كلمة الإمام الخامنئي لدى استقباله حشداً من النساء النخبة في أعتاب ذکری ميلاد الزهراء 04/07/2007
بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك لكنّ أولاً أيتها الأخوات والفتيات العزيزات الميلاد السعيد لسيدة النساء وأكثر الشخصيات تألقاً بين النساء على مر تاريخ البشرية، السيدة الزهراء الطاهرة (سلام الله عليها). وأبارك لكن أيضاً أيتها العزيزات، أخواتي وبناتي وأولادي مصادفة هذا اليوم العظيم مع ذكرى ولادة إمامنا العظيم الذي يعتبر هذا الرجل العظيم أيضاً نقطة عطف في النظر للمبادئ الإسلامية في كافة المجالات، ومنها قضية المرأة والنساء.
لقد كان اجتماع اليوم اجتماعاً طيباً. كان هذا الاجتماع برأيي اجتماعاً جيداً جداً ومفيداً ورائعاً؛ سواء بالنسبة لي أو بالنسبة للذين سوف يطلعون على هذا الاجتماع وتقاريره. لقد استمعت إلى أحاديث السيدات المحترمات على مدى نحو ساعتين. وكان هذا هو الهدف الرئيسي؛ أي متابعة هدفين من أهداف هذا الاجتماع: أحدهما هو أن تطرح بصورة علنية عدد من القضايا ذات الأهمية بواسطة مجموعة من خيرة نساء البلد حسب اعتقاداتهن؛ خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة، وهذا ما حدث. فجميع اللواتي تکلمن اليوم يتمتعن بذهنية سامية قوية منطقية منظمة وكنّ أيضاً صاحبات آراء في المواضيع التي طرحنها، وکان هذا رائعاً جداً واستمتعت به کثيراً. و كتبت بعض الملاحظات حول مواضيع هؤلاء السيدات وسأستفيد منها إن شاء الله. والمواضيع التي طرحت -خاصة البعض منها- عميقة جداً ومثيرة للاهتمام. وكان هذا أحد الهدفين.
الهدف الثاني هو النظرة الرمزية لهذا الاجتماع. كما أشرت مراراً فإننا أصحاب حق في قضية المرأة؛ ونحن أصحاب حق في العالم في هذا الصعيد. وأما أن تأتي المؤسسات التابعة للأمم المتحدة أو غيرها أو المجموعة الصحافية الفلانية لتضع علامة استفهام على موضوع الحجاب وما شابه ذلك باسم حقوق الإنسان وتدّعي، فهذا لن يغيّر حقيقة القضية. إننا أصحاب الدعوى في العالم. وحينما أقول العالم، أعني العالم الغربي. نحن الذين نخاطب العالم قائلين: لقد ارتكبتم خيانة بحق البشرية جمعاء وخاصة بحق المرأة؛ وذلك عن طريق جر المرأة والرجل إلى مستنقع الابتلاءات الجنسية وإشعال نار الشهوة الجنسية غير المباحة وغير المنظمة في المجتمع، وبإغراء المرأة بالتبرج والخوض في وسط الساحة. من الواضح أن المرأة تمثّل الجانب الجميل من خلق الإنسان. ولا ينفك هذا الجانب الجميل بطبيعته عن شيء من الستر؛ هذه هي ميزة هذا الجزء الجميل والرائع من الوجود البشري. وتمزيق هذا الستار وترويج ما يجب متابعته وإشباعه وفق النظام والقانون -أعني حاجة الإنسان الغريزية، سواء في المرأة أو الرجل- بصورة غير شرعية وغير منظمة في المجتمع، يعتبر من أكبر الخيانات