مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الوقاية خير من العلاج...

الوقاية خير من العلاج..ما هو السيء وما هو الجيد في سلوك الطفل والحل؟

علينا أن نعرف ككبار أن الأطفال يتشابهون في تصرفاتهم ومشكلاتهم والإختلاف يأتي من خلال أهمية دور التنشئة الأسرية والاهتمام بها، ولذلك علينا أن نعرف بأن مرحلة الطفولة والإهتمام بها هي أهم المراحل لأنها الركيزة الأساسية للسنوات القادمة، فأي مشكلة لها حل ولذلك يجب أن نهتم بجذور المشكلة وليس بنتائجها، والوقاية خير من العلاج.. وعلينا معرفة كيفية تعامل الأهل مع المشكلات السلوكية في وقت مبكر لمساعدتهم على معالجتها والسيطرة عليها لحظة وقوع الطفل في مصيدتها.. وهذا ما نعرفه من خلال التغير المفاجئ والمفرط لسلوكيات الطفل الذي يخرجه عن الحدود الطبيعية له مقارنة مع أقرانه، لافتاً انتباه الأشخاص المحيطين من حوله كأفراد أسرته ومعلمته وأقرانه في المدرسة، فمثلاً سلوك التخريب والذي يتمثل بقيام الطفل بتخريب وتفكيك لعبه، أو العبث بأثاث المنزل، أو اللجوء إلى الكتابة على الجدران وعلى المقاعد، وعلينا أن نعرف إلى أن أهم الأسباب التي تدفع الطفل للقيام بهذا السلوك هو اكتشافه للأشياء المحيطة به.
ولكن هناك بعض الأطفال يكون نشاطهم الجسدي أكثر من المألوف ويقبلون على العبث بشكل حاد، إما يكون سببه إفرازات في الغدة الدرقية أو أن مصدره أسباب انفعالية مرتبطة بعوامل أسرية ومدرسية.
ولذلك علينا التعامل معها بمعرفة السبب أولاً وإيجاد الحل المناسب لتنظيم حركته وتوجيهها الوجهة الصحيحة عن طريق قراءة القصص المحببة أو اللعب بالماء بطريقة تفرحه، أو تخصيص ركن للطفل ليلعب فيه ويمارس نشاطه ومساعدته على تفريغ النشاط الجسدي من خلال ممارسة الطفل للألعاب التي يحبها والتي تناسب مع عمره وقدرته، ولكن الإفراط في النشاط تتطلب مراجعة الطبيب واستشارته.
وعلينا أن نعرف أن الأسرة المتحابة تخلّص الطفل من كثير من سلوكاته غير المحبذة وتجعله يحب الآخرين والأسر ذات الطبع الحاد والتي تفتقر إلى العاطفة طريقها سالك للاكتئاب والتشاؤم والحزن، فحالات التوتر القلق والضغوطات النفسية والاجتماعية التي تنتاب الأطفال خلال مراحل تكوينهم بشكل عام دون الولوج أو الانتباه إلى مرحلة الطفولة وما يكتنفها من تصورات ونوبات تنذر بخطر الإكتئاب، ربما لشعورهم أنهم منعزلون تنتابهم مخاوف عدة منها، عدم الانتباه، مشكلات في التفكير، وهذا الواقع نجده لدى الأغنياء والفقراء من الأطفال، ولذلك ترى هؤلاء الأطفال يعانون من عدم القدرة أو العجز في الكفاءة العاطفية؛ أولها عجزهم عن اكتساب المهارات في إقامة العلاقات من ناحية وأسلوب تفسير النكسات الذي يفاقم الاكتئاب من ناحية أخرى، فيما المؤكد أن الاستعداد للاكتئاب يرجع إلى عوامل وراثية وأخرى منها يرجع إلى عادات في التفكير المتشائم الذي يعرّض الأطفال للتفاعل مع هزائم الحياة الصغيرة.
ومهما كانت الأسباب فإن الاكتئاب هو ظاهرة عالمية تصيب الصغار اليافعين على السواء وتتعقد مع تقدم العمر مما يشكل مشكلة حادة عند العديد من الدول الغنية والفقيرة على السواء وخاصة في المناطق التي تشهد أحداثاً سياسية ساخنة وارتكاب العنف بوسائل مختلفة، وهذا ما أكثره في عالمنا المعاصر وأن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فالآباء يربون أولادهم على قيم معينة ليخرجوا بها إلى الحياة.
