مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

رشحات من مولد الزهراء(ع)

رشحات من مولد الزهراء(ع)

تبريك بمناسبة مولد الزهراء(ع)

"أبارك هذا العيد الأغر، وهذا اليوم المتلألئ بالنور الوضّاء، وهذه الذكرى التاريخية الخالدة والفريدة ذكرى ميلاد الصدّيقة الطاهرة(ع)، وندعو الله تعالى أن يبارك لكم هذا العيد السعيد، وأن تشملكم جميعاً العناية الإلهية والألطاف الملكوتية لسيدة نساء العالمين. التي تعتلي أسمى المراتب وأرفع المنازل، والتي تتجلّى فيها آيات العبودية الكاملة لله تعالى من بين كل النساء على طول التاريخ البشري"[1].
"
أبارك هذه الولادة السعيدة والعيد الكبير من الصميم لكل الأعزاء..

يجب أن نعرف قدر هذا التواصل القلبي والأواصر المعنوية. إنها رصيد إيماننا، وجوهرة قيمة تشكل هويتنا الإنسانية والإسلامية. لنـزيد يوماً بعد يوم من محبتنا لأهل بيت الرسول الأطهار المعصومين، لا سيما فاطمة الزهراء(ع)، ونقترب منهم بطاعة الله"[2].
"هذه الولادة الكبرى من أبرز الأعياد الإسلامية؛ لأنّ فاطمة الزهراء(ع) شخصية عظيمة من المرتبة الأولى في الإسلام، بل من المرتبة الأسمى على مدى التاريخ"[3].

يوم مولد الزهراء(ع)[4]
"
إن ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء(ع) فرصة ثمينة للنساء المسلمات ليبدين اهتماماً أكبر بهوية المرأة المسلمة وبمكانة المرأة الراقية في الإسلام وفي ظل النظام الإسلامي"[5].

كوثر الزهراء(ع):
"
اليوم يوم عظيم، فهو يوم ولادة سيّدة نساء العالمين وبضعة الرسول المكرمة والعظيمة وقدوة النساء والرجال على امتداد تاريخ الإسلام، وولادة الصديقة الكبرى والمجاهدة في سبيل الله والشهيدة المظلومة، وتقترن معها ولادة شخصية من الشخصيات الكبرى اللامعة التي برزت في تاريخ الإسلام من تلك الذرية الطاهرة. فهو يوم ولادة كوثر الزهراء، وولادة كوثر روح الله[6].
بعد أن توفي أبناء الرسول في مكة الواحد تلو الآخر، شَمَت الشامتون - الذين انحصرت الفضائل عندهم في المال والثروة والأولاد والجاه والجلال الدنيوي - برسول الله ونعتوه بالأبتر؛ أي الذي لا عقب له ولا ذرية، وأنه إذا مات ستندثر بموته كل معالمه وآثاره، فأنزل الله عليه هذه السورة لسلوى قلب الرسول ولإيضاح حقيقة كبرى له وللمسلمين، فقال سبحانه وتعالى {إنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[7] أي تلك الحقيقة العظيمة والكثيرة والمتزايدة.
ومصداق الكوثر بالنسبة للرسول(ص) يمثل أشياء مختلفة، وأحد أبرز المصاديق هو الوجود المقدس لفاطمة الزهراء التي جعلها الله خلفاً مادياً ومعنوياً للرسول.
وخلافاً لأوهام الأعداء الشامتين أصبحت هذه الإبنة المباركة والوجود السخي سبباً لتخليد اسم الرسول وذكره ونهجه ومعارفه بشكل لم يشهد له نظير لدى أي ولد بارز وعظيم؛ فمن ذريتها أحد عشر إماماً وكوكباً مشرقاً شعّوا بالمعارف الإسلامية على قلوب أبناء البشرية، وأحيوا الإسلام، وبيّنوا القرآن، ونشروا المعارف الإلهية، وأزالوا التحريف عنها، وأغلقوا سبل استغلالها.
أحد هؤلاء الأئمة الأحد عشر هو الإمام الحسين بن علي(ع) الذي قال عنه رسول الله(ص): "أنا من حسين"[8]، و "الحسين سفينة النجاة ومصباح الهدى"[9]، الذي ترتّبت على شخصيته وثورته وشهادته آثار وبركات جمّة في تاريخ الإسلام.
هو أحد ذراري فاطمة الزهراء(ع)، ومن جملة تلك الشموس المُنيرة الإمام الباقر(ع)، والآخر هو الإمام الصادق(ع) اللذين يعود إليهما الفضل في نشر المعارف الإسلامية، لا المعارف الشيعية فحسب، بل حتى أن مشاهير أئمة أهل السنة قد اقتبسوا من فيض علومهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأخذ هذا الكوثر المتدفق الذي يزداد تألّقاً يملأ أقطار العالم الإسلامي بنسل الرسول؛ حيث توجد اليوم آلاف بل آلاف الآلاف من الأُسر البارزة المعروفة في العالم الإسلامي كلّه، وهي تعكس بقاء ذرية تلك العظيمة، كما أن وجود الآلاف من مشاعل الهداية في العالم ينمّ عن البقاء المعنوي لهذا النهج وذلك الوجود المقدس، إنها كوثر فاطمة الزهراء، فسلام الله وأنبيائه وأوليائه وملائكته وخلائقه عليها إلى قيام يوم الدين.
كما وأن حفيدها الجليل أصبح هو الآخر كوثراً روح اللهيّاً؛ إذ إنه نزل إلى ميدان الصراع وحده، واستطاع أن يستميل إليه القلوب بفضل الجاذبية الكبرى التي منّ الله بها عليه إنطلاقاً مما كان يتمتع به من خصائص ذاتية ومكتسبة.
فأثار الحركة في الأيدي والأرجل، ودفع العقول إلى التفكير، وأحدث هذه الحركة العظيمة في هذا البلد فضلاً عن النهضة الإسلامية العالمية، ثم إن نهج الإمام ومدرسته وفكره سيكون له من بعد هذا دور فاعل في العالم كلّه وستجرّب الأجيال ذلك بنفسها"[10].


