مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كيف ننمي روح التخطيط الإداري لدى أبنائنا؟ 

كيف ننمي روح التخطيط الإداري لدى أبنائنا؟ 

كيف ننمي روح التخطيط الإداري لدى أبنائنا؟ 
        
التخطيط الإداري أمر ضروري في كل شۆون الحياة، وكذلك في حياة الأسرة.. ولكن كيف ننمي الحس الإداري لدى أبنائنا، وما الوسائل التي يجب اتباعها في هذا الصدد؟ هذا ما يجيب عنه الدكتور محمد المحمدي ماضي، أستاذ مادة إدارة الأعمال بجامعة القاهرة في حواره التالي.


• في البداية ما التخطيط الإداري؟
التخطيط بصفة عامة عملية تنبؤ بالمستقبل.. فكل ما يتعلق بالتفكير بشكل مسبق يعتبر تخطيطاً.. على عكس ما يتصور البعض من أنّه تنبؤ بالغيب، ومن ثمّ ينبغي على المسلم ألا يخطط لأن هذا أمر له علاقة بالغيب!! وهذا يعتبر تفكيراً خاطئاً، ووجهة نظر غير سوية ذلك أنّ التخطيط استعداد، وتهيئة، وأخذ بالأسباب.
وهذا كان دأب رسول الله (ص) فقد كان لا يُقدم على أي عمل إلا بعد أن يخطط له تخطيطاً دقيقاً، ولعل نموذج الهجرة من حيث تحديد الهدف منذ البداية، وتوزيع الأدوار، وتحديد المسؤوليات والوسائل التي سوف يتم اتباعها، وإرسال من يمهد له واستبقاء من يصاحبه مع توزيع الاختصاصات على ما يأتي بالطعام، ومن يزيل الآثار، ومن يأتي بالأخبار، ومن يدل على الطريق، ومن يأتي بالراحة.. ثمّ توقع الرسول (ص) لما يمكن أن يفعله المشركون فيأخذ طريقاً معاكساً ثلاثة أيام يمكثها في الغار حتى تهدأ عملية البحث.. هذا كله توقع للمستقبل، وأخذ بالأسباب، وتوكل على الله.
ويكمن هنا الفرق بين المسلم وغير المسلم.. فالمسلم يخطط متوكلاً على الله فيؤيده الله سبحانه وتعالى، عند حدوث مشكلة لا تكون في نطاق تخطيطه، مثلما حدث في الهجرة عندما أحاطوا ببيت الرسول (ص)، فأعمى الله أبصارهم عنه.


ويقوم التخطيط الإداري على عنصرين هما: وجود هدف وتحديد الوسائل لتحقيقه.
فمثلاً الطالب الذي يذاكر ويكون هدفه التفوق ويضع نصب عينيه أن يحصل على تقدير امتياز هنا يكون الهدف واضحاً ومحدداً ويمكن تحقيقه، فيبدأ الطالب في تحديد الوسائل من حيث: ترتيب الوقت –المذاكرة بانتظام– المواظبة على الدراسة والحضور، وهكذا.
وهناك أيضاً أمران آخران لا بدّ من أخذهما في الاعتبار عند تحديد الوسائل والأهداف هما: الإمكانات المتاحة للشخص الذي يخطط، والظروف المحيطة به.

 

• هل التخطيط الإداري مقصور على جوانب معيّنة أم أنّه مطلق ومطلوب في كل الشؤون الحياتية؟
التخطيط يجب أن يكون صفة ملازمة للمسلم في كل أمر من أموره، قبل أن يبدأ فيه بحيث يفكر فيه، ويخطط له.. فالذي لا يفكر قبل أي عمل يبدد طاقاته في غير موضعها ويبدد الموارد التي أعطاها الله له سواء كانت جهداً أو مالاً وغالباً ما تكون في غير طائل.
وهنا يجب على الأسرة أن تخطط لأبنائها وللصورة التي يجب أن يكون عليها أفرادها عليها في المجتمع، ودورهم فيه وكيف تكون لهم الصدارة العلمية، وما المدارس التي تناسبهم.. وكيف يمكن تربيتهم وتهيئتهم لتحقيق الهدف المرجو... إلخ.
وهناك تخطيط تشغيلي أو بسيط كالتخطيط لحسن إدارة الوقت، وترتيب الأولويات، أو التخطيط الشهري للمصروفات، والمشتريات والاحتياجات، وغير ذلك وهذه كلها أمور مطلوبة.


