مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الصدّيقة سلام الله عليها

الصدّيقة سلام الله عليها

هو ثاني الأسماء المباركة لفاطمة الزهراء الذي هو معروف على لسان أهل البيت: وقد سماها به الله تبارك وتعالى إجلالا وإكراما لمقامها السامي ولما وصلت إليه من التصديق بكل ما آتاه الله ورسوله.
والصدّيقة صيغة مبالغة في الصدق والتصديق أي أنها سلام الله عليها كثيرة الصدق، ولقد ورد في كتاب تاج العروس معنى التصديق والصدق حيث قيل إن الصديق أبلغ من الصدوق، وقيل: إنه الكامل في الصدق الذي يصدق قوله بالعمل، البار، الدائم التصديق، وقيل: إنه من لم يكذب قط، وقيل: من صدق بقوله واعتقاده، وحقق صدقه بفعله، وأيا كان منها معنى الصديق فإن فاطمة الزهراء سلام الله عليها تنطبق عليها جميع الأقوال فهي سلام الله عليها كانت المداومة على التصديق بما يوجبه الحق جل وعلا حيث كانت المصدقة بكل ما أمر الله به وبأنبيائه ولا يدخلها في أي شيء من ذلك أي شك كان وكانت المصداق الأفضل -مع أوليائه المعصومين- لقوله تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ».
وقوله تعالى: «مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ»، حيث فسرت كلمة صديقة في هذا الآية المباركة بأنها تصدق بآيات ربها، ومنزلة ولدها وتصدقه فيها أخبرها به، بدلالة قوله تعالى: «وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا»، وقيل: لكثرة صدقها وعظم منزلتها فيما تصدق به من أمرها. وعلى كل حال فإن فاطمة الزهراء سلام الله عليها كانت الصديقة الطيبة التي صدقت بالله ورسوله وبما جاء به من عند الله تعالى وكانت المؤمنة بكل عقائدها الربانية والتي كانت تعمل على ضوء تلك العقائد والمعتقدات ولقد جاءت الروايات الكثيرة لكي تؤكد على هذه الحقيقة الواضحة للزهراء(ع) فلقد ورد عن النبي(ص) في حديث طويل: يا علي، إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك، فأنفذها، فهي الصادقة الصدوقة، ثم ضمها إليه وقبل رأسها، وقال: فداك أبوك يا فاطمة.
وعن مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله(ع): من غسل فاطمة(ع)؟ قال: ذاك أمير المؤمنين، فكأنما استضقت (استفظعت) ذلك من قوله، فقال لي: كأنك ضقت مما أخبرتك به، فقلت: قد كان ذلك جعلت فداك، فقال: لا تضيقن فإنها صديقة لم يكن يغسلها إلا صديق، أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى؟- الحديث.
وكذلك قول رسول الله(ص) إنه قال لعلي(ع): أوتيت ثلاثا لم يؤتيهن أحد ولا أنا: أوتيت صهرا مثلي ولم أوت أنا مثلي، وأوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي ولم أوت مثلها زوجة، وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما، ولكنكم مني وأنا منكم.
وجاء عن علي بن جعفر، عن أخيه، عن أبي الحسن(ع) قال: "إن فاطمة(ع) صديقة شهيدة". والصديقة فعيلة للمبالغة في الصدق والتصديق، أي كانت كثيرة التصديق لما جاء به أبوها، وكانت صادقة في جميع أقوالها، مصدقة أقوالها بأفعالها، وهي معنى العصمة، ولا ريب في عصمتها صلوات الله عليها لدخولها في الذين نزلت فيهم آية التطهير بإجماع الخاصة والعامة، والروايات المتواترة من الجانبين.
وقال الصادق(ع): وهي الصديقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى.

المصدر: موسوعة الميزان.

التعليقات (0)

اترك تعليق