مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

دور الأهل في نمو انفعالي وعاطفي مستقر لدى أطفالهم

دور الأهل في نمو انفعالي وعاطفي مستقر لدى أطفالهم

لتعامل الأهل وطريقة تربيتهم للطفل دخل كبير في ضبط انفعاله. وأهم خطوة للنجاح في ذلك هي أن يفهم الأهل النمو الطبيعي لانفعال وعاطفة الطفل، من ولادته حتى تكوينه نهاية فترة طفولته.
وفترة الطفولة التي تمر على الإنسان: هي من فترة ولادته إلى سن 12 سنة تقريبا، وينتقل بعدها لفترة المراهقة بعد ذلك.  وتنقسم الطفولة لفترات مهمة وهي فترة الرضيع (من الولادة حتى 15 شهر)–  وفترة المشي الأولى (15شهر إلى 2 ونصف سنة من العمر)– وفترة طفولة ما قبل المدرسة (من 2 ونصف سنة إلى 6 سنوات)–  وأخيرا فترة الدراسة الابتدائية (من 6 إلى 12 سنة).
- فترة الرضيع (من الولادة حتى 15 شهر):
عند الولادة لا يكون للطفل مشاعر كاملة ولكن يتفاعل بمزاج عفوي يختلف من طفل لآخر. وهو غالبا مزاج وراثي– بمعني أنه الصفة الأساسية لمزاج الطفل، ونرى الأطفال مختلفون في سرعة الانزعاج أو هدوؤ. ولهذا المزاج تأثير على تكوين باقي الانفعالات فيما بعد ويميز الطفل فنجد من الأطفال من يتهيج ويتعصب للأصوات العالية بسهولة ومنهم من هو هادئ الطبع، وتلاحظ الأم هذا في مقارنتها مع أبناؤها في هذه الفترة السنية. ورغم أنه جزء وراثي في المزاج إلا إنه يمكن تعديله وتهذيبه بالتربية فيما بعد ولكنه يصبح من سمات مزاج الشخص الأساسية.
والطفل في السنة الأولى من عمره يتفاعل بالبكاء أو بالقرب من الأم، وفي أول شهر يمكن للطفل أن يتدرب على توقع الرضاعة بحركات أمه أو قربها منه أو حتى لعبها معه بأي لعبة تصدر صوت، ويرتبط هذا الصوت بميعاد الرضاعة.  وهو يتفاعل مع وجه أمه وصوتها بابتسامة.
وفي ثان شهر يستطيع الطفل التعرف على وجوه آخرين من الأسرة وينتبه للكلام، ويكون ذلك بأن يقل نشاطه الحركي أثناء كلام الآخرين.
وفي سن 4 شهور تظهر الابتسامة الاجتماعية للآخرين، مع الشعور بالغريب عن الأسرة وقد يتفاعل الطفل بالبكاء مع الغريب.
والطفل في هذه السن تنمو انفعالاته وتظهر في شكل ثلاث انفعالات أساسية وهي
1) المزاج الأساسي كما ذكرنا (من سرعة عصبية ونرفزة)،مع 2)  شعور الضيق، وكذلك شعور 3) السعادة الذي يظهر في الابتسامة الاجتماعية والاستجابة للآخرين بالمناغاة واللعب.
في سن 6 شهور تظهر انفعالات خري مثل الغضب وعدم الارتياح والخوف.
في سن 10 شهور يظهر الغضب والبكاء عند اختفاء الأم ويستجيب الطفل للعب مع الآخرين، وفي آخر الشهر العاشر يمكن أن يتعرف على اسمه ويمكنه إظهار الرفض بحركة من يده أو إظهار التعجب.
و في نهاية السنة الأولى يمكن نطق كلمات مفردة بطريقة شبه سليمة. وتتحسن ذاكرة الطفل حتى تنمو في نهاية السنة الأولى إلى أن يتمكن من البحث عن ألعابه المخبأة منه ويتذكر أشياء ومواقف أو أغاني لمدة شهر سابق.
- فترة خطوات المشي الأولى (من عمر 15 شهر إلى 2 ونصف سنة):
في هذا العمر تظهر انفعالات الغيرة وخاصة من الأخوات ومن يتعاملون مع الأم وتزيد نسبة قدرة الطفل على التذكر ويمكنه التعرف على أجزاء جسمه في اللعب مع الأم. وينطق في السنة الثانية كلمتين مع بعضهما على الأقل "شبه جمل قصيرة"
