كلمته في لقائه أعضاء المجلس الأعلى للثورة الثقافية في إيران 10/12/2013
أولاً أرحب بالإخوة الأعزاء وأختنا المحترمة(1)، وأدعو لكم بالعون الإلهي لجهودكم وأعمالكم ومتابعتكم واهتمامكم الذي أبديتموه في ما يتعلق بالشؤون ذات الصلة بهذه المنظومة المهمة. ونسأل الله تعالى أن يوفقكم ويعينكم. نحن بحاجة للعون الإلهي والهداية الإلهية للوصول إلى الفكر الصحيح، ونحتاج كذلك لعون الله في مجال القدرة لتنفيذ ما نعتقده صحيحاً وما نتخذه من قرارات. يجب أن نتوسّل إلى الله ونتوجّه إلى الله تعالى ونطلب منه العون. من واجبنا أن ننزل هممنا وجهودنا إلى الساحة، وتبقى البركة والعون على الله. بهممكم ومساعيكم سوف تتقدم الأعمال الثقافية المهمة التي بين أيدينا إلى الأمام إن شاء الله.
لقد سجّلت بعض النقاط أذكرها للأعزاء.
الثقافة هوية الشعب:
القضية الأولى: تتعلق بأهمية موضوع الثقافة في المجتمع:
أنتم جميعاً والحمد لله شخصيات ثقافية ولا حاجة لإعادة ذكر هذا الموضوع وإعادة التدقيق فيه لكم[...] لذلك ليس من اللازم أن نقول شيئاً لكم في ما يتعلق بأهمية القضية الثقافية والقيم الثقافية لبلد من البلدان. بيد أننا نطلب اهتمامكم الخاص في التركيز على هذا الموضوع؛ لأن لديكم أين ما كنتم -والحمد لله- مكانة وموقعاً للتحدّث والتأثير، وهناك منابر تحت تصرّفكم، فاستفيدوا من هذا من أجل أن توضع قضية الثقافة في مكانها المناسب اللائق في المجتمع وفي أنظار النخبة في البلاد. هذا شيء على جانب كبير من الأهمية. الثقافة هوية الشعب. القيم الثقافية روح الشعب ومعناه الحقيقي. كل شيء يترتب ويقوم على الثقافة. ليست الثقافة على هامش الاقتصاد، ولا هي على هامش السياسة، بل الاقتصاد والسياسة هما على هامش الثقافة. يجب التنبّه لهذا الشيء. لا نستطيع فصل الثقافة عن المجالات الأخرى. وكما أشاروا(2) حين قلنا لتكن للقضايا الاقتصادية ولمختلف الشؤون الأخرى ملاحق ثقافية(3) فهذا هو المعنى المراد من قولنا. معناه عندما نروم إطلاق حركة أساسية في المجال الاقتصادي أو المجال السياسي أو في مضمار البناء أو في التقنية والإنتاج والتقدم العلمي، يجب أن نتفطن للوازمها الثقافية. أحياناً يدخل المرء في عمل ومشروع معين ويقوم بعمل اقتصادي لكنه غير منتبه للوازم والتبعات الثقافية لعمله هذا. نعم، العمل عمل كبير، عمل اقتصادي كبير، ولكن تترتب عليه لوازم وتبعات وآثار فيها ضرر على البلاد. هكذا هي الثقافة. يجب أخذ الجانب الثقافي بنظر الاعتبار في كل الأمور، وأن لا نسمح بنسيان هذا الجانب.
والثقافة بحاجة للبرمجة. يجب أن لا نتوقع لثقافة البلاد -سواء الثقافة العامة أو ثقافة النخبة أو ثقافة الجامعات وغير ذلك- أن تصلح وتتقدّم إلى الأمام من تلقاء نفسها.