التي ارتكبت بحق المرأة بالدرجة الأولى وبحق البشرية برمتها بالدرجة الثانية -سواء الرجل أو المرأة- هذا ما قامت به السياسات الغربية. طبعاً الخسارة الأولى وأكبر الأضرار تنعکس عليهم. والآن فإن قضية المثيلة الجنسية في العالم الغربي هي إحدى هذه الابتلاءات. هم طبعاً لا يبدون ذلك؛ لكن حقيقة القضية هي أن هذا الوضع صار بالنسبة للمفکرين ولهم من الآلآم الكبيرة التي لا يمكن علاجها ولا مناص لهم أيضاً. التحرك بهذا الشكل، ونشر الأدبيات التي تحث على الإباحية والتعري في مجال القضايا الجنسية والعلاقة بين المرأة والرجل، وجر المرأة -أعني هذا الجزء الجميل الرائع المحجوب المستور في الوجود البشري- إلى الساحة للعمل والدعاية، واستخدام ابتساماتها وجمالها وجسمها وصورتها لترويج السلعة الفلانية السخيفة التي لا قيمة لها، وللحصول على المال، من الطبيعي أن هذه العواقب هي نتيجة تلك الأمور. هذا ما فعله العالم الغربي، وهذه الأمور هي التي قامت بها السياسات الغربية؛ وهذا لا علاقة له بالأديان، ولا بالمسيحية واليهودية؛ بل له علاقة بالسياسات الجديدة التي نشرت في العالم منذ نحو مائة وخمسين عاماً ولا يسعني الآن تحديد تاريخها بشكل دقيق.
لاحظوا أنتم أدبيات البلدان الأوروبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ونظرتهم إلى المرأة؛ إنها تختلف عما تابعوه في القرن العشرين وفي كتاباتهم وأدبياتهم بالنسبة للمرأة على الإطلاق. كانت نظرتهم آنذاك متصفة بالنجابة والحياء وهذا ما يتفق مع طبيعة كل من الرجل المرأة. هنا يتضح أن هذا العمل السياسي قد تغلغل عن طريق الصهاينة والأجهزة الاستعمارية؛ هذه الأمور بحاجة إلى البحث والعمل. لقد ازدادت هذه الحالة سوءاً يوماً بعد يوم حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم وما تشاهدونه. لذلك على العالم الغربي أن يتحمل هذه المسؤولية؛ لأنهم طعنوا المرأة؛ وانتهكوا حقوقها؛ حطوا من شأن المرأة؛ وخانوها باسم الدفاع عنها. فهذه هي قضيتنا.
إن ما تطرقت إليه بعض السيدات حول الحقوق الإسلامية كان صحيحاً؛ وفيه مجال واسع للبحث والعمل والإيضاح. أنا أوافق المواضيع التي ذكرتها بعض السيدات حيث قلن إننا لم نبذل ما يلزم من الجهود للعمل الصحيح القوي من الناحيتين الکمية والکيفية لمواجهة الدعايات الفمينستية. إنني أوصي هنا مراكز البحث والأكاديميات، والجامعات، والحوزات العلمية وأصحاب الرأي وأطالبهم بالعمل في هذا المجال. هذه القضية قضية مهمة. إننا لو عملنا في قضية المرأة بصورة صحيحة في بلدنا، فإنها ستكون خدمة حقيقية للمجتمع النسوي في جميع أنحاء العالم. من الممكن أن يعرف البعض قيمة هذه الخدمة اليوم، ويمكن أن يعرفها البعض الآخر في السنوات القادمة؛ لكننا إذا عملنا بشكل صحيح، فهذه خدمة بالنسبة لهن.
