مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أكتب إليكِ يا أمي هذه الوصية ويعجز القلم عن الكتابة والعقل عن التفكير

وصية الشهيد ذو الفقار حسين العفي: أكتب إليكِ يا أمي هذه الوصية ويعجز القلم عن الكتابة والعقل عن التفكير

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين نبينا وسيدنا أبي القاسم محمد(ص) وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد، فقد صممت على المسير على الدرب الذي خطّه بدمائه سيدنا ومولانا أبي عبد الله الحسين(ع) لتكملة إزالة الشرك وأعدائه لينتشر دين الله على الأرض، ويجب علينا جميعاً أن نبذل دماءنا وكل ما بوسعنا أن نفعله ضد الباطل والطغيان.

وصيتي إلى أهلي وإخوتي وأخواتي: ليس في هذه الوصية مال أو قطعة أرض أو أرزاق أوصي بها وإنما هي كلمات تبقى في مسامعكم إلى ما شاء الله.
وصيتي إلى أمي الحبيبة: أكتب إليكِ يا أمي هذه الوصية ويعجز القلم عن الكتابة والعقل عن التفكير، أأتحدث عن حبكِ وعطفكِ عليّ، أو أتحدث عن عذابكِ لأجلي؟!
تختنق العبرة يا أمي والعين تدمع والقلب يحزن ولا أستطيع أن أفعل شيئاً إلاّ أن أقول لكِ: سامحيني يا أمي، أرجو منكِ يا أمي أن تسامحيني، أطلب منكِ يا أمي هذا الطلب وهو إذا قضيت يا أمي فلا تبكي عليّ، لأنك إذا بكيت عليّ تشمتين بك الأعداء، وكوني كزينب الكبرى(ع) عندما استشهد أخوها  الحسين(ع) فأخذ الأعداء ينظرون إليها بشماتة عندها وضعت يدها اليسرى تحت ظهر الحسين(ع) ثم رفعت يدها اليمنى نحو السماء قائلةً: "اللهم تقبّل منا هذا القربان"([1])، ومن هذا الموقف أخذ جيش يزيد وعمر بن سعد عليهم لعائن الله يرتجف، وفي موقفك هذا يا أمي أيضاً تسحقين الأعداء، وإذا قضيت يا أمي وبقيت جثتي عند الأعداء فلا تحزني، فجثة أبي عبد الله الحسين(ع) بقيت ثلاثة أيام تحت أشعة الشمس، وإذا حضرت جثتي فتقدمي أمام الملأ وقولي بأعلى صوتك: أنا عندي عريس فهنئوني به.
أمي: أنا لا أريد أن أكسر قلبكِ، فأنا أعرف أن قلبكِ ضعيف جداً، فأقول لك ثالثاً سامحيني فأنا ماضٍ بالدرب الذي رسمه لنا الحسين(ع) بدمائه، وأيضاً أنا ماضٍ بدرب روح الله (قده) الذي بقي طوال حياته يجاهد وهو ينتقل من سجن إلى سجن ومن منفى إلى منفى حتى انتصر على الأعداء وأسس الجمهورية الإسلامية.

أوصيكِ يا أمي بالصبر، لأن "الصبر مفتاح الفرج"([2])، وأيضاً: "الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد"([3])، فمن لا صبر له لا إيمان له، وأوصيك يا أمي بالصلاة والدعاء والالتزام الكامل وأطلب منكِ يا أمي أن تعملي قصارى جهدكِ في خدمة الله سبحانه وتعالى، والسلام عليكِ يا أمي ورحمة الله وبركاته.

"إن هذه الوصايا تهز الإنسان وتوقظه" الإمام الراحل (قده).

وصية الشهيد ذو الفقار حسين عباس العفي.

البقاع 13/11/91



الهوامش:

([1]) القرشي، باقر شريف: حياة الإمام الحسين C. ط1، النجف الأشرف. (1395هـ - 1975م). ج2. ص301.

([2]) ابن أبي الحديد؛ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم: شرح نهج البلاغة. (د.ط)، مؤسسة إسماعيليان، (د.م) (د.ت). ج2. ص307.

([3]) الشيخ الكليني: الكافي. ط4، دار الكتب الإسلامية، طهران (1987م). ج2. ص87.
 
إعداد وتحرير موقع ممهدات بالاستفادة من موقع إرث الشهادة.

التعليقات (0)

اترك تعليق