مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أم علي زوجة الشهيد الأوّل

أم علي زوجة الشهيد الأوّل

عالمة، فاضلة، فقيهة، تقيّة، عابدة. كان زوجها يثني عليها، ويأمر النساء بالرجوع اليها.
ذكرها بإجلال وإكبار الحرّ العاملي محمّد بن الحسن في القسم الأوّل من كتابه أمل الآمل، المختصّ بتراجم علماء جبل عامل(1). وذكرها أيضاً الأفندي الأصبهاني في الرياض(2)، والشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب(3)، والسيّد الأمين في أعيان الشيعة(4)، والمحلاّتي في رياحين الشريعة(5)، والسيّد الخوئي رحمه الله في معجم رجال الحديث(6).
وقال عمر رضا كحالة ـوتبعه الحكيمي في أعيان النساء من دون تفحّص(7)ـ: اُم علي بنت محمّد بن مكي العاملي الجزيني، فقيهة فاضلة عابدة، وكان والدها المتوفى سنة 786هـ يثني عليها ويأمر النساء بالرجوع إليها(8).
وفي هذا الكلام خلط، إذ أنّ اُم علي هي زوجة الشهيد محمّد بن مكي وليست ابنته، وابنته هي اُم الحسن فاطمة المدعوّة بست المشايخ، وكانت عالمة فاضلة صالحة عابدة، تروي عن أبي ها وعن ابن معيّة شيخ أبيها، وستأتي ترجمتها مفصّلة في حرف الفاء. علماً بأن كحالة قد ترجم اُم الحسن بنت الشهيد في موضع لاحق من كتابه(9).
والشهيد الأوّل هو الإمام شيخ الإسلام، فقيه أهل البيت في زمانه، ملك العلماء، عَلم الفقهاء، قدوة المحقّقين والمدقّقين، أفضل المتقدّمين والمتأخرين، شمس الملّة والدين أبو عبد الله محمّد ابن الشيخ جمال الدين مكي ابن الشيخ شمس الدين محمّد بن حامد بن أحمد النبطي العاملي الجزيني، الشهيد بالشهير الأوّل أو بالشهيد مطلقاً.
ولد رحمه الله في قرية جزين في جبل عامل سنة 734هـ ونشأ وترعرع فيها، ثم سافر إلى حواضر العالم الإسلامي آنذاك، حاملاً معه هموم المسلمين عامة والطائفة الحقّة خاصّة.
جاهد بقلمه فخلّف لنا تراثاً قيّماً متمثّلاً في أكثر من عشرين مؤلّفاً في مختلف العلوم، وجاهد بلسانه وخاض الصراع السياسي واقفاً أمام الفتن والطائفية البغيضة الموجودة آنذاك، فأصبح بذلك علماً يشار له بالبنان، فما كان من حسّاده ومبغضيه إلاّ أن يلفّقوا عليه تهمة هو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف، فكان نتيجة ذلك أن قُتل بالسيف، ثم صُلب، ثم رُجم، ثم اُحرق، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ولعنة الله على الظالمين.
فما أحلى حياة كحياة الشهيد، قضاها بالدرس والتدريس والتبليغ والتأليف ونشر مذهب أهل البيت عليهم السلام، وما أحلى الموت إذا كان كموت الشهيد، فإنه استشهد مظلوماً دفاعاً عن مبدأه وعقيدته، وعن مذهب أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً(10).



الهوامش:
1- أمل الآمل 1: 193.
2-  رياض العلماء 5: 404.
3- الكنى والألقاب 2: 343.
4- أعيان الشيعة 3: 483.
5-  رياحين الشريعة 3: 415.
6- معجم رجال الحديث 23: 179.
7- أعيان النساء: 335.
8- أعلام النساء 3: 332.
9- أعلام النساء 4: 139.
10- لمزيد الاطلاع عن حياة هذا العَلم انظر: أعيان الشيعة للأمين 10: 135، الضياء اللامع للطهراني: 132، الفوائد الرضوية للقمي: 645، الكنى والألقاب له أيضاً 2: 341، أمل الآمل للعاملي 1: 181، تحفة الأحباب للقمي: 354، تكملة أمل الآمل للصدر: 364 رقم 354، تنقيح المقال للمامقاني 3: 191، جامع الرواة للأردبيلي 2: 203، حياة الإمام الشهيد لشمسالدين، روضات.


المصدر: الحسون، محمد وأم علي مشكور: أعلام النساء المؤمنات. ط1، 1411هـ.ق.

التعليقات (0)

اترك تعليق