دور الأسرة:
• هل تنمية الحس الإداري لدى الأبناء مسؤولية الأسرة وحدها أم ينبغي أن تشترك معها فيه مؤسسات أخرى كالمدرسة والمجتمع وغيرها من المؤسسات؟

من البدهي القول: إنّه يجب أن تشترك معها المؤسسات الأخرى، لكن يقع على الأسرة العبء الأكبر فهي التي تدربه على أن يخطط لمذاكرته أو يعد لرحلة يشترك فيها أو أن ينظم وقته فيفرق بين وقت اللعب ووقت المذاكرة، وقت الدراسة ووقت الإجازة، وقت الرياضة ووقت الراحة.. إلخ.


• يجب أن تنمي الأسرة في الأبناء العمل بروح الفريق والمشاركة والتعاون وكيفية اتخاذ القرارات والتصرف في حل المشكلات..


بلى، فهذا دور الأسرة الأساسي.. ولكن المشكلة تنتج مما إذا كانت الأسرة ليست مدربة ولا تمارس التخطيط الإداري.. وبالطبع فسوف تنقل لأبنائها عاداتها الخاطئة.
أما بالنسبة للمؤسسات الأخرى فلها دور أساسي أيضاً –لأن الإدارة سلوك مكتسب– ونرى مثلاً في هذا المجال اليابان –فمنذ سن الروضة– يتم اللعب بين الأطفال بشكل جماعي، في لعبة كبيرة يشترك في تركيبها مجموعة من الأطفال.. مثل هذا النشاط العملي يبث فيهم العمل بروح الفريق والتعاون المثمر... هكذا.
فيجب أن تقوم المدرسة بتهيئة مشروع عملي للطلاب ليحسوا من خلاله بروح العمل الجماعي، وكيفية تحديد الأهداف، والوسائل.


• في أي مرحلة عمرية نبدأ بتعليم الأبناء التخطيط الإداري؟ وهل ينطبق على الولد ما ينطبق على البنت؟
تعليم الأبناء التخطيط الإداري يبدأ عندما يبدأ الطفل في الإدراك، إذ نعلمه على قدر تفكيره، وعقليته، في ضوء الإمكانات المتاحة لنا والظروف المحيطة.. فليس كل ما يطلبه الابن يجب أن نوفره له.. بل يجب أن نشركهم في بعض القرارات.. أيضاً نعوِّدهم كيف نخطط للإجازة، وما القدر الذي يجب أن يحفظوه من القرآن؟ وهكذا.. وما ينطبق على الابن ينطبق على الابنة، ولكن في سن معينة وقد يختلف أو يُضاف أنواع من التخطيط تكون خاصة بالابن، وهو التخطيط في المجالات الخارجية والابنة قد تحتاج إلى التخطيط في حسن إدارة المنزل وهذا هو دور الأُم التي تربي أبناءها، والتي تعوِّدهم على النظام والترتيب، وحسن إدارة الوقت، واستغلال كل دقيقة فيه.



مصادر التخطيط الإداري التي يمكن أن تستعين بها الأسرة:
يجب أن يتعلم الوالدان أوّلاً التخطيط الإداري –ففاقد الشيء لا يعطيه– لذا يجب أن يأخذا دورات في التخطيط وإذا لم يتمكنا من ذلك فهناك كتب خاصة تنطوي على ما يفيد الأسرة في هذا المجال.
والأمر بسيط فالمسلم الواعي ذو عقلية مرتبة، ويستطيع أن ينجز ذلك بنفسه لأنّه يستمد تخطيطه لحياته من كتاب الله وسنة رسول (ص)، وفيهما كلّ خير، فإذا نظرنا إلى سيرته (ص) نجد فيه معيناً لا ينضب لكل ما يبتغيه المسلم.

 

المصدر: تبيان.

الدكتور محمد المحمدي  

التعليقات (0)

اترك تعليق