مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

إن لك حقوقاً،  لو عشت كل عمري  في خدمتك، وفوقه ألف عمر  مثله  لما أديتها لك

وصية الشهيد الشيخ موسى أحمد: إن لك حقوقاً، لو عشت كل عمري في خدمتك، وفوقه ألف عمر مثله لما أديتها لك

 وصية الشهيد الشيخ موسى أحمد


السلام عليك يا ابنة رسول اله * ورحمة الله وبركاته،
 سيدتي وأمي الحنونة والعطوفة  كيف أتكلم معك؟  وماذا أقول لك؟  لست ادري فبماذا ينطق لساني، وماذا يكتب قلمي عن تلك الإنسانة التي لو حملتها على ظهري، وطفت بها كل العالم، وأفنيت حياتي  في خدمتها لما أديت حق ليلة واحدة قامت بها لخدمتي والسهر على راحتي.
 والآن، إن شاء الله، يا أمي الحنونة تردّي سلامي،  وتستقبليني بالدعاء، كما هي عادتك،  حتى أستطيع  أن أقف بين يديك، ويكون لي القدرة  على الكلام معك،  وكنت اخجل من النظر إليك  وأنت تقدمين لي أكثر مما أستحق، فالسلام على نسبك الطاهر  وحسبك  الظافر،
السلام عليك أيتها الصابرة على أمر الله تعالى،  فان كنت قد قبلت كلامي  وتهيأت لسماعي  فأقول:  إن لك حقوقاً،  لو عشت كل عمري  في خدمتك، وفوقه ألف عمر  مثله  لما أديتها لك، فأي حق  أستطيع  أن أؤديه  إذا كنت  لا أقدر أن أحصي  حقوقك عليّ وعلى العائلة كلها فمن أين أبدأ بالكلام, لا أعلم.
فأنا في حيرة من أمري,  لأنني بين يدي أمي، سيدتي أحب أن أقبل تراب  الجنة من تحت قدميك ولا عجب، فهي كذلك. 
أمي الحنونة، لقد تعلمت منك الصبرَ الكثير، فحياتك كلَّها صبرٌ  وتعلّمت منك خدمة الآخرين، فاني لا أعلم أحداً في هذه الدنيا يقدّم خدماتٍ للآخرين كالأم لأولادها. 
أمي, لا أريدك أن تشقّي علي ثوباً،  بل التزمي دوما حجابك، ولا أريد  أن تكثري علي البكاء،  كما لا أريد  أن يرفع أحدٌ صوته  بالنحيب علي، فليس مسموحاً أن يشمت بي الأعداء، وكل ما أريده  هو أن يكون يوم شهادتي عرساً لأهلي في الدنيا، كما هو بشرى للشهداء  في الآخرة، واجعلي من هذا اليوم  يوم انتصار للحق. 
أمي, لو علمت معنى شهادتي  لما حزنت، ولو رأيت علوّ مقامي  لما بكيت، بل لتمنيت لو أن الله يرزقك الشهادة في سبيله مثلي. 
أمي, أنا قد انتهيت من السير في الدنيا وأحتاج إلى استغفارك  وترحمك، ودعائك لي، وأحتاج منك أعمال الخير في مسيري إلى لقاء الله تعالى، فأنت تعلمين أنّ دعاء الأم المخلصة الصابرة  بحق ولدها مستجاب في حياته ومماته،
سيدتي, إذا كان لا بد من البكاء  فحوّلي قلبك إلى كربلاء، واسكبي العبرات على المذبوح  بأرضها، وليكن حزنك  على سيد الشهداء،  وما جرى عليه في كربلاء وزوري مقامه، وأحيي ذكرى استشهاده،   وشاركي سيدة نساء العالمين فاطمة  الزهراء عليها السلام في عزاء ولدها، فإنها بدورها ستشاركك في عزاء ولدك، وإذا كان دعاؤك وبكاؤك للإمام الحسين (ع)، فسيكون بكاء السيدة الزهراء (ع) ودعاؤها لولدك، وهذه أعظم خدمة تقدمينها لولدك في عالم الآخرة. 


*أمه من السادة من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)


المصدر: كتاب شهداء وشهود (سيرة توثيقية لشهداء حوزة الرسول الأكرم (ص)، إعداد معهد الرسول الأكرم العالي للشريعة والدراسات الإسلامية.

التعليقات (0)

اترك تعليق