خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في حشد من السيدات في الحوزات والجامعات_11-5-2013
أتقدم بالشكر الجزيل من السيّدات المحترمات والكريمات اللواتي نظمنَّ هذا اللقاء الجيد والمُثمر. لقد انتفعت واستفدت اليوم حقاً من كلمات السيدات، وشكرت الله لما يشهده الإنسان من عمق في بحوث، جهود وفكر السيّدات البارزات والمتميّزات في بلدنا، والحمد لله. المواضيع التي طرحتُنّها، كانت في أغلبها مواضيع جيدة. وسنضع إن شاء الله، المقترحات المُقدّمة قيد الدرس. أمّا المقدار المتعلق بي، والمُتوجب عليَّ متابعته، فسوف أتابعه إن شاء الله.
أشيعوا رأي الإسلام:
بالنسبة لقضية المرأة، وما يتعلق بها، هناك الكثير ليُقال، نحن نعاني من التخلف، ولقد أشرتم أنتم السيدات - بعض السيدات اللواتي تحدثنّ- إليه. والتخلف في هذا المجال، ليس من نوع التخلف في العلوم كأن نقول مثلاً بأننا متخلفون فيه وتعبيرنا عن التخلف هنا هو من باب، أنّ لدينا في مجال المرأة، جنس المرأة، والأمور التي تتحقق وتجدُ لها معنىً، بوجود المرأة كالعائلة والأولاد والزواج والسكن وما شابه، كلاماً هاماً لم نوفق في نقله وطرحه أمام العالم. فالتخلّف إذن من هذه الناحية. في حين أن العالم بحاجة إلى مبانٍ ومفاهيم واضحةٍ شاملةٍ ومُقدّمةٍ للحلول، وكما لاحظتنّ، فقد قالت بعض السيّدات، إننا حين نطرح تلك المفاهيم في العالم، فإنّها تحظى بالترحيب والإقبال. وقالت سيّدات أخريات، بأنّ الاكتشافات العلمية في مجال علم النفس، تؤيد أحكام الإسلام فيما يتعلق بالمرأة. حسناً فهذا جزء من قدرات النظام الفكري الإسلامي في هذه المسألة الحسّاسة، ولم نستطع نحن أن نُبيّن هذه القُدرات ونُعرّفها بالشكل الصحيح، وكذا الأمر في الكثير من الميادين والساحات الفكرية المتنوعة. لم نستطع حقاً نقل وجهات نظر الإسلام إلى العالم. وعندما نقول "لم نستطع" لا نقصد إدانة نظام الجمهورية الإسلامية، فالمقدار الذي أُنجز كان ببركة نظام الجمهورية الإسلامية، وببركة تغلغل فكر الثورة وفكر الإمام، إسم الثورة وإسم الإمام، الذي وبحمد الله، قد انتشر إلى حدٍ ما. لكن علينا القيام بأكثر من هذا، لأننا بحاجة إلى ذلك، وسوف أوضح ذلك أكثر، نحن، ومن أجل امتلاك جبهة "هجومية" - تشكيل هجومي- مصونةٍ من هجمات الآخرين، بحاجة إلى نشر هذه الأعمال، هذه الأفكار والآراء، وإعلامها، هذا ما نحتاجه حقيقةً. في الواقع إنّ لهجماتنا هذه جانب تحصيني وقائي، لذا، برأيي، كلما عملتم من أجل رفع هذا التخلف، فهو مفيد ولازم. في مجال هذه النهضة يجب القول إنّه في نهضة الصحوة وفي القضايا المتعلقة بالمرأة- يجب عدم الإهمال وعدم التوقف والتقاعس في منتصف الطريق. مع أننا نمتلك هذا الخطاب الكامل والمفيد والمقنع للإسلام، إلا أننا عملياً وضعنا أنفسنا في موضع الانفعال مقابل خطاب الغرب بخصوص المرأة.
