مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الايمان و اثره في تنمية شخصية الطفل

الايمان و اثره في تنمية شخصية الطفل

من واجبات الوالدين في مجال القيام بتربية ابنائهم هو تنمية المشاعر الايمانية والخلقية في نفس الطفل، اذ يجب على الاباء والامهات حسبما تصرح به الاحاديث ان يربوا اطفالهم على الايمان، ويوقظوا فيهم فطرة عبادة الله بواسطة العبادات التمرينية بتشجيعهم على اتباع الاوامر الالهية والارتباط بالخالق العظيم.


الحقائق الغيبية أعظم الحقائق التي يجب معرفتها
إن الحقائق التي توجد في العالم يمكن تقسيمها علميا الى طائفتين:
الطائفة الاولى:  وتشمل الموجودات التي استطاع العلماء قياسها بالوسائل والآلات الدقيقة والقوية في ظل التقدم العلمي الذي يحرزه الانسان يوما بعد يوم، واخراج تلك الموازنات بصورة ارقام دقيقة او تقريبية، والطائفة الثانية:  تشمل الحقائق الموجودة الاخرى التي لايملك العلم البشري مقدرة علمية تجريبية عليها، فهي لاتخضع للقياس، ولا يستطيع العلماء قياسها بمقاييس آلية دقيقة: ان عدد الحقائق التي لا تقبل القياس العلمي في جميع الموجودات بصورة عامة، وفي تكوين الانسان بصورة خاصة كبير جدا، ويرى العلماء والباحثون ان تلك الحقائق اهم بكثير من الحقائق القابلة للقياس.


الحفاظ على فطرة الطفل وتنمية التعلّق بالله
والطفل يولد على الفطرة واهم ما تمتاز بها الفطرة هي أنها توحيدية وهي تبرز في صفحة الطفل قبل ان يكمل عقله وينضج لاستيعاب المسائل العلمية، ويكون مستعدا لتقبل الاساليب التربوية. على الوالدين ان يهتما بقيمة هذه الفرصة المناسبة ويستغلا مشاعر الطفل ويقظة فطرته الايمانية فيعملا منذ الطفولة على تنمية الايمان بالله في نفسه، هذا ما يجعل الطفل متجها في طريق الطهارة والايمان قبل ان يتفتح عقله وينضج لاستيعاب الحقائق العقلانية وادراك المسائل العلمية.
ان الانسان يتجه الى خالق الكون بفطرته قبل ان يستخدم الادلة العقلية لاثبات وجود الله، انه لاحاجة للأدلة العقلية المحكمة في ايجاد الحس الايماني في الطفل، فالمعرفة الفطرية المودعة فيه تكفي لتوجيهه نحو الايمان بالخالق العظيم، ومن السهولة جعله انسانا مؤمنا بالاستناد الى طبيعته الفطرية وما يقال عن حاجة تنمية الايمان في نفس الطفل الى الادلة العقلية وعن حاجة تنمية الصفات الفاضلة فيه.. كالصدق، والاستقامة، والحنان، واداء الواجبات، الانصاف ومساعدة الاخرين، فبالامكان تعويده على تلك السجايا الحميدة لمجرد توجيهه في طريقها.
ان التنمية الصحيحة للمشاعر هي اساس التكامل النفسي، والوصول الى السعادة والكمال المحدد للانسان لايكون بدون تنمية الايمان والفضائل، علما بان ركائز ذلك يجب ان تصب في أيام الطفولة.
ان تنمية الايمان والفضائل في نفس الطفل حق له على عاتق ابيه.. وقد وردت احاديث وروايات كثيرة في هذا الصدد.
1 – قال رسول الله (ص): "حق الولد على والده -اذا كان ذكرا-  يستفره أمه، ويستحسن اسمه ويعلمه كتاب الله ويطهره" (النوري – مستدرك الوسائل. ج 2 ص 625).
2 – وعن النبي (ص) ايضا: "ان المعلم اذا قال للصبي بسم الله كتب الله له وللصبي ولوالديه براءة من النار" (المصدر نفسه، ج 1 ص 290).
3 – وفي حديث عن الامام العسكري (ع): "إن الله تعالى يجزي الوالدين ثوابا عظيما.
فيقولان: يا ربنا أنى لنا هذه ولم تبلغها اعمالنا؟
فيقال: هذه بتعليمكما ولدكما القرآن وتبصيركما اياه بدين الاسلام".


