مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

المحاضرة التي ألقاها السيد حسن نصر الله في ليلة التاسع من محرم 2012م

المحاضرة التي ألقاها السيد حسن نصر الله في ليلة التاسع من محرم 2012م

بسم الله الرحمان الرحيم


قمة العشق:
كربلاء مدرسة العشق، هكذا يُقال عنها وعندما نقول أنها مدرسة العشق يعني أنها كانت تجسيداً لهذا العشق، وكانت طوال التاريخ ملهمة ومعلمة لهذا العشق ولهذا الحب الشديد، أيها الأخوة والأخوات عندما نتحدث عن العلاقة بين المستوى الأعلى، بين الرئيس والمرؤوس، بين المرؤوس والرئيس، هذا الرئيس سواء سميناه مدير، مسؤول، رئيس، ملك، أمير، خليفة، إمام، مهما سميناه، قائد، من المؤسسات الصغيرة، إلى المؤسسات الكبيرة، إلى الشعوب، إلى الأمم، إلى البشرية؛ أي العلاقة مع من هو بمستوى أعلى بشكل أو بآخر، وهو المعروف في حياتنا وهذا الشيء لا يحتاج إلى استدلال، يعني أنّ هذه الأمور وجدانيّة، كلنا نشعر بها، نعيشها، ممكن أن تكون العلاقة مع هذا المستوى الأعلى، مع هذا المسؤول، أو الرئيس، هي علاقة إداريّة تنظيميّة؛ بمعنى أنّ يطلب رئيسي مني شيئاً وأفعله هكذا فقط، ممكن أن تكون العلاقة بهذا المقدار فقط، ممكن أن تكون العلاقة أعلى قليلاً. ممكن لا، هناك علاقة خوف من هذا الرئيس، أخاف منه، من سلطانه أن يعزلني، أن يطردني، أن يغضب علي، أن يسيء إلي، أو علاقة طمع، عنده أموال ويستطيع أن يمنحني مكافآت، يستطيع أن يرفع لي منصبي، أن يخفف لي من الدوام، ممكن أن ترقى العلاقة أكثر من هذا، أن تكون العلاقة علاقة ثقة واحترام ولكن بدون عاطفة وحب وود، ثقة واحترام فقط، يوجد لياقة في العلاقة، وليس فقط علاقة خوف، وطمع، وإدارة، وطاعة، وعلاقة إدارية وتنظيمية، ممكن أن تكون العلاقة أعلى من ذلك؛ يعني نتدرج صعودا، ممكن أن تكون هذه العلاقة علاقة فيها عاطفة، فيها حب، فيها انجذاب عاطفي وروحي باتجاه هذا الرئيس، أو القائد، أو الإمام، أو الخليفة، أو الأمير، أو المسؤول. كذلك عندما نتكلم عن العلاقة العاطفية، عن العلاقة القلبية، أو عن هذا الحب، هذا أيضاً له مستوياته، فيمكن أن أحب هذا المستوى الأعلى ولكن ليس إلى حد أنني حاضر لأن أضحي من أجله، أو دفاعاً عنه، أو من أجل كرامته، أو من أجل حياته، أو حتى من أجل أولاده، أو من أجل عياله، أو من أجل قضيته، لا، أحبه وأحترمه على المستوى الشخصي ولكن هذا الحب لا يرقى إلى مستوى الاستعداد للتضحية، وهذا حال الذي كان عليه أغلب المسلمين في زمن الحسين(ع)، كانوا يحبونه بهذا المعنى، حتى أنه يقال أنّ بعض الذين خرجوا عليه يقاتلونه كانوا يبكون عليه، سألوهم لماذا تبكون؟ قالوا نبكي على هذا المظلوم، القتيل، الغريب، معروف هذا النقل التاريخي أنّ الفرزدق عندما سأله الحسين(ع) عن أحوال الناس كان عنده توصيف دقيق جداً "قلوبهم معك وسيوفهم عليك"، صادق قلوبهم معك يحبونك ولكن ليس حباً إلى الحد الذي يكونون فيه جاهزين للتضحية.
يوجد مستوى أعلى من الحب، يعني أن أحب هذا المستوى الأعلى، هذا الرئيس، أو الزعيم، أو القائد، في ما يعني بالأهداف، في ما يعني بالقضية، وحاضر أن أضحي، ولكن ببعض ما عندي وليس بكل ما عندي، ببعض ما أحب وليس بكل ما أحب، يعني أنني لست حاضراً للتضحية بكل عزيز، بل حاضر أن أعطيه أموالي فقط، أما أولادي فلا، أو أعلى حاضر أن أعطيه أولادي ولكن لا أقدم روحي ودمي ونفسي، هذا مستوى ولكن المستوى الأعلى من الحب هو الذي نسميه العشق هو أن أكون حاضراً لأن أضحي من أجل من أحب بكل عزيز، بالمال، بالولد، بالدنيا، بكل ما عندي في هذه الدنيا، وحتى بدمي وروحي، الجود بالنفس أقصى غاية الجود وهكذا.
