مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

باحثة مصرية ضمن تصنيف كمبريدج لأفضل 100 عالم

باحثة مصرية ضمن تصنيف كمبريدج لأفضل 100 عالم هبة عبد الرحمن الصباغ: "أتمنى إنشاء جامعات عربية للسيدات تراعي احتياجات

 من بين أفضل مائة عالم، طبقًا لتصنيف كمبريدج عام 2012 IPC في بريطانيا، كانت الدكتورة «هبة عبدالرحمن الصباغ»، أستاذ علم المواد في المركز القومي المصري لبحوث الإسكان، والحاصلة على جائزة إسحاق نيوتن العالمية في مجال المواد العام الماضي.
حاورتها «العربي العلمي»، للتعرف على مشوارها العلمي الحافل بأكثر من 20 براءة اختراع مسجلة عالميًّا لخدمة المجتمع العربي.
• بداية حدثينا عن مشوارك العلمي وإنجازاتك العلمية في مجال علم المواد؟
-
سجلت خلال مشواري العلمي، الممتد لأكثر من 15 عامًا، ما يقرب من 25 براءة اختراع، معظمها عن المواد المُركبة التي تستخدم في تطبيقات عديدة، منها وحدة صناعية لتدوير مخلفات صناعة الرخام والجرانيت.
وابتكرت طريقة لمعالجة المواد النانومترية والأسطح باستخدام أشعة الليزر، وحصُلت من خلال هذه البراءة على العديد من الجوائز بعد تحسين الخواص الميكانيكية والطبيعية للمواد النانومترية التي تُستخدم في العديد من التطبيقات الطبية للقضاء على الأورام السرطانية.
هناك العديد من الاختراعات صنعت لها نماذج صناعية، وبدأت في تسويقها؛ منها إنشاء وحدة لمعالجة مخلفات الرخام والجرانيت، وتصنيع مادة من هذه المخلفات واختبار خواصها.
وأقوم حاليًا بالتسويق لجهاز لتنقية المياه باستخدام الليزر على مرحلتين: الأولى يتحول فيها الماء إلى بخار باستخدام أشعة الليزر تحت الحمراء ليتكثف على سطح مصقول ويتجمع في مجرى نصف أسطواني مزود بصمام تحكم، والثانية يتعرض من خلالها تيار الماء لشعاع الليزر فيتخلص من المواد الصلبة العالقة والأملاح ويُطهر من البكتريا والمواد العضوية.
يتميز الجهاز بأن مستلزمات صيانته بسيطة، ولا يسبب أي تغيير في لون أو طعم المياه، بجانب سهولة التحكم الآلي وإمكان تركيبه على صنبور المياه مباشرة كمرحلة نهائية لتنقيتها وتطهيرها لتجنب مشكلات تلوث المواسير وشبكات التوزيع. والمياه الناتجة تصلح للشرب وللأغراض الطبية والصناعية والمعملية الدقيقة.
يمكن التحكم في معدلات سريان المياه لتوفير الزمن اللازم لتطهير المياه عن طريق وجود صمام مزود بحساس سرعة للتحكم في معدل سريان المياه المجمعة من المرحلة الأولى، وذلك لضمان تعرضها لأشعة الليزر ذات الأطوال فوق البنفسجية للفترة الضرورية لضمان القضاء على البكتريا الضارة والميكروبات.
وتُعتبر عملية تطهير المياه بمنزلة العملية النهائية اللازمة لتحضير مياه الشرب، ولمعالجة مياه الصرف الصحي قبل طرحها إلى المجتمعات المائية الطبيعية أو استخدامها للأغراض المختلفة.
تجري عمليات التطهير عادة على المياه الخاضعة لأطوار المعالجة الأولية المتضمنة لعمليات التخثير والترويق وإزالة اللون، إضافة إلى الترسيب والترشيح، حيث تزال خلال هذه المعالجة الجزيئات التي يمكن أن تحتجز البكتريا والفيروسات بشكل مميز على سطوحها أو في مداخلها بعيدًا عن تأثير وسائل التطهير.
ويمكن من خلال الجهاز إزالة المواد غير المرغوبة في المياه بواسطة البخر والتكثيف، وحماية متواصلة للمياه من التلوث في شبكات التوزيع، وتعقيم فعال وعاجل في حال حصول تلوث طارئ، وتنقية وتطهير مياه الشرب في الأماكن التي تعاني شبكات التوزيع بها وجود عوالق أو رواسب تحول دون وصول المياه سليمة إليها.
