لماذا قد يكون من المفيد أن تنتقدي أولادك؟
لا بديل عن الصراحة والصدق لتربية أولاد متوازنين يتأقلمون مع التغيّرات الحياتية...
نرغب دوما كأهل في أن يتمتّع أبناؤنا بالكثير من الصفات الحسنة كالثقة بالنفس والقدرة على التأقلم. لذا، نكون أوّل من يحيطهم بالحب والدعم والمديح عند الحاجة، إلّا أنّنا نجد أحيانا صعوبة بالغة في انتقادهم من دون أن نصنّفهم في خانة الفاشلين أو نحطّ من قدرهم عندما يأتون بتصرّفات لا ترقى إلى مستوى توقعاتنا.
لذا يشرح لك أبرز الخبراء في مجال تربية الأطفال كيف يمكنك أن تنتقدي طفلك بطريقة سليمة من دون أن تزعزعي ثقته بنفسه...
الحاجة إلى النقد
غالبا ما نتردّد في توجيه النقد إلى أطفالنا، وقد يكون السبب في ذلك تعرّضنا الدائم للنقد اللاذع في صغرنا أو ربما خوفنا من أن نحطّم أحلام أطفالنا الواعدة، لكن اعلمي أنّك بتغاضيك عن عيوب طفلك، لن تتمكّني من مساعدته على أن يثق بنفسه. وترى سالي آن ماك كورماك، المختصّة في علم النفس ومؤسّسة موقع Parents Online، أنّ الأهل يعتقدون أحيانا أنّ انتقاد الطفل قد يزعزع ثقته بنفسه، إلّا أنّ هذا غير صحيح، لأنّ توجيه النقد المُنصف والبنّاء عند الضرورة مهم جدا، فهو يثبت لطفلك مدى اهتمامك به وحرصك على تصحيح أخطائه، كما يعلّمه اكتساب مهارات ودروس هامّة في الحياة، كأن يعرف معنى الفشل ويتجنّب الوقوع فيه مرّة أخرى، وأن يتقبّل النقد الذي يوجّهه إليه أستاذه أو المسؤول عنه ويجيد التعامل معه. وفي الواقع، عندما يتجنّب الأهل توجيه النقد إلى طفلهم، قد يظنّ هذا الأخير أنّ صمتهم هو دليل على خيبة أملهم فيه أو عدم اكتراثهم لأمره. وتوضح آنا كوين من عيادة Kids & Co المختصّة في علم النفس السريري، أنّ الأولاد يبذلون جهدا كبيرا ليلفتوا انتباه أهلهم سواء بطريقة إيجابية أم سلبية. وبالتالي، إن تمّ تجاهلهم فقد يشعرون بالإرباك والحيرة، فيبدأون بالتساءل "هل تتقبّلني أمّي؟"، "هل يشعر والدي بالأسف لأنّني لم أنجح في الإملاء؟"، والجدير بالذكر هو أن تراكم هذه الشكوك قد يؤدي إلى اعتياد الأطفال التفكير السلبي.