خطاب الغرب، تقهقر وانحطاط:
خطاب الغرب حول المرأة، خطاب سياسيّ مدروس بدقة. بمعنى أنّه أُجريت محاسبات دقيقة، قبل بدء العمل بهذا الفكر وهذا الخطاب. بالطبع هذا ليس خبراً أنقله لكم، استناداً إلى معلومات ووثائق. لكن القرائن تؤيد هذا التحليل وتدعمه. فمع بداية عصر النهضة، وما تبعه من ظهور الصناعة الحديثة وانتشارها في الغرب، تنامي هذا الخطاب الغربي تدريجياً، ووصل إلى أوجه في عصرنا. لكن بالطبع، سيصاحب هذا "الأوج" انحطاطٌ وتنزّل، وإن شاء الله ذلّ وانهيار هذا الخطاب
ترجيل المرأة:
الأول: "تَرْجيل" المرأة، أي تشبُهها بالرجل، وهو جزء مهم من هذا الخطاب. والآخر، أن تصبح المرأة وسيلة سهلة لتلذّذ الرجل جنسياً. سواء أكان تلذّذاً بصرياً (أي بالنظر)، وما يلي ذلك من مراحل أسوأ وأبعد من التلذّذ البصري، وهذا جزء آخر من خطاب الغرب بخصوص المرأة. أما مسألة الـ"فمينيسم" (الدفاع عن حقوق المرأة) وما شابه من الأمور الرائجة في عالمنا الحالي، هي في الواقع نتاج الخطاب الغربي ذاك (من إفرازاته)، والذي سيوصل الأمور إلى هنا في نهاية المطاف.
الهدف من "ترجيل المرأة"، دفعها للقيام بأعمال أكثر انسجاماً مع بنية الرجل الجسدية، العصبية والفكرية، وجعلُ ذلك افتخاراً وامتيازاً للمرأة. ونحن في المقابل انفعلنا، وخُدعنا وقبلنا عن جهل وعن غير التفات لهذا الخطاب. أنظروا كيف أنّنا نفتخر بوجود هذا العدد من النساء، في المراكز التنفيذية الفُلانية في البلاد. لا يخطئنّ أحد فهمي، فأنا لا إشكال عندي من وجود هؤلاء السيدات في تلك المناصب التنفيذية، أعني بأنني لا أعارض ذلك ولا أنفيه، ولا أجد فيه أيّة مشكلة لنفترض بأن وزير الصحة عندنا كان إمرأة، وكانت بعض السيّدات معاونات لرئيس الجمهورية، وتولينَّ مناصب أخرى في البلاد. ولا أرى إشكالاً في ذلك، إلا أن المشكلة تمكن في الافتخار والتباهي أمام العالم، أن انظروا كم سيدة لدينا في المراكز التنفيذية للبلاد!. هذا ما يسمى الانخداع والانفعال. لا حاجة للافتخار هنا.
سلبية النظرة الإنفعالية:
حسناً، فقد وُجدت سيدة تمتلك خصائص وقُدرات أهّلتها لهذا المنصب، هذا جيد، ولمَ لا؟! فهو ليس مخالفاً للقانون. لكن أن نُفاخر بأن لدينا هذا العدد من السيدات المسؤولات في المراكز التنفيذية، فهذا خطأ. لو أننا افتخرنا بوجود هذا العدد من السيدات المثقفات، المتعلّمات، فهذا جيد، وهذا في مكانه، إذا قُلنا بأن لدينا هذا العدد من السيدات المؤلفات والناشطات الثقافيات والسياسيّات، فلا إشكال في ذلك، وإذا قُلنا بأن لدينا هذا العدد من السيدات الاستشهاديات والمجاهدات في مختلف الميادين، فهذا جيد، لو قلنا بأن لدينا هذا العدد من النساء الفعّالات في المجالات السياسيّة والثورية، مذيعات وكاتبات، فهذا جيد، ومن الجيد أن نفخر بهنّ. لكن أن نفخر بأن لدينا هذا العدد من الوزيرات وهذا العدد من النواب والمعاونات في المراكز التنفيذية المختلفة، وهذا العدد من مديرات المؤسسات التجارية، فهذا خطأ، وهذا انفعال في مقابلهم. وهل تقرّر إحالة أعمال الرجال للنساء؟! لا، فمقام المرأة، هوية المرأة وشخصية المرأة، يكمن في جنس المرأة ذاتها- هويةٌ جدّ سامية ومكرّمة- وهي تتفوّق في بعض النواحي على الرجال. نجد أنّه في الإجمال لا فرق بين المرأة والرجل، ونجد أنّه من حيث الخلقة، ومن جهة الخصوصيات الطبيعيّة التي خلقها الله المتعال فيها، هناك بعض الامتيازات للمرأة وبعض الامتيازات للرجل، وقد وهب الله تعالى قدراً من الخصوصية لهذا الجنس وكذا للجنس الآخر. يمتلك هذا الجنس بعض المميزات والخصائص، وكذا الجنس الآخر، لذلك، ففي الأمور الإنسانية، لا فرق وتفاوت بينهما، كما لا فرق في الأمور التي جعلها الله للإنسان، لناحية الحقوق الإنسانية، والحقوق الاجتماعية ومن ناحية القيم المعنوية والسير التكاملي المعنوي. أي أنّ رجلاً يصبح كعلي بن أبي طالب عليه السلام ، وامرأة كالسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ، ورجل كعيسى عليه السلام وامرأة كمريم عليها السلام . لا فرق بين الاثنين. إذن هي نظرة صائبة، أن نعرف المرأة في إطار جنسها، كما هي، امرأة واقعية، أنثى. وأن نعرف أيّ قيم يمكن أن نُنميها ونُرقيها في هذا الفرد المنتمى لهذا الجنس، وذلك المجتمع (الجماعة) المنتمي لهذا الجنس هذه النظرة، هي نظرة صائبة علينا أن لا ننفعل أمام النظرة الغربية، لكن للأسف هذا ما أصابنا.
