أروى بنت عبد المطلب الهاشمية: عمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
أروى بنت عبد المطلب الهاشميّة*
عمّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم؛ كانت فصيحة اللسان شاعرة، دافعتْ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت تشجّع ولدها على اتّباع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. أسلمت بمكّة وهاجرت إلى المدينة.
أسلم ابنها طليبَا بن عمير وذلك في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، ثم خرج فدخل على اُمه أروى، فقال: "تبعتُ محمّداً وأسلمتُ لله".
قالت له:"إنَّ حقَّ مَنْ وازرتَ وعضدتَ ابن خالك، والله لو كنّا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه".
قال:" فما يمنعك يا اُمي من أن تسلمي وتتبعيه، فقد أسلم أخوك حمزة".
فقالت: "أنظر ما تصنع أخواتي ثم أكون احداهن".
قال: "فإنّي أسألكِ بالله إلاّ أتيته فسلّمتِ عليه وصدّقتيه وشهدت أن لا إله إلاّ الله وأن محمّداً رسول الله".
كانت تعضد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلسانها، وتحضّ ابنها على نصرته والقيام بأمره.
وعرض أبو جهل وعدّة من كفار قريش النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فآذوه، فعمد طليب بن عمير إلى أبي جهل فضربه ضربة شجّه بها، فأخذوه وأوثقوه، فقام دونه أبو لهب حتى خلاّه، فقيل لأروى: ألا ترين ابنك قد صيّر نفسه غرضاً دون محمّد.
فقالت: خير أيامه يوم يذب عن ابن خاله وقد جاء بالحقِّ مِنْ عند الله.
فقالوا: ولقد تبعتِ محمّداً.
قالت: نعم .
فأخبر بعضهم أبا لهب فقال لها: "عجباً لك ولإتّباعك محمّداً وترك دين عبد المطلب".
فقالت: قد كان ذلك، فقم دون ابن أخيك واعضده وامنعه، فإنْ يظهر أمره فأنت بالخيار أنْ تدخل معه أو تكون على دينك، فإنْ يصب كنت قد أعذرت في ابن أخيك.
فقال أبو لهب: ولنا طاقة بالعرب قاطبة جاء بدين حدث، ثم انصرف.
فقالت أروى يومئذٍ:
إنّ طليباً نصرَ ابنَ خالِهِ آساه في ذي ذِمّة ومالِهِ
وكانت أروى شاعرة كأخواتها.
ومن شعرها ما رثت به أباها عبد المطلب في حياته، وذلك أنّه جمع بناته في مرضه وأمرهنّ بأن يقلْنَ في حياته ما يردنَ أنْ يرثينه بعد وفاته، ليسمع ما تريد أن تقول كلّ واحدةٍ منهنّ، فأنشأت كلّ واحدةٍ منهنّ أبياتاً في رثائه، فقالت أروى وهي تبكي أباها:
بَكَـتْ عَيْني وَحَقَّ لَها الْبكـاء علـى سَمِـحٍ سَجِيَّتَهُ الحيـاءُ
علـى سَهْـلِ الخَلِيقةِ أبْطَحـيٍّ كـريمِ الخيـم نِيَّتـهُ الـعلاءُ
على الفَيّاضِ شَيبةَ ذي المعالي أبـوه الخيـر ليسَ لَـهُ كفـاءُ
طويـلَ البـاعِ أمْلَسَ شَيْظَميّ أغَـرَّ كـأنّ غُـرَّتَـهُ ضِيـاءُ
أَقَبَّ الكشحِ أورعَ ذي فضـولٍ لَـهُ المجـدُ المُقـدّمُ والسنـاءُ
أبـيّ الضَيـم أبْلَـجَ هَبـرزيٍّ قـديمَ المجـدِ ليسَ بِـه خفاءُ
ومعقَـلَ مـالكٍ وربيـعَ فهـرٍ وفاصلهـا إذا إلتمس القضـاءُ
وَكَانَ هُوَ الفَتى كَرمـاً وجـوداً وَبَأسـاً حيـنَ تَنْسَكِبُ الدمـاءُ
إذا هـابَ الكُماةُ المـوتَ حتّى كـأَنَّ قلـوبَ أكْثَـرهُم هـواءُ
مَضى قُدمـاً بذي رِبـدٍ خشيبٍ عليـهِ حِيْـنَ تَبْصِـرَهُ البهـاءُ
ومن رثاء لها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم
ألا يا رسول الله كنت رجاً لنـا وكنتَ بنـا بـرّاً ولـم تك جافيا
كأنّ على قـلبي لذكرِ مُحمّـدٍ وما خفت من بعد النبيّ المكاويا
توفيت سنة 15 للهجرة.
* أعلام النساء المؤمنات، محمد حسون وأم علي شكور، انتشارات أسوة ط1، 1411هـ. ق. ص 104.
انظر ترجمتها في: اُسد الغابة 5: 227، أعلام النساء1 : 32، أعيان الشيعة 3 : 245، أعيان النساء: 28 ، الاستيعاب ( المطبوع بهامش الإصابة ) 4 : 244، الإصابة 4 : 22، الطبقات الكبرى 8 : 42، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 4 : 52، رياحين الشريعة 3 : 331، سيرة ابن هشام 1 : 113 و114 و179.
اترك تعليق