مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

ولاء أم البنين للإمام الحسين(ع)

ولاء أم البنين للإمام الحسين(ع)

لم تحضر أم البنين واقعة الطف، إلاّ أنّها واست أهل البيت(ع) وضحَّت من أجل الدفاع عن الدين الإسلامي بتقديم أولادها الأبطال الأربعة فداءً للحسين(ع) ولأهدافه السامية.
ثم واصلت جهادها الإعلامي بعد مقتل سيد الشهداء ووصول أهل البيت (ع) إلى المدينة المنورة، فكانت تخرج كل يوم إلى مقبرة البقيع ومعها عبيد الله ولد ولدها العباس، فتندب أبناءها الأربعة أشجى ندبة، فيجتمع الناس إليها فيسمعون بكاءها وندبتها ويشاركوها العزاء، كما كانت تقيم مجالس العزاء في بيتها فتنوح وتبكي على الحسين(ع) وعلى أبنائها الشهداء الأربعة، ولم تزل حالتها هذه حتى التحقت بالرفيق الأعلى.
ولائها للإمام الحسين(ع):
كانت أم البنين تحب الحسين(ع) وتتولاه إلى حدّ كبير يفوق المألوف، ومما يدلّ على ذلك موقفها البطولي لدى وصول خبر إستشهاد الإمام الحسين(ع) إلى المدينة، الموقف الذي لا ينمحي من ذاكرة التاريخ أبداً، هذا الموقف الذي رفع من شأنها ومنحها منزلة رفيعة في قلوب المؤمنين.
يقول المامقاني في تنقيح المقال: ويستفاد قوّة إيمانها وتشيّعها من أنّ بشراً بعد وروده المدينة نعى إليها أحد أولادها الأربعة.
فقالت ما معناه: أخبرني عن أبي عبد الله الحسين(ع)، فلمّا نعى إليها الأربعة.
قالت: قطّعت نياط قلبي، أولادي و مَن تحت الخضراء كلّهم فداء لأبي عبد الله الحسين(ع)، فإنّ عُلْقَتِها بالحسين ليس إلاّ لإمامته(ع)، وتهوينها على نفسها موت مثل هؤلاء الأشبال الأربعة إن سَلِمَ الحسين(ع) يكشف عن مرتبة في الديانة رفيعة، و إنّي اعتبرها لذلك من الحسان إن لم نعتبرها من الثقات.
دورها وأولادها في كربلاء:
وفي قصة كربلاء وقضية عاشوراء التاريخية قدمت أم البنين(ع) إلى الله عزَّ وجل أولادها الأربع، حيث استشهدوا بين يدي أبي عبد الله الحسين(ع).
أما هي بنفسها(ع) فلماذا لم تأت إلى كربلاء؟
لم يذكر التاريخ السبب في ذلك -حسب التتبع الناقص-، فلعلها كانت مريضة -كما حكي عن فاطمة الصغرى(1)- أو مشتغلة برعاية أولاد بنيها، أو غير ذلك مما علمه عند الله سبحانه.
رزقت أم البنين من الإمام علي بن أبي طالب(ع) أربعة أولاد كلهم قتلوا في معركة الطف الخالدة بكربلاء، وقد أظهرت هذه المعركة بشكل واضح جلي إخلاص آل البيت الكريم وتضحيتهم في سبيل إعلاء كلمة الإسلام والحق، وتمسكهم في الدفاع عن المثل العليا والكرامة ضد الجبروت والطغيان. فضربوا بذلك مثلاً يقتدى به في التضحية ونكران الذات، وكان أبرز شجعان هذه المعركة أولادها الأربعة وهم: العباس وعبد الله وجعفر وعثمان، وأمهم أم البنين فاطمة بنت حزام، ومحمد الأصغر المكنى بأبي بكر وعبد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين(ع).
لقد كان هؤلاء الأبطال المثل الأعلى للناس آنذاك في النهوض والاستبسال والتحرر من ذل الخنوع والكسل والجهل. فمن يتبصر في سيرهم يقف إجلالاً لهم وإعظاماً لمقامهم الشامخ، ويصح فيهم قول الشاعر:
مــــن تــــلقَ فـــيهم تقل لاقيت سيدهم* مثل النــــجوم التي يسري بها الساري

الهامش:
1- هي بنت الإمام الحسين(ع) وكانت مريضة عند خروجه من المدينة المنورة فبقيت هناك.


المصدر: موقع قادتنا.

التعليقات (0)

اترك تعليق