مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

تشكُّل البعد الروحيّ للأطفال

تشكُّل البعد الروحيّ للأطفال وتعزيز ثقتهم بأنفسهم

توجد نقطةٌ في مطاوي كلمات أعزّائنا، تخطر في ذهني دوماً، وهي أن نهتمّ بالدرجة الأولى في بناء وتشكيل البُعد الرّوحيّ لأطفالنا. فلو استطعنا أن نشكّل الهويّة الإنسانيّة لهذا الطفل منذ نعومة أظافره، ونوجد فيه تلك الأخلاق، فإنّ ذلك سيكون على الدوام نافعاً جدّاً. هنالك عوارض (تعقيدات) تلقي بظلالها وتؤثّر على الأخلاق، إلا أنّه لو تمّ بناء وتشكيل شخصيّة الطفل منذ البداية، فإنّ تأثيرها سيتضاءل، وسيكون أيضاً للعوامل المساعدة دورها خلال ذلك.
لقد أشارت هذه السيّدة4 إلى مصطلح "فلسفة الإنسان"، وهذا التعبير صحيحٌ جدّاً. في يومنا هذا، نجد أنّ من الأعمال الأساسية والفروع المهمّة في الدول المتطوّرة مادّياً في العالم هو تدريس الفلسفة للأطفال. إنّ الكثيرين في مجتمعنا لا يخطر ببالهم من الأساس، أنّ الفلسفة هي أمرٌ مهمٌّ للطفل. فبعض الأشخاص يتصوّرون أنّ الفلسفة هي نوع من الهذر، وبعضهم يلتفت إليها في آخر عمره، لكنّ الأمر ليس كذلك. إنّ الفلسفة عبارة عن تشكيل الفكر وتعليم الفهم، وتعويد الذهن على التفكّر والتفهّم، وهذا الأمر ينبغي أن يكون منذ البداية. القالب والشكل مهمٌّ. ولئن كان المحتوى والمضمون في فلسفة الأطفال (جعلهم متفلسفين) مهمّاً، لكنّ الأساس هو الأسلوب، أي أن يعتاد الطفل منذ بداية طفولته على التفكّر، وعلى التعقُّل. وهذا الأمر مهمٌّ جداً. وقد سُررت لأنّني رأيت تذكيراً بهذا الأمر من خلال هذه الكلمات.

تعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال
النقطة الثانية هي الثقة بالنفس. يجب أن ننشّئ الطفل منذ البداية على أن يكون لديه ثقة بالنفس واعتقاد بهويّته. وبالطبع، إنّ هذا الأمر لا يختصّ بأطفال المرحلة الابتدائيّة. ينبغي أن يكون هذا الأمر في الثانويّات وفي الجامعات أيضاً. لقد تمّ في الماضي وللأسف تأسيس ثقافة منحرفة بالكامل في بلدنا، وما تزال آثارها باقية -رُغم كل هذا الإعلام الذي مارسناه منذ بداية الثورة وحتّى اليوم- وهي النّظر إلى الغرب بعين الاحتياج، وتضخيم الغرب، وتصغير النفس في مقابله. فهذه الثقافة ما زالت موجودة وللأسف، ولم يتم اجتثاثها. كلّ ذلك لغياب الثّقة بالنفس (الاعتقاد بالنفس).
إنّ ما ترونه من زيادة الطلب على البضاعة الفلانية ذات الماركة الأجنبية التي تُعرض بسعرٍ أعلى في نفس الوقت، بين طبقةٍ اجتماعيّةٍ خاصّة، في حين يوجد بضاعة وطنيّة مشابهة لها وتكون أحياناً أفضل جودة، هو بسبب تلك النظرة، وهذا يُعدّ مرضاً وآفةً. ولو قيل إنّ فلاناً المتخصّص، قد تخصّص في الداخل ولم يسافر إلى الخارج، فإنّ هذا يؤدّي للوهلة الأولى إلى النظر إليه بصورة سلبيّة.
أجل، لو أنّ هذا المتخصّص المحلّيّ، الذي درس في وطنه، استطاع بأعماله المميّزة أن يزيل هذا الاعتقاد -حيث إنّ هذا الأمر قد تحقّق بكثرة في السنوات الأخيرة- فتلك قضية أخرى. لكن ما دام يُقال إنّ ذاك قد تخصّص في الخارج، وهذا قد تخصّص في الداخل، فإنّ النظرة إليه ستكون نظرة فوقية. هذا عيبٌ.

المصدر: مشكاة النور، العدد: 57.
كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المعلّمين وأساتذة جامعات خراسان الشمالية في 11/10/2012م.



التعليقات (0)

اترك تعليق