شهيدات الثورة الحسينية
1- السيدة رقية مهجة قلب الحسين(ع):
بعد أن رفض الإمام الحسين (ع) مبايعة يزيد، قرر الخروج من المدينة إلى مكة، ومنها شطر كربلاء، حاملاً معه أهل بيته ونساءه وأصحابه، وكانت رقية من جملة اللواتي "شاء الله أن يراهنّ سبايا"(1).
فمن هي السيّدة رقية؟
معنى رقيّة:
أُخذ هذا الاسم من الترقي والسمو والترفع والعلو أو هو تصغير لطيف اللفظ، رقيّة بمعنى الدعاء والابتهال إلى الله في شأن أصحاب البلاء(2).
ولادتها:
كانت ولادتها المباركة سنة 57 أو 58هـ. وبناء عليه، يكون لها من العمر ثلاث سنوات، أو أربع سنوات حين شهادة أبيها الحسين(ع)، وقد ذكر بعضهم أنّ عمرها الشريف خمس سنوات، وأمّها شاه زنان بنت كسرى يزدجر، فهي شقيقة الإمام زين العابدين(ع) وعلي الأصغر، وهي أصغر بنات الحسين(ع) الأربع أي زينب وفاطمة وسكينة.
ولذا، كانت لها مكانة خاصة في قلبه، وبدورها، كانت كثيرة التعلق بأبيها ولم تفارقه حتى في الوقت الذي تهجع فيه عيون الأطفال للنوم، فقد نقلت بعض كتب التاريخ أنها كانت تستيقظ ليلاً لتُجهّز سجادة الصلاة لأبيها وهي جالسة بقربه حال تأديته لصلاة الليل، وكان يُكثر من ضمّها إلى صدره(3).
سبيها إلى الشام وشهادتها:
حضرت السيّدة رقية(ع) واقعة كربلاء، ورأت بأُمّ عينيها الفاجعة الكبرى والمأساة العظمى، لما حلّ بأبيها الإمام الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه من القتل، ثمّ أخذت أسيرة مع أسارى أهل البيت(ع) إلى الكوفة، ومن ثمّ إلى الشام، وفي الشام أمر اللعين يزيد أن تسكن الأسارى في خربة من خربات الشام.
وقد نقل المحدّث الخبير سماحة الشيخ عباس القمّي عن كتاب "الكامل" للبهائي: أنّ نساء أهل البيت(ع) أخفين على الأطفال شهادة آبائهم وقُلن لهم: أنّ آباءكم قد سافروا إلى كذا وكذا وكان الحال على ذلك المنوال حتّى أمر يزيد أن يدخلن داره وكان للإمام الحسين(ع) بنت صغيرة لها أربع سنين قامت ليلة من منامها وقالت: أين أبي الحسين(ع) فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطرباً اضطراباً شديداً.
ولمّا سمعت النسوة ذلك بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال وارتفع العويل، فانتبه يزيد من نومه وقال: ما الخبر؟ ففحصوا عن الواقعة وقصّوها عليه، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها، فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطّى بمنديل، فوضع بين يديها، فلمّا كشفت الغطاء رأت الرأس الشريف نادت: يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك؟ يا أبتاه من الذي قطع وريدك؟ يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سنّي؟ يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟ يا أبتاه من لليتيمة حتّى تكبر؟
ثمّ إنّها وضعت فمها على فمه الشريف، وبكت بكاءً شديداً حتّى غشي عليها، فلمّا حرّكوها فإذا هي قد فارقت روحها الحياة وذلك في الخامس من شهر صفر سنة 61 هـ، فلمّا رأى أهل البيت (ع) ما جرى عليها أعلوا بالبكاء، واستجدّوا العزاء، فلم ير ذلك اليوم إلاّ باك وباكية، ودفنت في دمشق، وقبرها معروف يزار(4).
3- أول شهيدة في معركة الطف:
وهي اُم وهب بنت عبد، زوجة عبد الله بن عمير، الشهيد بأرض الطف يوم عاشوراء مع سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين عليه السلام.
يروى أنه حينما قُتل عبد الله بن عمر الكلبي في واقعة كربلاء الشهيرة وكان من أصحاب الحسين عليه السلام، مشت إليه زوجته أم وهب وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول: هنيئاً لك الجنة، أسأل الله الذي رزقك الجنة أن يصحبني معك.
فقال الشمر لغلامه رستم: اضرب رأسها بالعمود فشدخه وماتت مكانها، وهي أول أمرأة قتلت من اصحاب الحسين(ع)(5).
الهوامش:
1- مختصر بصائر الدرجات، الحسن بن سليمان الحلّي، ص132.
2- مراقد أهل البيت بالقاهرة لمحمد زكي إبراهيم.
3- مجلة بقية الله، العدد220، ص20.
4- يراجع: كامل البهائي، ج2، ص179، معالي السبطين، ج2، ص170.
5- ينظر: أعيان الشيعة 3: 482، رياحين الشريعة 3: 30، تأريخ الطبري 5: 429، الكامل في التأريخ 4: 69، البداية والنهاية 8: 181، أعلام النساء 5: 290.
اترك تعليق