كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال ذكرى ولادة السيدة الزهراء عليها السلام يوم المرأة المسلمة 18-3-2017 القسم الديني
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال ذكرى ولادة السيدة الزهراء عليها السلام
الزمان: يوم المرأة المسلمة 18-3-2017.
المكان: مجمع سيد الشهداء(ع).
القسم الديني
العنوان: قوى الهيمنة تقود مخططا ممنهجا لمسخ وجودنا في مختلف أبعاده.
المحاور الرئيسية:
o قوى الهيمنة والعمل لإفساد مجتمعنا أخلاقيا
o أعظم همهم: تفكيك أواصر العائلة.
o مسؤوليات الأمهات:
أ- مواجهة مشاريع منع تكوين العائلة.
ب- الحفاظ على تماسك وبقاء العائلة.
ج- صيانة الأولاد من الإنحراف الخلقي والإجتماعي.
o مسؤوليتنا اليوم تقديم الزهراء (عليها السلام) لنساء العالم.
الزهراء: علو مقامها من القرآن والسنة النبوية
اليوم ذكرى ولادة السيدة العظيمة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كل الكلام الذي نقلته في بداية الكلمة عن رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هذا يعبر لنا بالتحديد عن (لأنه يتكلم عن السيدة فاطمة بالتحديد) علو مقامها ورتبتها ودرجتها وحقيقتها. طبعا قبل الأحاديث؛ الشريفة الآيات القرآنية التي نزلت في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وتشمل السيدة الزهراء وأبيها وزوجها وبنيها وهذا لا نقاش فيه بين المسلمين يعني المفسرون يجمعون علىذلك. سأذكركم بثلاثة آيات للتّبرك: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)؛ فاطمة واحدة من أهل البيت بلا نقاش. (قل لا أسألكم عليه أجرا ). أي على الرسالة الخاتمة على أعظم رسالة إلهية (إلا المودة في القربى). وفاطمة من القربى التي يجب حبها ومودتها والتقرب بحبها ومودتها بلا نقاش. وآيات سورة (الإنسان كلها). لكن من الآيات الحاسمة الواضحة الجميلة ـكلها آيات جميلة لكن أخذ مقطع: (إنّ الأبرار يشربون من كأسٍ)؛ مَن الأبرار؟
يعني فاطمة وبعلها وبنوها. (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عين يشرب بها عباد الله يفجرنوها تفجيراً * يوفون بالنّذر ويخافون يوماً (أي يوم القيامة) كان شرّه مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ). كل علماء المسلمون وكل المفسرين للقرآن طوال التاريخ يجمعون على أنّ هذه الآيات الشريفة نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام؛ هذه الآيات العظيمة الواضحة البيّنة.
"الزهراء يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها"
السيدة الزهراء إذا وصلت إلى مقام، أتعرفون ما هو أعلى مقام في هذه المقامات؟ أنا في لقاءات سابقة من السنوات الماضية لأننا لم نكن نتكلم على التلفزيون تكلمت بكلام داخلي؛ إسمحوا لي أحيانا عندما أتكلم أن أعيد بعضه.
أعظم مقام وصلت إليه السيدة فاطمة بنظري الشخصي (ربما أكون مشتبه لأنني أقول أعظم مقام وليس من أعظم المقامات) هو مقام "يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها" هذا أعظم مقام. هذا أعظم من مقام سيدة النساء وما شاكل. يعني ماذا؟
أي أن الله سبحانه وتعالى ـجبّار السموات والأرض الذي له الأسماء الحسنى، ملك السموات والأرض، ملك الدنيا والآخرة، الله العظيم، الكبير،القدير، العليم، الحكيم... إلى آخره- هناك امرأة في هذا الوجود هو خلقها ولكن وصلت إلى مقام إذا رضيت يرضى، وإذا غضبت يغضب. ما حقيقة هي هذه السيدة؟ ما هو عقلها؟ قلبها؟ روحها؟ مشاعرها؟ أحاسيسها؟ موازينها ومعايرها وإلتزامها وأخلاقها؟ يعني في الحقيقة، هي سيدةٌ ليس لديها شيء لا من الذات ولا من الأنانية ولا ولا... كل ما لديها هو لله عزّ وجلّ هو إلهي.
ولكن كيف يمكن أن نقول أن الله يغضب لغضب هذه السيدة ويرضى لرضا هذه السيدة؟ وهذا الحديث موجود عند الشيعة والسّنة والنبي لم يقله مرة واحدة أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة،كرره في مناسبات وأماكن وحضّار مختلفين. هذا المقام العظيم.
الزهراء قدوة وأسوة لنساء العالمين
إذا، نحن إلى أين نريد أن نصل؟ بالحقيقة نستطيع الآن أن نتكلّم ساعات حول السيدة الزهراء عليها السلام، لكن نحن نريد أن نأخذ خلاصة ونتيجة. عندما يقول النبي صلى الله عليه وآله لنا أن فاطمة سيدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، يعني هل هو يعطيها مقام فخري ومقام تشريفي أم لا، ليس الأمر كذلك؟ هناك بعد توجيهي وبعد إرشادي في كلام رسول الله صلى الله عليه وآله؟ الصحيح أنه هناك بعد توجيهي وإرشادي ومن جملته أنّهم يقدّموا فاطمة عليها السلام قدوةً وأسوةً ونموذجاً أعلى لنساء العالمين إلى قيام الساعة.هذا معنى سيدة. كما أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو القدوة والأسوة والنموذج الأعلى لكلّ الناس على الإطلاق.