الله سبحانه وتعالى يريد أن تكون العلاقة معه، يعني مع الله سبحانه وتعالى، علاقة حب وليس فقط علاقة طاعة، ليس فقط علاقة خوف وخشية منه، بمعنى أنه يستطيع أن يدمرنا ويميتنا ويرمينا في جهنم ويعمل بنا ما يريد، أو علاقة طمع، أي الذي له ملك السموات والأرض يدخلنا إلى الجنة، يريد الله أن تكون العلاقة أعلى من علاقة طاعة، أعلى من علاقة خوف، من علاقة طمع، يريدها علاقة حب وعلاقة حب في أعلى مستوياتها، ولذلك نجد أنّ الآية القرآنية تقول «وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ»(سورة البقرة، الآية: 165)، أشدّ حبّاً لله، فالإيمان الحقيقي كما ورد في بعض الروايات أن يكون الله تعالى أحبّ إليك من نفسك، من أهلك، من عيالك، من كل عزيز لديك، هذا هو الإيمان الحقيقي.
إذاً الإيمان الحقيقي المطلوب ليس فقط إيمان الطاعة والعبوديّة بمعنى العبادة والانقياد والالتزام، وإنما الحب لله سبحانه وتعالى، الخالق، الموجد، المنعم، الجميل، الرحيم، العظيم، الودود، العطوف، إلخ...
وكذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى يريد أن تكون العلاقة مع أنبيائه ومع أوليائه أيضاً علاقة حب وعشق، وليس فقط علاقة طاعة، وتبعيّة، واتّباع، وعمل، هذا مطلوب ولكن مطلوب مستوى أعلى، حب وأيضاً بمستوياته الأعلى [وهو] الذي نسميه بالعشق، ورد عن رسول الله(ص) -هذا النوع من الروايات موجود في الكتب الحديث السنيّة والشيعيّة- "لا يؤمن أحدكم حتى أكون (يعني النبي) أحبّ إليه من وُلده ووالده والناس أجمعين"، وعنه(ص) "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من نفسه، وأهلي أحبّ إليه من أهله، وعترتي أحبَّ إليه من عترته، وذريتي أحبّ إليه من ذريته". هذا هو الإيمان الحقيقي وهو عندما يكون الحب كما ورد.
هذا المعنى هو من أهم ميزات جماعة كربلاء، هكذا كان الرجال في كربلاء، النساء في كربلاء، الكبار والصغار في كربلاء، هذا حال أهل بيت الحسين(ع) في كربلاء، أصحاب الحسين(ع) في كربلاء، وهذا ما نسميه أنهم كانوا عُشاق أبي عبد الله الحسين(ع)، وهذا العشق هو الذي أوصلهم إلى هذا المستوى من الاستعداد، لأنّ عشقهم جعلهم يذوبون في الحسين(ع)، يفنون في الحسين(ع)، فلا وجود لأشخاصهم، ولا وجود لآلامهم، ولا وجود لآمالهم، ولا وجود لأي شيء عندهم إلا الحسين(ع)، الذي هو ولي الله وابن رسوله طبعاً بهذا الاعتبار، هذا العشق للحسين(ع) أوصلهم إلى مرحلة الثبات والبقاء في تلك الليلة، وفي ذلك اليوم، وأوصلهم إلى مرحلة الفداء والتضحية بأعلى ما يمكن أن يكون الفداء وأن تكون التضحية، هم ذابوا في الحسين(ع)، وفنوا في الحسين(ع) حتى أصبحوا جزءاً منه، جزءاً من روحه، جزءاً من جسده، قطعة من كيانه لا يمكن تفكيكها، لا يمكنهم أن يغادروا، لا يمكنهم أن يذهبوا في الليل، لا يمكنهم أن يعيشوا بعده، ولذلك نقول بأنّ مستوى العلاقة القائمة ليلة العاشر ويوم العاشر وفي هذه المعركة كانت ما فوق التكليف الشرعي، ما فوق الواجب الشرعي، أو الواجب الإلهي، أو الواجب الجهادي، كانت فوق لغة الواجب والتكليف، أساساً الحسين(ع) ليلة العاشر أحلهم من بيعته، أنتم أحرار، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً، كلكم، رجالاً، نساءً، كباراً، صغاراً، دعوني وحدي، حتى زوجتي فلتذهب، أختي، ابنتي، أولادي، أخواتي، وأبناء أخواتي، وأبناء عمومتي، وأصحابي، دعوني وحدي ولا إشكال في ذلك.