النقد الجارح
توضح آنا كوين أنّ ثقة الطفل بنفسه تنتج عن شعوره بالأمان وإحساسه بالانتماء، لا سيّما عندما يضع نصب عينيه هدفا واضحا ويؤمن بكفاءاته الذاتية. عند ذلك، من واجب الأهل أن يساعدوا طفلهم على تعزيز ثقته بنفسه من خلال الأسلوب الذي يستخدمونه معه. لذا، اعلمي أنّك تسيئين إلى العلاقة التي تجمعك بطفلك في كلّ مرة تهاجمينه فيها عوضا عن انتقاد سلوكه، وفي كلّ مرّة تهزأين فيها من تصرفاته غير مبالية بمشاعره، أو حتّى عندما تنهرينه وتبدأين بإصدار الأوامر مستخدمة عبارات جازمة مثل "لا يمكنك القيام بذلك على الإطلاق" و "لا بدّ لك من القيام بذلك" و "هذا ما تفعله على الدوام"، أو حتّى عندما تسيئين مقارنته بباقي الأطفال، لأنّك بذلك تدفعينه إلى الانعزال وعدم التواصل مع الآخرين. كما أنّك بانتقادك الدائم لطفلك، تفقدينه ثقته بقناعاته أو بقدرته على تدبّر أموره الشخصية، وقد يدخل في حوار داخلي سلبي مع نفسه. فإن كنت تردّدين على مسامعه بعض العبارات مثل "أنت غير كفؤ"، و "أنت مزعج"، و "أنت لا تجيد انتقاء خياراتك"، تأكدي أنّ هذه العبارات ستدخل ضمن الحوار الذي سيخاطب به طفلك نفسه في كلّ مرّة يتعرّض فيها لضغط نفسي، لذا عليك أن تتّبعي أسلوبا نموذجيا في التواصل مع طفلك يُشعره بالاحترام والإفادة والصدق. ولا يعني ذلك أن تمطري طفلك بالمديح وتثني على قراءته إن لم يكن يجيد القراءة على سبيل المثال، فهذا التصرّف غير صائب على الإطلاق، سيّما وأنّ الطفل يشعر بالضعف عندما لا نمون صادقين معه، لكن يمكنك في المقابل أن تركّزي على الأمور الإيجابية التي يتّسم بها وأن تعبّري له عن ثقتك الكبيرة بقدراته. فإن بدأ يتحسّن في القراءة، عليك أن تقدّري جهوده وأن تولي اهتماما أكبر لتقدّمه ومثابرته لا للنتيجة. وفي حال تشاجر ولداك، لا تبادري إلى توبيخهما وتوجيه بعض الملاحظات التي لا تجدي نفعا إليهما مثل "كفّا عن التصرف بحماقة"، بل انتقديهما بشكل بنّاء من دون أن تحكمي عليهما واكتفّي بالقول "أدرك أنّكما تستطيعان حلّ هذه المشكلة، لنجلس معا ونتكلم في الموضوع".
النقد البنّاء
كيف يمكنك أن تنتقدي طفلك بافضل طريقة ممكنة؟ بما أنّ الأطفال غالبا ما يسمعون ويتأثّرون بالأمور السيئة التي تذكرينها عنهم في كلامك، تنصحك ماك كورماك بأن تحاولي توجيه النقد السلبي إليهم بطريقة إيجابية. لذا، إبدأي حديثك دوما بمقولة إيجابية، ثمّ مرّري النقد الذي تودّين توجيهه قبل أن تختتمي كلامك بأمر إيجابي آخر. فإن كان ابنك على سبيل المثال يكتب بشكل خاطئ، لا تسارعي إلى انتقاده بعبارات كهذه "لا بأس، لكنّك لم تُحسن كتابة كلّ الكلمات"، بل حاولي أن توجّهي له ملاحظتك على الشكل التالي "لقد أحرزت تقدما ملموسا، لكنّني أظنّ أنّ بعض الدروس ستساعدك على كتابة الكلمات التي لا تعرفها بشكل أفضل، إلّا أنّني فخورة بك لأنّك بذلت الكثير من الوقت والجهد لتحسّن أداءك". وفي بعض المواقف قد يكون من السهل عليك أن توجّهي ملاحظات أو انتقادات لاذعة لولدك، لا سيّما عندما ينتابك الغضب أثناء الوقوف لساعات لمشاهدته يلعب كرة القدم أو بعد المرور بزحمة سير خانقة لمشاهدته يشارك في حفلى مدرسية حبث لم يؤدّ بشكل جيّد، إذ لا شكّ في أنّك لن تتواني عندها عن توبيخه بحدّة قائلة "لا أصدّق كم كان أداؤك سيئا اليوم، أنا أصرف كل هذا الوقت والمال وأنت لا تبذل أيّ مجهود للتقدّم". وفي مواقف مماثلة، تنصحك ماك كورماك بأن تخاطبي طفلك بوتيرة هادئة، كأن تطرحي عليه السؤال التالي "هل أنت راض عن أدائك اليوم؟" ذلك أنّ هذا السؤال لن يُشعره بأنّك تحكمين عليه، وسيدفعه إلى التفكير في أدائه بهدوء، وحتّى إن أجابك بانفعال قائلا "لقد حاولت!"، لا تجادليه على الاطلاق، لأنّه بالتأكيد سيبذل جهدا إضافيا في المرّة المقبلة لا سيّما بعد أن يفكّر في الأمر ويأخذ ملاحظاتك بعين الاعتبار، إذ أنّك لست بحاجة دائما إلى سماع اعتراف من ابنك لتتأكّدي من أنّه قد تعلّم الدرس. وقد استنتجت كوين أنّ الطريقة المثلى لانتقاد طفلك بشكل بنّاء تكمن في توصيف المشكلة أو الحالة التي لا ترضيك، إذ يسهل على الطفل في وضع مماثل أن يستمع إلى المشكلة ويعالجها. واعلمي أنّ الطفل يعطي أفضل ما لديه عندما يخبره الأشخاص المحيطون به أنّه محبوب وقادر على التقدّم، لذا أخبري طفلك بأنّك واثقة من خياراته، ومتأكّدة من أنّه سيتصرّف كما يجب ويتحمّل المسؤولية حتّى في أصعب الظروف، وعديه بأنّك ستقفين دوما إلى جانبه لتقدّمي له الدعم.