النساء يحتجن إلى أسوةٍ خاصةٍ بهن. لأنه ربما تخرج واحدة من النساء وتقول أن: النبي رجل والرجل لديه إمكانيات أحيانا قد تكون متفاوتة ويفتشون عن معاذير وحجج وفوارق وقياسات معينة.السيدات والنساء أيضاً يحتجن إلى قدوة من جنسهنّ. يعني امرأة سيدة لديها عاطفة ولديها مشاعر ولديها أحاسيس ولديها عقل ولديها كل مواصفات النساء. ولذلك الزهراء عليها السلام هي ليست ملكاً من السماء نزل على الأرض بل هي إنسيّة هي امرأة من جنس البشر، إبنة أبٍ وأمّ. رسول الله يريد أن يقدّمها إلى نساء العالمين من الأولين والآخرين قدوة وأسوة ونموذج أعلى.
o مسؤوليتنا اليوم تقديم الزهراء لنساء العالم
نحن يجب أن نتخذها كذلك ويجب أن نقدّمها كذلك لنسائنا، لمسلمات العالم، بل لكلّ نساء العالم. لأن أي سيدة أو إمرأة في العالم تحدّثها عن سيدةٍ خلوقةٍ مؤدّبةٍ عالمةٍ عابدةٍ طاهرةٍ تقيّةٍ متواضعةٍ صبورةٍ... إلى آخره، في أعلى كل ما ذكرت أعلى نسبة أخلاق أعلى نسبة صبر أعلى نسبة تواضع أعلى نسبة علم أعلى نسية عبادة بالتأكيد مسلمة أو مسيحية أو تتبع دين سماوي أو لا تتبع دين سماوي عندما تقدّم لنساء العالم هذا النموذج الكلّ سوف يقدّم له آيات الإحترام والتّقدير.
هنا يجب أن نعترف، كما قلت في سنوات سابقة وما زلنا لم نعالج هذا الموضوع. وهذا ليس مسؤوليتنا وحدنا بل مسؤولية كلّ العلماء والحوزات والمدارس والمفكرين والمثقفين من الرجال والنساء في أمّتنا. يجب أن نعترف بتقصيرنا في تقديم السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام كما هي للعالم. يجب أن نعترف بقُصُورنا صحيح ولكن يجب أن نعترف أيضاً بتَقصِيرنا وهذه يجب أن تكون من الأولويات عل عاتق أخواتنا خصوصاً وعلى العلماء، أن نعيد تقديم السيدة فاطمة عليها السلام انطلاقاً من حاجات العصر.
اليوم (كما سوف أتكلّم بعد قليل) النساء حتى يختلفون عن العصور السابقة، قبل مئة سنة ومئتين سنة وأربعمئة سنة وألف سنة، اليوم أكثر من أي سنة مضت بسبب التّطور العلمي والتّطور الحضاري وأيضاً الإنفتاح ووسائل الإتصال وو... إلى آخره؛ النساء اليوم جنباً إلى جنب الرّجل هنّ شريكات كاملات في صنع الحياة، في صنع المستقبل،في مواجهة التحدّيات في الخيارات، في المصير وفي النتائج. هنّ لسن هامش، هنّ لسن ملحق.
النّساء اليوم هنّ في قلب المعركة وقلب المواجهة وقلب التّحدي. وفي قلب المواجهة والتّحدي هناك تحدّيات متنوّعة وهناك إحتياجات متنوعة وهناك مخاطر وتهديدات متنوّعة وهنّ بحاجة إلى قدوة يتطلّعن إليها ويتقبلنها في حياتهنّ في هذه المواجهة. إذاً، المواجهة بحاجة إلى قناعة: قناعة عيش يُرِدْن قدوة في قناعة العيش، إذا المواجهة تحتاج إلى صبر هن يردن قدوة في الصّبر، إذا المواجهة تحتاج إلى طاقة عالية للتّحمّل هنّ يردن قدوة في الطاقة العالية للتّحمّل، إذا المواجهة تحتاج إلى شجاعة في تحمّل المسؤولية فهنّ يردن قدوة فيه وكل ذلك تمثّله الزهراء عليها السلام اليوم هذه من أكبر المسؤوليات، أخواتنا هن يجب أن يذهبن للتّعرّف على السيدة الزهراء وأيضا أن يعملوا من أجل تعريف السّيدة الزهراء لبناتهنّ لنساء بلدنا لنساء العالم يجب أنّ نقدّم هذه القدوة وهذا النموذج. هذه مسؤوليّة أساسية أنطلق منها للشيء المُترتّب علينا.
o قوى الهيمنة في مواجهة معنا لمسخ وجودنا في مختلف أبعاده
اليوم، هناك مواجهة شئنا أم أبينا على إمتداد لبنان، المنطقة، العالم العربي، العالم الإسلامي، والعالم كلّه. هناك قوى مهيمنة تريد أن تفرض هيمنتها واستكبارها واقتصادها وأمنها وقرارها السياسي وثقافتها وعاداتها وتقاليدها. وتريد أن تمسخنا، تمسخ كل ما عندنا من ثقافة وعادات وتقاليد وأديان وحضارة وفكر وأيضاً من أخلاق وقيم وأيضاً من قرار ومن وجود وأيضاً من خيرات ومن مقدّرات.