لا.. فهذا الأمر بحاجة للبرمجة [...] من واجب الحكومة والمسؤولين أن يهتموا للتيار العام لثقافة المجتمع، فينظروا إلى أين نحن سائرون، وما الذي يحدث ويقع، وما الذي ينتظرنا، وإذا كانت هناك حالات تزاحم وعراقيل يجب أن يرفعوها، يجب أن يرفعوا الموانع والعقبات والعوامل المخرّبة والمفسدة. إذا قلنا لفلاح أو لبستاني ماهر وخبير وطلبنا منه رفع الأدغال الزائدة في حديقة فليس معنى هذا أننا نروم الحيلولة دون نمو الأزهار في هذا الحديقة أو أن نتأمّر عليها، لا، اسمحوا للزهور العطرة أن تنتفع حسب طبيعتها ومواهبها من الماء والهواء ومن أشعة الشمس وتنمو وتتفتح. ولكن إلى جانب ذلك لا تسمحوا للأدغال الزائدة بالنمو، لأنها إذا نمت حالت دون نمو الزهور.
حين نعارض بجد بعض الظواهر الثقافية ونتوقع من مسؤولي البلاد -سواء المسؤولين الثقافيين أو غير الثقافيين- ومن هذا المجلس أن يحول دونها، فهذا هو السبب. بمعنى أن معارضة العراقيل الثقافية لا تتنافى إطلاقاً مع تنمية الإيجابيات الثقافية وتركها حرّة وتربيتها. هذه نقطة على جانب كبير من الأهمية.
افترضوا مثلاً وجود عامل وآفة مهمة في الثقافة العامة اسمها الطلاق، أنتم مضطرون طبعاً للحيلولة دون هذا العامل، أي إذا أردتم أن لا يشيع الطلاق في المجتمع فيجب التنبّه لهذا المعنى. ينبغي أن تحولوا دون هذا الشيء الذي يأخذ الناس بشكل طبيعي ويأخذ الشباب والبنات والبنين نحو عدم الرغبة في العائلة وعدم الاكتراث للمؤسسة العائلية وعدم الاهتمام للزوج. هذه نقطة من النقاط.
وعليه، نتحمّل مسؤولية شرعية ومسؤولية قانونية حيال ثقافة البلاد والثقافة العامة في الوطن.
[...] كل شخص وبمقدار استطاعته يجب أن يعمل وينفق من طاقته.. رجل الدين يجب أن ينفق طاقاته، والجامعي يجب أن ينفق طاقاته، والإنسان الذي يمتلك منبراً أو دائرة نفوذ على الناس يجب أن ينفق طاقته وقدراته. والأقوى من كل هؤلاء هو الجهاز الحكومي في البلد، ومن الطبيعي أن ينفق هذا الجهاز أيضاً طاقاته وقدراته في سبيل إشاعة الفضائل والحيلولة دون ما يعرقل نمو الفضائل. وإذن، ثقافة المجتمع تحتاج إلى مسؤول، وهي في ذلك كالاقتصاد.
[...] وكما أشار السيد الدكتور روحاني وهو على حق(4) فإن الثقافة تعتمد على الناس،[...] إنما هي من فعل الشعب والناس[...] إصرار الغربيين ومقاومتهم على قيمهم الثقافية ليست بأقل منا، بل أكثر. مثلاً من الدارج في ثقافة البلد الفلاني أن يوزّع ويُحتسى المشروب الفلاني في مجالس ضيافة رئيس الجمهورية. وإذا قال رئيس جمهورية أحد البلدان إنني غير مستعد لذلك فإنهم سوف يلغون مجلس الضيافة من أساسه، أي لا يقيمون مجلس ضيافة، وهذا ما حدث، ونحن مطلعون على مصاديق من ذلك في زمان حياتنا، وأنتم أيضاً ربما كلكم أو أكثركم مطلعون على مثل هذا. إذا لم يربط الشخص ربطة العنق وأراد الدخول في مجلس رسمي يقولون إن هذا بخلاف البروتوكول، وغير ممكن، ولا بد لك إما أن تربط پاپيوناً أو ربطة عنق! ما معنى هذا؟ هذه بالتالي ثقافة، وهم متعصبون وملتزمون بهذه الأمور إلى هذا الحد.