٥ طرق لتنتقدي أولادك بشكل سليم
انتقدي باعتدال حتّى يأخذ طفلك ملاحظاتك على محمل الجدّ، لأنّك إن أفرطت في توجيه الانتقادات اللاذعة إليه، سيظنّ أنّك تسعين إلى مهاجمته وحسب.
كوني لطيفة وتذكّري أنّ طفلك يحاول دوما نيل استحسانك ورضاك، فإن انتقدت تصرّفاته بطريقة سلسة ولطيفة سيحرص على تنفيذ ملاحظاتك وأخذها بعين الاعتبار.
لا تنتقدي ابنك مطلقا أمام الآخرين لأنّ ذلك لن يؤدّي إلّا لإحراجه.
تأكّدي من أنّ ما تنتظرينه من ابنك واقعي قبل أن تباشري بانتقاده، إذ قد لا تكون المشكلة في ما يقدّمه طفلك بل في طريقة تفكيرك والأمور المبالغة التي تتوقّعينها منه.
تجنّبي انتقاد ابنك عندما تكونين غاضبة، أو متعبة، أو مصدومة لأنّ انفعالك قد يدفع ابنك إلى استخدام أسلوب دفاعي، وقد تتفوّهين بكلام تندمين عليه في ما بعد.
انتقاد المراهقين
لا شك في أنّ توجيه الانتقاد البنّاء إلى مراهق يشكّل تحدّيا بالنسبة إلى الأهل، لأنّ الأولاد في هذه المرحلة العمرية يأخذون الأمور بحساسية ويهبّون للدفاع عن أنفسهم بحدّة. لذا تنصحك ماك كورماك بأن تبتعدي قدر الإمكان عن الوعظ وتوجيه الملاحظات لابنك المراهق وأن تسمحي له عوضا عن ذلك بالمشاركة في اتّخاذ القرار، إذ كلّ ما عليك فعله هو محاولة تحذيره من الأمور السيئة أو المخاطر التي تخشين وقوعه فيها قبل حدوثها، فإن كنتما تشاهدان التلفزيون معا على سبيل المثال وشاهدتما شابا يرتدي سروالا فضفاضا وممزّقا، حاولي أن تحدّثيه عن الصورة السيّئة التي قد يعكسها ارتداء ثياب مماثلة، لأنّك ستساعدينه بطريقة سليمة على اتخاذ قرار صائب بعدم ارتداء ملابس شبيهة عندما يقرّر الخروج في المرّة المقبلة من دون أن تفرضي عليه رأيك بالقوة. أمّا إن سارعت إلى توبيخه والصراخ عليه عند اقترافه خطأ ما من دون أيّ تحذير مسبق، فتأكّدي من أنّ حدّة النقاش ستشتدّ بينكما من دون جدوى، لأنّ ابنك المراهق سيتشبّث برأيه وخياره في محاولة لإثبات ذاته. لذا، احرصي على أن تغرسي في أبنائك، لا سيّما المراهقين منهم، مبادئ التربية السليمة وعلى تزويدهم بالدروس المفيدة والنصائح البنّاءة ليتّخذوا منها قواعد وأسسا ثابتة في حياتهم.
