نفحات عن السيدة زينب(ع): من الأحاديث المروية عن العقيلة سلام الله عليها
عن جابر، عن زينب بنت علي عليهما السلام قالت: "قالت فاطمة عليها السلام في خطبتها في معنى فدك(1): لله فيكم عهد قدمه إليكم وبقية استخلفها عليكم(2): كتاب الله بينة بصائره، وآي منكشفة سرائره، وبرهان متجلية ظواهره، مديم للبرية استماعه، وقائد إلى الرضوان أتباعه، مؤديا إلى النجاة أشياعه، فيه تبيان حجج الله المنورة، ومحارمه المحدودة وفضائله المندوبة(3)، وجمله الكافية، ورخصة الموهوبة(4)، وشرايعة المكتوبة، وبيناته الخالية(5)، ففرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر والزكاة زيادة في الرزق، والصيام تبيينا للإخلاص، الحج تسنية للدين(6)، والعدل تسكينا للقلوب، الطاعة نظاما للملة، والإمامة لما من الفرقة(7)، والجهاد عزا للإسلام، والصبر معونة على الاستيجاب(8)، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، وبر الوالدين وقاية عن السخط، وصلة الأرحام منماة للعدد، والقصاص حقنا للدماء، والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة، وتوفية المكائيل والموازين تعييرا للبخسة(9)، وقذف المحصنات حجبا عن اللعنة(10)، وترك السرقة إيجابا للعفة(11)، وأكل أموال اليتامى إجارة من الظلم(12)، والعدل في الأحكام إيناسا للرعية، وحرم الله الشرك إخلاصا له بالربوبية، فاتقوا الله حق تقاته فيما أمركم الله به وانتهوا عما نهاكم عنه". والخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة.
عن أحمد بن محمد بن جاب، عن زينب بنت علي(ع) قالت: قالت فاطمة(ع) في خطبتها: فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر، والزكاة زيادة في الرزق، والصيام تثبيتا(13) للإخلاص، والحج تسنية(14) للدين، والجهاد عزا للإسلام، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، الحديث. ورواه أيضا بعدة أسانيد طويلة(15). ورواه في (الفقيه) بإسناده عن إسماعيل بن مهران، مثله(16).
عن زينب ابنة علي، عن فاطمة بنت رسول الله(ع)، قالت: قال رسول الله(ص) لعلي(ع): أما إنك -يا بن أبي طالب- وشيعتك في الجنة(17).
العقيلة زينب(ع) تتحدث عن ولادة أمها الزهراء(ع) لبعض ولدها:
عن زينب بنت علي، قالت: حدثتني أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله(ص) وقد كنت شهدت فاطمة قد ولدت بعض ولدها[...] فقال رسول الله(ص): يا أسماء، إن فاطمة خلقت حورية إنسية(18).
السيدة زينب(ع) تروي ما انتدبته الزهراء(ع) لأبيها الرسول(ص):
عن زينب بنت علي ابن أبي طالب عليهما السلام قالت: لما اجتمع [...] على منع فاطمة عليهما السلام فدك(19) والعوالي، وأيست من إجابته لها عدلت إلى قبر أبيها رسول الله(ص) فألقت نفسها عليها وشكت إليه ما فعله القوم بها وبكت حتى بلت تربته عليه السلام بدموعها وندبته، ثم قالت في آخر ندبتها(20): قد كان بعدك أنباء وهنبثة(21) لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب (22)
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها(23) واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا(24)
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغبت عنا فكل الخير محتجب
فكنت بدرا ونورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العزة الكتب
تجهمتنا رجال(25) واستخف بنا بعد النبي وكل الخير مغتصب
سيعلم المتولي ظلم حامتنا يوم القيامة أني سوف ينقلب(26)
فقد لقينا الذي لم يلقه أحد من البرية لا عجم ولا عرب
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت لنا العيون بتهمال له سكب(27).
الحوراء زينب(ع) تروي بركات السيدة الزهراء(ع):
عن زينب بنت علي عليهما السلام، قالت: صلى رسول الله(ص) صلاة الفجر، ثم أقبل بوجهه الكريم على علي عليه السلام، فقال: "هل عندكم طعام؟" فقال: "لم آكل منذ ثلاثة أيام طعاما"، وما تركت في منزلي طعاما".