لذلك هذه الحرب هي متنوّعة سياسية وعسكرية وأمنيّة وإعلاميّة واقتصاديّة واجتماعيّة وثقافية. ولكن أخطر هذه الحروب على الإطلاق هي الثقافية والاجتماعية والتي يتحدّث عنها بشكل دائم سماحة القائد السيد علي الخامنئي دام ظلّه الشّريف الحرب الناعمة.
أــ مخطط ممنهج لإفساد مجتمعنا أخلاقيا وثقافيا
اليوم، إذا جئنا إلى مجتمعنا؛ أحيانا يكون الوضع طبيعي: مثلا الفساد طبيعي، أي إن من طبيعة الأمور أن يكون فساد أو إنحراف أخلاقي هنا أو هناك أو بعض الإنحلال الأخلاقي أو التخّلي عن بعض المسؤوليّة. لكن هناك حالة ثانية، وهي الفساد الممنهج. يعني الإفساد وليس الفساد الطبيعي القهري. يعني هناك قوى كبرى ومؤسسات ومراكز دراسات تخطط وتضع أساليب وتطوّر وسائل من أجل إفساد مجتمعاتنا. هذا هو الموضوع الأساسي الذي أريد أن أقف عنده وأختم فيه. لأن هذا هو جزء من المواجهة.
عجزوا عن إخضاعه عسكريا فاتجهوا لتدميره من الداخل
القتال العسكري هو جزء من المواجهة ولكن اسمحوا لي أن أقول لكم أنه الجزء الأسهل. الجزء الأصعب عندما وجدوا أن أهل هذه المنطقة رجالها ونسائها؛ الكل مستعدّ أن يتحمّل ويقاتل ويصبر ويتحمّل تضحيات، ويرون المقاتلين وصبر زوجات المقاتلين، الشهداء وصبر أمّهات الشهداء، والناس مستمرة ولن تستسلم ولن تنصاع. إذاً، يريد أن يدخل إلينا ليضرب هذا المجتمع من داخله ويدمّره. إذا لم يقدر أن يدمّره أمنياً وعسكرياً وإقتصادياً يريد أن يدمّره معنويا وثقافيا كي ينهار.
1- يصرفون الناس عن قضايا المصير والكرامة نحو الملذات والشهوات
على ماذا يركّز؟ أهم شيء يركّز عليه هو إغراق الأشخاص بالملذّات والشهوات. ويصبح شغله الشاغل ـالشاب والشابة والرّجل والمرأةـ هو كيف يريد أن يحضر أفلام ويتابع قصص بلا فائدة. هّمه الأكل والشّرب وشمّ الهوا وإشباع غرائزه: أكل، وشرب، وجنس، وشم هوا ...إلى آخره. أمّا ماذا يحصل للناس لا يعنيه. وماذا يحصل للبلد لا يعنيه. والبلد بيد من لا يعنيه. والقدس بيد من لا يعنيه. خيرات البلد؛ لا يعنيه، الناس فقراء؛ لا يعنيه، الناس بالسجون؛ لا يعنيه. لماذا؟ لأن همّه وهدفه هو إشباع رغباته وغرائزه. وهؤلاء كثر اليوم في عالمنا العربي والإسلامي للأسف، كثر. يأخذونا إلى الاهتمامات التي لا تمتّ إلينا بصلة، لا تمتّ إلى حاجات الناس ولا مصيرهم ولا كرامتهم ولا مقدّساتهم ولا مستقبلهم ولا علمهم ولا عملهم ولا رزقهم بصلة.
اليوم -ليس ضد الفن- لكن عندما تجد منافسة فنية معيّنة ترى العالم العربي (الشباب والصبايا) كلّه جالسون لساعة وإثنين وثلاثة وعلى مدى أسابيع يتابعون هذه المنافسة. وأخيرا العالم تَشتُم بعضها وتنفق أموال هائلة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى التصويت وعندما يربح أحد على حساب الآخر ترى إطلاق النار. هذه الظاهرة هي ظاهرة انحرافية، أنا لا أتكلّم حلال وحرام وفنّ وضدّ الفنّ ومع الفنّ، أنا أتكلّم كناتج.
مثلا عندما كانت الحرب سنة 2014 على غزّة وكان ملايين المسلمين في غزّة تحت القصف وتحت الدمار وجوع ورعب وخوف وو... هل كانت تحظى غزّة بمثل الاهتمام الذي تحظى فيه أي مسابقة أغاني اليوم في العالم العربي والإسلامي؟ أكيد لا وأنا أقطع: لا. وآخر شيء الأخبار، وهناك ناس تنقل عن التلفزيون أننا مللنا أخبار غزّة.
وهكذا عندما تذهب إلى أي مكان آخر الآن: سوريا، العراق، اليمن، البحرين إلى آخره.