وجود المنظومة من النساء النخبة في المجالات المختلفة يدل على نجاح نظرة النظام الإسلامي والإسلام إلى المرأة:
ما أريد أن أطرحه، هو نقطتان أو ثلاث نقاط قصيرة كتبتها لكي أقولها. النقطة الأولى هي إن وجود هذه المنظومة من النساء النخبة في المجالات المختلفة -وجميع النساء النخبة لا يتمثلن في هذه المجموعة الموجودة هنا؛ بل أنتن نموذج من النساء النخبة في كل أنحاء البلد- يدل على نجاح نظرة النظام الإسلامي والإسلام إلى المرأة. لم يكن لدينا هذا العدد الهائل من النساء النخبة في فترة حكومة الطواغيت. هذا هو حديثي وأصر عليه. واليوم العدد النسبي والمطلق للباحثات والأستاذات والعالمات والمفكرات والكاتبات وصاحبات الأفكار والأقلام والأديبات والشاعرات والفنانات -المتخصصات في فن القصة، والشعر، والرسم- يفوق بكثير أعدادهن خلال الفترة الطاغوتية؛ أعني تلك الفترة التي كانوا قد قضوا فيها على الحجاب والعفة والفواصل بين المرأة والرجل باسم الدفاع عن المرأة وكانوا يروجون هذا الانحراف يوماً بعد يوم؛ حتى فاقوا الدول الغربية في بعض الأمور. واليوم لدينا في نظام الجمهورية الإسلامية وفي ظل الحجاب، هذا العدد الهائل من النساء النخبة في مجالات الفكر، والعلم، والعمل، والنشاطات السياسية وهذا العدد الكبير من المفكرات في مجالات الثقافة والفن. لم يكن لدينا في ذلك اليوم جزء من أجزاء أو بعض أشخاص هذه المجموعة؛ بل كان العدد محدوداً للغاية. يناقض هذا الأمر تماماً ما كانوا يريدون الإيحاء به، أي إن ترويج الانحراف لا يعني نمو المرأة ومعنوياتها ومواهبها إطلاقاً، وليس هذا وحسب بل إن إلهاء المرأة بالأمور الثانوية -أعني أدوات وموديلات الزينة المختلفة والمشاكل الثانوية المتنوعة التي لها علاقة بهذه الأمور-يمنع حركة النساء نحو الكمال والرقي.
وفي النظام الإسلامي فإن الحدود المرسومة- والتي تتلاءم مع الفطرة البشرية للمرأة والرجل علی حدِ سواء- تساعد على عدم استنزاف طاقاتهم وتساعد قدر الإمکان علی استخدام هذه الطاقات في مکانها الصحيح؛ وعندها تکون النتيجة النمو الفكري والعلمي والعملي في المجتمع النسوي وهذا ما نلاحظه اليوم. هذه هي النقطة الأولى. إن ما يقال -ولا يزال البعض طبعاً يرددون ذلك بکلّ جهل- من أنه: هل يمكن أن ينمو المجتمع النسوي برعاية الحجاب والحدود الإسلامية والشرعية، وماذا سيكون شأن قضية المرأة في النظام الإسلامي؟ هذا جوابه العملي هو نفس وجود هذه المجموعة العظيمة من النساء النخبة في مجتمعنا وهي ظاهرة لم يشهدها بلدنا أبداً؛ ولم تكن في الفترة الطاغوتية أيضاً، ولا قبلها حيث كان وضع التربية والتعليم منحطاً من جهة أخرى، وقد توفرت في النظام الإسلامي والحمد لله. طبعاً النسبة العالية للناجحات في الجامعات وما شابهها تأتي بالدرجة الثانية؛ الدرجة الأولى من هذه القضية هي أن مجموعة النساء النخبة تمكنت من التألق في القطاعات المتنوعة لنظام الجمهورية الإسلامية.
