مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

من وصية الشهيد مصطفى علي حسون إلى والدته

من وصية الشهيد مصطفى علي حسون إلى والدته

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين خاتم الأنبياء محمد(ص)
سلام إلى كل قطرة دم من شهيد، سقطت في سبيل الرحمن...
سلام إلى كل شهيد وهب نفسه لله سبحانه وتعالى لينال الدرجة المحترمة من الجنة كي يشفع لأهله وللمؤمنين...
سلام إلى كل شهيد سقط وهو يصرخ بأعلى صوته: "هل من ناصر حسيني– لبيك يا خميني"...
سلام إلى كل شهيد سقط وهو يتخبط بدمائه الزكية الطاهرة تاركاً جسده في الأرض ليبدله بجسد طاهر نقي عند الله...
سلام إلى كل شهيد رفع رأس أمته الإسلامية وشارك بدمه وهو يقول ويردد: الله أكبر الله أكبر النصر للإسلام...
سلام إلى كل شهيد فجّر نفسه لكي يمهد إلى ظهور إمامنا الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه الشريف).
سلام إلى كل شهيد وقع على الأرض حاملاً نصره العزيز...
سلام إلى كل شهيد كان في اشتياق إلى الشهادة لكي يلتقي أبا الشهداء أبا عبد الله الحسين شهيد الإسلام، وأبا الشهداء في كربلاء...
سلام إلى كل شهيد كان في انتظار لقائه مع الرسول الأكرم الأفضل محمد(ص)...
سلام إلى كل شهيد كان ينتظر لقاءه وبكل شوق مع الذي يوم استُشهد صرخت له السماء "لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار"([1]).
سلام إلى كل شهيد كان في انتظار لقاء وجه ربه العظيم، وجه ربه الكريم، وجه ربه الحليم، الذي رحمه في هذه الشهادة وتقبل شهادته، واضعاً كتابه في يمينه، وجعله من الأبرار ومن أصحاب اليمين وفي جنات النعيم ينظر إلى أهل الشياطين، ينظر إلى الطواغيت، ينظر إلى كل الكفرة الذين كانوا يحاربونه، ويذبحون أهله ويشردونهم ويسرقونهم ويعتدون عليهم بالأذية والعذاب، "وما متاع الدنيا إلا قليل".


نعم يا والدتي: سلام عليكِ أنت التي سوف يكون عندكِ الدرجة الكبرى إن شاء الله.
أنا ابنك الشهيد، رواني الحسين(ع) من كأسه... أنا ابنكِ الشهيد، علّمني الحسين(ع) كيف أسير... أنا ابنكِ الشهيد الذي كان يصرخ وبصوت عالٍ: "هل من ناصر حسيني! لبيك يا خميني!".
أنا ابنك الشهيد الذي تعلَّم درب الشهادة من أبي الشهداء، ومن كل الشهداء... أنا ابنكِ الشهيد الذي كان يحنو إلى الشهادة مثل الطفل الذي يحنو إلى ثدي أمه... أنا ابنك الشهيد الذي أبى إلا أن يفوز الفوز العظيم... أنا ابنك الشهيد الذي ربّته أمه وسهرت عليه الليالي، وكما تقول دائماً "في كل شبر نذر"... فعلاً يا أماه لقد فزت، أنت أيضاً أريدك أن تفرحي، أريدك أن لا تبكي، أريدك أن لا تحزني، أنا ابنك الشهيد، ارفعي رأسك عالياً، افرحي وافتخري في أنّ ابنك شهيد، ارفعي رأسك إلى السماء، وجهي وجهك إلى الله، ومدِّي يدك إلى السماء، وقولي وبصوت جميل صافٍ كما قالت زينب أم المصائب الكبرى(ع) وهي واقفة فوق جسد إمامي وسيدي أبي الشهداء الحسين(ع) المقطّع بالسيوف: "اللهم تقبل منا هذا القربان"!([2])
لا تحزني ولا تزعلي، لا تبكي يا نور عيني، وقولي لله "ربنا تقبل منا هذا القربان"، وزِّعي عن روحي، فوالله لن أنسى، أنت الأم الطاهرة، وأنت الحنونة، وكيف أنسى التي تعبت وجاهدت في سبيل تربيتي وتغذيتي، ويجب عليكِ أنتِ أن لا تنسي بأنك تعبت عليّ وسهرت الليالي وأنشأتني النشأة الصالحة والحمد لله.
يا أيتها الحاجة الفاضلة بارك الله فيك، يا أيتها اللؤلؤة الزهراء.. قفي الآن وعانقي سيدتنا فاطمة  الزهراء(ع) أم الشهداء، قفي يا أمي بقربها، لأن ابنك أيضاً شهيد، والحمد لله، وقولي: أنا أم الشهيد، أنا أم الذي كان يصرخ يا لثارات الحسين، أنا أم الذي رفض العيش في الذل، أنا أم الذي كان فداءً لابن الزهراء.
أنا الأم التي سهرت الليالي كي أطمئن على ولدي في جنات عدن التي وعد بها الرحمن عباده الصالحين، فهنيئاً له هذا الشهيد، وهنيئاً لكل شهيد، ولكل أم شهيد.
والآن أقول لكِ وفي كتابتي الأخيرة، وفي اللَّحظات الأخيرة، وداعاً أمي... وداعاً أمي... لن تريني بعد هذا اليوم.
أنا شهيد... أنا شهيد... لن تريني بعد هذا اليوم...

 



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابنكِ الشهيد مصطفى علي حسون
1985
وأدعوا الله إن شاء الله نلتقي في الآخرة.


________________________________________
([1]) الشيخ الخراساني، وحيد: منهاج الصالحين. (د.ط)، (د.ن)، (د.م) (د.ت). ج1. ص259.
([2]) القرشي، محمد: حياة الإمام الحسين C. ط1، مطبعة الآداب، النجف (1975م). ج2. ص301.



المصدر: موقع شهيد.


التعليقات (0)

اترك تعليق