هذا يعني أنهم ينجحون في تحريف الشباب والنساء والشابات في العالم العربي والإسلامي عن القضية الأساسية وعن مصيرهم هم. ليس فقط قضية فلسطين؛ عن مستقبلكم أيضا. اقتصادكم، فرص العمل عندكم، جوعكم، فقركم، حياتكم، أولادكم، أحفادكم، أمنكم، استقراركم، تصبح خارج الاهتمام.
2- يعملون على نزع حياء المرأة وسلب عفتها
إشاعة ضرب كل ما اسمه عفّة وعفاف في العالم العربي والإسلامي؛ هذا ليس صدفة. بل هو متعمّد. أصلا؛ المرأة لمَ يقل عنها الرسول(ص) ريحانة؟ المرأة جزء من ماهيتها وحقيقتها وجوهرها هو الحياء. مسح الحياء في المجتمع النسوي نصل إلى مكان؛ لا الأم لديها حياء ولا البنت لديها حياء ولا الصديقة عندها حياء ولا أحد عنده حياء. هذا متعمّد ويُعمَل عليه ليل نهار. لأن هذا يؤدي إلى الانحلال الأخلاقي والانحلال الروحي وفي نهاية المطاف إلى الانهيار.
3- يروجون المخدرات في كل مكان
اليوم إذاً، مجتمعاتنا مستهدفة وهذا ليس فساد طبيعي. اليوم يُعمَل على ترويج المخدرات ليل نهار -لا يقولن أحد أنّه خارج التهديد- في لبنان والعالم العربي، في بيوت الكل: مسلمين ومسحيين، ويضيع الكل، ومدن الكل، ومدارس الكلّ: في الضاحية وفي الجبل وفي طرابلس وفي صيدا وفي بعلبك والنبطية وفي جونيه. أينما كان؛ مخدرات يتم بيعها وتسهيلها وترويجها. وأحيانا ترويجها على سبيل الخداع: يقدّمون للشباب والصبايا علكة أو شوكولا أو ما شاكل يتبيّن أنها مخدرات لكي يتعلقوا فيما بعد بالمخدّرات. هل هذا صدفة؟!
كلا ليس صدفة. هؤلاء ليسوا فقط تجار مخدرات عاديين أو شبكات ترويج مخدرات عادية، هؤلاء يعملون في جبهة العدو الذي يريد تدمير مجتمعنا لمصلحة هيمنته واحتلاله وسيطرته. هذه كل القصّة.
إذاً، نحن اليوم نقول ليس لدينا مسؤلية؟ أخواتنا ليس لديهم مسؤولية؟ بل الكلّ لديه مسؤولية. طبعاّ لأنني أتكلم مع النساء سوف أركّز على المسؤولية الملقاة عليكم.
4- يفككون العائلة؛ قلب المجتمع
لكن أهم نقطة يتم التركيز عليها لتدميرها بالحقيقة؛ عادةً حتى بالعسكر، بالقتال، بالحروب ـالآن أصبح عندنا خبرة بعد هذه السنوات كلهاـ قد يضرب أحدهم هذا الهدف أو ذاك الهدف أو هذه التلّة أو ذاك المبنى. لكن هذه كلها أماكن ثانوية أو جانبية؛ يذهب إلى القلب. مثل أي عملية إطلاق نار: أحيانا تصيبه بيده، برجله، في بطنه وأحيانا تصيبه في رأسه أو قلبه. هؤلاء جاؤوا إلى القلب لذا إذا حطموا هذا القلب فالجسد كلّه سينهار وهذا المجتمع أيضا سينهار شئنا أم أبينا. هذا موضوع وقت فقط لا غير. إذاً ما هو القلب في هذا المجتمع؟
هو العائلة؛ أي الزوج والزوجة والأولاد. هم القلب. المجتمع عبارة عن هذه العائلة وهذه العائلة... مجموع هذه العائلات هي المجتمع، وهم جاؤوا إلى هذه العائلة ليتلفوها ويدمروها ويفككوها.
هنا أمهاتنا وأخواتنا وعزيزاتنا عندهم مسؤولية على ثلاث درجات (سوف أتكلم بسرعة واختصار كي لا نطول بالحديث أكثر):
o مسؤوليات الأمهات:
مواجهة مشاريع منع تكوين العائلة منها:
1- المثلية الجنسية
الدرجة الأولى، هي في مواجهة التهديد الذي يقول في منع تكوين العائلة،
أولا: قبل أن تتكون العائلة ونريد أن نهُدّها لنعمل على منع تكوينها. كيف يعملون على ذلك؟ على سبيل المثال: أحدهم نشر ثقافة، والآن بدأت عندنا في لبنان. والتلفزيونات يعتبرون أنفسهم أن لديهم حرّية ويعملون على هذا الموضوع، وهو ثقافة المثليّة. أي أن يكتفي الرجّل بالرّجل والمرأة بالمرأة، والبعض يريد أن يدخلها في مؤسسة الزواج، زواج الرجال للرجل وزواج النساء للمرأة. هناك مجتمعات في الخارج دمّرتها المثلية والآن يصدّروها إلى لبنان والعالم العربي والإسلامي ويريدون في مجلس النواب أن يشرعنوا الزواج المثلي.
