مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الصائمون الصغار

الصائمون الصغار

يشعر محمد (سبع سنوات) بالحماسة لمجيء شهر رمضان هذا العام، فهي المرة الأولى التي سيصوم فيها، كما يقول. مع العلم أن والديه لا يفرضان عليه ذلك لأنه صغير لكنه يصرّ على الصّوم مثلهما. فهل يدرك محمد معنى الصيام؟ وكيف يمكن للأهل تعويده على الصوم؟

*صوم الطفل إنجاز كبير:
قديماً كان لصوم الأطفال نكهة خاصة حيث كان يصرّ الأهالي على إيقاظهم وقت السحور، ليس لمشاهدة المسحِّر الذي يحب الأطفال رؤيته فحسب، بفانوسه وطبلته وسلّته التي يجمع فيها ألوان الأطعمة لسحوره، بل ليعتاد الأطفال على أجواء الصوم وتمهيد ذلك لهم، وكان الأهل يسعون لإقناع أولادهم بالصوم فقط حتى الظهر، وإذا صام الطفل نهاراً بكامله تحتفل أسرته بهذا الإنجاز.
علينا أن نوضح لأبنائنا المعنى الحقيقي للصوم وأنه ليس فقط الابتعاد عن الطعام والشراب كما قد يتصوّر بعض الناس، بل إن في الصوم فوائد اجتماعية وخلقية، فيعتاد الصائم على الصبر وقوة التحمّل والإرادة والعزيمة والمراقبة والانضباط الذاتي، أضف إلى ذلك أمراً أساساً وهو إحساس الغني بآلام الفقير الذي لا يجد قوت يومه. وهذه المعرفة عن الصوم ضرورية للمسلم الصغير.


*تعويدهم على الصوم وسن التكليف:

لا بدّ من إعداد الأبناء نفسياً وجسدياً على الصوم عند بلوغ سبع سنوات. يُطلب من الولد الامتناع عن الطعام والشراب لمدة ثلاث ساعات يومياً، ويفضّل البدء من العصر حتى الإفطار، على أن يتمّ ذلك مرة أو مرتين كلّ أسبوع، ثم نزيد عدد الساعات بالتدريج حتى الوصول إلى سن التكليف فيقدر على الصيام دون تعب.

عيسى طفلٌ يبلغ من العمر 8 سنوات، يقول: "بدأت أمي تعوّدني على الصوم من العام الماضي. كنت أصوم حتى الساعة الواحدة ظهراً ثم أتناول الطعام والشراب، ولكني هذا العام سوف أصوم حتى المغرب مثل أبي وأمي وإخوتي وسوف أقرأ القرآن".
أما نجوى ذات السبع سنوات، تقول: "أحب الصوم كثيراً وأنا سأصوم مثل ماما وبابا كل اليوم". أما أم نجوى فلها رأي آخر إذ ترى أن ابنتها ذات بنية ضعيفة جداً، لذا ستحاول أن تبدأ معها بالتدريج وتقول: "سأحاول التدرج معها حتى الظهر هذا العام".


*كيف نجعل لحظات الصيام سعادةً في قلوبهم؟

من المهم جداً أن يرى ويسمع الولد أو البنت مظاهر الحفاوة والابتهاج بهذا الشهر الكريم. يشاهد هذه السعادة الكبيرة من والديه وإخوته فتظل هذه الذكريات محفورة في داخله، تجعله يحبُّ الشهر ويترقّبه بكل شوق وشغف.


*نصائح لإعانة الصائمين الصغار:
إليك أهم الأمور التي تعين الطفل على الصوم في شهر رمضان:
1
- تحفيزه بإعطائه مكافأة عن كل يوم يصومه‏.‏
2‏- التدرّج معه حسب سنّه‏.‏
3- الإكثار من الثناء عليه أمام الأسرة حين يصوم.‏
4- عدم وضع الحلويات والطعام المفضّل أمامه قبل الإفطار حتّى لا تضعف عزيمته‏.‏
5- إشاعة جوّ ديني وبهجة حتى يشعر بأهميّة هذا الشهر واختلافه عن باقي الشهور‏.‏
6- يجب عدم السماح للطفل بصيام الأيام التي لم يتناول فيها السحور.
7- الانتباه إلى قدرات الأطفال المتفاوتة بينهم فلا نكلّفهم نفس التكاليف.
8- تشجيعه على تناول الفواكه، وشرب الماء أو العصائر خلال الفترة ما بين وجبة الإفطار والسحور، لتعويض ما فقده من فيتامينات وسوائل خلال يوم طويل.
9- ضرورة ضبط نشاط الطفل في أثناء ساعات الصوم، وتجنيبه الأنشطة البدنية التي تزيد من إحساسه بالعطش والجوع.
10- تقديم الأطباق التي تحتوي على النشويات والبروتينات والدهون غير المعقدة والفواكه والخضراوات، بحيث تمنح الطفل كافّة احتياجاته الغذائيّة.
11- عدم الإسراف في مائدة الإفطار، ما يؤدي إلى رمي الطعام الزائد، فذلك يُشوّش تفكير الطفل، "كيف يقول لي أهلي إن من أهم معاني الصيام الشعور مع الفقراء، وها هم يرمون الطعام الفائض؟" فلا نستخفّ بقدراته الذهنيّة.

وأخيراً، شهر رمضان فرصة عظيمة ينبغي أن نستفيد منها: لنا، وفي تربية أبنائنا.


المصدر: مجلة بقية الله، العـــــدد 274

التعليقات (0)

اترك تعليق