مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

سن السابعة.. ماذا یعني للأمهات؟

سن السابعة.. ماذا یعني للأمهات؟

لا أشك أن أحداً یخالفني الرأي في أن الطفل کلما یکبر سناً یزداد استعداداً للاهتمام بالرسوم والصور، لذا تراه یفتش في مکتبة البیت بحثاً عن کتب نشرت في حکایتها صور تشدّه للمطالعة، أو قد ترى تصرّفاً شاذاً من الطفل بسحب المجلة من ید والده للتمعن في النظر إلیها، وما هذه التصرفات إلا فضولاً منه واستهواء لتفحّص صورها.

إذاً لا غرابة في تلك الحال أن تجر البنت أمها وهي بصحبتها في السوق إلى أقرب مکتبة لتشتري لها قصة أطفال رغم أنها لم تعرف القراءة بعد. إن هذا التوجّه طبیعي حیث أصبحت الطفلة تملّ اللعب وترید شیئاً یثیر تفکیرها عن ذي قبل، فاللعب لم یعد شیئاً ممیّزاً في حیاتها کالسابق وکما في الحدیث الشریف: "إترکوهم لسبع" وهذا یعني بعد هذه السن أصبح الطفل کائن له منطق وتفکیر خاص منشؤهما هذه المرحلة، وکما أثبت العلم بأن سن المدرسة تتمیز بتطورات في النمو الجسمي والفسیولوجي والعقلي، فحجم الدماغ یکون حین الولادة 25% من وزنه الکامل، یصبح 90% من وزنه الکامل في السابق؛ أي ازدیاد قابلیة الطفل للغة، والتفکیر، والتعلم فلذا نرى الطفلة تصبح تضحك من نفسها، کیف کانت تفکّر بأنها ستکون ولد وأخیها الأصغر بنتاً، وکذا إنها تفهم لن تکون مکان أمّها ما دامت بحجمها الصغیر، إنها یجب أن تکبر وما شابه من هذه الأمور البسیطة التي کانت تشغل بالها.
دور الأم في التربیة والتغذیة أساسي:
إنّ للمدرسة دور کبیر في نقطة التحول هذه، من حیاة اللعب واللهو، إلى ظهور التزامات من نوع آخر. ولکن هل المسؤولیة کلها تلقى على المدرسة في تربیة الفتاة؟!
کلا هو الجواب الحتمي، إذ أن الأم هي المسؤولة الأولى لأن المنزل یتحمل مسؤولیة ترسیخ القیم الخلقیة والدینیة إضافة إلى العنایة بأصول النظام والصحة العامة وما أشبه.
إن للأم دوراً في توجیه فتاتها الوجهة الصحیحة قبل الذهاب إلى المدرسة کي لا تخاف من فراق أمها مثلاً، خصوصاً إنها ستشعر بحیاة اجتماعیة تختلف عن ذي قبل، فدور الأم هنا یتمثل بالإقناع والترغیب لطفلتها.. طبعاً حذار من استخدام أسلوب العنف الذي لا یزیدها إلا تعنتاً لأن المعلمة مهما اعتنت فهي لا تستطیع التوفیق بین کذا عدد من الأطفال وما توجیهها إلا عاماً وشاملاً للجمیع، أما الأم المربیة فنظافة ابنتها وتعویدها القواعد الاجتماعیة العامة من واجبها، بحکم أمومتها وتلاصقها المباشر واحتکاکها مع ابنتها سیعطیها الفرصة الکافیة للتعرف على نقاط الضعف والقوة في ابنتها بسهولة فمدى اختلاطها مع صدیقاتها من هنّ في سنّها في المدرسة من خلال السؤال وکذلك مراعاة درجة التزامها بالنظافة وتجنّب الأوساخ. وقد تغیب بعض المسائل عن نظر الأم في التوجیه إليها مثلاً الحمام والعنایة بمواعیده، فما زال یخطر ببالي ذلك الیوم الذي زرت فیه صدیقتي وجارتي وهي شاحبة مصفرة الوجه لا تعرف ماذا تقول لي عن مرض ابنتها، التي قال لها الدکتور إنها مصابة بمرض داخلي، والسبب هو قلّة اهتمامها بنظافة طفلتها. قالت لي ذلك ودموع الأسى والحسرة کانت تتناثر على خدیها لأنها کانت مشغولة لنیل البکالوریوس في الجامعة وقد قصّرت بحق الطفلة!
نعم إن هذه الحالة لیس بسبب إهمال الصغیرة بل إن الأم جنت علیها، فتعوید البنت دخول الحمام للاستحمام مرتین فی الأسبوع شتاء أو بین یوم وآخر في الصیف أمر مهم حیث ستتخذه عادة بعد ذلك، کذلک غسل الیدین قبل الأکل أو بعده وما شابه من قواعد العنایة الصحیة. طبعاً لا یخفى دور المعلمة في التنبیهات السلیمة التي من أولویاتها الغذاء النظیف والمتنوع الذي أقل إهمال فیه یعرض الطفل لمرض فقر الدم أو الضعف العام وبالفعل إن انتشار هذا المرض في السنوات الأخیرة عند الأطفال یدل على عدم العنایة الکافیة بنوعیة الغذاء من قبل المربیة.
فالطفلة کلما تزداد سناً تحتاج إلى کمیة أکبر من الغذاء التام الذي یحتوي على کافة المواد الضروریة لنمو خلایا الجسم وبالأخص خلایا الدم التي أقل عطب فیها یعني إصابة الطفل بالمرض لاسیما البنت التي تکون أکثر حاجة للاهتمام بالغذاء. وتعویدها على نظام غذائي أمر حسن کأن تتناول الطعام اللازم في مواعید محددة حرى بإمداد الجسم بالسعرات الحراریة اللازمة للحرکة والنشاط.. ولا یفلت من بال الأم إن وقایة ابنتها في هذه المرحلة من فقر الدم سیحمیها مستقبلاً أو یقلل من احتمالات الإصابة به عند الکبر لأن المرأة معرضة أکثر من الرجل بفعل الناحیة البیولوجیة لها بدءاً من الطمث إلى الحمل وکذلك الإنجاب مما یجعل إصابتها بهذا المرض احتمالاً وارداً ما لم یُعتنى بغذائها منذ الطفولة وجعل قوامها شکلاً ومحتوى سلیم وقوي وخال من أي نقص فیه.
ولکن إذا کانت شهیة الصغیرة هذه غیر جیدة لا یحتم على الأم اجهاد نفسها في إجبارها لتتناول الطعام فبعض الأمهات یستخدمن أسلوب العنف بالضرب والتهدید من أجل الحفاظ على صحة أطفالهن، مع ملاحظة إن ضعف الغذاء وطریقة طبخه وتقدیمه أساسیان في استهواء الأکل وعدمه فالأم علیها أن تدرك عظم المسؤولیة في استهواء الأکل وعدمه فعلى الأم أن تدرك عظم المسؤولیة الملقاة على عاتقها في الاهتمام بالصحة العامة من نظافة وغذاء وتوجه للعلم والتعلم لکي تکون أهلاً لما بشرها به الرسول الأعظم صلوات الله علیه حین قال: "الجنة تحت أقدام الأمهات".

المصدر: مجلة الطاهرة، عدد: 216.

التعليقات (0)

اترك تعليق