التربية الإلهية للأطفال
لو أنّ الدنيا كانت خالية من الأنبياء أي كان هناك بشر دون أنبياء فإنّنا كنا نرى اليوم حكايات في الدنيا وفضائح لا يتمكن الإنسان من أن يرى نظيرها. الآن وقد قام الأنبياء بتحمّل العناء وشرّفوا البشرية بتعليمهم وتربيتهم رغم أن المنحرفين كانوا كثيرين أيضاً وقاموا بالوقوف في مقابل الأنبياء ودعوا الناس إلى الانحرافات. إلّا أنّ كل ما في الدنيا من بركات اليوم هو من الأنبياء. أنتم لو لاحظتم الملفات والقضايا الموجودة اليوم في المحاكم في جميع أنحاء الدنيا فإنكم لا ترون قضايا للأشخاص الذين يعتقدون بالأنبياء وتربّوا تحت عناية الأنبياء، فإن القضايا الجنائية التي تخصهم قليلة أو غير موجودة أصلًا. جميع قضايا الجنايات وجميع الملفات المالية والجنائية والإجرامية وأمثالها كلها تصدر عن الأشخاص البعيدين عن تربية الأنبياء، ولو فرضنا أن الأعمال التي يقومون بها أعمالاً صالحة، ولكنها ليست في طريق العبودية المستقيم. ومن كان يقوم بمثل هذه الأعمال كان كل همّه والتفاته إلى نفسه.
لو استطعتم أن تربّوا هؤلاء الأطفال بحيث يكونون من البداية يريدون الله وكل اهتمامهم نحو الله ولو تمكنتم من إلقاء وتلقين عبودية الله والصلة مع الله لهؤلاء الأطفال، والأطفال يقبلون بسرعة، إذا ألقيتم إليهم التربية الإلهية وعبودية الله الذي كل شيء له، وقبلوا ذلك فإنكم قدّمتم إلى المجتمع خدمة وبعد ذلك سيكون لتعبكم قيمة. ولا قدّر الله لو قدم شيء خلاف هذا لهذه الأمانة وأياً كان الذي قام بهذا فإنه يكون قد ارتكب خيانة، وهذه الخيانة غير جميع الخيانات هذه خيانة بالإنسان وخيانة بالإسلام وخيانة لعبودية الله.
يجب الانتباه جيداً، لقد اخترتم عملاً سامياً جدّاً ولكن يجب أن تنتبهوا إلى مسؤوليته. ربّوا فالمهمّ هو التربية، العلم لوحده لا فائدة منه. العلم لوحده مضرّ. أحياناً هذا المطر الذي هو رحمة إلهية عندما يلاقي الورود ينتشر عبقها وأريجها وعندما يلاقي الأشياء القذرة فإنّ رائحتها القذرة أيضاً تتصاعد. العلم هكذا أيضاً لو دخل العلم إلى قلب رُبِّيَ فإنّ عطره يملأ العالم. ولو دخل قلباً لم يتربّ فإنّ فساده يملأ العالم، فإذا فسد العالِم فسد العالَم، وإذا كان صالحاً فإنّه يصلحُ، ولهذا الصلاح شعاع من النور يوصل الناس إلى السلام والإصلاح والحسن. وأنتم تتصدّون لمثل هذا العمل أنتم تتصدّون لإيصال هذا العالم إلى النور من الظلمات. حاولوا إظهار نورانية الأطفال النورانيين لتتفتّح مواهبهم. أنتم تتصدّون لأمر جليل قوموا بتربيتهم تربية إسلامية صحيحة حتى ينال بلدكم -إن شاء الله- سعادته(1).
الهامش:
1- صحيفة الإمام الخميني، ج14، ص 36.
المصدر: التربيّة الأسريّة: دروس في ثقافة التربيّة الزوجيّة والأسريّة، مركز نون للتأليف والترجمة. ط1، جمعيّة المعارف الإسلاميّة الثقافيّة، بيروت، 2013م.
اترك تعليق