أثر الايمان في الطفل
ان الطفل الذي يتربى على اساس الايمان بالله منذ البداية يمتاز بإرادة قوية وروح مطمئنة، تظهر عليه امارات الشهامة والنبل منذ الصغر وتطفح كلماته وعباراته بحقائق ناصعة وصريحة.
وكمثل على ذلك نأخذ الصديق يوسف (ع) فقد كان ابن النبي يعقوب، هذا الطفل المحبوب تلقى درس الايمان بالله من أبيه العظيم، ونشأ طفلا مؤمنا في حجر يعقوب، لقد نقم إخوته الكبار منه وصمموا على ايذائه فأخذوا الطفل معهم الى الرعي ثم فكروا في قتله، ثم انصرفوا عن هذه الفكرة الى القائه في البئر....
وكانت النتيجة ان بيع الطفل الى قافلة مصرية، وبصدد معرفة عمره عندما القي في البئر، يقول ابو حمزة: "قلت لعلي ابن الحسين (ع): ابن كم كان يوسف يوم القوه في الجب؟
فقال: ابن تسع سنين"( البحراني تفسير البرهان ص 490).
ماذا يتوقع من طفل لايتجاوز عمره التسع سنوات في مثل هذه الظروف الحرجة والمؤلمة، اليس الجواب هو الجزع والاضطراب؟! في حين ان قوة الايمان كانت قد منحت يوسف حينذاك مقدرة عجيبة وطمأنينة فائقة، ففي الحديث: "لما اخرج لهم يوسف من الجب وأشتري قال لهم قائل: استوصوا بهذا الغريب خيراً، فقال لهم يوسف: «من كان مع الله فليس في غربة»".
 ونظير هذا نجده في قصة رسول الله (ص) مع مرضعته حليمة السعدية، تقول حليمة: (لما بلغ محمد (ص) الثالثة من عمره قال لي):
"-اماه: اين يذهب اخوتي كل يوم؟
فأجبته: يخرجون الى الصحراء لرعي الاغنام.
قال: لماذا لايصحبوني معهم؟
فقلت له: هل ترغب في الذهاب معهم؟
قال: نعم.
    فلما اصبح دهنته وكحلته وعلقت في عنقه خيطا فيه جزع يمانية، فنزعها ثم قال لي: مهلا يا أماه، فان معي من يحفظني".
الايمان بالله هو الذي يجعل الطفل في الثالثة حرا وقوي الارادة بهذه الصورة. أما روح الطفل في تقبله للتعاليم الدينية والاخلاقية فهي تشبه الارض الخصبة القابلة لاحتواء البذرة في باطنها، وعلى الوالدين ان يبادرا الى زرع الايمان والفضائل في نفس الطفل وان لايفرطا بشيء من الفرصة السانحة لهما، ومن الضروري ان يفكر المربي في تنشئة الطفل تنشأة دينية صالحة.
ان تزكية النفس والاهتمام بالجوانب المعنوية من الواجبات اليومية لجميع الافراد ومن اللازم في سبيل الوصول الى الكمال الانساني اللائق به ان يهتم كل فرد منا بالجوانب الروحية الى جانب النشاطات المادية واشباع الغرائز، ويفكر كل يوم في احراز التقدم المعنوي والكمال الروحي لاولاده.
وقد جاء عن الامام علي (ع) بهذا الصدد:
"للمؤمن ثلاث ساعات، فساعة يناجي فيها ربه، وساعة يرم معاشه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل".


التمرين على العبادة
لضمان التربية الدينية للاطفال يجب ان يكون هناك تماثل بين ارواحهم واجسامهم من الناحية الايمانية، ولهذا فان الاسلام أوجب على الوالدين من جهة أن يعرفا الطفل بخالقه ويعلماه الدروس الدينية المتقنة، ومن جهة اخرى اهتمامهما بتدريب الطفل على العبادات والصلاة على وجه الخصوص.
 عن النبي (ص) قال: "مروا صبيانكم بالصلاة اذا بلغوا سبعاً" ( البحراني تفسير البرهان ص 490).
فالتمرينات العبادية للطفل ودعاؤه ووقوفه بين يدي الله تعالى، يترك اثرا عظيما في نفسه، قد لايفهم الطفل العبارات التي يؤديها في اثناء الصلاة، ولكنه يحتفظ بمعنى التوجه نحو الله عزوجل، ومناجاته، والاستمداد منه بكل جلاء، انه ينشأ مطمئن البال مستندا الى رحمة الله الواسعة وقدرته العظيمة، هذا الاطمئنان والاستناد، والالتجاء نحو القدرة اللامتناهية اعظم ثروة للسعادة في جميع ادوار الحياة، فهو يستطيع في الظروف الحرجة ان يستفيد من تلك القدرة العظيمة ويطمئن اليها، ويبقى محتفظا على توازنه واعتداله في خضم المصاعب والمشاكل، «الذين آمنوا وتطمئنُّ قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنُّ القلوب» (سورة الرعد آية 28).


مصدر: الشبكة العالمية للمرأة المسلمة
www.islamwomen.org

التعليقات (0)

اترك تعليق