هذه العلاقات المثلية هي علاقات خارج المنطق وخارج الفطرة البشرية وخارج العقل الإنساني. يأتي البعض ليقول لك: هذه حرّية؛ حرية الاختيار، وما المشكل في هذا الموضوع. لكن بلى، هناك مشكلة كبيرة في هذا الموضوع. وهذا في لبنان وغير لبنان، يجب على الجميع: مسلمين ومسحيين، ومَن لديه دين أو ليس لديه دين، إذا كان حريص على مجتمعه وعلى الطهارة الإنسانية والبشرية أن يقف في وجه مشاريع من هذا النوع. فضلا عن أن يأتي ناس ليقوموا بجهات ضغط للضغط على مجلس النواب ليشرّع لهم العلاقات المثلية والزواج المثلي، هذا نموذج وهذا يحتاج إلى مواجهة هذا أولاً.
2- التحلل الأخلاقي
ثانيا الذي يمنع تكوين الأسرة هو سبب ونتيجة وهو التحلل الأخلاقي:
نشر شبكات الدعارة ونشر الغرف الحمراء ونشر الاتجار بالبشر، والموجود لدينا في لبنان. انكشف البعض منه وما زال هناك الكثير مغطى عليه ومغطين عليه ولو كشف الغطاء لتبين لكم مصائب لها أوّل وليس لها آخر. ويُكلِمونك عن حقوق المرأة؛ هذا المسمى اليوم الرّق الأبيض: استعباد المرأة واحتقار المرأة واستخدامها لإشباع الرغبات الجنسية بلا كرامة وبلا خيار وبلا ماء وجه وبلا حياة شريفة وينتهى الأمر بالإدمان على المخدرات والانتحار أو القتل. وهذا يمنع تكوين العائلة لأنه هناك فرص غير مشروعة متاحة لكذا وكذا.
3- ثقافة مواجهة الزواج المبكر
ثالثا، لننتقل من الحرام إلى الحلال: ترويج ثقافة ـحتّى في مجتمعناـ مواجهة الزواج المبكّر.
مرّت فترة عندنا سار فيها الزواج المبكّر والآن خرج ناس لتنظّر أن الزواج المبكّر خطأ، الزواج المبكّر له سلبيات، هل هؤلاء يعرفون أكثر من ربهم الذي خلق البشر؟! والذي طلب هذا الأمر من خلال أنبيائه وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم. يعني هم يعرفون أكثر من خالق الانسان أن الزواج المبكّر لمصلحة الانسان أو لا. قد يستندون في النقاش إلى بعض حالات الطلاق التي حصلت بعد زواج مبكّر. هذا ليس دليل. بالعكس؛ الذين يروّجون ثقافة مواجهة للزواج المبكّر في مجتمعنا هم يخدمون الشياطين وإبليس من حيث لا يعلمون ويخدمون عدوّنا ويخدمون تخريب مجتمعنا أخلاقياً.
ضرورة تسهيل الزواج مبكرا كان أو غير مبكر
في المقابل، المطلوب ترويج ثقافة الزواج المبكّر وأيضا تسهيل الزواج سواء أكان مبكّرا أم غير مبكّر. وأنا أريد أن أذكّر (طبعا هذه انحلت منذ سنوات لكن بعض الناس عادوا ليحيوا ثقافة معاكسة) في مرحلة من المراحل كانت الناس تتنافس في المهر 20.000 $، 50.000$، 100.000$... هل أنت تبيع ابنتك أم تزوجها؟ الحجّة أن هذه ضمانة لابنتي! أي ضمانة؟! إذا كان هو بلا دين وبلا أخلاق يمكنه أن يجبرها أن تطلق ويُدَفِّعكَ 100.000$ مع فائدة أيضاً.
أنت لم تزوّج؟ أنت ضمانتك أن تدقق في من تزوّجه: بأخلاقه، بدينه، بمواصفاته. ضمانتك ليس المهر 5.000$ و 10.000$ و 20.000$. وهذا الكلام أيضا للأمهات فأنتم تعرفون هذا الكلام بالتجربة والدّقة. إذاً، اليوم عدنا لنسمع بالمهور العالية بحجة الضمانة لأنه هناك حالات طلاق.. (المهور العالية ليست ضمانة للابنة من الطلاق).
عدنا للشروط الصعبة، أي: لا نزوجك إلا إذا كان لديك شقّة ملك، أو لا نزوّجك إلا إذا سكنت بالحي الفلاني ذو الإيجارات الغالية، لا نزوجك إلا إذا "جبت عفش" بكذا وكذا وكذا... هؤلاء يدمّرون بناتهم، ويدمرون أبنائهم، ويدمرون مجتمعهم. في الحلال والحرام؛ فليذهب ويدقق ففيها شبهة حرام. الحدّ الأدنى أنا أحمّل ذمّتي أن فيها شبهة حرام. هذه الشروط الصعبة بمثل الظروف والأوضاع التي نعيشها في هذا الزمن. الأمهات يستطيعون لعب دور عظيم في تسهيل الزواج سواءً الزواج المبكّر أو شروط الزواج. وأنا أذكّر أن ّكثير من الأخوات عندما تزوّجوا أزواجهم لم يكن لديهم شقق ولا بيوت ملك ولا بيوت معمّرة وكان منزلهم غرفتين ومطبخ وحمام وتزوّجوا. ما قبلوه لأنفسهم فليقبلوه لبناتهم. فلنمتنع عن وضع شروط صعبة لأن ذلك يزيد العنوسة في مجتمعنا ويزيد العزوبية في مجتمعنا ويفتح الباب للشياطين والأبالسة ليدمّرونا معنويا وأخلاقيا. وهذا خطر على بناتنتا وأولادنا في الآخرة قبل أن يكون خطراً في الدنيا.