وقضية اختلاط المرأة والرجل التي أطلقوا عليها اسم المساواة، وهي للأسف ليست مساواة، بل هي اختلاط بين المرأة والرجل.. إنه اختلاط مضرّ ومسموم جداً وقد سمّم اليوم المجتمعات والمجتمعات الغربية أكثر من غيرها، وراح مفكروهم الآن يدركون أن هذا المسار مسار لا نهاية له أساساً، بمعنى أن هذا المسار سيستمر هكذا والطبع الجشع للإنسان سوف يأخذ هذا المسار إلى متاهات. هم يعتبرون هذا الاختلاط أحد أصولهم ومبادئهم، وإذا لم توافقوا ذلك يقصونكم ويطردونكم ويرفضونكم ويذمّونكم، أي إنهم متعصّبون وملتزمون أكثر منا بأشياء غير معقولة. أو أمور من قبيل الحفلات التنكّرية الدارجة في البلدان الغربية وكم فيها من الفجائع التي يطول شرحها. القصد أنهم متعصبون أكثر منا وتأخذهم اللجاجة أكثر منا على قيمهم الثقافية وهي في الواقع قيم سلبية. فلماذا لا نصرّ نحن على ثقافتنا؟ على هذا الأساس، أهمية الثقافة والاهتمام بالثقافة قضية تقع مسؤوليتها بالدرجة الأولى على مسؤولي البلاد، وهذا المجلس هو أعلى المراكز.[...]
الغزو الثقافي حقيقة موجودة وقائمة:
[...] لقد طرحنا قضية الغزو الثقافي قبل سنوات، وأنكر البعض أساساً وجود غزو ثقافي، وقالوا: أي غزو؟ ثم وجدوا تدريجياً أننا لسنا وحدنا الذي نقول بذلك، بل الكثير من البلدان غير الغربية أيضاً تثير قضية الغزو الثقافي وتقول إن الغربيين يهاجموننا، ثم وجدوا أنه حتى الأوربيون يقولون إن أمريكا تهاجمنا وتغزونا! لا مراء أنكم شاهدتم مثل هذه الأقوال وقرأتموها حيث قالوا إن الأفلام الأمريكية والكتب الأمريكية تشنّ علينا غزواً ثقافياً وتعمل على التأثير على ثقافتنا. وبعد ذلك وبفضل قبول الآخرين، وقع كلامنا هذا موقع القبول لدى الكثير من الذين لم يكونوا قد وافقوه! الغزو الثقافي واقع.
هناك المئات -وحين أقول المئات يمكن القول الآلآف، ولكن لأنني أرغب أن أحتاط بعض الشيء في ما يتعلق بالإحصائيات والأرقام، لذا أقول المئات- من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والإنترنتية والمكتوبة في العالم تعمل وهدفها إيران! الهدف هو إيران! لا أنها تعمل على رسلها وبشكل طبيعي.
تارة تعمل إذاعة البلد الفلاني أو تلفزيون البلد الفلاني على رسله وبشكل طبيعي ولنفسه، لكن الأمر بالنسبة لوسائل الإعلام هذه ليس على هذا النحو، بل هي تستهدفنا تحديداً، فهي تنتج البرامج باللغة الفارسية، وتنظم البث حسب أوقات مشاهدة الإيرانيين والناطقين بالفارسية، وهم يرصدون قضايانا ويعدّون موضوعات برامجهم ومضامينها على أساس تلك القضايا. وبالتالي، من الواضح جداً أنها تستهدف إيران. وهم يصرّحون بذلك ولا ينكرونه.
إذن، الغزو الثقافي حقيقة موجودة وقائمة. يريدون التأثير على أذهان شعب إيران وعلى سلوكه، من شبابه وأحداثه وحتى أطفاله، ومن جملة ذلك هذه الألعاب الإنترنتية. هذه الألعاب التي تدخل البلد من جملة ذلك، وقد تحرّقت وتآلمت كثيراً في ما يخص قضية إنتاج ألعاب داخلية جذابة وذات معنى، وتحدثت في ذلك مع بعض المسؤولين ليتابعوا الأمر.
