مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كل واحد من الأئمة(ع) ينبع من عين فاطمة الزهراء الدفّاقة(س)

كل واحد من الأئمة(ع) ينبع من عين فاطمة الزهراء الدفّاقة(س)

حول مقام الصديقة الطاهرة(س) لا تعيننا ألسنتنا و أقوالنا على البيان. شيء لا يمكن أن يوصف. وصفه أرقى من حدود قوالبنا البيانية العادية. ولكن بلغة الفن يتسنى تقريب الأذهان إلى حد ما. لذلك أؤكد دائماً على المدح والشعر و الأناشيد الإسلامية. بأجنحة الفن يمكن تقريب الذهن بدرجة معينة، غير أنه من المتعذر بلوغ حقيقة هؤلاء فـي مقام الوصف. طبعاً، الذين يطهرون قلوبهم وأعمالهم، وينزهون أجسامهم وأرواحهم، وينهجون نهج التقوى والورع والطهارة و يربون أنفسهم، وينأون بها بعض الشيء عن الأدران التـي نعانـي منها أنا وأمثالـي، ستستطيع أعينهم أن ترى، إلاّ أنهم لن يتمكنوا أيضاً من الوصف، لكن قلوبهم الطاهرة وأعين أفئدتهم البصيرة تستطيع ضمن حدود معينة أن ترى الأنوار القدسية لأهل البيت ومنهم الصديقة الكبرى(س)، ويمكنهم أن يدركوا مقامهم. لدينا شواهد على ذلك. من هذه الشواهد القول المروي عن الرسول الأكرم: "فداها أبوها".
ومن الشواهد ما روي أن فاطمة الزهراء(س) حين كانت تدخل بيت النبـي، أو حين كانت تدخل على الرسول حيث يجلس «قام إليها»، كان الرسول يقوم أمامها ويسير إليها. هذه عظمة. أنْ ينظر العالم الإسلامي كافةً منذ ذلك اليوم وإلى اليوم -شيعة وسنة دون استثناءـ لتلك السيدة الكبيرة بعين العظمة والجلالة، فهذا أيضاً من تلك الشواهد والعلامات. من غير الممكن أن يتفق جميع العقلاء، والعلماء، والمفكرون من شتى النحل والعقائد المختلفة طوال تاريخ أمة أو شعب من الشعوب على مدح و إجلال شخصية معينة. ما هذا إلا بسبب عظمةٍ لا توصف تتمتع بها تلك الشخصية، وهذا بحد ذاته مؤشر ودليل.
كل هذه العظمة خاصة بسيدة فـي الثامنة عشرة، فتاة شابة! أكبر سن ذكر لفاطمة الزهراء(س) فـي مختلف التواريخ هو ما بين الثامنة عشرة إلى الثانية والعشرين. التكريم الذي كان يخصها به أمير المؤمنين والتكريم الوارد فـي روايات وأحاديث جميع الأئمة(ع) بحق فاطمة الزهراء(س)، يشير للإنسان أية عظمة وانبهار يتموّج فـي كلمات الأئمة حول فاطمة الزهراء.
كل واحد من الأئمة شطّ صخّاب يروي و ينمّي مناخات المعرفة والمواهب الإنسانية، وكل هذه الجداول تنبع من تلك العين، عين فاطمة الزهراء الدفّاقة(س). روايات الصادقين(ع) وعظمة الإمام الرضا وموسى بن جعفر و الأئمة التالين، والمقام الشامخ لسيدنا بقية الله (أرواحنا فداه) كلها جداول ذلك الكوثر، ذلك الكوثر الخالد، ذلك الينبوع المتدفق. هذه هي بركات فاطمة الزهراء.
نريد أن نقدم هذه السيدة الجليلة كنموذج يعيش بيننا. امرأة شابة، فتاة شابة كانت حياتها حياةً عادية، وثيابها ثياب الفقراء، وعملها فـي المنزل رعاية الأطفال وإدارة البيت وأن تكون ربة هذا البيت الصغير وتطحن بالرحي، بينما يشمخ فـي داخلها جبل من المعرفة وبحر من العلم عظيم.
 
كلمته -سماحة القائد السيد علي الخامنئي- أثناء لقائه مدّاحي أهل البيت(ع) بمناسبة ذكرى ميلاد السيدة الزهراء(س)- 07/08/2004.

التعليقات (0)

اترك تعليق