زوجات لعلماء وصلوا إلى درجة عالية من العلم بفضل دعمهن
اتخذ قراره وساعدته زوجته:
يقول الشيخ محمد صالح المازندراني الذي بلغ درجة عالية في العلم بعد أن كان أفقر الطلبة وأبلدهم ذهناً وأقلّهم استيعاباً للعلم: إنني حجة الله تعالى على كل شخص يعتذر من الدراسة وطلب العلم بسبب الفقر والبلادة. فمن ناحية الفقر كنت أفتش عن لقمة خبز يابس يرميها الناس في الطرق. ومن ناحية أخرى لم تكن عندي شمعة استنير بها للمطالعة ليلاً، فقد كنت أذهب إلى مراحيض المدرسة واستضيء من شمعة كانت هناك لمن يأتي لقضاء حاجته!
وعن بلادتي فقد كنت أقرأ ولا أتذكر بعد قليل ما قرأته، وكنت أدرس ولا أستطيع حفظ معلومات الدرس بل كان يصعب عليّ فهمها واستيعابها. لقد كانت ذاكرتي من الضعف بدرجة أضيّع الطريق إلى البيت أحياناً، وحتى إنني أنسى أسماء أطفالي. وعندما وصلت إلى الثلاثين من عمري قرّرت أن أمرّن ذاكرتي على الحفظ بأي ثمن كان، وقد ساعدتني في ذلك زوجتي التي كانت عالمة ومتفهمة ومن عائلة نزيهة علمائية.
ضيافة لمدة خمس سنوات:
كتب سماحة الشيخ علي أكبر الهي الخراساني في مقدمته لكتاب سفينة البحار المطبوع تحت إشرافه في مجمع البحوث الإسلامية التابع للآستانة الرضوية الشريفة:
حكى لي آية الله السيد عزّ الدين الزنجاني أن آية الله العظمى السيد محمد هادي الميلانيقدس سره قال له:
" كان الشيخ عباس القمي قد أقام عندنا في النجف أيام تأليفه "سفينة البحار" وكانت زوجتي (أم السيد محمد علي) هي التي تُعدّ للشيخ وجبات الطعام عدّة سنوات توفيراً لوقته في تأليف هذا الكتاب الشريف وأملاً في أن تشاركه في ثواب الكتاب".
يضيف الشيخ الهي الخراساني: وبعد سماعي هذه الحكاية التقيت السيد محمد علي نجل آية الله الميلاني وحدّثته بالموضوع، فأيّد ذلك، وأضاف أن الشيخ كان ضيفاً عليهم لمدة خمس سنوات، وأنه كان يشتغل في تأليف "تحفة الأحباب".
عالمٌ بين زوجة وزوجة:
نقل لي فضيلة الشيخ أحمد آل عصفور (حفظه الله): كنا ندرس كتاب اللمعة عند المرحوم الشيخ عباس المظفر النجفي، وكان من كرم أخلاقه يزوّدنا بالتعاليم النافعة قبل البدء بالدرس.
قال لنا ذات يوم: كانت لي زوجة سابقة، أكنّ لها من الموّدة والتقدير فوق ما للزوجة من موّدة. والسبب هو أخلاقها الحميدة ..إذ كانت تجلس مبكرة، تؤدي صلاتها في أول الوقت، ثم تأتي بتعقيبات الصلاة، من أدعية وتلاوة للقرآن الكريم، ثم تقوم إلى مجلس الضيافة (المعروف عند النجفيين بالبرّاني)، فتكنس الفرش، وتحضر الكتب الدراسية للطلاب الذين يأتون عندي في الصباح، ثم تفتح الباب الخارجي لقدومهم، فإذا قلت لها: إن هذا العمل الذي تقومين به، خارج عن واجبك كزوجة، فلا تتعبي نفسك كثيراً يا عزيزتي.
تقول لي: أريد أن أسجّل نفسي في عداد الذين يشاركون أهل العلم وأنا من خدّام مذهب أهل البيت.
المصدر: المهتدي البحراني، عبد العظيم: قصص وخواطر من أخلاقيات علماء الدين، مؤسسة البلاغ، لبنان بيروت، ط1، 2003م .
اترك تعليق