بالمقابل، هناك عائلات يتصرفون مع بناتهم بطريقة إفراط وتفريط يعني واحد يضع شروط صعبة جداً والآخر عدم المؤاخذة يستعملون بعض العبارات مثل: "حمّل وشيل" كيف هذا؟ فهي ابنتك، هذا عرضك، هذا جزء منك، وأنت مسؤول عنها في الدنيا وفي الآخرة. ماذا يعني "حمّل وشيل"؟ كلا، عليك أن تذهب وتدقق والأم عليها أن تدقق. لا أن نعطي مباشرة بمجرد قدوم عريس ـأي عريس.
انظروا إلى مَن تزوجون. أهمّ شيء الدين والأخلاق. المال لا يصنع سعادة. إذا كان عندي بيت ملك أو إيجار؟ فالسعادة لا تأتي من هنا. السعادة الزوجية تأتي من الاحترام المتبادل، تأتي من المحبة، من الأنس، من التواضع، من الصبر، تأتي من تحمّل البعض للبعض الآخر. اذهبوا وفتّشوا عن الأخلاق وزوّجوا ـولو كان زواجا مبكّراـ فهذا ما ينجح الزواج.
إذاً، العنوان الأول الذي يعمل عليه العدو هو منع تشكيل العائلة ونحن واجبنا أن نعمل في الليل والنهار لتشكيل العائلة، ولذلك النبي صلى الله عليه وآله يقول: "فمن رغب عن سنّتي فليس منّي" هذه سنتي فمن رغب عن سنتي فهو ليس من محمد، إلى هذه الدرجة، الموضوع مهمّ وحساس ودقيق.
o الحفاظ على العائلة
في الدرجة الثانية: بعد تكوين العائلة هو الحفاظ على العائلة وهي مسؤولية كبيرة جداً.
أ ــ لعدم المسارعة إلى الطلاق لدى أدنى مشكلة
.هناك من يتزوّج وعند أوّل مشكلة يريد الرجل أن يطلّق، فهل بنات الناس ألعوبة؟! أو عند أول مشكلة الأخت تطلب الطلاق ولم تعد تستطيع التحمّل! يأتي السؤال منذ متى تعرفتم على بعض أسبوع، أسبوعين، شهر، شهرين.. كيف كان أهلنا يعيشون في ظلّ الحياة الصعبة ويتحمّلون ويصبرون؟ تقول لا، لا، وتذهب إلى أهلها وتبكي وتشتكي ثم نذهب إلى الطلاق. هذا أخطر شيء.
اليوم ليس فقط نسب الطلاق في أوروبا وأميركا وو... مرتفعة جداً بل حتّى نسب الطلاق في العالم العربي والإسلامي مرتفعة جداً. وسنة بعد سنة أنا أتابع نسب الطلاق: فبدل أن تتراجع النسب المئوية فهي تزداد. لماذا؟ فهذا يجب أن ندقق في أسبابه. هذا ليس لديه سبب واحد بل له مجموعة أسباب. وعادة إما يكون لسبب ما من هذه الأسباب أو مجموع هذه الأسباب مع بعضها.
لذا أهم شيء هو الحفاظ على العائلة وأسوء شيء هو المسارعة إلى الطلاق. لم يحرّم الله سبحانه وتعالى في الإسلام الطلاق حتى لا يسدّ الباب. ولكن قال لنا جميعاً: الطلاق أبغض الحلال إلى الله عزّ وجلّ. وجعل عملية الطلاق عملية معقّدة (شروط، وشهود، ومتى، وكيف... إلى آخره) كي لا يطلّق الإنسان وهو بحالة انفعال. عندما يذهب إلى الشروط والتعقيدات؛ فإذا كان منفعلا سيهدأ ويأخذ وقته وهي تهدأ أيضا. والأهل يجدون متسعا من الوقت فيتدخّلون. فكل شيء يحفظ العائلة أكّد عليه الإسلام.
اليوم، في مسألة حفظ العائلة؛ أخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا أيضاً لديهم مسؤولية عظيمة جداً:
1- الزوج والزوجة مدعوان للتجمل بالصبر لحدود بعيدة
النقطة الأولى، تحصين مجتمعنا بموضوع عملية عدم المسارعة إلى الطلاق.