وسيلة للتلذذ:
بالنسبة للجزء الثاني، حيث جعلوا المرأة وسيلةً لتلذّذ الرجل جنسياً، هو ليس بالتلذّذ المعنوي والروحي ولا بالتلذّذ العلمي، إذ يمكن لشخصين الجلوس معاً فيستمتع أحدهما بحديث الآخر، بمعلوماته، لكن لا، فهذا ليس مطروحاً، الهدف (عندهم) هو أن يتمكن الرجل وبكل سهولة من التلذّذ جنسياً بالمرأة. وقد دخل هذا الأمر من الغرب كصفعة على وجه الدول غير المحصّنة وغير المسلحة بسلاح الإسلام، بما في ذلك بلادنا. ولحسن الحظ جاءت الثورة، وتمّ التصدي لهذا المدّ بشكل كبير، لكن يجب أن تصبح سداً في مواجهة هذا الخطر الداهم والبلاء العظيم. فالحجاب أحد مقدمات هذه المواجهة، وكذلك مسألة الثياب والزّي، ومسألة المعاشرة والاختلاط بين الرجل والمرأة ومعرفة حدودهما، أيضاً من مُقدمات مواجهة هذا البلاء العظيم، الذي هو بلاء للمرأة والرجل على السواء، وفيه بالطبع مسألة تحقير المرأة، دون الالتفات إلى ذلك.
الغرب الخائف:
يجري اليوم وبشكل متعمّد إثارة هذه القضايا، وأنا على إطلاع بذلك، فقد قرأت كتابات وصحف ومؤلفات لمفكرين غربيين، بدأوا يشعرون تدريجياً بالخوف والاندهاش من هذه الأوضاع، الحق معهم، لكنهم تأخروا في إدراك ذلك. لقد أثاروا مسألة الشهوة والتي ترتكز على موضوع المرأة، لكن نشاهد اليوم حدوث الأسوأ من ذلك، وهو موضوع "السُحاق" و"المثلية"، والزواج وتشكيل عائلة من زوجين مثليين، وما شاكل. أمور يبدو التحدّث عنها سهلاً، لكنها هاويات عظيمة، سحيقة وخطرة، حُفرت في طريق الحضارة وفي طريق من يُدير تلك الحضارة ويُسيّرُها. منزلق عجيب، سوف يقضي عليهم. إنهم في منتصف الطريق، منتصف المُنحدر، وبرأيي لم يعودوا قادرين على وقف الانزلاق فقد تخطت المشكلة مرحلة المعالجة.
لقد قرأت في صحف الدول الأجنبية منذ عدة سنوات، قبل حوالي سبع وعشر سنوات، أن الأمريكيين يبحثون عن كتب المؤلف الفلاني مثلاً، وذلك الروائي والقصصي الذي تتمحور كتاباته حول العائلة بغية تحويلها إلى فيلم سينمائي وما شابه. حسناً، لقد قاموا بشيء ما، وما زالوا يحاولون، بيد أن مساعيهم لا تساوي أكثر من جدولٍ مائيّ صغير، مقابل سيل عظيم صنعوه بأنفسهم، فابتلوا به ولسوف يبلوهم أكثر فأكثر.
نحن نملك نوعاً من الحصانة(التحصن) في هذه القضية، بسبب وجود الحجاب وبقية الضوابط، لكن يجب أن لا نستسهل الأمر وأن نأخذه على محمل الجد. ما أشارت إليه السيدات في هذا الإطار، وما قلن إنهن يعملن عليه، كقضية الانجذاب الجنسي وخطره على المرأة والرجل والمجتمع والعائلة. برأيي ينبغي النظر إليه بجد وأهمية اكبر.