ويتعرف الطفل على الصواب والخطأ والأسف، ويمكنه التعبير عن المحبة للأم والأب بكلمات أو حركات باليد كالحضن مثلا. ويبدأ في هذه السن التفاعل والتجاوب مع مشاعر الآخرين.
- فترة ما قبل المدرسة (من عمر 2 ونصف سنة – إلى 6 سنوات):
يندمج الطفل مع الأطفال الآخرين ويفهم أنه يوجد أطفال ومجتمع غير الأسرة، ويمكنه انتظار دوره في اللعب وتزيد قدراته الحركية ومهاراته في التحكم بها، ويمكنه تكوين جمل لغوية كاملة بطريقة صحيحة.
ويمكن في نهاية المرحلة أن يحكي الطفل قصة من خياله أو عن لعبه أو عن موقف ما بخياله الواسع وغير المنطقي، ويصاحب هذا بصورة طبيعية في الألعاب مع نفسه أو زملاءه في العاب يلعب فيها أدوار البطولة والحرب وتقليد شخصيات كرتونية تطير أو تتميز بالقوة الخارقة. يمكنه التعرف الكامل على الألوان وعمر الآخرين في سن 3 سنوات، ويفهم النكات والأسباب ويكتمل فهمه للصح والخطأ حسب توجيه الأسرة.
- فترة المدرسة الابتدائية (من عمر 6 سنوات – إلى 12 سنة):
تنمو ذاكرة الطفل ويمكنه أن يحل مشاكله ويتفهم الأسباب والمسببات للأشياء ويتم الوصول للتفكير المنطقي ويمكنه تنظيم جدول للعب والمذاكرة حسب أهميته له. ويظهر التكوين النهائي للقيم والضمير في هذه المرحلة استعدادا لدخول مرحلة المراهقة وتكوين الشخصية.
في فترة دخول المدرسة يبدأ الطفل بحرية العمل والتصرف وتزداد مواقفه الرافضة لرأي الأهل، وينزعج من نقدهم لمظهره أو سرعته في الأكل أو فوضى حجرته. ويميل أكثر للتواجد في مجموعة من أصدقاؤه من جنسه مع عداء مرحلي للجنس الآخر.  وقد يميل الذكور لمعاكسة الفتيات ولكن الفتيات تميل أكثر للتعرف على الأولاد الذكور في الدراسة أو الرياضة. وهو في معرفته للمنطق والصح والخطأ يحب أن يرضي معلمه ووالديه لما يعطيه ذلك من شعور بمكانه جيدة في المدرسة أو البيت.
للتعامل مع الطفل يجب أن نرى حقيقة ومفهوم تطوره العاطفي والنفسي والعقلي، ولا نعامله كإنسان بالغ كامل، بل نعامله حسب قدراته ونشجعه على اكتساب مهارات كل مرحلة والاستفادة منها، حتى يشعر بالثقة وتأكيد الذات والاعتماد على النفس.
أهم شيء البعد عن الغضب والنقد والتأليس. و كذلك يجب أن نكلفه بواجبات تناسب قدراته النفسية أو الجسمانية. يمكنه أن نسمح له بالخطأ في اختيار ملابسه أو هوايته أو أصدقاءه في سن المدرسة الابتدائية ونتناقش معه ونصحح له. نكون مجال للنقاش والحوار ونستغل نضجه في التفكير بالمنطق والأسباب ليصل للاختيارات الصحيحة والقيم ويكتمل نضجه وضميره. نستفيد من حاجته ليكون راضيا وسعيدا برضاء المدرس والوالدين بمزيد من غرس الاتجاهات السليمة.
الاحتواء والدفء الأسري لا بدّ من التعامل به حتى عند انفصال الأبوين أو طلاقهم، الطفل لن يستفيد في حالة دخوله جزء من الانفصال أو الصراع، يمكننا في حالات الانفصال أن نختلف على كل شيء إلا متابعة وتنمية مهارات الطفل الاجتماعية والنفسية.
 
المصدر: مجلة مقالات أون لاين.
د.أحمد البحيري، "استشاري الطب النفسي"، القاهرة.

التعليقات (0)

اترك تعليق