المصدر: مجلة Good Health العربية العدد 03 0 يونيو 2012.
نرغب دوما كأهل في أن يتمتّع أبناؤنا بالكثير من الصفات الحسنة كالثقة بالنفس والقدرة على التأقلم. لذا، نكون أوّل من يحيطهم بالحب والدعم والمديح عند الحاجة، إلّا أنّنا نجد أحيانا صعوبة بالغة في انتقادهم من دون أن نصنّفهم في خانة الفاشلين أو نحطّ من قدرهم عندما يأتون بتصرّفات لا ترقى إلى مستوى توقعاتنا.
لذا يشرح لك أبرز الخبراء في مجال تربية الأطفال كيف يمكنك أن تنتقدي طفلك بطريقة سليمة من دون أن تزعزعي ثقته بنفسه...
الحاجة إلى النقد
غالبا ما نتردّد في توجيه النقد إلى أطفالنا، وقد يكون السبب في ذلك تعرّضنا الدائم للنقد اللاذع في صغرنا أو ربما خوفنا من أن نحطّم أحلام أطفالنا الواعدة، لكن اعلمي أنّك بتغاضيك عن عيوب طفلك، لن تتمكّني من مساعدته على أن يثق بنفسه. وترى سالي آن ماك كورماك، المختصّة في علم النفس ومؤسّسة موقع Parents Online، أنّ الأهل يعتقدون أحيانا أنّ انتقاد الطفل قد يزعزع ثقته بنفسه، إلّا أنّ هذا غير صحيح، لأنّ توجيه النقد المُنصف والبنّاء عند الضرورة مهم جدا، فهو يثبت لطفلك مدى اهتمامك به وحرصك على تصحيح أخطائه، كما يعلّمه اكتساب مهارات ودروس هامّة في الحياة، كأن يعرف معنى الفشل ويتجنّب الوقوع فيه مرّة أخرى، وأن يتقبّل النقد الذي يوجّهه إليه أستاذه أو المسؤول عنه ويجيد التعامل معه. وفي الواقع، عندما يتجنّب الأهل توجيه النقد إلى طفلهم، قد يظنّ هذا الأخير أنّ صمتهم هو دليل على خيبة أملهم فيه أو عدم اكتراثهم لأمره. وتوضح آنا كوين من عيادة Kids & Co المختصّة في علم النفس السريري، أنّ الأولاد يبذلون جهدا كبيرا ليلفتوا انتباه أهلهم سواء بطريقة إيجابية أم سلبية. وبالتالي، إن تمّ تجاهلهم فقد يشعرون بالإرباك والحيرة، فيبدأون بالتساءل "هل تتقبّلني أمّي؟"، "هل يشعر والدي بالأسف لأنّني لم أنجح في الإملاء؟"، والجدير بالذكر هو أن تراكم هذه الشكوك قد يؤدي إلى اعتياد الأطفال التفكير السلبي.
النقد الجارح
توضح آنا كوين أنّ ثقة الطفل بنفسه تنتج عن شعوره بالأمان وإحساسه بالانتماء، لا سيّما عندما يضع نصب عينيه هدفا واضحا ويؤمن بكفاءاته الذاتية. عند ذلك، من واجب الأهل أن يساعدوا طفلهم على تعزيز ثقته بنفسه من خلال الأسلوب الذي يستخدمونه معه. لذا، اعلمي أنّك تسيئين إلى العلاقة التي تجمعك بطفلك في كلّ مرة تهاجمينه فيها عوضا عن انتقاد سلوكه، وفي كلّ مرّة تهزأين فيها من تصرفاته غير مبالية بمشاعره، أو حتّى عندما تنهرينه وتبدأين بإصدار الأوامر مستخدمة عبارات جازمة مثل "لا يمكنك القيام بذلك على الإطلاق" و "لا بدّ لك من القيام بذلك" و "هذا ما تفعله على الدوام"، أو حتّى عندما تسيئين مقارنته بباقي الأطفال، لأنّك بذلك تدفعينه إلى الانعزال وعدم التواصل مع الآخرين. كما أنّك بانتقادك الدائم لطفلك، تفقدينه ثقته بقناعاته أو بقدرته على تدبّر أموره الشخصية، وقد يدخل في حوار داخلي سلبي مع نفسه. فإن كنت تردّدين على مسامعه بعض العبارات مثل "أنت غير كفؤ"، و "أنت مزعج"، و "أنت لا تجيد انتقاء خياراتك"، تأكدي أنّ هذه العبارات ستدخل ضمن الحوار الذي سيخاطب به طفلك نفسه في كلّ مرّة يتعرّض فيها لضغط نفسي، لذا