الخطاب الهجومي:
حسناً، ذكرنا بأنّ خطاب الإسلام هو "المرأة الحقيقية". وكما أشرت ويجب أن نطرح هذا الخطاب بنحو"هجومي"، وأن لا يأخذ موقع الدفاع على الإطلاق. قالت بعض السيّدات إنّ الساعين وراء مواثيق المرأة والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة، يهددون بأنكم إذا فعلتم كذا وكذا، فسنصدر قراراً ضدكم. حسناً، فليفعلوا، للدرك الأسفل! يجب أن يُطرح الخطاب الإسلامي حول المرأة بشكل "هجومي"،(انتزاعي)، فإذا قالوا لمَ لا تسمحون للمرأة التجول دون حجاب؟ يجب القول: " لمَ تسمحون لهذا النوع من الحرية المُضرّة والمُرعبة الموجودة حالياً في الغرب؟! ما يجري اليوم حقيقةً، بخصوص عدم الاحتشام والحجاب في الغرب، يجعل الإنسان يُصاب بالدهشة والتساؤل عما سيفعلونه فيما بعد، وإلى أين هم سائرون؟ لا ريب وأنكم تملكون معلومات أكثر مني، لكنني أيضاً أملك معلومات كثيرة حول ما يجري في هذا المجال، وعلى شتى المستويات: من المستويات العليا إلى مستوى العمل والمعيشة المتعارف عليها في الحياة والمهنة وما إلى ذلك.
المرأة قدرات خلّاقة:
من خصوصيات المرأة المطروحة في هذا الخطاب: كرامة المرأة، عزّة المرأة، ظرافة المرأة، وليس فقط ظرافتها البنيوية، بل أيضاً ظرافتها الفكرية، العصبية والعملانية. فهذه الحزم البالغة الرقة للأطفال والأعصاب الظريفة جداً، لا يمكن إلّا لأنامل الأم الظريفة واللطيفة، أن تفصلها عن بعضها بحيث لا تتشابك وتتحول إلى عُقد، وما من أحد آخر يقدر على ذلك. أيّ لا يستطيع أي إنسان آخر غير جنس المرأة، القيام بذلك فهذا العمل هو عمل نسوي(انوثي). فبعض الأعمال ظريفة جداً إلى حدٍ تجعل الإنسان مندهشاً لهذه لقدرة الإلهية التي خلقت كل هذا الاقتدار مع هذه الظرافة في النساء. كنت أقول دائماً للأصدقاء والأقارب والنساء، وبعكس ما هو متداول، بأن المرأة هي الأقوى بين الجنسين، النساء أقوى من الرجال. بإمكان المرأة بالتدبير والدقة والظرافة أن تدير الرجل بيدها. ويستطيع الإنسان مشاهدة ذلك بالتجربة، ويمكنه إثباتها بالقياس الفكري والعقلي. هذه حقيقة. نعم هناك نساء عديمات التدبر فلا يستطعن القيام بذلك. لكن المرأة صاحبة التدبير بإمكانها ترويض الرجل لنفسها، مثلُها كمثلِ شخص يقوم بترويض الأسد البري، فيضع عليه اللجام ويمتطيه، وهذا لا يعني بأن الرجل أقوى جسدياً من الأسد، لكن معناه أنه استخدم قدراته المعنوية في ذلك. تمتلك المرأة هذه القدرة، لكن مع الظرافة، والظرافة التي أقصدها، ليست الظرافة الجسدية والتركيب الجسمي، إنما الظرافة في الفكر والتفكر والحكمة وجهاز اتخاذ القرارات التي أودعه الله فيها.
لذا، برأيي يجب أن يكون أساس العمل على هذا الشكل، يحب تعزيز هذا الخطاب والسير به قُدماً.