كما يساعد الجهاز على تخليص المياه الجوفية ومياه الآبار والمستنقعات والمياه المالحة من العوالق والرواسب والأملاح، وتطهير المياه الملوثة بالبكتريا والكائنات العضوية الضارة.
• أشرفت على العديد من الرسائل العلمية في مجال إدارة الأزمات.. ما تقييمك لمنظومة إدارة الأزمة في الوطن العربي؟
-
إدارة الأزمات في الوطن العربي تحتاج إلى استخدام منهجية علمية في التعامل مع الأزمة أو الكارثة، ولا تلجأ معظم النظم العربية لهذه المنهجية رغم لجوء العديد من دول العالم لاستخدامها في التعامل مع المواقف المختلفة. وتهدف هذه المؤسسات العالمية إلى منع حدوث الأزمة وليس التعامل معها عقب وقوعها، بالإضافة إلى وجود إستراتيجية عالمية للتعامل مع الأزمات والكوارث -مثل الحرائق والزلازل والسيول- بأسلوب علمي منظم، يمكن من خلاله تحويل هذه الأزمات إلى منفعة؛ مثلاً إذا كانت دولة ما تعاني السيول، فيمكن تحويل مجرى السيل والاستفادة من المياه.
• ماذا عن إدارة الموارد الطبيعية في الوطن العربي في تقييمك؟
-
في الوطن العربي تتوافر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ لوقوعنا في منطقة الحزام الشمسي، وبدأت بعض الدول العربية في استغلال الطاقات الجديدة والمتجددة وترشيد استهلاك الطاقات الأخرى -مثل ليبيا والأردن- ونتمنى أن تتجه جميع الدول العربية لاستغلال الطاقة النظيفة لحل مشكلة الطاقة المقبل عليها العديد من دول العالم خلال سنوات.
لدينا إهدار كبير في المخلفات الصناعية ونواتج العمليات الصناعية، دون استغلالها بالشكل الذي يدر عوائد اقتصادية مربحة ويسهم في تحسين البيئة المحيطة.
• من واقع الاحتكاك العملي، ما التحديات التي تواجه الباحث العلمي في الوطن العربي؟
-
ضعف الموارد هو التحدي الرئيسي لأي باحث أو مخترع علمي، في ظل غياب تمويل الاختراع داخل البلدان العربية مقارنة بدول العالم المتقدم، التي تتبنى أفكار المخترعين من خلال جهات تمويل تدعم الاختراع حتى يرى النور كمنتج نهائي يصل للأسواق التجارية، إلا أن المخترع العربي يُسوق ويُمول اختراعاته بنفسه.
ويُشكل سوء الأحوال الاقتصادية، التي تمر بها بعض بلدان الربيع العربي، عبئًا آخر على الباحثين في استكمال دعم أبحاثهم وتسويق براءات اختراعاتهم. بجانب سوء استغلالنا للإمكانات المعملية في بعض البلدان العربية ومنها مصر، في ظل غياب التنسيق بين المعاهد والمراكز البحثية المختلفة.
وتتعامل المجتمعات العربية مع البحث العلمي كأنه مصدر إنفاق وليس مصدر دخل؛ بعكس الدول المتقدمة التي تستفيد من الأبحاث العلمية بتسويقها في المجالات الصناعية، بما يُدر عائدًا للدخل القومي وميزانية الدولة، مع توافر إدارة جيدة لمنظومة البحث العلمي تفتقر إليها معظم الدول العربية.
يواجه الباحث العربي انعدام الخبرة العملية للتطبيق النظري للعلوم على أرض الواقع، ويرجع ذلك لمنظومة التعليم العربي التي تعاني الخلل.
• باعتبارك باحثة علمية... ما التحديات التي تواجه المرأة في مجال البحث العلمي؟
-
شاهدت بنفسي جامعة في كوريا الجنوبية -هي جامعة «أيوا فور وومن» للسيدات فقط؛ كمثال على عناية الدولة واهتمامها باحتياجات السيدات الباحثات- حيث توفر الجامعة سكنًا، ودور حضانة للأطفال، وإمكانات تساعدها على استكمال مشوارها العلمي.
وأتمنى أن تتبنى الدول العربية هذه التجربة ببناء جامعات للسيدات، أو وضع بعض الخدمات المساعدة للباحثات كتوفير مسكن للباحثات المغتربات، أو اختيار جداول زمنية تتيح لهن الوقت لممارسة مهامهن المنزلية بجانب عملهن؛ لتوفير وقتهن وجهدهن للبحث العلمي.


المصدر: مجلة العربي العلمي، العدد: 17.

التعليقات (0)

اترك تعليق