القَلَقُ النَّفْسِّيُّ أسْبَابه وَعِلَاجه
القَلَقُ النَّفْسِّيُّ أسْبَابه وَعِلَاجه
القلق شعور طبيعي نشعر به جميعاً تحت ظروف نفسية معينة أو عندما نشعر بالخطر بغض النظر عن أن يكون هذا الخطر حقيقياً أو وهماً، وهو أيضاً أسلوب حيوي ودفاعي فهو يجعل الفرد يقظاً وحريصاً، إذ إنّ أعراض القلق تقوم بالتنبيه على الخطر حتّى يمكن تجنّبه، وكثيراً ما يكون القلق ضرورياً حتّى يكثّف الإنسان طاقاته ومجهوداته من أجل إحراز الفوز أو النجاح مدفوعاً بخوفه من الفشل والهزيمة، وقد يزيد القلق فيجتاز حدَّ التحفيز ويصبح عائقاً يحول بين الإنسان وقدرته على التصرّف ويُسمّى حينئذ بالقلق المرضي، وبعض منّا بحكم تركيبته النفسية أو تربيته أكثر عرضة من الآخرين؛ ليكون فريسة هذا القلق الذي قد يُعاني منه بصورةٍ مستمرة، أو يأخذ شكل نوبات حادّة ناتجة عن التعرّض لمواقف أو مخاوف معينة.
فالقلق هو خبرة انفعالية غير سارّة يعاني منها الفرد عندما يشعر بخوفٍ أو تهديدٍ من شيء لا يستطيع تحديده تحديداً دقيقاً، كما يُعرّف القلق على أنّه حالة نفسية تظهر على شكل توترٍ بشكلٍ مستمر نتيجة شعور الفرد بوجود خطر يهدّده، وهذا الخطر قد يكون موجوداً فعلاً أو يكون مُتخيّلاً لا وجود له في الواقع.
والإنسان القلق في حاجةٍ دائمة إلى الطمأنينة ويبحث عنها في كلّ إنسان يقابله ويتحدَّث معه، ولكن كثيراً ما تؤدِّي محاولات الآخرين إلى التخفيف من قلقه إلى نتيجةٍ عكسية وهي تثبيت المخاوف، ومن المعروف أنّ الفرد الذي يخاف من احتمال الإصابة بمرضٍ ما لا يطمئن كثيراً من كثرة الفحوصات أو الزيادة المتكرّرة للأطباء التي على العكس قد تؤكّد الخوف وتُساعد على استمرار القلق.
ومن الأسباب العامة للقلق هي:
1. فقدان الشعور بالأمن: يُمثّل عدم الشعور الداخليّ بالأمن سبباً رئيساً للقلق، فالقلق المُزمن هو نتيجة لانعدام الشعور بالأمن والشكوك بشأن الذات، وفقدان الشعور الداخليّ بالأمن.
2. النقد: النقد الزائد يؤدّي إلى حالةٍ من الاضطراب والتوتّر لدى الفرد، إذ يشعر بالشك في ذاته ويتوقّع أن يكون موضع نقدٍ، وفي هذه الحالة فإنّ أيّ مواجهة أو كشف للذات يمكن أن يؤدّي إلى شعورٍ شديدٍ بالقلق.
3. الشعور بالذنب: قد يتطوّر الشعور بالقلق لدى الأطفال نتيجة اعتقادهم بأنّهم قد تصرّفوا على نحو سيِّئ، وتتعقّد المشكلة عندما يتبلور لدى الطفل إحساس عام بأنّه لا يتصرَّف بالطريقة الصحيحة، ومن ثمّ يشعر بالذنب بسبب انخفاض فاعليته.
4. تقليد الوالدين: غالباً ما يَكون للآباء القلقين أبناء مثلهم يشعرون بالقلق، حيث يتعلّم الأطفال القلق، ويرون الخطر في كلّ ما يحيط بهم.
5. الإحباط المستمرّ: حيث يؤدّي ذلك إلى مشاعر القلق والغضب.
6. مواقف الحياة الضاغطة: حيث إنّ الضغوط الحضاريّة والثقافيّة الناجمة عن التغيّرات المتسارعة في عصر العولمة تسبّب الضغط النفسي ومن ثم القلق.
وأحد طرق علاج القلق النفسي هو العلاج السلوكي المعرفي وهو من أنفع الأساليب المستخدمة حديثاً، ويتم العلاج عن طريق تنمية الذات، وابتكار أساليب جديدة للتفكير، وبناء إستراتيجيات جديدة للتعامل مع القلق، وكيفية مقاومة الإنسان للقلق، وكيفية التحكّم في مشاعره والتغلّب على المشاكل والسيطرة عليها ومواجهتها، فهو يُساعد على تعلِّم مهارات محددة للعودة بشكلٍ تدريجي إلى الأنشطة التي تركها الفرد بسبب القلق، عن طريق استبدال العادات والسلوكيات السلبية وغير الصحيّة بسلوكيات صحية واعتقادات صحيحة وإيجابية.
المصدر: مجلة رياض الزهراء.
الدكتورة حوراء حيدر الجابري/ كلية الإمام الكاظم
اترك تعليق