مسألتان مهمتان:
الأمر الثاني الذي ذكرناه، يتعلق بالقضايا الحالية للمرأة، باعتقادي أن هناك مسألتين أهم من غيرهما، بل الأولى القول: أنهما عاجلتان أكثر من غيرهما، الأولى: مسألة إعطاء أهمية واعتبار أكبر للمنزل والعائلة. أي أن يكون للمنزل شأن أكبر، إذ لا يمكن تصور إنسان دون منزل، دون مسكنٍ ومأوى، فكل إنسان يحتاج إلى المنزل، وإلى بيئة المنزل، والعائلة عبارة عن روح المنزل. ويجب الاهتمام بها، والتفكر والتدبر في أمرها. المسألة الثانية: الحيلولة دون ضعف المرأة وظلمها وفي مختلف المستويات، لدينا في بلادنا نساء ضعيفات، محرومات، نساء مظلومات مقهورات، يجب الحؤول دون هذا الظلم الواقع. ويجب وضع قوانين مهمة، ولا بد من وجود خُلقيات لازمة، وآداب وأعراف ينبغي أن تتحقق في شتّى المستويات، لحماية المرأة من التعرض للاضطهاد في الأمور التالية: المعاشرة، الجنس، الثقافة والفكر. أي من الأمور الشخصية والخصوصية جداً كالجنس، الذي يمكن أن تضطهد المرأة فيه، إلى المسائل العامة، كالمعاشرة والعائلة، ففي مسألة العائلة: الاحترام من قبل الزوج، من الأبناء، من الأب ومن الأخ، فإذا كانت المرأة محترمة ومُكرّمة في محيط العائلة، فإن جزءاً مهماً من مشاكل المجتمع سيُحل. يجب أن نجعل الأبناء يُقبّلون يد الأم. وهذا ما يصبو إليه الإسلام، أن تكون العائلات أكثر تديُناً وأخلاقاً وقُرباً من المفاهيم الدينية. أن تكون العلاقة بين الأبناء والأم تكريمية. وهذا لا يتنافى أبداً مع العلاقات العاطفية والحميمة بين الأم والأبناء.
الغرب المتوحّش:
يجب أن يكون هذا الاحترام قائماً. أن تكون المرأة محترمة في عائلتها. هكذا يكون رفع الظلم عنها. ولو افترضنا أنه في عائلة ما ومنزلٍ ما، يهين الرجل زوجته بشتى أنواع الإهانات، من الإهانات السلوكية إلى الإهانات اللغوية، فالإهانات العُنفية باستخدام اليدين، والتي للأسف ما تزال موجودة في بعض مناطق البلاد، ويجب أن لا تكون موجودة أساساً. وبالطبع هي موجودة في المجتمعات الغربية، وبشكل كبير. وهذا ليس بخلاف المتوقع، فالغربيون لاسيما الأوروبيّون هم (وحشيون) عنيفون، حتى لو تمظهروا بالأناقة، ووضعوا "الكرافات" والعطور، إلا أنهم ما زالوا يحملون ذات الباطن العنيف(المتوحش) الذي اتصفوا به عبر التاريخ. فهم يقتلون بكل سهولة، ويرتكبون الجرائم بدم بارد.
لذا فإن (عادة) ضرب المرأة في المنزل من قبل الأوروبيين، ومن قبل الأمريكيين من بعدهم ليس بالأمر المُستبعد. لكن يجب عدم تصور وجود ذلك في البيئة الإسلامية، والذي هو وللأسف موجود. وبالتالي فهاتين النقطتين أساسيّتين، وبرأيي مهما عملنا ووضعنا برامج في هذا المجال فهو مناسب وجدير.
أمور تشغل البال:
بعد هاتين النقطتين، يوجد مسائل مهمة أخرى: مسألة الزواج والنجاة من العزوبية، فيجب إحصاء عقبات الزواج، الأمر الذي أشارت إليه السيدات اللواتي ينْشطن في هذا المجال، وأنا راضٍ جداً، لأنّه وبحمد الله يجري الخوض بهذه المسائل، مسألة الستر، مسألة المعاشرة، فنحن بحاجة للقيام بعمل أساسيّ في هذا المجال، مسألة الحماية المالية والحقوقية للنساء المحرومات والمظلومات، وكانت المحاكم من الأمور التي تشغل بالي، وقد أشارت السيدة "خُراساني رضوي" إلى أنّه يتم العمل على ذلك في المحاكم، أتمنى حقاً أن يتحقق ذلك بشكل عملاني.
ومن الأمور الأخرى التي تشغل بالي وتقلقني، أن لا تمتلك هؤلاء السيدات القدرة في الدفاع عن أنفسهن في المحاكم وأمام القضاء، أن لا يمتلكن المال الكافي لتعيين المحامين الجيدين، وأن لا يتمكنَّ من الدفاع بأنفسهنّ عن أنفسهنّ، فيقع الظّلم عليهنّ. فهذه من جملة الأمور المهمة التي يجب متابعتها.
مسألة عمل المرأة، حدود هذا العمل، نوع هذا العمل، كيفيّة هذا العمل وما تحدثنا عنه في مجال حرية العمل فهذه من الأمور التي يجب القيام بها، لكن الأولوية للمسألتين اللتين تحدثت عنهما في البداية.