نسل الزهراء(ع) مصداق الكوثر:
"البعد الآخر من هذه القضية، هو النسل المبارك لهذه السيدة العظيمة، والذي يعتبر مصداقاً حقيقياً لانطباق سورة الكوثر على فاطمة الزهراء(ع) -وإن لم يذكر في تراثنا الحديثي- إنه تطبيق مصداقي صحيح، انهمرت كل هذه البركات علی أهل بيت النبي وعلی كل واحد من أئمة الهدى(ع)! العالم زاخر بالأنغام اللطيفة الفردية والاجتماعية والدنيوية والأُخروية التي أطلقتها الحناجر الطاهرة للحسين بن علي، وزينب الكبرى والإمام الحسن المجتبى، والإمام الصادق، والإمام السجاد(ع)؛ وكل واحد من الأئمة. لاحظوا، يا له من دَويّ في عالم المعرفة والمعنوية وفي طريق الهداية عمّ بواسطة أحاديث أولئك العظماء ودروسهم ومعارفهم! فهذا هو نسل فاطمة الزهراء"[11].

ــــــــــــــــــــــــ
1- كلمة الإمام الخامنئي، بتاريخ: 20 جمادى الثانية 1422 ﻫ ق، 9/9/2001م.
2-
كلمة الإمام الخامنئي، بتاريخ: 20 جمادى الثانية 1424 ﻫ ق 19/08/2003م.
3-
كلمة الإمام الخامنئي، بتاريخ: 19جمادى الثانية 1418ﻫ ق، 22/10/1997م.
4-
يوم مولد الزهراء(ع): اعتبره الإمام الخميني(ره) يوماً عالمياً للمرأة، حيث قال: "إذا كان لابد من يوم للمرأة فأيُ يوم أسمى وأكثر فخراً من يوم مولد فاطمة الزهراء السعيد" المصدر: كلمة الإمام الخميني(ره) بمناسبة يوم المرأة ـ تاريخ 5/5/1980م، نقلاً عن كتاب: مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني.
5-
كلمة الإمام الخامنئي، بتاريخ: 20 جمادى الثانية 1424 ﻫ ق، 20/09/2000م.
6-
الإمام روح الله الموسوي الخميني(ره).
7-
سورة الكوثر.
8-
كامل الزيارات، ص 53.
9-
في بحار الأنوار، ج‏36، ص 205: عن الرسول(ص): ".. والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام غير وهن -وإمام خير ويمن- وعز وفخر وعلم وذخر وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية..".
10-
كلمة الإمام الخامنئي، بتاريخ: 20 جمادى الثانية 1420ﻫ.ق 1/10/1999م.
11-
كلمة الإمام الخامنئي، بتاريخ: 19جمادى الثانية 1428ﻫ ق، 04/07/2007م.

المصدر: من كتاب قدوتنا الصديقة فاطمة الزهراء(ع)، دار الولاية للثقافة والإعلام.

التعليقات (0)

اترك تعليق