قال: "امض بنا إلى فاطمة" فدخلا عليها وهي تتلوى من الجوع، وابناها معها، فقال: "يا فاطمة، فداك أبوك، هل عندك طعام؟" فاستحيت فقالت: "نعم" فقامت وصلت، ثم سمعت حسا فالتفتت فإذا بصحفة ملاى ثريداً ولحماً، فاحتملتها فجاءت بها ووضعتها بين يدي رسول الله(ص)، فجمع عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وجعل علي يطيل النظر إلى فاطمة، ويتعجب، ويقول: "خرجت من عندها وليس عندها طعام، فمن أين هذا؟ "ثم أقبل عليها فقال: "يا بنت رسول الله، «أنى(28) لك هذا ؟» قالت: «هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب»(29) فضحك النبي(ص) وقال: "الحمد لله الذي جعل في أهلي نظير زكريا ومريم إذ قال لها: «أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يزرق من يشاء بغير حساب»(30).
فبينما هم يأكلون إذ جاء سائل بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل البيت، أطعموني مما تأكلون.
فقال(ص): "إخسا إخسا" ففعل ذلك ثلاثا، وقال علي عليه السلام: "أمرتنا أن لا نرد سائلا، من هذا الذي أنت تخساه؟" فقال: "يا علي، إن هذا إبليس، علم أن هذا طعام الجنة، فتشبه بسائل لنطعمه منه".
فأكل النبي(ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام حتى شبعوا، ثم رفعت الصحفة، فأكلوا من طعام الجنة في الدنيا.
السيدة زينب(ع) تروي ما يجري على أخيها الحسين(ع) في كربلاء:
عن علي بن الحسين عليه السلام عن زينب بنت علي عليه السلام، عن أم أيمن قالت في حديث طويل عن النبي(ص) قال: أتى جبرئيل فأومى إلى الحسين عليه السلام وقال: إن سبطك هذا مقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك بضفة الفرات بأرض تدعى كربلاء من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذريتك في اليوم الذي لا ينقضى كربه ولا تفنى حسرته، وهي أطهر بقاع الأرض وأعظمها حرمة وإنها لمن بطحاء الجنة(31).
السيدة زينب(ع) تروي قصة ولادة الإمام الحسين(ع):
عن زينب بنت علي عليه السلام، عن فاطمة قالت: دخل أبي(32) رسول الله(ص) عند ولادة ابني الحسين(ع) فناولته إياه في خرقة صفراء فرمى بها وأخذ خرقة بيضاء فلفه فيها ثم قال: خذيه يا فاطمة فإنه الإمام وأبو الأئمة، تسعة من صلبه أبرار والتاسع قائمهم(33).
الهوامش:
1- رواها المصنف في العلل والكشي في الرجال والطبرسي في الاحتجاج وهي في نهاية الفصاحة والبلاغة والمصنف أخذ منها هنا موضع الحاجة، وقوله في معنى فدك أي في شأنه، وفى بعض النسخ "لله بينكم".
2- لعل المراد بالعهد الكتاب وبالبقية العترة كما في حديث الثقلين.
3- المراد بالمحارم المحرمات والمنهيات، وبالفضائل المندوبة الأمور الواجبة والمستحبة، وبالجمل الكافية الجملات التي يستخرج منها جميع الأحكام كافيا شافيا.
4- الرخص في مقابل العزائم والموهوبة كما في قوله(ص) "في القصر صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته". وفى بعض النسخ "المرهوبة" أي رخص ورهب في الزيادة عن قدر الضرورة. (م ت).
5- المكتوبة: الواجبة أو الأعم منها ومن الأحكام التي يجب العمل عليها من الديات والمواريث والحدود (م ت) والبينات المعجزات والخالية الماضية، وفى بعض النسخ "الجالية" أي الجليلة الواضحة، ولعل المراد بالخالية أو الخالية من الاشتباه والريب كما قيل.
6- "تسنية" أي توضيحا أو رفعة، والنساء بالمد الرفعة، وفى بعض النسخ "للتثبيت الدين" وفى الاحتجاج "تشييدا للدين" وهو الأوضح. وفي نسخة "تلبية للدين".
7- اللم: الجمع أي جمعا للفرقة.
8- أي استيجاب المطلوب والظفر به، وعون الصبر على استيجاب المطلوب أمر مشهور. وفي الاحتجاج "على استجلاب الأجر".
9- كما في قوله تعالى "ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين". فعيرهم بالإفساد. وفي بعض النسخ "تغييرا" بالغين المعجمة، وفي بعضها "للحنيفية" لعل الصواب إن كان بالمعجمة "تغييرا للحنيفية" وما في المتن أظهر وأصوب.
10- كأنه إشارة إلى قوله تعالى "إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم".
11- أي لعفة النفس فإنها قبيحة عقلا وشرعا.
12- أي إنقاذا وإعاذة منه، أجاره أنقذه وأعاذه.
13- في نسخة - تبيينا، منه(قده).