شؤون المرأة: نحو عملٍ جامع:
من الأمور الأخرى التي تشغل بالي أيضاً، وجود كلّ هذه الأنشطة المتنوعة في مجال المرأة وقضية المرأة في البلاد من القضايا الحقوقية والقانونية والفقهية إلى القضايا الاجتماعية والتنفيذية، إلى العاطفية، وكل المواضيع المطروحة في مجال المرأة يجب أن تتخذ شكلاً تنظيمياً، وهندسيّاً عاماً. بعض التقارير التي وصلتني، وبعض ما قيل هنا، يشير إلى أنّه، قد طُرحت بعض الأفكار في هذا المجال، لكن وباعتقادي يجب أن يكون العمل جامعاً في هذا المجال. أن نتصور ونرسم لجميع قضايا وشؤون المرأة، شكلاً تنظيمياً وهندسياً صحيحاً. وأن يُؤسس مركز متقدم وثابت، مع فريق مقتدرٍ وخطة بعيدة المدى فأنا لا أؤمن بالخطط القصيرة المدى في الأمور المهمة.
وبعدها يتم تعيين اللجان والمؤسسات المُلحقة والمناسبة وفي مختلف القطاعات. فيطلعوا على إنجازات بعضهم ويُنشئوا بنكاً للمعلومات. حيث أن هناك الكثير من الأعمال، ومن الممكن أن بعض السيدات المشاركات في هذا اللقاء غير مطلعات على أعمال وإنجازات بعضهنّ بعضاً. حسن، لدينا والحمد لله. هذا الكم من النساء العاقلات والنُخب، في مختلف المجالات، وبآراء مختلفة، فيجب الإفادة من هذه المجموعة العظيمة.
الحضور الفعّال:
نقطة أخرى أيضاً ولأن الوقت داهمنا وقد حان وقت الظهيرةـ فسأطرحها كآخر المواضيع. هي أن السيدات الفعّالات في جبهة الثورة، قمن بدور بارز في يومٍ من الأيام قبيل انتصار الثورة بقليل، وفي أوائل الثورة، وطوال الحرب المفروضة- فكان لهن حضور فعّال. فلا تدعوا حضور السيدات الفعّال في جبهة الثورة، يَخْفت، فالآخرون يحاولون في مواجهة الثورة ومعارضة الثورة، الإفادة من عنصر المرأة الفعّال. بينما للثورة عدد أكبر من النساء الفعّالات، البارزات، الكاتبات، والعالمات، وعلى السيّدات المِقدَامات، المفكرات، من أصحاب القلم والتأليف والخطابة، من اللواتي يُقدمنّ الأفكار، أن لا يدعن ساحة الثورة والدفاع عن الثورة خالياً. هذه نقطة وسأستكمل النقطة الأخيرة بهذه الجملة.
لإعلامٍ ملتزم:
من أجل تقدم وتطوّر ما عرضناه حول المرأة، وما سمعناه منكم، وما يُفكرُ فيه، يستوجب أن يكون لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون دور كبير. هم يستطيعون ذلك، تستطيع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، أن تقوم بعمل ثقافي تجعل فيه السيدات المؤمنات، الفعّالات، المجاهدات في سبيل الله، المحجبات، المتمتعات بخصائص المرأة المسلمة، محترمات ومُكرّمات في المجتمع. بينما يريد الآخرون حصول عكس ذلك، وللأسف فإن بعض البرامج في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون تصب في خانة أولئك الجماعات، ويجب العمل عكس ذلك، أعني أن تكون المؤسسة 100% في خدمة هذا الفكر.
على كل حال ما يمكن التفكير به وتصوّره كمحصلة لمجموعة الأعمال هو أننا والحمد لله حققنا تقدماً في قضايا المرأة في نظام الجمهورية الإسلامية، بيد أن هذا التقدم ليس مما يتناسب مع الاحتياجات والتوقعات والإمكانيات التي في الإسلام.. إذن، نحن نعاني من حالة تخلف، وسوف تتلافين أنتن أيتها السيدات هذا التخلف إن شاء الله على أحسن وجه.
ليحفظكن الله تعالى بحفظه وليزيد من توفيقاتكن، وسنتمكن إن شاء الله الاقتراب يوماً بعد يوم مما يريده الإسلام على هذا الصعيد.
المصدر: مشكاة النور، العدد: 60.
اترك تعليق