[...] جاء أصدقاؤنا في إحدى المؤسسات الناشطة والمسؤولة وصنعوا عرائس جيدة. في البداية أثار الأمر حساسية الطرف المقابل -أي المعارضين والأجانب- بأن هؤلاء أنتجوا هذه العرائس في مقابل باربي وما إلى ذلك. لكن كلامهم لم يجد نفعاً. وقد قلت لهم إن الإشكال في مشروعكم هو أنكم عرضتم في الأسواق دمية ولد اسمه فلان ودمية بنت اسمها فلانة، لكن أطفالنا لا يعرفون عرائسكم هذه -لاحظوا، هذا ما نسمّيه الملاحق الثقافية- فهي عرائس ليس إلّا، في حين يعرف الأطفال رجل العنكبوت، ويعرف الأطفال بتمن (رجل الوطواط).
أنتجوا عشرة أفلام أو عشرين فيلماً، وليشاهد الناس هذه الأفلام، وحين يرون أن نفس تلك الشخصية التي شاهدوها في الفيلم موجودة في المحلات التجارية على شكل عرائس، سيطلب الأطفال من آبائهم وأمهاتهم أن يشتروا لهم هذه العرائس لأنهم يعرفونها. هذه هي الملاحق الثقافية. عليكم إلى جانب هذه العرائس التي تنتجونها إنتاج أفلام للأطفال لتعريف هذه العرائس، وبعد أن يجري تعريفها وترويجها فإنهم سيشترونها بصورة طبيعية، ولكن عندما لا يجري تعريفها فلن تكون لها أسواق وسوف تصاب بالإفلاس والخسارة، وقد أصيبت بالخسارة. يجب التدقيق في هذه الأمور. على كل حال، الغزو الثقافي حقيقة واقعة بهذا الشكل.
كتب تعليم اللغة.. تعلمون أن تعليم اللغة الإنجليزية -وخصوصاً اللغة الإنجليزية، واللغات الأخرى بدرجات أقل بكثير- شائع اليوم بكثرة، وهم يؤسسون الكثير من مراكز ومعاهد التعليم. وحين تكون هناك مراكز للتعليم وكتب للتعليم وهي كتب موضوعة بأساليب جديدة وجيدة لتعليم اللغة الإنجليزية، فإن ذلك سينقل أسلوب الحياة الغربية وأسلوب الحياة الإنجليزية. أطفالنا وأحداثنا وشبابنا سوف يقرأون هذه الكتب ولا يتعلمون اللغة فقط، بل قد ينسون تلك اللغة، لكن ما يؤثر عليهم أكثر هو التأثير والانطباع الذي سيحمله القارئ نتيجة قراءته هذا الكتاب بخصوص أسلوب الحياة الغربية، فهذا الانطباع لا يزول. إنهم يفعلون هذه الأفعال والنشاطات.
طيّب، ما الذي ينبغي فعله مقابل هذا؟
في مقابل هذا لا بدّ من شيئين:
الأول العمل والثاني الإبداع.
هذان العملان وهاتان النقطتان المهمّتان يجب أن تؤخذا بنظر الاعتبار. يجب أن نعمل والعمل يجب أن يكون إبداعياً.
طبعاً مسؤولية الإذاعة والتلفزيون في هذا الخصوص ثقيلة جداً، ومسؤولية وزارة الثقافة والإرشاد جسيمة جداً. أتخطر أنني قلتُ هذا لحضرة السيد جنتي(5)، إن من الأعمال التي يجب أن نقوم بها هو إنتاج الكتب، وترجمة الكتب.
لاحظوا ما الذي ينشر في العالم مما يجب على الشاب الإيراني أن يعرفه، قوموا بترجمته، وأنفقوا المال لتترجم هذه الأعمال. هذا ما يقوم به الآخرون أيضاً -إنني كثير الانشداد للكتب وأقرأ الكثير من الكتب، وعلى اطلاع واسع بسوق النشر والجديد من الكتب- هناك أعمال تنجز وصاحب رأس المال يعطي مالاً كبيراً للمترجم لترجمة الكتاب الفلاني.
