مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

شرعية العمل السياسي للمرأة

شرعية العمل السياسي للمرأة

عندما نستذكر الزهراء عليها السلام، ونستعيد حركيتها في الواقع الاسلامي ووقوفها إلى جانب أمير المؤمنين عليه السلام، ومواجهتها لكل الظلم الذي وقع عليه وعليها وخروجها إلى نساء المهاجرين والأنصار لتذكيرهم والاحتجاج عليهم ومخاطبتهم بالحقائق الاسلامية والقرآنية، إننا عندما نستعيد ذلك كله، فإننا نستوحي منه شرعية دخول المرأة في ساحة الصراع السياسي من موقع المسؤولية المنفتحة على الاسلام والمسلمين، لأن الزهراء عليها السلام هي المرأة المعصومة، وبالتالي فإن ما تقوم به من عمل وتتحرك به أو تتحدث به، إنما يمثل شرعية بكل ما تعنيه الشرعية، كما أننا نستطيع ان نستفيد شرعية العمل السياسي للمرأة من القرآن أيضاً، من خلال قوله سبحانه وتعالى:  «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» (التوبة:71)، فإن المعروف يتسع لكل عدل وكل حق في الحياة، والمنكر على عكسه تماماً، فالمعروف لا ينحصر بالصلاة والصوم والحج وغيرها من العبادات وأعمال الخير، كما أن المنكر لا ينحصر بشرب الخمر وأكل مال اليتيم وغيرها من المحرمات، بل هو يتسع لكل الظلم والباطل في الحياة.
إن المعروف والمنكر يتجاوزان ذلك ويتجاوزان معنى الحركة الفردية في واقع المسلمين، ويمتدان إلى الحركة العامة والاجتماعية المتعلقة بقضايا المسلمين العامة. والآية الشريفة، كما نلاحظ، لم تقصر مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر –بالمعنى الذي ذكرناه للمنكر والمعروف- على الرجل، بل جعلت المراة في صف الرجل والمؤمنين إلى جانب المؤمنات في هذه المهمة، وهي مهمة الأمر بالمعروف الذي ينطلق من خلال يدٍ تتحدى وكلمة تثور وقلب يرفض، ومهمة النهي عن المنكر، سواء المنكر السياسي أو الشرعي أو العقيدي أو الاجتماعي، تماماً كما هي مهمة الأمر بالمعروف تشمل الرجل والمرأة معاً. ولهذا رأينا الامام الحسين عليه السلام يقول وهو يحدد هدف ثورته: "إنما خلرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعرف وأنهي عن المنكر"، فجهاد الامام الحسين عليه السلام وثورته كانا أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وقد رأينا المؤمنين والمؤمنات معه في كربلاء، يشاركون في أداء هذه المهمة، كما رأينا المؤمنين والمؤمنات من قبل ذلك في مكة والمدينة يقفون مع رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ساحات الصراع، فكان رسول الله ومعه خديجة عليها السلام، وكان علي ومعه فاطمة عليهما السلام، وكان الحسين ومعه زينب التي سارت على نهج أمها فاطمة وتحركت إلى كربلاء ومن ثمّ الكوفة والشام وقامت بوظيفتها على اتم وجه وجسدت كلمة أبيها أمير المؤمنين عليه السلام: "أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر".
هكذا كانت الزهراء عليها السلام رائدة في العمل السياسي والجهادي من خلال معارضتها وثورتها واحتجاجها وخطبها في المسجد –مسجد رسول الله- ومع نساء المهاجرين والأنصار، وهكذا ينبغي أن تكون المرأة المسلمة مقتدية بالزهراء عليها السلام، غير منشغلة بنفسها وزينتها عن القيام بواجباتها الاجتماعية والسياسية.

مصدر:  الزهراء القدوة، السيد محمد حسين فضل الله

التعليقات (0)

اترك تعليق