إن الذين يعملون في مجالات قضايا النساء ويفكرون ويشاهدون النواقص، يجب أن لا يروا سبل حلها في التصرف في أحكام الفقه الإسلامي:
النقطة الأخرى هي إننا نلاحظ في بلدنا أن عدداً من الناشطين والناشطات يحاولون التنسيق مع المجتمعات الدولية الناشطة في مجال المرأة، ثم يحاولون المسّ بالأحكام الإسلامية والتلاعب بها؛ و هذا غير صحيح. أنا لا أريد أن أقول إن ما جاء في فقهنا حول أحكام النساء، هو غاية القول؛ لا، من الممكن للدراسة التي يقوم بها فقيه ماهر بارع في مجال ما، تغيير الحكم الفقهي الفلاني المتعلق بالمرأة؛ وهذا صحيح؛ وممكن أيضاً. فيما يتعلق بإرث المرأة من الأرض والأموال غير المنقولة -والتي أشارت إليها السيدة- فإن الرأي الفقهي لعدد من كبار الفقهاء القدامى ورأينا الفقهي أيضاً هو أن بإمكان الزوجة بلا شك الحصول على الإرث من ثمن الأرض. ولا مانع في ذلك. لذلك فيما يتعلق بالقضايا الفقهية يمكننا القول بأنها ستتغير؛ لكن ما يجب القيام به في مجال القضايا الفقهية هو العمل الفقهي بواسطة الفقيه الماهر المتبحر في الأصول الفقهية إلى جانب النظر إلى المنهج الفقهي وأساليب البحث الفقهي؛ لا أن يعتمد أحد على ذوقه الشخصي تنسيقاً مع إحدى المعاهدات الدولية أو إحدى المجتمعات العالمية -والتي يختلف أصحابها من الناحية الفكرية عن جماهير هذه البلاد التي تعتقد بالمبادئ الإسلامية على الإطلاق- وأن يأخذ من الأحكام الإسلامية ما يريد ويترك ما لا يريد؛ هذا خطأ تماماً؛ ولا يمكن الدفاع عنه على الإطلاق. مما لا شك فيه أن هذا هو ما جاء في الأحكام الإسلامية والفقه الإسلامي وفقاً للمصلحة وهو صحيح؛ وسيتضح هذا عن طريق الدقة في مختلف الجوانب.
أيتها الأخوات العزيزات، إن الذين يعملون في مجالات قضايا النساء ويفكرون ويشاهدون النواقص، يجب أن لا يروا سبل حلها في التصرف في أحكام الفقه الإسلامي؛ كلّا، إن الأحكام الفقهية التي تم استنباطها بالبحث وفقاً للمبادئ الإسلامية صحيحة تماماً ومطابقة للمصلحة. ولا ينبغي علينا أن نتصرف في أفكارنا وفقهنا بنظرة سطحية وبخوف ولخشية عدم مطابقتها مع ما يصدر من قرارات في بعض المحافل العالمية والمؤتمرات الدولية وهذا برأيي غير صحيح.
دور المرأة كعضوة في الأسرة:
النقطة الأخرى التي تكررت في أحاديث الأخوات أيضاً، هي أن ما يكون في قمـّة الأولويات في مجال قضايا المرأة هو قضية الأسرة؛ أعني دور المرأة كعضوة في العائلة. أهمية هذا الدور في اعتقادي أكبر من جميع الأدوار التي يمكن للمرأة ممارستها. طبعاً، البعض يندد بهذا الحديث في المرحلة الأولى بکل قوة ويقول: سيدي أنتم تريدون حبس المرأة في البيت، ومنعها من المساهمة والنشاط في مجالات الحياة المختلفة؛ كلاّ، نحن لا نقصد هذا على الإطلاق؛ ولا الإسلام يريد ذلك أبداً. عندما يقول الإسلام: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» فهذا يعني إن المؤمنين والمؤمنات شركاء في الحفاظ على النظام الاجتماعي وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولم يستثن المرأة. ونحن أيضاً لا نستطيع أن نستثني المرأة. إن مسؤولية إدارة المجتمع الإسلامي وتقدمه تقع على عاتق الجميع؛ أعني على عاتق المرأة والرجل؛ كل منهما حسب قدراته. إن القضية لا تدور حول إمكانية مسؤولية المرأة خارج البيت -ولا شك في ذلك؛ والإسلام لا ينفي ذلک أبداً- بل إن البحث يدور حول هذا السؤال: هل يحق للمرأة التضحية بدورها في الأسرة؟ كدور الأم أو الزوجة، وذلك بسبب المغريات والأشياء الرائعة التي يمكن أن تُصور لها خارج الأسرة. إننا نؤكد على هذا الدور. أنا أقول بأن أهم دور يمكن أن تمارسه المرأة على مختلف مستوياتها العلمية والدراسية والمعرفية هو دورها كأم أو كزوجة؛ هذا الشيء أهم من كل أعمالها الأخرى؛ هذا هو العمل الذي لا يمكن أن يقوم به أحد إلّا المرأة. افترض أن لهذه المرأة مسؤولية مهمة أخرى -فلتكن- لكن عليها أن تعتبر هذه المسؤولية مسؤوليتها الرئيسية. إن بقاء الجنس البشري ونموه وسمو مواهب الإنسان الكامنة يتوقف علی ذلك؛ وعليه المعوَّل في الحفاظ على السلامة النفسية للمجتمع والسكينة والهدوء والطمأنينة إزاء حالات القلق والتوتر والاضطراب؛ علينا أن لا ننسى هذا الأمر.