14- التسنية من السناء: وهو المجد والشرف وارتفاع القدر والمنزلة (لسان العرب 14 - 403، مجمع البحرين 1: 231).
15- علل الشرائع الحديث 3، 4.
16- الفقيه 3- 372/ 1754، ورواه الطبرسي في الاحتجاج 1 - 99 بسند آخر وبزيادة يسيرة 23- علل الشرائع- 249/ 5، ويأتي مثله في الحديث 32 من هذا الباب. في المصدر: معمر عن قتادة.
17- كشف الغمة 1 : 137.
18- مناقب ابن المغازلي: 369/ 416 بإسناده إليه محمد بن زكريا الغلابي، كشف الغمة 1: 463 عن ابن بابويه يرفعه إلى أسماء، ونحوه في ذخائر العقبى: 44، ونزهة المجالس 2: 227، وسيأتي في الحديث (62).
19- قال في معجم البلدان: "فدك بالتحريك وآخره كاف قرية بالحجارة، بينها وبين المدينة يومان، وقيل ثلاثة. أفاءها الله على رسوله(ص) في سنة سبع صلحا وذلك: أن النبي(ص) لما نزل خيبر وفتح حصونها، ولم يبق إلا ثلاث واشتد بهم الحصار، راسلوا رسول الله(ص) يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل، وبلغ ذلك أهل فدك، فأرسلوا إلى رسول الله(ص) أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم، فأجابهم إلى ذلك، فهي مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول الله(ص)". قيل: لما نزلت قوله تعالى: "وآت ذا القربى حقه " استوضح رسول الله(ص) من جبرئيل مراد الآية فقال له: أعط فاطمة فدك لتكون بلغة لها ولأولادها وذلك عوض عما بذلته أمها خديجة من أموال وجهود في سبيل الإسلام. وبقيت عندها حتى توفى أبوها(ص) فانتزعها الخليفة الأول حسب زعمه وردها إلى بيت المال. راجع البحار الطبعة القديمة ج 8 الباب العاشر فإنه(ره) قد استوفى البحث في المقام وكتاب فدك العلامة المرحوم السيد حسن الموسوي القزويني، وكتاب فدك في التاريخ للعلامة الفذ السيد محمد الباقر الصدر، والنص والاجتهاد للسيد شرف الدين العاملي رحمهم الله.
20- في بعض النسخ "في آخر ندبه" من باب إضافة المصدر إلى المفعول، أي ندبتها إياه.
21- الهنبثة: واحدة الهنابث وهي الأمور الشدايد المختلفة، والهنبثة: الاختلاط في القول، والنون زائدة.
22- الخطب كزفر جمع الخطب بالفتح والسكون وهو الأمر الذي تقع فيه المخاطبة، والشأن والحال، والأمر صغر أو عظم وغلب استعماله للأمر العظيم المكروه. وفي بعض النسخ "لم يكثر الخطب" على المفرد، وفي بعضها: لم يكبر.
23- الوابل: المطر الشديد.
24- النكب والنكوب: الإعراض والعدول. تريد(ع) الذين نكبوا عن الإيمان ورجعوا عن الدين. وفي بعض النسخ الحديث "ولم تغب".
25- أي لقونا بالغلظة والوجه الكريه.
26- حامة الإنسان: خاصته ومن يقرب منه. والكلام في موضع قوله تعالى: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" سورة الشعراء: 227.
27- هملت عينه: فاضت دموعا. والسكب: الهطلان والتقاطر الدائم والسقوط المتتابع.
28- في ع: من أين.
29- سورة آل عمران/ الآية: 37.
30- سورة آل عمران/ الآية: 37.
31- كامل الزيارات ص 264 ضمن حديث طويل.
32- في المصدر والبحار: إلي.
33- ص 193 والبحار : 36 / 350 ح 219.
المصادر:
2- من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري. ط2، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة، 1404. ج3.
3- وسائل الشيعة (آل البيت): الحر العاملي. ط2، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بقم المشرفة، 1414. ج1.
4- وسائل الشيعة (آل البيت): الحر العاملي. ط2، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بقم المشرفة، 1414. ج24.
5- دلائل الإمامة: محمد بن جرير الطبري. ط1، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة،
قم، 1413.
6- الأمالي: الشيخ المفيد. ط2، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1414 - 1993م.
7- الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي. ط2، مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر، قم المقدسة، 1412.
8- بحار الأنوار: العلامة المجلسي. دار الرضا، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج6.
9- بحار الأنوار: العلامة المجلسي. دار الرضا، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج29.
10- بحار الأنوار: العلامة المجلسي. دار الرضا، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج98.
إعداد: موقع ممهدات.
اترك تعليق