البنت عليها أن تصبر والزوجة عليها أن تصبر وإذا فقدت الصبر على الأم أن تساعدها وعلى الأب أن يساعدها. يجب العمل على الشاب والبنت. وليس بمجرد أن ترفع البنت الصوت تسارع الأم لتساعدها على ذلك، لا؛ فمنذ القدم لم يكن يفعلون هكذا. لذلك بقيت البيوت. فقد كانوا قاسين. لكن أنا لا أطلب هذا، بل أطلب أن تكونوا منطقيين وموضوعيين. الأب والأم للشاب كما هما للبنت: فإذا اختلف الشاب والبنت فالأم تقف إلى جانب ابنها، هذا خطر كبير وسيء ويدمّر بيوتكم ومجتمعكم ودنياهم وآخرتهم. إذاً، التشدّد بموضوع الطلاق.
أنا واحد من هؤلاء الناس يعرفون الإخوان والأخوات قبل الحرب عندما كنت أستقبل ناس كنت أوافق على توقيع عقود الزواج لكن لا أطلّق. حتى لو كان منطقي وصحيح أنا لا أطلق. وكنت أقول للإخوان: لا دخل لنا في هذا. فوظيفة عالم الدين أو المحكمة الشرعية ليس كما يفعل الآن بعض المشايخ: "إنو يلا إجت الرزقة" لا؛ وظيفته الدينية والأخلاقية والشرعية والإنسانية أن لا يقبل معهم بالطلاق بل يعطي فرص ويفتّش عن حلول فهو ليس عمله أن يطلق بل واجبه أن يُصلح. بعد ذلك، إذا لم تحلّ المشكلة وأصبح بقاء العلاقة بينهما أفسد النتائج يذهب إلى الطلاق. إذا من جهة مواجهة ظاهرة الطلاق ثانيا الإصرار على حفظ العائلة من خلال الممارسة والتحمّل، والصبر، أن نحمل بعضنا بعضاً فالحياة صعبة.
ب- لنتشبه بقدوتنا الزهراء (عليها السلام) وقناعتها في أسلوب معيشتنا
هنا عندما أقول نموذج السيدة الزهراء عليها السلام؛ فالزوجة عندما تطلب من الزوج البيت الفلاني (بيتنا صار ضيق) فبيت فاطمة كيف كان؟ ماذا كان أثاث منزلها؟ ما هو أكلها وشربها؟ ما هو معاشها؟ هذه السورة التي نقرأها في القرآن سورة الإنسان، ثلاثة أيام لم يكن لديهم شيء ليفطروا عليه إلا قرص شعير وماء، هؤلاء هم أهل بيت النبي حاكم المدينة وحاكم الأمة في ذلك الوقت. هذه القدوة التي نحتاجها.
إذاً اليوم نحن نحتاج حقيقةً إلى ثقافة القناعة السيدة فاطمة هي في أعلى درجاتها، القناعة في العيش. دائما نريد أن نتوسّع ـفإذا كان الله أعطاه المال لا مشكلةـ لكن لا نفرض ذلك على حالنا وعلى أزواجنا. وأحيانا قد أن ندفعهم إلى الحرام: ربما إلى السرقة، إلى العمالة، أو الخيانة، ليحصّلوا المال؛ ليلبّوا رغبات زوجاتهم مثلاً. القناعة أساس في الحياة؛ في الحفاظ على العائلة، الصبر، التحمّل، حسن الخلق، الزوجة تداري زوجها، الزوج يداري زوجته.
الآن الأخوات سوف يقولون والرجال ماذا يجب عليهم؟ لكن الآن أنا أتكلّم معكم. أنا أتكلّم مع الرجال أقسى من هذا الكلام وأصعب من هذا. وفي اللقاءات الداخلية أتكلم "بالعربي المشبرح". لكن الآن نتكلّم على التلفاز ومعكم. حقيقةً الأمر يحتاج إلى صبر وتحمّل. هذا صبر جميل، هذا جهاد بل هذا هو الجهاد الحقيقي.
o عوائل الشهداء والجرحى والمجاهدين نموذج فاطمي في الصبر
اليوم نجد من الناس، سواءً بموضوع عوائل الشهداء، زوجات الشهداء، الجرحى، أيضا زوجات الأخوة المجاهدين الذين يغيبون خارج البلد أسبوع أو أسبوعين، شهر وشهرين. الآن في بعض الأماكن بعض إخواننا يغيبون تسعة أشهر، سنة، أكثر من سنة بعيداً عن عائلاتهم وتجد زوجاتهم وأخواته وبناتهم وأمهاتهم -لكن بالخصوص الزوجات- تراهم صابرات محتسبات مؤمنات واثقات بالله سبحانه وتعالى. هذا هو النموذج الفاطمي. هذا هو النموذج الزينبي. هؤلاء هنّ النسوة التي يفخر بهن محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقول هؤلاء نساء أمتي: هؤلاء الشريفات العفيفات المجاهدات الصابرات المحتسبات. هكذا نحفظ عائلاتنا ونسوّيها.
