مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

 يا صاحب الزمان أغثنا!

يا صاحب الزمان أغثنا: رعاية الامام للصامدين في حرب تموز

المكان: قرية محيبيب جنوب لبنان قرب فلسطين المحتلة
الزمان: آب 2006
الظروف: الحرب الاسرائيلية الهمجية
تروي الحاجة عيدة، وهي إحدى النساء المؤمنات اللواتي صمدن مع عائلاتهنّ في القرى الجنوبية أثناء حرب تموز.
تروي أنه بعد عشرين يوماً من الصمود في الحرب التي استمرت 33 يوماً، اقتربت المعركة، ودارت في قلب القرية بين شباب المقاومة الاسلامية وجنود الاحتلال، ممّا اضطرّ الصامدين للانتقال من القرية بطلب من المجاهدين.
وكان أغلب الصامدين من الأطفال وكبار السنّ، فتحركوا بين الرصاص والقنابل التي كانت تقع في تلك المنطقة، ممّا أدّى إلى سقوط جرحى. لم يستطيعوا إنقاذهم وإلاّ فإنّ الجميع، ومن بينهم الأطفال، معرضون للموت.
ووسط الجوع والتعب والقلق، لكن، أيضاً، وسط الدعاء والتوسل بأهل بيت العصمة (ع) ومع الإرادة الصلبة، وصلوا –بعد بضعة أيام- إلى قرية أخرى؛ "ميس الجبل".
بعد وصولهم بفترة، استطاع الجرحى أن يبلغوا القرية ويلتحقوا بالآخرين، وبعد أن لجأ الجميع للدعاء والابتهال إلى الله تعالى.
تفقدت عيدة الجميع فرداً فرداً، لتطمئنّ عليهم، لكنّها وجدت إحدى النساء تنشج بألم وصمت، فهي قلقة على ولدها "ملاك" الذي أُصيب حين ارتكبت الطائرات مجزرةً بحق النازحين، بعد المواجهة مباشرة.
فما كان من عيدة أن أوصت المرأة بابنها الصغير "علي"، ولملمت ثوبها خارجة للبحث عن "ملاك".
ورافقها أحد المسنين "أبو علي"، بعد أن أحضر لها المجاهدون سيارة لتقودها بحثاً عن الشاب الجريح.
قادت السيارة، التي كانت ترتطم بالحفر وركام البيوت، مع علمها بصعوبة تخطي زنار النار وكمائن الصهاينة حول محيبيب.
وصلا إلى مكان، متخطيان الدبابات المتفحّمة، وفجأة توقفت بطارية السيارة عن العمل.
ترجلا، وشرعا يتنقلان بين الأنقاض بحثاً عن ملاك...
لم يجدا ملاك، وهمّا بالعودة وقد حلّق فوقهما الخجل والوجع، لكنهما خطر ببالهما التوسل بصاحب الزمان (عج)، وأطلقا نداءهما بحرقة: "يا صاحب الزمان أغثنا!".
وللحظات لاحت أمام عيدة الطلعة البهية للإمام (عج)، لقد رأته فتسارعت دقات قلبها وارتجفت أوصالها وتدحرجت دموعها وهي تهمس: "لقد رأيته! نعم رأيته! إنّه هو صاحب الزمان".
فشعرت بأنّ قوة من الاصرار والشجاعة شحنت روحها، فاندفعت بخطواتها نحو الأمام، لتبحث من جديد، هي وأبو علي، بينما كانا يلهجان بالدعاء بالفرج لمن سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
وقادتهما خطواتهما إلى مكان حيث لاح من بعيد شخص يتحرك؛ إنّه ملاك الذي صمد في هذا المكان، والمعركة كانت في أوجها. فأسرعا به وحملاه إلى السيارة التي دار محركها المعطّل فوراً، ليمضوا إلى "ميس"، ولتظلّ عيدة تعيد قولها وتعيد: "لقد كان معنا، صدقوني! كان يرافقنا، كان يرافقنا".


مصدر: أرشيف مشروع التأريخ لدور المرأة في مقاومة الاحتلال الصهيوني

التعليقات (0)

اترك تعليق