آثار تسبيح السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام العلاجيّة
لم تقتصر آثار تسبيح فاطمة صلوات الله عايها على الآثار الأخرويّة والدنيويّة وإنما له آثاراً علاجيّة، فقد دلّت الروايات الشريفة على فوائد تسبيح فاطمة في العلاج من بعض الأمراض وهو كالآتي:
أولاً: تسبيح فاطمة ينفع لعلاج ضعف القلب والبدن:
روى الحر العاملي مسنداً عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال:
من أصابه ضعف في قلبه أو بدنه فليأكل لحم الضأن باللبن فإنه يخرج من أوصاله كل داء و غائلة و يقوي جسمه و يشد لثته و يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيي و يميت، و يميت و يحيي و هو حي لا يموت؛ يرددها عشر مرات قبل نومه ويسبح بتسبيح فاطمة عليها السلام و يقرأ آية الكرسي و قل هو الله أحد"(1).
ثانياً: يستخدم تسبيح فاطمة عليها السلام لعلاج قلة السمع:
روى الطبرسي أنه: "دخل رجل على أبي عبد الله عليه السلام وكلمه فلم يسمع كلام أبي عبدالله وشكا إليه ثقلاً في أذنيه فقال –عليه السلام- له: "ما يمنعك أو أين أنت من تسبيح فاطمة عليها السلام؟". فقال له: جعلت فداك وما تسبيح فاطمة؟ فقال –عليه السلام-: "تكبّر الله أربعاً وتحمد الله ثلاثاً وثلاثين وتسبّح الله ثلاثاً وثلاثين تمام المائة". قال: فما فعلت ذلك إلا يسيراً حتى ذهب عني ما كنت أجده"(2).
وعليه فإنّ هذه الأحاديث الشريفة التي كشفت عن أهميّة هذا التسبيح وحجم آثاره التي تنوعت فكان منها للآخرة ومنها للدنيا، ومنها للعلاج؛ فإن كل هذا وغيره يكشف كذلك عن تمسّك الأئمة عليهم السلام بهذا التسبيح وحثّ شيعتهم عليه والتزامهم به وتعليم صبيانهم وبناتهم عليه إلى المستوى الذي يظهر فيه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حجم هذا التمسك بتسبيح فاطمة عليها السلام فلم يدعه حتى في ليلة صفين.
فقال عليه السلام: "فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم". فقال له ابن الكواء الناصبي ولا ليلة صفين؟ فقال عليه السلام: "قاتلكم الله يا أهل العراق، ولا ليلة صفين"(3).
وحديثه عليه السلام كان في بيان صدور تسبيح فاطمة عليها السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن هذه الكلمات قد علمها جبرائيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعلمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وفاطمة صلوات الله عليهما ولعلم الإمام علي عليه السلام بفضل هذه الكلمات وآثارها الدنيويّة والأخرويّة لم يدعها منذ أن علمها له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى في أشد الأوقات انشغالاً كليلة صفين التي كان يقاتل فيها عليه السلام جيش الشام وقد اشتدت ضراوة القتال(4).
فضلاً عن ذلك: فقد دخل أبو هارون المكفوف على الإمام الصادق عليه السلام فقال له: "إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام كما نأمرهم بالصلاة فألزمه، فإنه لم يلزمه عبد فشقي"(5).
وكي يكتمل الأجر والثواب ويزداد المؤمن نفعاً في الدنيا والآخرة، فقد أرشد أئمة الهدى المؤمنين إلى اتخاذ سبحة من طين قبر أبي عبدالله الحسين عليه السلام بعذذ هذه التسبيحات كما فعلت فاطمة صلوات الله عليها حينما علمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا التسبيح.
فعن الإمام أبو عبدالله الصادق عليه السلام قال:
"من سبح بسبحة من طين قبر الحسين (عليه السلام) تسبيحة كتب الله له أربعمائة حسنة، ومحا عنه أربعمائة سيئة، وقضيت له أربعمائة حاجة، ورفع له أربعمائة درجة". ثم قال: "وتكون السبحة بخيوط زرق أربعا وثلاثين خرزة وهي سبحة مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام، لما قتل حمزة عملت من طين قبره سبحة تسبح بها بعد كل صلاة(6)".
الهوامش:
1- الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي: ج3، 168؛ البحار للمجلسي: ج73، ص 194.
2- مشكاة الأنوار للطبرسي: ص 398؛ مستدرك الوسائل للطبرسي: ج5، ص37؛ البحار: ج82، ص 334.
3- الغارات للثقفي: ج2، ص739؛ مسند أحمد بن حنبل: ج1، ص 107، صحيح البخاري، كتاب النفقات: ج6، ص 193.
4- أما قوله لابن الكواء الناصبي الذي أنكر عليه قوله فقال عليه السلام: "قاتلكم الله يا أهل العراق"، فذاك لكون ابن الكواء من أهل الكوفة فنسبه عليه السلام إلى بلده الذي امتاز أهله بالجرأة على الحاكم ولم يفرقوا بين كونه تقيّاً كعلي أمير المؤمنين عليه السلام أو غير تقي من الحكام الذين تولوا هذا البلد؛ فقد شهد التأريخ بجرأة أهل العراق على كل من تولى هذا البلد.
5- الأمالي للصدوق: ص 579.
6- جواهر الكلام للعلامة الجوهري: ج10، ص 406؛ مستدرك الوسائل: ج5، ص 56.
المصدر: كتاب هذه فاطمة صلوات الله عليها، السيد نبيل الحسيني، إصدار شعبة الدراسات الإسلاميّة في قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة في العتبة الحسينيّة المقدسة، ج6
اترك تعليق