لكن الواقع منقلب رأساً على عقب، وهنا الصراع في سلوك الطفل على أشده، ما هو السيئ وما هو الجيد، والحل؟!
1- المناقشة والحوار الدافئ والمقنع حتى يقتنع بالشيء الذي نريد منه عمله، وحتى لا يشعر هو بأنه مجرد أمر من والديه،
2- الإبتعاد عن النقد والعقاب العنيف لفظياً أو جسدياً.
3- عدم صياغة طلباتنا من الطفل بطريقة تشعره بأننا نتوقع منه الرفض.
4- عدم وضعه بالعناد على مسمع منه أو مسمع من الآخرين أمامه, ودون مقارنته بالآخرين.
5- اعتماد المدح والثناء والجزاء عند فعل أي شيء إيجابي وتجنب الثناء المادي حتى لا يدخلنا هذا في مشكلة ثانية، وهي ربط الطفل للعمل الإيجابي الذي يقوم به بالمال أو بالشيء المادي، مثلاً "أخذت علامة 10 من عشرة هات مئة ليرة".
6- منح الطفل عدة خيارات وترك له حرية الإنتقاء مع إبداء رأينا في الانتقاء من باب الحوار والنقاش، وليس من باب فرض الرأي "لأن كل ممنوع مرغوب".
7- عندما نحاول عقاب الطفل يجب إبداء الحزن من سلوكه وليس الغضب، على سبيل المثال: إذا ثار لأنك طلبت منه ترتيب لعبه فانتظر لحظة حتى تهيئ نفسك وبعد ذلك أكد له لم أنت حزين لأن سلوكه سيسبب له العقاب؟!
الرد بهذه الطريقة يجعل الصراع داخل الطفل وليس بينك وبينه، إنك تريد أن تركز الطاقة العقلية عند الطفل على حل المشكلة وليس لجعله يغضب منك ويحقد عليك.
إن استخدام نبرات الحزن في صوتك يجعل الطفل يغضب من العاقبة أو النتيجة التي اكتسبها وليس منك أنت، وذلك يساعدك على تجنب الدخول في جدال، مثلاً إذا تفوه بألفاظ سيئة فعليك أن تقول بهدوء: "إنني آسف على تصرفك بهذه الطريقة ثم اذهب بعيداً عنه".
8- لا تكن دائماً انتقادياً لسلوك الطفل: لوح له من بعيد بأن سلوكه خاطئ؛ لأن التربية الانتقادية تسبب الخوف من الآخر، وتجعل الطفل شكاكاً في سلوكه، متردداً، غير واثق من نفسه.
9- أتح له حرية الحركة حتى ولو فشل: فالمحاولة والخطأ هي التي تثبت التجربة إن كانت صحيحة أو خاطئة.
10- اتركه يفعل ما يحبه وراقبه من بعيد واجعل علاقاته مع الآخرين محببة لك وله: فقد يؤدي سلوك التخويف والإحراج وسلوك الابتعاد عن الآخرين إلى الانعزالية عند الطفل.
11- شجعه على الانخراط مع أقرانه وحبب لديه سلوك التعاون.
12- اسمع منه ما يعانيه وأفسح له مجالاً ووقتاً: ولا تجعل الوقت الذي تستمع إليه منه وقتاً مملاً ومضجراً متأففاً منه ومن مشكلته؛ بهذا يبتعد عنك ولا يجعلك صديقه الصدوق..
هذا ما نقوله للآباء، فأنتم أصدقاؤنا قبل الآخرين وأنتم الملاذ الوحيد أمام المشكلات التي تعترضنا، فوجودكم يريح أعصابنا ويشعرنا بالدفء والحنان والأمان والحماية دون تسلط لنختبر الحياة ولننضج بطريقة متوازنة ومتكيفة ومرنة.
والأهم من هذا كله الصدق والصراحة بين الطرفين والتي تخلق بدورها المزيد من النجاحات، ولا أعني النجاحات دون الكبوات أو انتفاء المطبات أبداً، فحتى نقوى لابد لنا من جراح بين الحين والآخر؛ لأن الجراح أحياناً تقوّي الإنسان وتجعله يخرج من المحنة أقوى بشكل أكثر، وكلنا يعرف بأنه دائماً "لكل جواد كبوة" ولكن الجواد يبقى جواداً فهو عنوان الأصالة والكبرياء.
علينا أن نعلّم أولادنا بأن الفشل ليس نهاية العالم، بل على العكس الفشل دليل على العمل والنشاط طبعاً مع الإصرار على النجاح وهذا دليل على الوصول إلى ما نريد، وما نريده كثير فبالعمل والمحبة نصل.

المصدر: مجلة الباحثون، العدد52.

التعليقات (0)

اترك تعليق