سألت بعض السادة هل المترجم يراجعكم أم أنتم تراجعون المترجم؟
قال: لا، نحن نراجع المترجم. وهو على حق وصدق، فهم يجدون المترجم ليترجم الكتب. وأنتم أيضاً يجب أن تفعلوا الشيء نفسه.. ترجموا الكتب، وأنتجوا الكتب، وأنتجوا الأفلام. والحمد لله على أن إمكانيات إنتاج الأفلام عندنا في الوقت الحاضر كبيرة. قلتُ للسيد الدكتور روحاني مؤخراً وقبل مدة وجيزة بأنني شاهدت فيلماً هو للحق والإنصاف شبيه بمستوى الأفلام الهوليوودية من حيث الأسلوب والبناء وطراز العمل. من المهم جداً أننا في الوقت الحاضر لدينا في البلاد إمكانيات في الإعلام والإيصال ونقل الأفكار. الأفلام أدوات جذابة، والسينما عنصر جذاب جداً، ووسيلة إعلامية ممتازة، وللحق فإنه لا يوجد اليوم شيء كالسينما في تأثيره. اعملوا على هذا الصعيد، ولتكن أعمالكم إبداعية.
وكذا الحال بالنسبة للألعاب، وكذا الحال بالنسبة للألعاب الكومبيوترية، وكذا الحال بالنسبة للدمى والعرائس.. هذه أمور ضرورية ولازمة.
لقد أصبحت البندقية اللعبة الشائعة لدى أطفالنا، والأمريكان الذين سبقونا بكثير في هذا المجال ها هم اليوم نادمون وحائرون ولا يدرون كيف يعالجون الموضوع.
كان أطفالنا يعلبون ألعاباً فيها حركة ورياضة وتسلية، ثم أخذناهم إلى الإنترنت حيث لا حركة جسمية ولا حركة روحية، وجرى احتلال أذهانهم من قبل الطرف الآخر.
تعالوا وأنتجوا الألعاب وأشيعوها وانشروها على غرار الألعاب القديمة التي كانت دارجة بين أطفالنا. أشيعوا هذه الأعمال وانشروها. يجب أن لا نبقى ننظر دوماً للغربيين وما يدعمونه من الألعاب فندعم ونشيع نفس الألعاب. ولا أريد أن أتحدث حول بعض هذه الرياضات، ولكن لدينا الكثير من الأعمال والأشياء الجيدة المحلية. وسبق أن قلت(6) إن لعبة الچوگان من ألعابنا، وقد أخذها الآخرون وسجّلوها باسمهم(7). أشيعوا هذه اللعبة وهي لعبة تراثية وجميلة وفنية. لكم أن تروّجوا هذه الأشياء حتى يتجه الشباب والأطفال نحوها.
أطفالنا -أحفادي- يعرفون أسماء لاعبي ونجوم كرة القدم على أحسن وجه، وهم يذكرون أسماءهم الواحد تلو الآخر، وهذا مشجّع لذاك وذاك مشجّع لهذا، والفريق الفلاني زيّه اللون الفلاني، والفريق كذا يلبس كذا، لكنهم لا يعرفون اسم العالم الفلاني المعاصر لهم، وإذا ذكرت اسمه لا يعرفون من هو. هذه أشياء سيئة، ويجب علينا العمل في هذا المجال بجدّ.
أريد أن أقول إننا في تعاملنا مع الظواهر الهجومية يجب أن نتعرف على الظاهرة في بداية دخولها أو حتى قبل دخولها. لنفترض أن شيئاً أو فكرة أو منهجاً يشيع في العالم، وواضح أنه سوف يدخل إلى بلادنا -والعالم عالم الاتصالات و الارتباطات ولا يمكن بناء أسوار حول أنفسنا- ففكروا ما هو التعامل الحكيم مع هذه الظاهرة قبل دخولها. وليس معنى هذا أن نرفض هذه الظواهر والأشياء دوماً.