عليك أن تتّبعي أسلوبا نموذجيا في التواصل مع طفلك يُشعره بالاحترام والإفادة والصدق. ولا يعني ذلك أن تمطري طفلك بالمديح وتثني على قراءته إن لم يكن يجيد القراءة على سبيل المثال، فهذا التصرّف غير صائب على الإطلاق، سيّما وأنّ الطفل يشعر بالضعف عندما لا نمون صادقين معه، لكن يمكنك في المقابل أن تركّزي على الأمور الإيجابية التي يتّسم بها وأن تعبّري له عن ثقتك الكبيرة بقدراته. فإن بدأ يتحسّن في القراءة، عليك أن تقدّري جهوده وأن تولي اهتماما أكبر لتقدّمه ومثابرته لا للنتيجة. وفي حال تشاجر ولداك، لا تبادري إلى توبيخهما وتوجيه بعض الملاحظات التي لا تجدي نفعا إليهما مثل "كفّا عن التصرف بحماقة"، بل انتقديهما بشكل بنّاء من دون أن تحكمي عليهما واكتفّي بالقول "أدرك أنّكما تستطيعان حلّ هذه المشكلة، لنجلس معا ونتكلم في الموضوع".
النقد البنّاء
كيف يمكنك أن تنتقدي طفلك بافضل طريقة ممكنة؟ بما أنّ الأطفال غالبا ما يسمعون ويتأثّرون بالأمور السيئة التي تذكرينها عنهم في كلامك، تنصحك ماك كورماك بأن تحاولي توجيه النقد السلبي إليهم بطريقة إيجابية. لذا، إبدأي حديثك دوما بمقولة إيجابية، ثمّ مرّري النقد الذي تودّين توجيهه قبل أن تختتمي كلامك بأمر إيجابي آخر. فإن كان ابنك على سبيل المثال يكتب بشكل خاطئ، لا تسارعي إلى انتقاده بعبارات كهذه "لا بأس، لكنّك لم تُحسن كتابة كلّ الكلمات"، بل حاولي أن توجّهي له ملاحظتك على الشكل التالي "لقد أحرزت تقدما ملموسا، لكنّني أظنّ أنّ بعض الدروس ستساعدك على كتابة الكلمات التي لا تعرفها بشكل أفضل، إلّا أنّني فخورة بك لأنّك بذلت الكثير من الوقت والجهد لتحسّن أداءك". وفي بعض المواقف قد يكون من السهل عليك أن توجّهي ملاحظات أو انتقادات لاذعة لولدك، لا سيّما عندما ينتابك الغضب أثناء الوقوف لساعات لمشاهدته يلعب كرة القدم أو بعد المرور بزحمة سير خانقة لمشاهدته يشارك في حفلى مدرسية حبث لم يؤدّ بشكل جيّد، إذ لا شكّ في أنّك لن تتواني عندها عن توبيخه بحدّة قائلة "لا أصدّق كم كان أداؤك سيئا اليوم، أنا أصرف كل هذا الوقت والمال وأنت لا تبذل أيّ مجهود للتقدّم". وفي مواقف مماثلة، تنصحك ماك كورماك بأن تخاطبي طفلك بوتيرة هادئة، كأن تطرحي عليه السؤال التالي "هل أنت راض عن أدائك اليوم؟" ذلك أنّ هذا السؤال لن يُشعره بأنّك تحكمين عليه، وسيدفعه إلى التفكير في أدائه بهدوء، وحتّى إن أجابك بانفعال قائلا "لقد حاولت!"، لا تجادليه على الاطلاق، لأنّه بالتأكيد سيبذل جهدا إضافيا في المرّة المقبلة لا سيّما بعد أن يفكّر في الأمر ويأخذ ملاحظاتك بعين الاعتبار، إذ أنّك لست بحاجة دائما إلى سماع اعتراف من ابنك لتتأكّدي من أنّه قد تعلّم الدرس. وقد استنتجت كوين أنّ الطريقة المثلى لانتقاد طفلك بشكل بنّاء تكمن في توصيف المشكلة أو الحالة التي لا ترضيك، إذ يسهل على الطفل في وضع مماثل أن يستمع إلى المشكلة ويعالجها. واعلمي أنّ الطفل يعطي أفضل ما لديه عندما يخبره الأشخاص المحيطون به أنّه محبوب وقادر على التقدّم، لذا أخبري طفلك بأنّك واثقة من خياراته، ومتأكّدة من أنّه سيتصرّف كما يجب ويتحمّل المسؤولية حتّى في أصعب الظروف، وعديه بأنّك ستقفين دوما إلى جانبه لتقدّمي له الدعم.