ثالثا، في تربية الأولاد
أ- صيانة الأولاد من الإنحراف الخلقي والإجتماعي
النقطة الثالثة، هي المسؤولية اتجاه الأولاد والبنات:
وهذا سوف نتكلّم عنه لأحقا مفصّلاً لكن فقط إشارة ـفي القِدم كانت تربية الأولادـ عذرا على إستعمال العبارات العامية ـ"خلّف وزتّ". فكانوا يخلّفون ويهملون أبناءهم بالحقول، بالشارع، عالبيدر... إلى آخره. لكن البيئة التي كان يوضع فيها الولد سواء كانت صبي أو بنت هي بيئة سليمة كلها هواء نقي وضيعة ومساحات خضراء. وهي بيئة سليمة؛ فكيفا وضعت الولد صبي أم بنت يأخذ البعض من الأخلاق والقيم والعادات والتقاليد. لأن ضِيَعنا كانت سليمة. أمّا الآن "خلّف وزتّ" إلى أين؟ إلى الإنترنت، إلى التلفزيونات أي إلى الخلاعة، إلى المخدّرات، إلى البيئة الفاسدة الموبؤة. لا؛ الآن لا يمكن فعل هذا. تلك البيئة كانت نظيفة فمن الممكن للمنطق أي يقول ذلك، أما الآن هذا ليس لديه أي منطق. هناك بيئة من أفسد البيئات الروحية والاجتماعية على مرّ التاريخ منذ أن خلق الله آدم. لا يوجد بيئة ثقافية واجتماعية وأخلاقية أفسد من العصر الحاضر في كل العالم.
ب- الأمهات مسؤولات عن آخرة أولادهن أيضا
بالتالي عندكم مسؤولية تجاه أولادكم: مسؤولية عن دنياهم وعن آخرتهم.
كما تفكرين بابنك وابنتك في مدرستهم، تريدين أن تضعيهم في المدرسة الفلانية، وبثيابهم وأكلهم، وتفكرين في باص المدرسة، ومَن يأخذه، ومن يردّه عليكم أيضا، عليكم أن تفكّروا بآخرتهم. فكّروا بمستقبله حتى في الدنيا، هذا الصبي أو البنت إذا انحرف أو أصبح معتاد للمخدرات أو فلت أخلاقياً وأدبياً. وعندما نرى نموذج فلان قتل أمّه بالرصاص أو فلان قتل أمّه بالسكين، فما هو هذا الجنس البشري؟ هل هذا ما زال لديه شيء من "البشرية"؟ أبداً. هذا نتيجة تربية.
إذا؛ أخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وعزيزاتنا اليوم لديكم مسؤولية كبيرة طبعاً اليوم أكبر، لأن الرجال -كثيرون منهم بالأعمّ الأغلب- لا يتحمّلون هذه المسؤولية بحجة العمل أو الجبهة أو الوظيفة أو أيّن كان... يوم القيامة كل الناس سوف تحاسب لكن أنتِ الأكثر عطفاً. فالأمومة هذه هي أخواتي. "فالجنّة تحت أقدام الأمهات" ليس الأمهات الذين ينجبون ويديرون ظهورهن. فمن قال أن الجنّة تحت أقدام هذه الأمهات. الأم ليست الأم التي تنجب فقط بل الأم التي تحضن والتي تربّي والأم التي تسهر على ابنها وابنتها. هذه هي الأم التي نقبّل يدها وقدمها أيضاً. وهذه الأم؛ الجنة تحت أقدامها. هذه مسؤولياتكم ومسؤولية الكلّ.
ما ننعم به وينعم به البلد من أمن هو من بركات دماء الشهداء الزكية
نحن بكلّ الأحوال هذا الطريق سنكمله في المقاومة في المواجهة في أي مكان، اليوم عندما نتكلّم عن الانتصارات لدينا آخر شهداء نتبارك بأسمائهم: الشهيد مهدي علي حيدر، الشهيد حسين محمد سليم، الشهيد بديع جميل حميّة، وأسماء كثيرة هذه الأسماء تقدّم أرواحها من أجل أن تبقى كرامتنا جميعا. اليوم أنتم مجتمعون في هذه المناطق بأمن وأمان وكرامة ورأسكم مرفوع بسبب هؤلاء ودماء هؤلاء وتضحيا هؤلاء. وكل البلد يعيش بأمن وأمان سلامة وكرامة بسبب هذه الدماء الزكية وبقية الدماء الزكية. ولو قّدر لداعش والنصرة وأمثال هؤلاء أن ينتصروا في سوريا لكان لبنان غير لبنان كل شيء في لبنان غير لبنان. اليوم نحن ندين ونعترف بفضل هؤلاء الشهداء أبائهم أمهاتهم زوجاتهم بناتهم نفتخر بهم نعتزّ بهم، نشعر بالقصور والتقصير في التعبير عن مشاعرنا اتجاههم. ولكن هذا نتاجكم ونتاج هذه التربية الفاطمية. هذه القدوة، هذا الإصرار الزينبي، هذا الصمود، هذا الثبات. وإن شاء الله نحن وإياهم سوف نكمل هذا الطريق سوياً.
اللهم إني أسألك بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسّر المستودع فيها أنم تصلّي على محمد وآل محمد وأن تلحقنا بهم وترزقنا شفاعتهم وتحشرنا معهم وأن لا تفرّق بيننا وبينهم في الدنيا والآخرة طرفة عين أبداً.
برحمتك يا أرحم الراحمين.
مبارك لكم هذا العيد العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: موقع جمعيّة المعارف الإسلاميّة الثقافيّة.
اترك تعليق