إذاً الموضوع لم يكن موضوع تكليف شرعي بهذا المعنى، كان ما فوق التكليف الشرعي، هنا نتحدث كما سأتحدّث في الشواهد، عن قوانين القلب، وليس عن قوانين العقل، للقلب قوانين مختلفة، من لم يكن من أهل القلب؛ يعني من أهل الحب والعشق فهناك أموراً لا يمكن أن يفهمها من كربلاء، بل يحتار عقله فيها.
نأخذ شواهد على ذلك لتثبيت الفكرة:
1- السيدة زينب(ع):
السيدة زينب(ع) سنة 60 للهجرة، امرأة جليلة، أيضاً ليست صغيرة في السن، يعني في الخمسينات من عمرها تقريبا، متزوجة من عبدالله بن جعفر بن أبي طالب (جعفر الطيار)، وزوجها من وجهاء هذه الأمة، من أشراف هذه الأمّة، معروف، وكانت تعيش في بيت سؤدد وسيادة، وكرامة، وشرف واحترام. لديها زوجها وعيال وأولاد، قد يقال بحسب الظاهر أنه ليس من تكليفها أن تغادر بيتها وزوجها وتخرج مع الحسين(ع) عندما خرج، بحسب الظاهر، أو بحسب العناوين الأوّلية عندما نتكلم عن الأحكام الشرعية مثلاً، لكن زينب(ع) كانت حساباتها -كما قلت سابقاً- فوق التكليف، حسابات عشق، استأذنت عندما علمت أنّ الحسين (ع) قرر أن يغادر وأن يأخذ عياله، ونساءه، وأطفاله، ومَن مشى معه من بني هاشم، وبعض الأصحاب، فاستأذنت زوجها وخرجت مع الحسين(ع)، تركت البيت الهادئ، الهانئ، الوادع، والعيشة الهادئة، وخرجت مع الحسين(ع) وهي تعلم إلى أين تخرج... هناك فرضيتان:
الفرضية الأولى تقول أنه كان معلوماً للحسين(ع)، من معه كان يعلم، السيدة زينب(ع) كانت تعلم، وأنّ النبي(ص)، وأن أهل البيت(ع) الموضوع أصلاً كان متداولاً فيما بينهم، أنّ هذا ما سيحصل في كربلا، هذه فرضية، هذه لها مؤيّداتها.
الفرضيّة الثانية، نضع الغيب جانباً، أصلاً من يستقرئ الأوضاع السياسية، وموازين القوى، وحال الأمة، وما جرى مع الحسن(ع) عندما ألزم بالصلح، وما جرى وما حصل، واضح أنّ الحسين(ع) ذاهب إلى مخاطرة كبيرة جداً، وليس إلى نزهة، واضح أنه ذاهب إلى مواجهة الخطر، ولذلك جاء بعض نخبة هذه الأمة وكبار رجالاتها إلى مكة والمدينة ينصحونه، لأنهم كانوا يرون هذا الخطر، وزين(ع) كانت ترى هذا الخطر، مع ذلك خرجت مع الحسين(ع). عشق زينب للحسين(ع) ليس كأخ وإنما كولي لله، كإمام من رسول الله واجب الطاعة، كأفضل خلق الله في ذلك الزمن، كبقية للنبوة، هذا العشق كان لا يمكن أن يسمح لزينب(ع) أن يخرج الحسين ومعه من معه وهي تبقى في البيت بين الأطفال والعيال ووداعة العيش، أبداً. ولتقريب الفكرة أكثر هاك تعبير بالعامية يقول "قلبي ما بيحملني، روحي ما بتحملني ما بتطيعني، أعصابي ما بتطيعني" هنا القلب هو الذي يحكم، أقوى من أي حسابات أخرى، وكلنا يعرف ماذا جرى في كربلاء، وبعد كربلاء، ومواقف زينب(ع) العظيمة، زينب(ع) كان لها ولدان، قُتلا في كربلاء، شابان، محمد وعون، هناك أناس يقولون لا، واحد كان لزينب والثاني هو ابن عبدالله بن جعفر من زوجة أخرى، على كلٍ المعروف أنّ الولدين كانا للسيدة زينب(ع)، لكن عندما ذهبت السيدة زينب(ع) إلى الكوفة، وبعد ذلك إلى دمشق الشام، وبعدها رجعت إلى المدينة، هل سمعتم أنّها(ع) تكلمت عن أولادها، أولادها استشهدوا، هل سمعتم أنها تكلمت حتى عن بقية أخوتها، دعونا نراجع النصوص، النصوص التاريخية الموجود بالكتب، محور الحركة، محور الخطاب، محور الإدانة، محور المواجهة، محور العاطفة محور البكاء والدموع والآهات حسين.. حسين..