وليس من المناسب أن تقلد المرأة عمل الرجل؛ لا، للمرأة عمل نسائي قيمته أكبر من أي عمل يقوم به الرجل. واليوم فإن الأيادي المشبوهة جداً تعمل علی إشاعة الصيحات المناهضة للقيم في العالم وهذا ما يمكن ملاحظته في کل مکان -وحتى في بلدنا مع الأسف- فهم يريدون إغراء المرأة بأن تتحول إلى رجل! ويعتبرون ذلك يحط ّ من شأن المرأة بأن لا تقوم ببعض الأعمال التي يقوم بها الرجال! وهل هذا يحطّ ّ من شأنها فعلاً؟ النظرة إلی هذه القضية من هذه الزاوية نظرة خاطئة. إنهم يعترضون لماذا أنتم تقولون بأن المرأة امرأة والرجل رجل. طيب، أفليس الأمر هكذا؟ أنتم تحبون أن نقول بأن المرأة رجل؛ وعندها تكون رجلاً مصطنعاً ونسخة غير حقيقية عن الرجل! وهل هذا فخر للمرأة؟ الفخر للمرأة هو أن تكون امرأة؛ أعني امرأة وأنثى كاملة. وعندما ننظر من زاوية القيم السامية فإن هذه القيمة -أي المرأة الكاملة- لا تقل عن الرجل الكامل، بل إنها تفوق الرجل الكامل في بعض الأحيان. لماذا نتخلى عن هذا؟
طبعاً هناك مسؤوليات مشتركة. كما سبق أن قلنا، مسؤولية التواجد في المجتمع وتفهم آلامه العامة والسعي لحل هذه الآلام لا تختص بالرجل والمرأة؛ ولا يمكن للنساء التخلي عن مسؤولياتهن بهذا الشأن. إذا يجب على المرأة أن تقوم بعمل في هذا المجال، فعليها أن تفعل -وبلا أية حدود- لكن مسؤولياتها الخاصة أعني ذلك العمل الذي كلف الله تعالى المرأة به حسب طبيعتها يعتبر مهمة أيضاً.
على أي حال أنتم من النساء النخبة في البلد؛ سواء من هنّ في بداية العمل والطريق كطالبات الجامعات أو من هنّ في المراحل الأولى من العمل، أو من مضى عليهن زمن طويل في السعي والعمل، اعلمن أن مسؤوليات نساء بلدنا اليوم هي مسؤوليات عظيمة. المسؤولية المضاعفة التي تقع اليوم على عاتقکنّ، هي تصحيح النظرة الخاطئة لقضية المرأة والرجل. النظرة التي يحاول العالم الغربي الإيحاء بها في قضية المرأة والرجل نظرة خاطئة وباطلة، وستؤدي إلى ضياع الكثير من القيم في المجتمع البشري، وهو ما تلاحظ الآن بوادره، خاصة في مجتمعنا. عليكن تصحيح هذه النظرة. طبعاً علينا أن نقول بأن الشعارات واختلاقات العقل الغربي حول المرأة لم تستطع الحدّ من أي ظلم كان يلحق ولا يزال يلحق بالنساء داخل الأسرة و خارجها على مدى التاريخ. لو افترضنا أن من الممكن الحد مما تعانية النساء من الظلم في بعض المجتمعات -وهو ظلم له أسبابه الطبيعية والاضطرارية- فإن ذلك يحدث في ظل التزام الرجال بالأخلاق والقانون وتهذيبهم. لكن ليس هناك اليوم أثر لهذا في الغرب على الإطلاق. تدل إحصائياتهم على أن إيذاء النساء والضغوط البدنية المتنوعة عليهن وإيذائهن نفسياً، يفوق بكثير ما تعانيه النساء في بلدنا والأماكن التي نعلم بها. لذلك لم يتمكّنوا من الحيلولة دون هذه المشكلة، بل في الوقت ذاته کانوا السبب في وقوع هذا الكم الهائل من الويلات.
