مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

هذه هاجر.. وهذه زينب(ع)

هذه هاجر.. وهذه زينب(ع)

جاء في قصة إبراهيم الخليل(ع) إنه لما أراد أن يأخذ ابنه إسماعيل(ع) معه إلى منى ليقدمه قرباناً إلى الله تعالى، طلب من أمه هاجر أن تزينه وتلبسه ملابسه الفاخرة والنظيفة، حتى يأخذه معه إلى ضيافة خليله العزيز، وهو يقصد به ضيافة الله تبارك وتعالى، غير أنه كنى عنه بذلك، ولم يصرح أمام أمه بما يريده إشفاقا منه عليها.
فهيأته فأخذه معه وتلّه للجبين ووضع المدية على رقبته، وأخذ يحز بها رقبته حتى إذا أثر ذلك في عنقه بالحمرة فقط لا قطعاً، نزل جبرئيل ومعه كبش كبير وأمره بذبحه مكان ولده، فذبح إبراهيم الكبش ورجع بإسماعيل سالماً إلى أمه..
فلما وقع نظر الأم الحنون هاجر(ع) على موقع المدية وأثرها من الاحمرار على رقبة ابنها العزيز إسماعيل، خرت على الأرض مغشياً عليها، ثم لم تعش في الحياة بعد ذلك إلا قليلاً.
وبالمقارنة بين هذه الأم الحنون، وبين الأم العطوف السيدة زينب(ع) يعرف مدى صبر عقيلة بني هاشم على المصائب الكبرى، وتجلدها عند الافتجاع بالأحباب والأعزة.
فالسيدة زينب(ع) بدل تزيين هاجر ابنها إسماعيل تلبس ولديها محمداً وعوناً -وكل منهما إسماعيل عصره وزمانه- لأمة الحرب، وتطلب من أخيها الإمام الحسين(ع) أن يقبلهما فدائيين صغيرين له، وأن يأذن لهما في المبارزة والشهادة بين يديه.
والسيدة زينب(ع) تعرضت مكان رؤية هاجر احمرار رقبة ابنها إسماعيل المتأثر بإمرار المدية عليها، إلى رؤية جسد ولديها مقطعاً بالسيوف، موذراً على رمضاء كربلاء، فصبرت وغضت الطرف عنهما، وسكنت ولم تبك عليهما، وتجلدت ولم تذكرهما في مدح ولا رثاء، ولا في مناسبة أو مكالمة، كل ذلك إعظاما منها لأخيها الإمام الحسين(ع) وإكبارا له، [...]


المصدر: كتاب السيدة زينب(ع)، مؤسسة السيدة زينب(ع) الخيرية، بيروت، لبنان.
  

التعليقات (0)

اترك تعليق