفن بغسلها قبل الوفاة.
روى أحمد في مسنده عن أم سلمى (زوجة أبي رافع) قالت: اشتكت فاطمة شكواها التي قبضت فيه ، فكنت أمرضها، فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك، قالت: وخرج علي لبعض حاجته، فقالت: يا أمة اسكبي لي غسلا. فسكبت لها غسلا، فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغسل، ثم قالت: يا أمة أعطيني ثيابي الجدد، فأعطيتها، فلبستها، ثم قالت: يا أمة قدي لي فراشي وسط البيت، ففعلت، واضطجعت واستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها، ثم قالت: يا أمة إني مقبوضة الآن وقد تطهرت، فلا يكشفني أحد، فقبضت مكانها.
قالت: فجاء علي فأخبرته.
وقال في "كشف الغمة": واتفاقهما من طرق الشيعة والسنة على نقله مع كون الحكم على خلافه عجيب، فإن الفقهاء من الطرفين لا يجيزون الدفن إلا بعد الغسل إلا في موضع ليس هذا منه... ولعل هذا أمر يخصها.
نعم إنها كأبيها في طهارتها كما تقدم عن الصادق إنه لما سئل: هل اغتسل علي حين غسل رسول الله؟ قال: النبي طاهر مطهر ولكن اغتسل علي وجرت به السنة.

المصدر: موسوعة الميزان.

التعليقات (0)

اترك تعليق