“أربعين” الإمام الحسين صدفة أم سرّ الهي؟
تأتي ذكرى أربعين الإمام الحسين(ع) لتعلن انتهاء قصة سبي عترة الرسول محمد(ص)، فما بين العاشر من المحرم والأربعين رحلة شقاء طويلة لآل البيت(ع) انتهت بعودة الرؤوس إلى الأجساد الطاهرة.
تاريخيا الزيارة بدأت عندما جاء الصحابي الجليل جابر ابن عبد الله الأنصاري إلى كربلاء في العشرين من صفر لزيارة قبر الإمام الحسين(ع) والتقى هناك بآل البيت(ع)، لكن السؤال الأهم لماذا “الأربعين”؟ حيث يطرح البعض سؤالا حول هذا المفهوم كرقم. طبعاً بعض الأرقام أخذت قدسيّة عند الناس بصورةٍ عفويّةٍ، مثل: أصحاب الكساء خمسة، الأئمة الاثنا عشر..
أما بالعودة إلى العدد “الأربعين”، فقد استعمل في كثير من الموارد، مثلا روي عن بني إسرائيل أنّهم كانوا يتوسّلون إلى الله تعالى أربعين يوماً حتّى يستجاب لهم. مضمون هذا العدد قد ورد في رواياتٍ كثيرة، فأربعينيّات الصوفيّين -سواء كانت صحيحة أم فاسدة- منشؤها تلك النصوص. وقد تحدّث العلّامة المجلسي بالتفصيل في كتابه بحار الأنوار، عن الاستفادة الخاطئة والفهم غير الصحيح، عند المتصوّفة، لتلك الروايات الأربعينيّة.
الشيخ الغروي: الأربعين حظي باهتمام كبير ضمن روايات أهل البيت
وحول هذا الموضوع يشير الشيخ مهدي الغروي إمام مسجد بلدة القماطية في جبل لبنان في حديث خاص “لوكالة شفقنا” إلى أن هناك الكثير من الكلام حول هذا العدد وما يحمل في طياته من دلالات ومضامين، معتبرا أن هناك أمور في الدين لها أسرار قسم منها واضح والآخر لا نستطيع الدخول في عمقه.
وأضاف الشيخ الغروي “إن كلمة الأربعين استعملت في كثير من الموارد ففي القرآن الكريم جاء هذا العدد في عدة أماكن، في قصة النبي موسى مع ربه في طور سناء حيث استمرت مناجاته أربعين يوما، وفي سورة الأحقاف: ”ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي…” فنلاحظ من هذه الآية أن كمال الإنسان العقلي من النضج يكون عند بلوغه الأربعين سنة.
وبالنسبة للأحاديث التي تتضمن هذه العبارة يقول الشيخ الغروي: “إن هذا الرقم له الكثير من الاهتمام على لسان الروايات الواردة في مدرسة أهل البيت منها:” من أخلص لله تعالى أربعين صباحا ينطق الله على لسانه الحكمة، أو من حفظ أربعين حديثا أو من دعا لأربعين مؤمن ومؤمنة”، حتى أن النبي محمد بعث في سن الأربعين، ومن الأمثلة أيضا مراحل نمو الجنين في رحم أمه منذ أن يكون نطفة يبدأ بالأربعين الأول بعدها الثاني والثالث وهكذا..
أربعينية الحسين من الشعائر الإلهية
ولفت الشيخ الغروي أن كلمة “الأربعين” في المنطق الإسلامي لها الكثير من القداسة والدقة ولها أسرار، لهذا فإن زيارة الإمام الحسين الأربعينية دخلت ضمن الشعائر الإلهية وأصبحت معلما من معالم إيمان الإنسان، كما أن المؤكد أنه ليس هناك أي شيء في هذا العالم صدفة، كله موجود ضمن تخطيط إلهي، من أجل أن يتعرض الإنسان إلى المزيد من التربية الأخلاقية والإيمانية ليزداد تقربا إلى الله سبحانه وتعالى.
“قـم جـدد الـحـزن فـي الـعـشـرين من صفر فـفـيــه رُدت رؤوس الآل لــلــحــفــر”
إذا في هذا البيت الشعري للسيد هاشم الستري البحراني تختصر الذكرى ويجدد العزاء باستشهاده. فأربعين الإمام الحسين مكمل للعاشر من محرم كدليل على أن الإمام الحسين لم يمت بل خلده الله على مر السنين، وعلى الرغم من الصعاب التي عانى منها محبو أهل البيت(ع) من قبل بعض السلاطين الا ان عزيمتهم بقيت صلبة واستمرت المسيرة والنهج فازدادت الحشود المليونية التي سطرت للعالم أجمل معاني الوفاء والمحبة والولاء لإمام بذل دماءه الشريفة في سبيل عزة الإنسان وحريته.
المصدر: وكالة شفقنا.
وفاء حريري
اترك تعليق