مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مدَّاحي أهل البيت في ذكرى ولادة السيّدة الزهراء(ع)

كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مدَّاحي أهل البيت في ذكرى ولادة السيّدة الزهراء(ع)20-04-2014

بسم الله الرحمن الرحيم


أبارك لكم أيّها الأخوة والأخوات الأعزَّاء -بلابل [مدّاحي] وشعراء غزل محبّة أهل البيت عليهم السلام وآل الرسول(ص)- ذكرى مولد السيّدة الطاهرة والمعصومة عليها السلام، وولادة قائد الثورة العظيم. 

الحمد لله على هذه الولادات، السِيَر وذكر الاستشهاد التي هي من النِعَم الكبيرة التي مَنَّ الله بها علينا، وهي مصدر إلهامٍ متواترٍ متتابعٍ لمجتمعنا الإسلاميّ والشيعيّ.
ذكرى ولادة أمير المؤمنين عليه السلام، وولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وولادة الإمام الحسن عليه السلام، وولادة الإمام الحسين عليه السلام، وولادة السيدة الزهراء عليها السلام، ذكرى هؤلاء النجوم الساطعة وأعلام هداية البشر، تحيا في القلوب، وهذه فرصة يجب اغتنامها. كما نحمد الله على هذه الاجتماعات التي تعقد منذ سنوات طوال، ببركة الأنوار الفاطميّة عليها السلام: فهي تثرينا وتثري أعمالنا وحياتنا، بل جميع أنحاء بلادنا[1]


".. ولكن أعينوني بورع"
بالتأكيد، لن يقدر [ذهن] عقلٌ بشريّ محدود، حساب وقياس أبعاد شخصيّات سماويّة وعُلويّة كشخصيّة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام. هذا ما ورد في أشعار الأصدقاء، فالعقل عاجزٌ عن تقييم وتقدير وقياس الأبعاد المعنويّة؛ لكن يمكن اتّخاذ السلوكيّات نموذجًا يُحتذى به. المقامات المعنويّة أمر، والسلوكيّات الماثلة للعيان أمرٌ آخر. هذا لا يعني أنّنا قادرون على استنساخ تلك السلوكيّات لأنفسنا؛ ليس الأمر كذلك؛ بل يمكن أن نستمرّ في المحاولة للوصول إلى ذلك. فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: "ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد وعفّةٍ وسداد"[2]، بعد أن بيّن أسلوب حياته في ذلك المقام السامي، ومع كلّ تلك الإمكانات وعيشه بكلّ زهد، قال: لن تقدروا أن تحيوا مثلي، لكن يمكنكم أن تعينوني عليه، كيف؟ "بورع"؛ بورعكم، باجتناب المعاصي بالاجتهاد والسعي والجهد. هذا واجبي وواجبكم. لقد وضعوا لنا الأهداف، ورسموا الأهداف الفرديّة والشخصيّة، وأيضًا الأهداف الاجتماعيّة والسياسيّة والعامّة. في مجال الأهداف الشخصيّة، فإنّ الوصول إلى أوج مقام الكرامة الإنسانيّة يبقى هدفنا الأسمى. وقد قُدّمت الكثير من الوعود، كي نتمكّن من التحليق عاليًا والذهاب إلى أبعد الحدود في هذا الأمر. قدراتكم أنتم الشباب أكثر بكثير من قدراتنا؛ هذا بالنسبة إلى لأهداف الشخصيّة. 

الحياة الطيّبة؛ الهدف الاجتماعي الأسمى
الأهداف الاجتماعيّة الكبيرة، إيجاد حياة طيبة إسلاميّة، ومجتمع إسلامي، مجتمع يُسنح فيه لأفراده الفرصة للوصول إلى تلك الأهداف: مجتمع عامر، مجتمع حرّ، مستقبل، مجتمع يتمتّع بالأخلاق السامية، مجتمع متّحد مترابط، مجتمع تقي زاهد. هذه هي أهداف المجتمع الإسلامي: [إيجاد] الدنيا التي هي دار عبور للآخرة، الدنيا التي لا بدّ أن ترسل الإنسان إلى الجنّة؛ من الأهداف الاجتماعيّة والسياسيّة المهمّة للإسلام.
لقد رسموا خطوطها أمامنا. كيف السبيل إليها؟ وكيف نُحقّق أهدافها؟ كما قال(ع): "أعينوني"، القول لأمير المؤمنين: ساعدوني؛ يعني أنّ كلّ ما سعى وجهد إليه أمير المؤمنين في حياته، قد أنفقه في سبيل هذا الهدف، وهو الوصول إلى هكذا دنيا بشريّة على مرّ التاريخ. ساعدوني (أعينوني) على تحقيق هذا الهدف. كيف؟ "بالورع" و"الاجتهاد"، بالسعي والجدّ، فالكسل ممنوع، البطالة ممنوعة، التعب ممنوع واليأس أيضًا ممنوع. عندما تتحقّق هذه الحركة العظيمة، تكونوا قد أسعدتم قلب السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام المبارك وقلب أمير المؤمنين؛ لأنّهما سعيا كلّ هذا السعي، وجاهدا كلّ هذا الجهاد، في سبيل تحقّق ذلك الهدف.
[...]
علينا أن نسعى. درس حياة الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء(ع) لنا هو: السعي والاجتهاد والجدّ والحياة بعفّة. كما كانت حياة تلك العظيمة؛ كلّها معنويّة، نورٌ وصفاء: "الطهرة الطاهرة المطهّرة التقيّة، النقيّة [الرضيّة] الزكيّة"[3]. لقد أَرْخت تلك الطهارة والنقاء والتقوى والنورانيّة بظلالها، على معارفنا طوال تاريخ التشيّع. 
[...]
أسأل الله لكم التوفيق أيّها الأعزّاء، لاسيّما الشباب الذين يمثّلون حقلًا واسعًا من العمل، وأسأل الله أن يثيبكم جميعًا جزيل الأجر وأن تشملكم رعاية حضرة بقيّة الله الأعظم (أرواحنا فداء له)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
________________________________________
1- بدأ عقد هذه الاجتماعات منذ عام 1984
2- نهج البلاغة، الرسالة رقم 45.
3- الزيارات الكاملة ص:310

  
  
المصدر:
www.tarbaweya.org
كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مدَّاحي أهل البيت في ذكرى ولادة السيّدة الزهراء(ع)20-04-2014

التعليقات (0)

اترك تعليق