لا، فهناك أحياناً ظواهر نستطيع قبولها، وهناك أحياناً ظواهر نستطيع إصلاحها، وهناك أحياناً ظواهر نستطيع استكمالها بشكل يرفع مشكلاتها. التأخر في العمل والمبادرة، والتأخر في الفهم، والتأخّر في التفكير بالعلاج، سوف يسبّب لكم لاحقاً مشكلات لا تستطيعون مواجهتها.
إذن، لا أقول لتكن لنا مواقفنا الدفاعية فقط -وبالطبع حين يكون هناك هجوم يجب على الإنسان الدفاع، فهذا مما لا شك فيه- وما أوصي به ليس مجرد المواقف الدفاعية، بل يجب أن تكون لنا مواقفنا الأصلية والهجومية وتحركاتنا الصحيحة.
على كل حال أسوء الأفعال وأقبحها مقابل الثقافة المهاجمة هو الانفعال، وأكثر الأفعال خسارة هو الانفعال. الثقافة الغازية المهاجمة يجب أن لا تدفعنا نحو الانفعال.
أقصى حد أن نقول: حسناً، لا نستطيع فعل شيء مقابل هذا، لكننا في الوقت نفسه لا ننفعل. الانفعال وتقبّل هجوم الأعداء خطأ يجب اجتنابه.
الأسباب الثقافية للآفات الاجتماعيّة:
[...] النقطة الأخيرة تتعلق بالآفات الاجتماعية وأسبابها الثقافية. لقد أشرتُ لقضايا الطلاق والمخدرات والفساد المالي والجرائم. ومن تأثيرات الغزو الثقافي للأعداء زيادة السرقات المسلحة من البنوك. هذا ما شاهدناه بداية في الأفلام السينمائية -والمسألة هنا جديرة بملاحظة حضرة السيد ضرغامي-(8) حيث يهجمون، وراحت نفس هذه العمليات والأمور تحدث هنا، وهم يتعلمون بالتالي. يجب أن نعلم ما الذي نفعله؛ أي يجب أن نفهم هذه الآفات بشكل حقيقي. وكذا الحال بالنسبة لقضية السكان. من الأخطار التي حين يفكر الإنسان بأعماقها ترتعد فرائصه هي قضية السكان هذه. وأتخطّر أنني ذكرت نقطة مختصرة للسيد الدكتور هاشمي(9) وتحدثت بالتفصيل مع السيد الدكتور روحاني. خذوا قضية السكان مأخذ الجدّ، فنسبة الشباب في البلاد آخذة بالتناقص، وسوف تصل الأمور إلى محطات لا يمكن معها علاج المشكلة. أي إن قضية السكان ليست من القضايا التي يمكن أن نقول بشأنها إننا سنفكر فيها بعد عشرة أعوام.. لا.. إذا مضت عدة سنوات وشاخت الأجيال فلن يعود بالإمكان معالجة المشكلة. نتمنى لكم التوفيق والتأييد إن شاء الله، وحفظكم الله جميعاً وأبقاكم، وسوف يكون هناك اهتمام بهذا الذي قلناه إن شاء الله.[...]
الهوامش:
1 - السيدة كبرى خزعلي.
2 - إشارة رئيس الجمهورية لتأكيد قائد الثورة بشأن إعداد ملاحق ثقافية للمشاريع المهمة.
3 - من ذلك تبليغ السياسات العامة للخطة الخمسية الخامسة في إطار ميثاق الأفق العشريني بتاريخ 10/01/2009 م.
4 - إشارة رئيس الجمهورية لضرورة مشاركة جماهير الشعب في القضية الثقافية.
5 - وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي.
6 - وزير العلوم والبحث والعلمي والتقنية (التعليم العالي).
7 - وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي.
8 - رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الحاضر في هذه الجلسة.
9 - وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي.
المصدر: الموقع الإعلامي لمكتب حفظ ونشر آثار سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي(دام ظله).
اترك تعليق