تصوروا مثلاً هذه السيدة العظيمة، الآن أي أم، أي أخت يمكنها أن تتصور هذا الموقف، عادة أي امرأة قد تصاب فتفقد عزيزاً لها، عزيزين، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، وأيضاً مستوى علاقة الأشخاص مع بعضهم البعض يتفاوت، يعني مرة هذا عزيزي ولكن علاقتي معه علاقة طبيعية، أحبه حباً عادياً، ومرة أخرى أحبه حباً كبيراً جداً، العلاقة العاطفية التي كانت بين زينب وبين هؤلاء الأعزاء الذين فقدتهم كانت في أعلى مراتب الحب، وليس فقط أولادها، أخوتها، أولاد أخوتها، كلكم تعرفون مشاعر العمة، هناك كثير من العمّات قد تكون محبّتهنّ لأولاد أخوتهنّ، يعني لأبناء أخوتهنّ لا تقل عن محبتهن لأبنائهن، وزينب(ع) هكذا كانت، عندما يضعون لائحة بشهداء أهل البيت(ع) في كربلاء، فلزينب(ع) كان سبعة أخوة استشهدوا في كربلاء، يعني في ساعات، سبعة أخوة، حسين، عباس، جعفر، عثمان، عبدالله، (العباس وثلاثة أخوة من أم البنين)، وأبو بكر بن علي، وعبدالله بن علي من أم أخرى، سبعة أخوة، ويمكنكم أن تفترضوا طبيعة العلاقة بين زينب(ع) وبين هؤلاء الأخوة، ولديها محمد وعون، أولاد أخوتها المباشرين من أبناء الحسي(ع) علي الأكبر وعبدالله الرضيع قتلوا أمام عينيها، ثم رأتهم وحملتهم، رأت أجسادهم مقطّعة، دماءهم مدرّجة، من أبناء الحسن كذلك ثلاثة، أبو بكر بن الحسن، القاسم بن الحسن، وعبدالله بن الحسن، من أبناء عمومتها، أولاد عمها المباشرين يعني جعفر بن أبي طالب عم زينب بنت علي(ع)، عقيل بن أبي طالب عمها سلام الله عليها، من أولاد جعفر وعقيل عبدالله بن عقيل، جعفر بن عقيل، عبد الرحمان بن عقيل وأيضاً مسلم بن عقيل، ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل، أحصوهم 18 عزيزاً، أخوة، وأولاد، وأبناء أخوة، وأبناء عموم، استشهدوا في ساعات قليلة، ما حال هذه السيدة، كيف تصرفت هذه السيدة؟ الذي ألهمها كل هذا الصبر هو هذا العشق، كل شيء يخطر بالبال أو بعقل إنسان، كان يمكن أن تفعله زينب(ع) للحسين ولقضية الحسين ولحركة الحسين(ع) إلا وفعلته، بالموقف، بالجرأة، عرّضت نفسها للقتل، سواءً في حماية زين العابدين(ع)، أو في التعبير عن الموقف في الكوفة، في دمشق، في المدينة، وفي كل ساحة تواجدت فيها، وجاهدت جهادا أفضل الجهاد، كلمة حق عند سلطان جائر.
2- أم البنين(ع):
شاهد آخر أم البنين(ع)، أم العباس وأخوته الثلاثة، القصة التي نسمعها في مجلس العزاء، موجودة في كتب التاريخ، عندما جاء طليعة الوفد ودخل إلى المدينة وأعلن أنّ القافلة، قافلة زين العابدين(ع) والسبايا، بعد تحريرهم من السبي راجعين إلى بيوتهم، إلى أهلهم، إلى مدينتهم، خرجت أم البنين تسأل، تسأل عن مَن؟ عن العباس، عن جعفر، عن عثمان، عن عبدالله، عن أولادها الأربعة؟ لا، كانت تسأل عن الحسين(ع) فيحدثونها عن عبدالله، فتقول لهم أسألكم عن الحسين(ع)، ثم يحدثونها عن جعفر فتقول لهم تقلهم أنا أسألكم عن الحسين(ع)، يحدثونها عن عثمان فتقول أنا أسألكم عن الحسين(ع)، يحدثونها عن أبي الفضل العبّاس –هم أيضاً كان بينهم تراتبية- تسألهم عن الحسين وتقول أنا لم أسألكم عن أولادي. سألَتْهم عن الحسين(ع) هذا ما نسميه قمة العشق، الفناء، الذوبان، الحسين هو المحور، والأولاد، والنفس، والذات، والمال لا يعود لهم أي مكان[...].

التعليقات (0)

اترك تعليق