٥ طرق لتنتقدي أولادك بشكل سليم
انتقدي باعتدال حتّى يأخذ طفلك ملاحظاتك على محمل الجدّ، لأنّك إن أفرطت في توجيه الانتقادات اللاذعة إليه، سيظنّ أنّك تسعين إلى مهاجمته وحسب.
كوني لطيفة وتذكّري أنّ طفلك يحاول دوما نيل استحسانك ورضاك، فإن انتقدت تصرّفاته بطريقة سلسة ولطيفة سيحرص على تنفيذ ملاحظاتك وأخذها بعين الاعتبار.
لا تنتقدي ابنك مطلقا أمام الآخرين لأنّ ذلك لن يؤدّي إلّا لإحراجه.
تأكّدي من أنّ ما تنتظرينه من ابنك واقعي قبل أن تباشري بانتقاده، إذ قد لا تكون المشكلة في ما يقدّمه طفلك بل في طريقة تفكيرك والأمور المبالغة التي تتوقّعينها منه.
تجنّبي انتقاد ابنك عندما تكونين غاضبة، أو متعبة، أو مصدومة لأنّ انفعالك قد يدفع ابنك إلى استخدام أسلوب دفاعي، وقد تتفوّهين بكلام تندمين عليه في ما بعد.
انتقاد المراهقين
لا شك في أنّ توجيه الانتقاد البنّاء إلى مراهق يشكّل تحدّيا بالنسبة إلى الأهل، لأنّ الأولاد في هذه المرحلة العمرية يأخذون الأمور بحساسية ويهبّون للدفاع عن أنفسهم بحدّة. لذا تنصحك ماك كورماك بأن تبتعدي قدر الإمكان عن الوعظ وتوجيه الملاحظات لابنك المراهق وأن تسمحي له عوضا عن ذلك بالمشاركة في اتّخاذ القرار، إذ كلّ ما عليك فعله هو محاولة تحذيره من الأمور السيئة أو المخاطر التي تخشين وقوعه فيها قبل حدوثها، فإن كنتما تشاهدان التلفزيون معا على سبيل المثال وشاهدتما شابا يرتدي سروالا فضفاضا وممزّقا، حاولي أن تحدّثيه عن الصورة السيّئة التي قد يعكسها ارتداء ثياب مماثلة، لأنّك ستساعدينه بطريقة سليمة على اتخاذ قرار صائب بعدم ارتداء ملابس شبيهة عندما يقرّر الخروج في المرّة المقبلة من دون أن تفرضي عليه رأيك بالقوة. أمّا إن سارعت إلى توبيخه والصراخ عليه عند اقترافه خطأ ما من دون أيّ تحذير مسبق، فتأكّدي من أنّ حدّة النقاش ستشتدّ بينكما من دون جدوى، لأنّ ابنك المراهق سيتشبّث برأيه وخياره في محاولة لإثبات ذاته. لذا، احرصي على أن تغرسي في أبنائك، لا سيّما المراهقين منهم، مبادئ التربية السليمة وعلى تزويدهم بالدروس المفيدة والنصائح البنّاءة ليتّخذوا منها قواعد وأسسا ثابتة في حياتهم.
المصدر: مجلة Good Health العربية العدد 03 0 يونيو 2012.
اترك تعليق