علينا أن نتحلى بنظرة شاملة في قضية المرأة وتوجد مثل هذه النظرة الشاملة في الإسلام. قضية إعطاء القيمة لأصالة المرأة وأنوثتها، تمثّل قيمة سامية بالنسبة لها؛ وتعد مبدأً. إن تشبّه المرأة بالرجال لا يعتبر قيمة لها على الإطلاق؛ كما أن تشبّه الرجال بالنساء لا يعتبر قيمة لهم. لكل واحد منهما دوره، وموقعه ومكانته وطبيعته، كما أن هناك هدفاً من وضعهما الخاص في الخلقة الإلهية الحكيمة والذي يجب تحقيقه؛ هذه قضية مهمة.
وإن بإمكانكن أيتها السيدات ممارسة دوركن في هذا المجال؛ وبوسعكن البحث والكتابة والنشر وتحقيق ذلك أيضاً على الصعيد العملي. طبعاً قلت مراراً وأقول الآن أيضاً: للأسف هناك ظلم في مجتمعاتنا -أعني المجتمعات الإسلامية ومجتمعنا الإيراني- کذلك الذي في المجتمعات الغربية في العلاقات العائلية بين المرأة والرجل؛ يجب الحيلولة دون وقوع هذا الأمر. إن النصيحة قد تفيد أحياناً وقد لا تفيد أحياناً، ويجب الحد من ذلك بقوة القانون. إن النساء يتعرضن للظلم. والرجل يستغل ما لديه من القوة البدنية ومميزاته الأخرى في بعض الأحيان لممارسة الضغط على المرأة؛ فيجب الحيلولة دون هذا الشيء. ويمكن هذا عن طريق القانون؛ طبعاً كما قلنا، فإن هذا ممكن عن طريق تحلي الرجال بالأخلاق والتهذيب.
وتبيين صورة العلاقة بين الرجل والمرأة في الأخلاق والقانون الإسلاميين يعتبر من المواضيع التي ينبغي التركيز عليها في رأينا. قد يکون البعض ملتزمين بدينهم، لكنهم بسبب عدم تعرفهم الصحيح على المفاهيم الإسلامية وأخلاقيات التعامل بين المرأة والرجل في الإسلام، فإن التزامهم هذا لا يقلل من أخطائهم ولا يخفف من تحكمهم وفرض ضغوطهم؛ لا بل إنهم يجمعون بين التدين وحب التحكم وممارسة الضغط وهذا ما ينبغي تصحيحه. ينبغي أخذ الأخلاق الإسلامية بنظر الاعتبار في التعامل بين الرجل والمرأة خاصة داخل الأسرة. طبعاً قضية الحجاب مهمة جداً. وأنا أعتبر قضية الحجاب في غاية الأهمية. وتبرز أهميتها في بعض المواقع بأشكال غير مباشرة، ومن هذه المواقع موقع الأسرة.
على كل حال نحن سعيدون جداً للقائكن اليوم. ونشكر الله على وجود هذا العدد الهائل من الأخوات الصالحات اللاتي تميزن جميعهن بالنشاط والتفكير والعمل في هذه المجالات. ونسأل الله أن يمنَّ عليكن بالمزيد من التوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الإمام الخامنئي لدى استقباله حشداً من النساء النخبة في أعتاب ذکری ميلاد الزهراء 04/07/2007
المصدر: الموقع الإعلامي لمكتب حفظ ونشر آثار سماحة القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله).
اترك تعليق